آية ومعنى { الحلقة ٢٤ }
قوله تعالى في سورة الفيل :" ترميهم بحجارة من سجيل"
قوله تعالى في سورة الفيل :" ترميهم بحجارة من سجيل"
كان كل طير من طير الأبابيل يحمل ثلاثة أحجار من السجيل، حجر بمنقاره، وحجرين برجليه، وورد أن كل حجر كان مكتوبا عليه اسم من يرمى عليه، فكل طير كان يقتل ثلاثة من أصحاب الفيل، وما يعلم جنود ربك إلا هو.
ووقع الخلاف بين المفسرين في معنى السجيل، فما معنى حجارة من سجيل؟
هذه الحجارة المروِّعة الرهيبة التي لها أثر غير مألوف، حيث أنها تجعل الأجساد التي تصيبها كعصف مأكول، أشلاءاً متناثرة خاوية !!!
تكثرت الأقوال في ذلك حتى وصلت إلى عشرة أقوال، نورد منها ثمانية:
القول الأول : وهو أشهر الأقوال عند المفسرين، أنها الطين المتحجر، والذي يؤيد هذا المعنى، قوله تعالى في سورة هود في وصف عذاب قرية لوط (ع): ( وأمطرنا عليها حجارة من سجيل ) ثم جاء تفسير هذه الحجارة التي هي من سجيل في سورة الذاريات بأنها من طين (لنرسل عليهم حجارة من طين)، وقال بعضهم أن لفظة سجيل معربة من الفارسية، وأصلها سنگيل.
القول الثاني : هي الطين المتحجر المحروق المطبوخ بالنار كما يطبخ الآجر المصنوع من الطين المطبوخ في الأفران.
القول الثالث : ذهب إلى أن كلمة سجيل مشتقة من الإسجال والتسجيل في السجل، أي الكتب، فيكون المعنى حجارة من العذاب المسجل والمكتوب. لكن هذا القول ضعيف، يجعل المعنى ركيكاً واضح الخواء البلاغي.
القول الرابع : أن كلمة سجيل مشتقة من الإسجال، بمعنى الإرسال السريع، إشارة إلى سرعة سقوطها وإصابتها الهدف المقصود، فيكون المعنى وأرسلنا علهم حجارة سريعة، وهذا القول يرد عليه أيضا ما ورد على القول الثالث من الضعف.
القول الخامس : من حمم نارية.
القول السادس : قال بأنها من سجِّين، أي من نار جهنم، وأبدلت النون لاماً، لأن النون أخت اللام، فأصبحت من سجيل.
القول السابع : ما ورد في العهد القديم (التوراة) في وصف السجيل الذي نزل على قرية لوط (ع) : أنها كانت من كبريت ونار من السماء.
القول الثامن : تفسير علمي : ذهب إلى أنها أحجار سماوية فضائية، وأن سجيل هو بحر بين السماء والأرض كما في قول عكرمة، لانعلم طبيعة هذا البحر، قد لا يكون من ماء بل من غازات، أو سجيل هو اسم السماء الدنيا كما ورد عن ابن زيد، فقد تكون حجارة من كواكب نيوترونية عالية الكثافة، من الثقل بمكان أنها أطنان مضغوطة معدومة الفراغات الذرية، حيث يبلغ وزن ملعقة طعام من مادتها آلاف الأطنان.
وقد أسلفنا التنبيه : على أن قبول التفسير العلمي مرهون بقواعد وضوابط خاصة، مالم تتوفر لا
يمكن أن نقبلها، فالمسألة تبقى قيد البحث والتحليل والبرهنة والتدليل فيما يرتبط بالتفسير العلمي.
وتبقى الصدارة للقول الأول بلا منازع.
تعليق