المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نفحة من ذكرى الزهراء(ع)


دمعة الكرار
12-05-2012, 05:26 PM
نفحة من ذكرى الزهراء(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وال محمد

الحاجة لاستعادة الذكريات
قد يقول البعض: لماذا هذا الإلحاح على استعادة الذكريات الدينية في كل سنة والتركيز على شخصيات إسلامية معينة؟
وربّما يتساءل آخرون: ألا يوجد عندنا في حياتنا الحاضرة، الزاخرة بالأحداث، المتطلعة أبداً نحو كل ما هو جديد؟ أليس فيها ما يشغل بال الإنسان، ويستثير فضوله ويغنينا عن تلمّس الفكرة في أعماق التاريخ؟
هل قصة التقاليد الدينية تفرض علينا التعبير عن مشاعر القداسة وعواطفها في احتفالات تقليدية نمارسها كما نمارس عاداتنا المتكررة، دون أن نحصل على شيء، إلاّ ما يحصل عليه الإنسان الذي يعيش في ضباب الأحلام؟
هل هذا هو كل شيء في القضية؟
ولنا أن نجيب أن القصة ليست قصة تقاليد ثابتة وعادات متأصلة، وليست قضية تعبير عن شعور مبهم بقداسة التاريخ.
المثل الأعلى
وإنّما قصتنا نحن.. هذا الجيل، الذي افتقد مَثَله الأعلى، ليشغل نفسه بأبطال الأفلام الإجرامية والعاطفية، ليقلدهم ما شاء من التقليد، وليجري وراءهم في كل مجال، تاركاً وراءه كل مُثُله وكل قِيمَه.. في عادة هستيرية صاخبة.
إنّها قصة هذا الجيل الذي ضاع منه مَثَله الأعلى، لأنّ طبيعة الحياة المادية التي نعيشها بكلِّ ما فيها من قسوة وجحود وحرمان، لم تعد تنتج البطولات الروحية التي تستهوي الروح وتمتلك القلب.
إنّها قصتنا نحن الذين افتقدنا المثَل الأعلى للإنسانية الكاملة في واقعنا المعاصر، فرجعنا إلى التاريخ لنتلمَّس فيه مَثَلنا الأعلى الذي تتجسد فيه أريحية الإنسان، إلى جانب طهر الملائكة، وتتمثّل في حياته الداخلية والخارجية أصدق معاني العقيدة، وأسمى مواقف التضحية، وأروع القيم الإنسانية التي تحتضن كلَّ ما في الحياة من إشراق وصفاء.
وهكذا نلتقي بالذكريات التاريخية، في شعور عميق بالحاجة إلى أن نتمثل ذلك الواقع الذي عاشت شخصياتنا الإسلامية في إطاره، ومثّلته أصدق تمثيل.
وهنا التقت حاجتنا إلى المَثَل الأعلى الذي نقتدي به ونسترشد بخطواته ونستنير بأنواره، بالصفوة الصافية من أهل البيت (ع)، لتكون حياتهم مَثَلاً أعلى لنا يرعى واقعنا بالحق، ويصونه بالروح، ويشدّ خُطاه بالإخلاص.
حبّ الإسلام
إن تقديسنا لأهل البيت (ع) وتعظيمنا لشخصياتهم، لا ينطلق من صلتهم بالرسول الأعظم (ص)، وإن كانت هذه الصلة تمثل الشرف الرفيع في مقياس النسب وطبيعة الوراثة، وإنّما ينطلق من واقعهم الأصيل الذي تتمثَّل فيه كل معاني الرسالة وكل ملامح الرسول.
وهم لا يريدون لنا أن نقنع بحبهم وولايتهم عن العمل بسيرتهم والأخذ بتعاليمهم، بل يريدون لنا أن نعمل لنحقِّق بعملنا أهداف الإسلام الكبرى وغايته المثلى.
