بسم الله الرحمن الرحيم
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2االمـلـك
إنّ من أهم حاجات الإنسان من الدين حاجته الى الموت والحياة والى معرفة المصير. والإنسان يشعر بأنّ الدين، وهو من عند الله، أصح الجواب وأخيرها للجواب على التساؤل حيث أنّ خالق الوجود هو الخبير بمصير الموجودات وبفنائها أو ببقائها. والحاجة هذه، أعني بها معرفة الموت، لا تؤثر على المشاعر البشرية وعلى القلق الذي يقضّ المضاجع فحسب، بل إنها ذات تأثير عميق على سلوك الإنسان وعلى تخطيطه في حياته، وبالتالي على حاضره ومستقبله، ولذلك فإنّ معرفة حقيقة الموت من الحاجات الأساسية للإنسان.
والقرآن الكريم عند الجواب عن هذا التساؤل لا يتخذ موقفاً فلسفياً، فهو يتصدى لإعطاء تعريف وتحديد عن الموت يشرح من خلاله حقيقة الموت، كما أنه لا يتصدى للجواب العلمي عن حقيقة الموت، إنه كعادته يدخل في الموضوع من الناحية التربوية، فهو يقول ما هو الموت كما يقول الفيلسوف، ولا يقول كيف يكون الموت كما يقول العالم، بل يقول: لماذا الموت؟ وهذا هو الأمر الذي يهم القرآن الكريم، حيث ينعكس على حياة الإنسان وأعماله وأفكاره، والآية المباركة والتي تلوتها تهتم بهذه الناحية بوضوح وتبحث عنها ضمن نقاط.
أولاً: إنّ الموت مخلوق كالحياة، فليس الموت فناء يخاف الإنسان منه ويشعر بالقلق الصعب الذي لا علاج له. إذ من الطبيعي أنّ الإنسان يكره الفناء. إنّ الآية تنفي ذلك من خلال الصيغة (الخلق) حيث يقول: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}.
ثانياً: إنّ الموت في الترتيب الكلامي وارد أولاً، فالله هو الذي خلق الموت والحياة. هذا الترتيب اللفظي يعبّر عن الترتيب الطبيعي بين الموت والحياة، فالموت أولاً ثم الحياة، وهذا يدعونا الى فهم جديد من الآية، حيث أنّ الحياة التي يسبقها الموت هي الآخرة، فكأنّ الآية مهتمة بصورة مباشرة بالموت وبما بعد الموت من الحياة، وبإمكاننا عند ذلك أو نوسع مفهوم الكلمة، فكلام الله (عز وجل) كثيرة وواسعة تقول: إنّ الموت أولاً ومن بعده الحياة يشتمل على معنى التطور والتغير. إذاً التغير هو عبارة عن موت مرحلة، وحياة مرحلة أخرى، وعند ذلك يمكن فهم معانٍ جديدة من الآية الكريمة.
ثالثاً: إنّ الغاية المذكورة في القرآن الكريم من خلق الموت والحياة، هي ما يعبّر عنه القرآن الكريم بهذه الجملة: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}. فعملية الموت والحياة في منطق القرآن، مهما كانت حقيقتها وكيفيتها، فهي لأجل الاختبار ولأجل المباراة بين الناس وتأثير هذه الغاية على موقف الإنسان أمام الموت، يجعله :
أ- يحول خوفه الطبيعي من الموت كفناء، أو من الموت كمجهول، فيحوله الى خوف تربوي كخوف الطالب من المسابقات المدرسية.
والفرق بين الخوفين واضح. إذ الخوف الأول لا علاج له. أما الخوف الثاني فخوف قابل للعلاج، فهو دافع للتحرك وللعمل وللاستعداد للمسابقات.
ب- يخلق عنده روح المنافسة، فيجنّد كافة طاقاته ويحوّل سلبياته الى الإيجابيات، وهدفه الى البناء.
ج- يجعل حياة الإنسان حافلة بالعمل والسعي، ولذلك جعل الإمام الحسين (عليه السلام) في خطبته التي ألقاها بمناسبة هجرته الى كربلاء وتمهيداً للشهادة جعل الموت زينة للحياة فقال: "خُطّ الموت على ولد آدم كخط القلادة على جيد الفتاة".
وأخيراً، يضيف القرآن الكريم في هذه الآية وضعين لله بعد ذكر الغاية من الموت وهما: العزيز الغفور. تأكيداً لضرورة نفي الخوف الطبيعي، وفتح باب الأمل الواسع أمام الإنسان فالله هو الغفور وهو العزيز الذي لا يحتاج الى الانتقام والتشفي والعذاب للناس من دون سبب.
