شدة الإيمان بالمبادئ الدينية وضعفه وحقيقته

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • دمعة الكرار
    • Oct 2011
    • 21333

    شدة الإيمان بالمبادئ الدينية وضعفه وحقيقته

    شدة الإيمان بالمبادئ الدينية وضعفه وحقيقته
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين


    وفيه أشعة نور :
    الإشعاع الأول : شدة الإيمان بالاعتقاد تابع لرسوخه في النفس:
    يا طيب : إن شدة الإيمان والالتزام بالعقائد الدينية الفكرية والعمل بما تمليه من أحكام وحدود ، أو الدفاع عنها وتحمل المسؤولية من أجلها وضعفه ، تابع لمدى رسوخ مبادئها في النفس ، ولمقدار اطمئنان الإنسان بصدقها ، والناس في ذلك مراتب ودرجات حسب معرفتهم بها وبأهمية أثارها ومنافعها الواقعية .
    وقد عرفت يا أخي : أنه لا يوجد إنسان في الدنيا خالي من عقيدة ما والتدين بدين ما ، ولا يمكن أن تجد إنسان لا يتدين بمبادئ معينه ولا يؤمن بعقائد خاصة ، سواء دينية إلهية أو غير إلهية ، والناس في ما يعتقدون وبما يلتزمون بالعمل به يكون وفقاً لشدة إيمانهم الذي له مراتب متدرجة من الضعف للشدة :
    فمنهم : من تراه يترك ما يعتقده ويدين به بأبسط الأسباب المخالفة ، وينخدع عن اعتقاده بأسهل الأدلة حتى لو كانت في نفسها ركيكة لا أساس لها.
    ومنهم : الساذج في اعتقاده والبسيط في إيمانه ، وما تراه يعتقده كله تقليد للآباء ولعادة مجتمعه ، وهو مثلهم ملتزم بما التزموا به من المبادئ والعقائد الدينية ، وإن كان تراه يؤمن ويعمل بها ويدافع عنها ، إلا أنه لا علم حقيقي عنده بها ولا بأدلتها وبراهينها ، بل لمتابعة أهله أو صحبه وأصدقاءه .
    ومنهم : يعتقد بمبادئ مذهب معين ويعمل بما يخالفها ويحسبها منها .
    وهناك المؤمنون حقا :فإن من الناس من تراه يعتقد اعتقاد حقيقي بما يدين به ، وعارف بكل حدوده وأحكامه ، ومؤمن أيمان راسخ بمبادئه ، ويعتقد أن له دليلا محكما وبرهانا قاطعا بأسسه وأهدافه وغاياته ، وله اطمئنان قوي بكل ما يدعو إليه مذهبه وما يتدين به ، فله يحيا وعليه يموت ، ولا تهزه اكبر الأدلة المخالفة عن أيمانه بما يدينه ، ولا يبعده كل ما في الدنيا عن رسوخ عقيدته ، ولا ينخدع ولا تزل قدمه عن أصول اعتقاده ، وتراه يتحمل كل مسؤولية في سبيله ، ويضحي من أجله ، ويعمل بكل ما يلقي على عاتقه من تكاليف وأحكام ، فهو مسلّم له وعالم عامل به ، وهو مطمئن بفائدته وأنه فيه كل شرف وخير وفضيلة وكرامة في الدنيا والآخرة ، أو في الدنيا فقط وإن كان مخطئ في نظر الآخرين ، لأنه قاطع بأن إيمانه بدينه يوصله للسعادة بجميع أنواعها حين تطبيق معتقده.
    الإشعاع الثاني : الاعتقاد الراسخ قد يخطأ صراط الهدى والنعيم الواقعي :