ومن هنا كان الإلحاح على استعادة ذكرياتهم، يمثّل الإلحاح الواعي على استعادة القيم التي يُمثّلونها والمعاني الحيّة التي يحملونها، والطهارة الخالية من كل دنس يشوّه وجه الإنسانية ويلوّث ضميرها، كما أراد لهم الله أن يكونوا، فكانوا كما أراد.
{إنّما يُريدُ اللَّهُ ليُذهِبَ عنكمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطَهِّرَكم تَطهيراً} (الأحزاب/33).
فاطمة الطهر
أمّا فاطمة الزَّهراء (ع) التي نحتفل بذكراها، فهي مظهرٌ حيّ لفضائل أهل البيت (ع) في كلِّ كلماتها وأعمالها، وفي زهدها وعبادتها، وفي أخلاقها ومشاعرها، وفي إيمانها وتقواها، فقد فتحت عينها على قصة الرسالة الإسلامية، وهي تدعو الإنسانية إلى السير في طريق الله، وانطلقت بعد ذلك لتشاهد مظاهر الصراع بين الإسلام والوثنيّة، وهو يزداد حدّةً وضراوةً، وترقبه وهو يتعاظم ويطغى.
وكانت في كلِّ ذلك تتلفت إلى أبيها الرسول (ص)، وهو يقابل الموقف بوداعة الرسالة المطمئنّة إلى سلامة موقفها، وهدوء الرسول الواثق بربه وبرسالته، فلا يكلّ ولا يملّ ولا يتراجع، وإنّما يتلقّى المصاعب والعقبات بابتسامته الرساليّة السمحة، التي تشرق وتمتدّ في إشراقة حتّى لتكاد تزرع صفاء الإيمان ونقاءه في قلوب التائهين.
رفيقة الرسول
وكانت الزهراء (ع) مع أبيها (ص) في كل موقف، تحسّ بحزنه على قومه فتتألّم، وتستمع إلى ابتهالاته في جوف الليل، وهو يسأل ربّه الغفران لقومه لأنّهم لم يطّلعوا على الجانب المشرق من الدعوة، في دعاء خاشع رحيم: «اللّهمَّ اغفِر لقومي فإنّهم لا يَعلمون»، فتخشع لروعة الدعاء وروحيّة الدعوة.
ودرجت الزهراء (ع) في مرابع الوحي ومشارق الرسالة، تتغذى بالإيمان المتدفق من روح أبيها (ص)، وتحتضن في قلبها وروحها خطوات الوحي وآياته، حتّى لتفيض روحها بروحانيته إشراقاً وصفاءً، وتتلمّس أخلاق النبوّة وقيمتها في أخلاق النبي (ص) وصفائه. فتنطبع بطابعها الأصيل في وعي وأصالة.. وشهدت قصة الهجرة، في هجرة أبيها إلى المدينة، ليضع قواعد المجتمع الإسلامي الجديد، وفي تضحية ابن عمها علي (ع) المنقطعة النظير في مبيته على فراش النبي (ص)، غير عابئ بالخطر المحقّق المحدق به، وبدأت في المدينة حياةً جديدةً تختلف عن كلِّ ما عاشته في مكّة، فقد بدأ المجتمع الجديد ينفتح على تعاليم القرآن وآياته في إقبال منقطع النظير.
أمّ أبيها
وأحسّت بمسؤولياتها تجاه أبيها، وهو ينهض بعبء قيادة الدعوة الجديدة إلى النصر، فمضت تعطيه كلَّ ما تملك من حنان الأُمومة والنبوّة، وترعى حياتها بروحها وقلبها ومشاعرها الرقيقة الفياضة، حتّى انطلقت كلمة النبي (ص) لتخلّد لها هذا الحنان، ولتمجد هذه العاطفة، فتعطيها كُنية مميزة على مدى إحساس النبي (ص) بروعة هذا الحنان، فكان يقول عنها إّنها «أُمّ أبيها».
