
كلمة تقترب منا كلما ابتعدنا عنها، وتبتعد عنا كلما اقتربنا منها، تسكن في قلوبنا وتؤنسنا حينما نعيشها ونشتاق لها ونتألم من غيابها، كما نحن لها. إنها الذكريات التي ملأت صدورنا حبا وودا وعيوننا بريقا من الفرح والسرور وراحات أيدينا دفئا ونورا . ذكريات جميلة وهي أجمل حين ترحل، ولكن الإحساس بها حينذاك يخالطه ألم وحرقة وأنين، لأننا من دونها نشعر بمرارة الفقد وتخالجنا رغبة في أننا نحتاج لها لننسى همومنا كانت لنا في كل لحظات الوحدة اليد الحانية نحاول أن نتنفس بها حين تخنقنا الحياة الدنيا، ونستميت في التجول في أرجائها حين يعز علينا فقد عزيز راح، وزوال مكان كان عامرا بالبسمات، غارقين في عالم من الخيال لا يقوى على معرفته ولا تذوقه إلا الأنقياء .
هي تلك الديار والمنازل التي تلاشت من أفق سعادتنا والطفولة البهيجة الحلوة التي تغرس الأمان في أرواحنا، لذلك الذكريات كلمة تعني لنا الحياة التي تركتنا، ودونها نحس أن العيش تواجد لا حياة، وشعورنا يتمسك بها ولا يريد مفارقتها لو يستطيع ولكن القدر يمنعنا أن نعيدها فلا يتبقى لنا منها غير الصور، التي تداعب أعيننا، والأصداء التي تهمس في آذاننا فتستجيب لها زفراتنا وتنهداتنا، وخربشات حروفنا التي تعانق الأفق.
تعليق