- نظام الوسائط فى الوجود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن نظام الخلق قائم على وجود وسائط للفيض الألهى بين الله وبين مخلوقاته ، لأن عظمته اللامتناهية لا يتحملها إلا أفراد معدودين لهم وجهه نورانية يستطعون بها تلقى الوحى والفيوضات الألهية ، ووجهة أخرى تجاه الخلق يوصلون إليه هذه الفيوضات ...... فعلى سبيل المثال 1ـ قضية ( الموت والتوفى ) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ يقول تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) .. ففى هذه الأية ينسب التوفى إلى الله عز وجل ، فلله الأمر كله .. ( ألا له الخلق والأمر )
ـ ويقول تعالى : ( قل يتوفاكم ملك الموت )
ـ ويقول تعالى : ( الذين تتوفاهم الملائكة )
لو تدبرنا فى الأيات الثلاث وتسائلنا : من الذى يتوفى الأنفس :
( الله أم ملك الموت أم الملائكة )
لا تناقض : الله هو الذى يتوفى الأنفس ، عى طريق ملك الموت وأعوانه من الملائكة
2 ـ قضية الهداية :
ـــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى :
ـ ( قل الله يهدى إلى الحق )
ـ ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا )
ـ ( ولكل قوم هاد................)
3 ـ قضية التدبير :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى :
ـ ( يدبر الأمر )
ـ ويقول عن الملائكة : ( والمدبرات أمرا" )
4 ـ قضية الولاية :
ــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى :
ـ ( الله هو الولى )
ـ ( إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا )
5 ـ قضية الخلق :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ يقول تعالى :
ـ ( الله خالق كل شئ )
ـ ( فتبارك ألله أحسن الخالقين ).......دليل على وجود خالقين ولكن بإذن الله ، كما فى قول المسيح : ( اخلق لكم من الطين كهيئة الطير )
6 ـ قضية الشفاعة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى :
ـ ( قل لله الشفاعة جميعا" )
ـ ( من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه ) ..دليل على وجود شفاعة لغير الله ولكن بإذنه تعالى
7 ـ قضية كتابة الأعمال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى :
ـ ( والله يكتب مايبيتون )
ـ ( بلى ورسلنا لديهم يكتبون )
8 ـ قضية الزراعة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول تعالى :
ــــــــــــــــــــــ
ـ (ء أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون
ـ ( يعجب الزراع )
9 ـ قضية علم الغيب :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ ( قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله )
ـ ( فلا يطلع على غيبه أحد إلا من أرتضى من رسول )
فالأية الأولى تنفى علم الغيب عن غير الله ، والثانية تثبته لغير الله ولكن بإذن الله )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
هكذا عشرات الأمثلة ...والخلاصة أن الله خالق كل شئ ، ومدبر كل شئ ، وبيده ملك كل شئ وملكوت كل شئ .. وحسبك هذه الأية الكريمة :
( و ما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين ).. ومع ذلك شاءت إرادة الله أن تجرى إرادته ومشيئته ، وتظهر أسماؤه وصفاته ، من خلال وسائط أختارها الله وأصطفاها من خلقه :
( إن الله أصطفى أدم ونوح وأل إبراهيم وأل عمران على العالمين )
وأعظم هذه الوسائط أو الوسائل هم ( محمد وأل محمد ) صلوات الله عليهم أجمعين ....وأول الخلق أو الصادر الأول أو النور الأول هو نور النبى الخاتم محمد صلوات الله عليه وأله فجعله مظهرا" لأسمائه وصفاته :
1 ـ فالله هو ( الرحمن الرحيم )
ويقول عن الرسول ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) والعالمين هو كل ما سوى الله
2 ـ والله هو ( الغنى ).............
والرسول : ( وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله )
3 ـ والله هو المحمود : ( الحمد لله ) على سبيل الأستغراق الكامل ، ومع ذلك يقول تعالى لرسوله : ( عسى أن يبعثك ربك مقاما" محمودا")
4 ـ الله هو الرؤوف الرحيم ....وقال عن الرسول : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهناك أكثر من ذلك لمن لم يستوعب هذه الأشارات الألهية ، فذكر الله لنا العبارات الصريحة فى شأن النبى الأعظم صلوات الله عليه :
فقال تعالى :
( من يطع الرسول فقد أطاع الله )
وقال تعالى :
( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله )
وقال تعالى :
( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )
أى أن الله نسب فعل الرسول وقوله إليه بلا حدود وعلى سبيل الأطلاق بل هو فى الحقيقة فعل وكلام الله ولكن عبر أعظم وسائطه وأقربهم وأحبهم إليه ( محمد وأل محمد عليهم السلام ) لأنهم وصلوا إلى (كمال العبودية ) فمنحهم الله فكانوا عينه التى يبصر بها ، وأذنه التى يسمع بها ، ويده التى يبطش بها ...ولذلك فنحن نقول فى الزيارة للإمام المهدى عليه السلام : ( السلام عليك ياعين الله فى خلقه ).......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولذلك فلقد وصفهم الله ب( الأمة الوسط ) فى قوله تعالى :
( وكذلك جعلناكم أمة وسطا" لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" ) ...فكل رسول ونبى وإمام شاهد على عصره والرسول الأعظم شاهد على الشهداء ) ...فالأمة الوسط هم الأئمة الوسط وهم أهل البيت عليهم السلام ، وهذا مقام وجودى حقيقى ، ولذلك ففى الرواية : ( نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد )
وفى أخرى : ( لا تجعلونا أربابا" وقولوا فينا ماشئتم ولن تبلغوا )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والنتيجة : أن نداؤهم أو طلب الحوائج منهم هو طلب من الله بشرط أن نعرف أنهم وصلوا إلى أخر درجات العبودية لله مما جعلهم يستحقون مقام (قاب قوسين أو أدنى ) ، ومقام الولاية العظمى .. وبشرط الألتزام بما ورد فى النصوص الشريفة الصادرة عن أهل بيت النبوة فى هذا الشأن ، وإلا أهدرنا ألاف النصوص ، وبالتالى أهدرنا الثقل الثانى وهم أهل بيت النبوة عليهم السلام : وهل هناك أكثر من الأمر الألهى للملائكة كلهم أجمعون بالسجود لأدم ، مظهرا" لمقام الخلافة الألهية ..( وإذ قلنا للملا ئكة أسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى وأستكبر وكان من الكافرين ).فهل هذا السجود يتنافى مع التوحيد ؟!!خصوصا" مع علمنا أن السجود لا يجوز لغير الله ، وهل السجود أعظم أم الدعاء أو النداء !!!
الدكتور سالم الصباغ / استاذ في جامعة الاسكندرية قسم الادب </i>
- منقول
تعليق