وبهذا نعرف الدّور الصامت الذي قامت به الزهراء (ع) في الجهاد، برعايتها لأبيها، وهو في أشدّ الأوقات حراجةً وأعظمها قسوةً، وقد حفظ لها النبي هذا الدور، والتقت عاطفته بحنانها، فكان إذا أراد السفر سلّم على من أراد التسليم عليه من أهله، ثم يكون آخر من يسلّم عليه فاطمة.. فيكون وجهه إلى سفره من بيتها، وإذا رجع بدأ بها.. لقد كانت تشعر أن أباها (ص) يمثّل كل شيء في حياتها كأب، وكنبي، فقد كانت تحسّ أن عليها أن تبذل له كل شيء.
كانت ترقب انفعالات وجهه وخلجات نظراته، لتفهم منها كل ما يريده وما لا يريده، دون أن يقول شيئاً أو ينهاها عن شيء، فتبادر لامتثال أوامره ونواهيه دون إبطاء أو تردّد، مدفوعة إلى ذلك بعامل المحبّة له والتقديس لشخصه كنبي.
انسجام مع الخط
وتُحدّثنا سيرتها أحاديث متنوّعة عن ذلك. فقد قدم النبي (ص) من سفره ذات يوم، فرآها وقد اشترت ستاراً لبيتها وسوارين من الفضة، فتجاوز عنها وقد عرفت الغضب في وجهه.. وعرفت فاطمة (ع) ماذا يثقل روح النبي (ص) ممّا رأى، فنـزعت الستار عن بابها، وخلعت السوارين عن يديها وبعثت بهما مع ولديها (ع) وقالت: «أقْرِئا أبي عنّي السلامَ، وقولا ما أحدثْنا بعدَك غيرَ هذا فشأنك به».. فانفرجت أسارير النبي (ص) لهذه الالتفاتة الروحيّة من ابنته، وهذه الاستجابة الواعية لدعوته، وما كان منه إلاّ أن قسم ذلك بين الفقراء الذين لا يملكون ثوباً ولا يجدون قوتاً، وقال: «قد فَعَلَتْ.. فِداها أبوها.. ثلاث مرّات، ما لآلِ محمّدٍ وللدنيا، فإنّهم خُلِقوا للآخِرة».
وفي حديث آخر، أنّه وجد في عنقها قلادةً فأعرض عنها، فقطعتها ورمت بها، فقال لها: «أنتِ منّي ائتيني يا فاطمةِ».. ثم جاء سائل فناولته القلادة.
تلك هي بعض الشواهد التاريخية التي تعطينا المَثَل على أنّ شخصية الزهراء (ع) كانت منطبعة بطابع شخصية النبي (ص)، فليس بينها وبين أن ترفض الدنيا إلاّ إشارة النبي ورغبته لها في الترفّع عن كل ما يربطها بها ويشدّها إليها.
وهكذا كانت الزهراء (ع) منسجمةً كل الانسجام روحيّاً وعاطفيّاً مع الخط الإسلامي الأصيل الذي انطلق في الحياة من خلال تعاليم النبي (ص)، فلم تستسلم إلى صلتها الوثيقة بالنبي (ص) وتسكن إلى هذا الشرف العظيم.
ابنة الرسول
كانت تريد أن تكون ابنة محمّد (ص) روحاً وأخلاقاً وتقوىً وعبادةً وصلةً بالله وانسجاماً مع تعاليمه، قبل أن تكون ابنة محمّد (ص) جسداً وقرابةً.
كانت تريد لأبيها (ص) أن يجد في بيتها المتواضع زهد الرسالة، وروحانيّة الإيمان، وبساطة العيش، وقناعة النفس، وصفاء الروح، كمَثَلٍ حيٍّ للبيت المسلم الذي يعيش الأجواء الإسلامية، ويتنفّس في جوٍّ إسلاميٍّ خالص، وهكذا انطلقت لتكون مَثَلاً أعلى للمرأة المسلمة، في قداستها وطهرها، وعبادتها المنقطعة النظير.