كما أنّ صدر السورة قد وصف الله بأنه بيده الملك، يؤكد أنّ عالمي الموت والحياة هما لإله وحاكم واحد، فلا فناء ولا خلق بل انتقال من دار الى دار، ودخول على رب عزيز غفور. فاليوم - على حد تعبير الحديث – عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
"عاشقة النور"
الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2االمـلـك
إنّ من أهم حاجات الإنسان من الدين حاجته الى الموت والحياة والى معرفة المصير. والإنسان يشعر بأنّ الدين، وهو من عند الله، أصح الجواب وأخيرها للجواب على التساؤل حيث أنّ خالق الوجود هو الخبير بمصير الموجودات وبفنائها أو ببقائها. والحاجة هذه، أعني بها معرفة الموت، لا تؤثر على المشاعر البشرية وعلى القلق الذي يقضّ المضاجع فحسب، بل إنها ذات تأثير عميق على سلوك الإنسان وعلى تخطيطه في حياته، وبالتالي على حاضره ومستقبله، ولذلك فإنّ معرفة حقيقة الموت من الحاجات الأساسية للإنسان.
والقرآن الكريم عند الجواب عن هذا التساؤل لا يتخذ موقفاً فلسفياً، فهو يتصدى لإعطاء تعريف وتحديد عن الموت يشرح من خلاله حقيقة الموت، كما أنه لا يتصدى للجواب العلمي عن حقيقة الموت، إنه كعادته يدخل في الموضوع من الناحية التربوية، فهو يقول ما هو الموت كما يقول الفيلسوف، ولا يقول كيف يكون الموت كما يقول العالم، بل يقول: لماذا الموت؟ وهذا هو الأمر الذي يهم القرآن الكريم، حيث ينعكس على حياة الإنسان وأعماله وأفكاره، والآية المباركة والتي تلوتها تهتم بهذه الناحية بوضوح وتبحث عنها ضمن نقاط.
أولاً: إنّ الموت مخلوق كالحياة، فليس الموت فناء يخاف الإنسان منه ويشعر بالقلق الصعب الذي لا علاج له. إذ من الطبيعي أنّ الإنسان يكره الفناء. إنّ الآية تنفي ذلك من خلال الصيغة (الخلق) حيث يقول: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ}.
ثانياً: إنّ الموت في الترتيب الكلامي وارد أولاً، فالله هو الذي خلق الموت والحياة. هذا الترتيب اللفظي يعبّر عن الترتيب الطبيعي بين الموت والحياة، فالموت أولاً ثم الحياة، وهذا يدعونا الى فهم جديد من الآية، حيث أنّ الحياة التي يسبقها الموت هي الآخرة، فكأنّ الآية مهتمة بصورة مباشرة بالموت وبما بعد الموت من الحياة، وبإمكاننا عند ذلك أو نوسع مفهوم الكلمة، فكلام الله (عز وجل) كثيرة وواسعة تقول: إنّ الموت أولاً ومن بعده الحياة يشتمل على معنى التطور والتغير. إذاً التغير هو عبارة عن موت مرحلة، وحياة مرحلة أخرى، وعند ذلك يمكن فهم معانٍ جديدة من الآية الكريمة.
ثالثاً: إنّ الغاية المذكورة في القرآن الكريم من خلق الموت والحياة، هي ما يعبّر عنه القرآن الكريم بهذه الجملة: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}. فعملية الموت والحياة في منطق القرآن، مهما كانت حقيقتها وكيفيتها، فهي لأجل الاختبار ولأجل المباراة بين الناس وتأثير هذه الغاية على موقف الإنسان أمام الموت، يجعله :
أ- يحول خوفه الطبيعي من الموت كفناء، أو من الموت كمجهول، فيحوله الى خوف تربوي كخوف الطالب من المسابقات المدرسية.
والفرق بين الخوفين واضح. إذ الخوف الأول لا علاج له. أما الخوف الثاني فخوف قابل للعلاج، فهو دافع للتحرك وللعمل وللاستعداد للمسابقات.
ب- يخلق عنده روح المنافسة، فيجنّد كافة طاقاته ويحوّل سلبياته الى الإيجابيات، وهدفه الى البناء.
ج- يجعل حياة الإنسان حافلة بالعمل والسعي، ولذلك جعل الإمام الحسين (عليه السلام) في خطبته التي ألقاها بمناسبة هجرته الى كربلاء وتمهيداً للشهادة جعل الموت زينة للحياة فقال: "خُطّ الموت على ولد آدم كخط القلادة على جيد الفتاة".
وأخيراً، يضيف القرآن الكريم في هذه الآية وضعين لله بعد ذكر الغاية من الموت وهما: العزيز الغفور. تأكيداً لضرورة نفي الخوف الطبيعي، وفتح باب الأمل الواسع أمام الإنسان فالله هو الغفور وهو العزيز الذي لا يحتاج الى الانتقام والتشفي والعذاب للناس من دون سبب.
كما أنّ صدر السورة قد وصف الله بأنه بيده الملك، يؤكد أنّ عالمي الموت والحياة هما لإله وحاكم واحد، فلا فناء ولا خلق بل انتقال من دار الى دار، ودخول على رب عزيز غفور. فاليوم - على حد تعبير الحديث – عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل.
"عاشقة النور"
تعليق