
عندما نذكر نهضة المرأة المسلمة في ميدان العلم والفضيلة نجد أن زينب بنت علي عليهما السلام في مقدمة نساء العالم فإن تراثها المجيد المتلألئ الذي سطع نوره في مشرق الدنيا ومغربها لا يزيده توالي الأيام إلا هيبة وجلالاً وعظمة وإكباراً لأن زينب نشأت في حجر النبوة وتغذت من ثدي الإسلام وتأدبت على يد والديها العظيمين علي وفاطمة عليهما السلام نشأت زينب محوطة برعاية خاصة من جدها العظيم وعطف سابغ من ذويها الكرام فنراها على البعد صبية حلوة في حضانة الزهراء تتلقى عنها الدروس الأولى في الحياة فإذا جاوزت دور الحضانة أَلْفَت أمامها أعظم من أنجبتهم الجزيرة في زمانها من المعلمين جدها صاحب الرسالة وأبوبها الفارس أمير البيان والعلماء والفقهاء من الصحابة الكرام لقد كانت تشبه أباها علماً وتقى وفصاحة وبلاغة ومواقفها العظيمة في كربلاء والكوفة والشام أكبر شاهد على ذلك وكان لها مجلس علمي حافل تقصده جماعة من النساء اللاتي يردن التفقه في الدين.
وهكذا اجتمع لها ما لم يجتمع لسواها من نساء عصرها فكانت عقيلة بني هاشم يروي عنها حبر الأمة ابن عباس فيقول :حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي وكما وصفها الشاعر:
حاكيت شمس الضحى والبدر مكتملاً ....أباً وأماً وكان الفضل للحاكي
أبوكِ حيدرة والأم فاطمة ....والجد أحمد والسبطان صنواكِ
ولقد كان ذكر ذلك من باب المثل والشاهد على إباحة العلم للمرأة والتفقه في الدين وغير ذلك من أبواب الفضل والأدب ولكننا إذا تطرقنا للبحث عن المرأة المسلمة نرى من المسلمات الكثيرات ممن ظهرن في ميادين العلم والفضل وواسين الرجال في التحصيل وكان منهنّ الشهيرات اللاتي نبغن في أفق المعالي ضمن نطاق الشريعة الإسلامية وما من شك في أن المرأة هي عضو عامل في تقدم الإنسان الأخلاقي
إذا هي أحسنت السير نحو الطريق المستقيم ولا ريب أن الحياة الاجتماعية في عصرنا الحاضر تتطلب أن يتعاون كل من الرجل والمرأة في تركيز دعائم الأخلاق الكريمة وأن يتجنب كل منهما مواضع التهم وفي الخطبة الاخيرة للرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في التاسع من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة :أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهنّ حق ألا يوطئن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم بإذنكم ولا يأتين بفاحشة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهنَّ وتهجروهنَّ في المضاجع وتضربوهنَّ ضرباً غير مبرح فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف وإنما النساء عندكم عوانٍ ضعيفات لا يملكن لأنفسهن شيئاً أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا ))وصلى على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
تعليق