وتنطلق السيرة لتحدثنا عن الحسن البصري، حول عبادة الزهراء النموذجية، فيقول: ما كان في هذه الأُمة أعبد من فاطمة (ع)، إنّها كانت تقوم حتّى تتورّم قدماها.
وتمتدّ القضيّة إلى أبعد من ذلك، فهي لا ترضى بعبادتها أن تختص نفسها بالدعاء أو تحتكر لذاتها القربى إلى الله.. كانت تتضرّع لربّها من أجل الآخرين، وتحاول أن تطلب الخير للمؤمنين والمؤمنات، قبل أن تطلبه لنفسها.
هذا هو ما يحدّثنا به ولدها الإمام الحسن بن علي (ع)، قال: «رأيتُ أُمّي فاطمة (ع) في محرابها ليلةً، فلم تزل راكعةً ساجدةً حتّى اتّضح عمودَ الصبح وسمعتُها تدعو للمؤمنينَ والمؤمناتِ وتُسمِّيهم وتكثرُ من الدعاءِ لهم، ولا تدعو لنفسِها بشيءٍ، فقلت لها: يا أُمّاهِ لِمَ لا تَدعينَ لنفسِك كما تَدعين لغيرِك؟ فقالت: يا بُنَيَّ الجارُ ثمّ الدار».
سيرة الزاهدة
كانت، وهي ابنة محمّد (ص) وزوجة عليّ (ع)، تعيش في بيتها أقسى أنواع العيش، فلم يكن لها إلاّ جلد كبش حدّثت عنه أباها محمّداً (ص) وقالت له: «والّذي بعثكَ بالحقِّ نبياً، مالي وَبعلي منذُ خمس سِنينَ إلاّ جِلْد كبشٍ نَفترشُه باللّيل ونعلّق عليه بعيرنا في النهار، وإنَّ مخدّتَنا حشوُها ليف».. كانت تحدّث أباها بذلك وهي راضية مطمئنة قانعة بما قسم الله.. وقد شاهدها أحدهم وبين يديها شعير وهي تطحن فيه وتقول: «وما عندَ اللَّهِ خيرٌ وأبقى».
ذلك هو بعضٌ من سيرة فاطمة الزهراء (ع)، التي انطلقت في مرتبة القداسة بعلمها وعبادتها وإخلاصها ورعايتها للرسول (ص)، وارتفعت إلى مرتبة العصمة، لا تدنّسها الآثام، ولا تعلق بها الذنوب، تاركةً لنا المَثَل الأعلى للمرأة التي عاشت حياتها من أجل الله، وفارقت عيناها الحياة وهي تلهج بذكر الله. والآن، هل لنا أن نعرف أنّنا عندما نقدّس الصديقة الزهراء (ع) فإنّنا لا نقدّس فيها انتسابها إلى الرسول (ص) فحسب، وإنما نقدّس فيها الصفات المُثلى التي تجعلها قدوةً نقتدي بها، ونبراساً نستنير بضيائه.

محب الرسول
12-05-2012, 06:26 PM
سلمت يمنـاك
على الطرح روعه
ربي يعطيك العافية
موفقين ..

دمعة الكرار
12-05-2012, 06:46 PM
http://im15.gulfup.com/2012-05-12/1336837391551.gif (http://www.gulfup.com/show/Xrhh1xbdb9j40k)

** خـادم العبـاس **
12-05-2012, 09:05 PM
http://www.ahbabhusain.com/vb/mwaextraedit4/extra/21.gif

دمعة الكرار
13-05-2012, 02:25 AM
http://im27.gulfup.com/2012-05-10/1336624086532.gif (http://www.gulfup.com/show/X2asstuba6iqsw)