    يا طيب : إنك عارف إنه حتى هؤلاء المعتقدون بشدة لما يؤمنون به وقد يصلون لمرتبة اليقين :قد يكونوا مخدوعين في شدة التزامهم بعقائدهم والدفاع عنها ، وبالخصوص إذا لم يكونوا قد تحروا الدقة في سبيل وصولهم لدينهم وأحقيته ، وليس كل من استمات في الدفاع عن فكرة معينه ودين ، فهو على الحق والهدى الواقعي وحصل على السعادة الحقة ، و إلا ما أكثر من يعتقد صواب دينه ويدافع عنه بالأدلة ويقيم له البراهين ، وهو على ضلال من الصراط المستقيم لمعنى السعادة والخير والفضيلة والكرامة والعز والمجد الحقيقي الذي يجب أن يكون من شأن الإنسان الطيب وذوا العقل السليم .
    وهذا الكلام يجري يا أخي فيشمل المسلمين : ممن يحاولون أن يدينون بالدين الإلهي القويم ، وإن الفرد منهم قد يكون في شدة دفاعه وقوة برهانه تراه عند تحري الصدق في أدلته وبراهينه ، إنه يخلط الحق بالباطل والضلال بالهدى ، وبكل معلومة يعتقدها ، وبكل عمل يعمله ، وبكل كلمة يقولها يهبط عن تطبيق دين الله إلى أسفل سافلين ، ومع ما يعتقده إن علمه وعمله هذا من الدين ، وذلك لأنه يحسب المعروف منكر والمنكر معروف ، غفلة عن الحق وعدم التوجه الصادق لطلب الخير والفضيلة من محلها وسبيلها المحكم ، ولعدم السعي الجاد المتقن لمعرفة السعادة الواقعية من أسبابها الحقيقية ، والتي فيها النعمة والكمال التام والعبودية الصادقة لله بصراطها المستقيم ، والذي جعله الله عند ممن أختارهم ونصبهم أئمة حق لهداية خلقه لدينه الصادق ولواقع النعيم الدائم تبعه .
    فتراه : في عين استماتته في دفاعه عن معتقده ودينه وبما يراه ويحسبه لنفسه على الحق ، وإنه لا حق بعد براهينه وأدلته ، وإنه يدافع عن مبادئ دينه وفروعه الذي كرم الله تعالى به عباده ، ولكنه في الواقع هو بعيد كل البعد عن الحق ، وليس له في الحقيقية إلا عناء التعب والفكر الذي هو مليء بالمكر والحيل التي رتبها له المنتفعون به والداعين له ، سواء في سالف الزمان ، وإن انقضوا ولكن فكرهم بقى ، ويتبعه في زمانه أئمة ضلال من الذين قلدوهم وتبعوهم عن دراية بخطئهم ولكن لهم منافع ، أو لا فيحسبون أنفسهم يحسنون صنعا وهم في واقعهم مخطئون ، وهو قلدهم بدينه وآمن بفكرهم وعلمهم وعملهم ، فجرى على ضلالهم وسار في طريق معوج مبتعدا عن الصراط المستقيم للدين القويم .
    فإنه مع إيمانه الراسخ : واعتقاده الذي قد يموت في سبيله ويدافع عنه ، فإنه في الواقع ليس له ذكر صادق من المذهب المرضي لله تعالى ، ولا الهدى الحق الذي فيه خير الإنسان وبركات الوجود ونعيمه الدائم ، أي إنه ليس في عبودية الله الحقيقية التي فيها كل خير وبركة ونعيم ، وإنه لو تدبر بإمعان في دينه ومذهبه يراه عين الباطل والضلال والجهل والظلام .
    وحتى المجُد : في البحث عن الدين الحق ، والاعتقاد الصادق ، قد يصيب أو يخطئ ، وحسب سلوكه وصراطه الذي يطلب به الحق من الهدى ، وطريقه في البحث عن الدين القويم وأسسه وفروعه وأحكامه ، فكم من مُجد في البحث عن عقائده ويحسبها حسنى وفق نظره وفكره وما توصل له ببحثه ، وهو قد يكون في شَبه للحق من الدين ، أو لشُبه يخرج من الحق فيخطأ الدين ، أو وفقه الله فهو في صراط مستقيم في معرفة الحق ، فيزداد إيمانه ويحصل على الهدى الحق واليقين الصادق ، فيخرج من الضلال ، فيصيب الدين الواقعي الذي فيه رضا الله وكل سعادة ونعيم وخير وبركة وسعادة أبدية دائمة .
    والإنسان بصورة عامة في أي حال كان : فهو بين : دعوة حق وهدى ، أو دعوة باطل وضلال ، وعليه الجد والاجتهاد والمثابرة والطلب الصحيح للسعادة الواقعية في دين صادق فيه كل نعيم للهداية والصراط المستقيم لكل خير وفضيلة وسعادة دائمة والذي هو عند أهل الحق ، والذين يؤيدهم الله وكتابه الخالد ورسوله وسيرتهم وسلوكهم وصفاتهم ، وكل أدلة الوجود الكونية والعقلية ، والفطرية الوجدانية ، والاجتماعية التطبيقية بكل أبعادها .
    فإذا عرفت هذا يا أخي : فأعلم أن المطلوب منا هو الإيمان الراسخ في الدين الحق الموصل للسعادة والنعيم الدائم في عبودية الله ورضاه وجنته ، وبيانه :

    فحكّم يا طيب : وجدانك وضميرك وعقلك معنا ، وطالع الممكن لتحكم في تصديق دعوانا فتقض لنا ، وتدبر في ما نذكر وقارنه بغيره ممن يُنظر لدينه في خلافنا ، ترى الفرق بيننا في الدنيا والآخرة إن أمنت بأحد الطرفين معنا أو ضدنا ، وأسأل الله لأن يجعلك معنا ، ويقنعك بما يوصلنا لعبوديته بكل ما يحب ويرضى ، وحتى يجعلنا مع أشرف خلقه وأكرمهم، وسادت العباد وأطهرهم ، والصادقون الطاهرون المصطفون الأخيار الأبرار الذي اختارهم لهدى دينه ، نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين الصديقين صلى الله عليه وسلم أجمعين ، وهو ولي التوفيق وهو أرحم الراحمين ، ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
    خادم علوم آل محمد

    الشيخ حسن جليل حردان الأنباري
  • محب الرسول

    • Dec 2008
    • 28579

    #2
    سلمت يمنـاك
    على الطرح روعه
    ربي يعطيك العافية
    موفقين ..

    تعليق

    • دمعة الكرار
      • Oct 2011
      • 21333

      #3

      تعليق

      • ** خـادم العبـاس **
        • Mar 2009
        • 17496

        #4

        تعليق

        • دمعة الكرار
          • Oct 2011
          • 21333

          #5

          تعليق

          • عاشقة النور
            • Jan 2009
            • 8942

            #6
            طرح أيماني مُبارك

            بارك الله فيك


            "عاشقة النور"

            تعليق

            • دمعة الكرار
              • Oct 2011
              • 21333

              #7

              تعليق

              يعمل...
              X