
هل جزعت السيدة زينب (ع) في كربلاء؟
سماحة الشيخ علي آل محسن

سؤال:هل صحيح أنالسيدة زينب

الجواب: ذكر الشيخ المفيد قدس سره في كتاب الإرشاد حديثاً طويلاً جاءفيه:
قال علي بن الحسين عليهما السلام: إني لجالس في تلك العشية التي قتلأبي في صبيحتها، وعندي عمتي زينب تمرضني، إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولىأبي ذر الغفاري، وهو يعالج سيفه ويصلحه، وأبي يقول:
يا دهر أف لك من خليل كم لك بالإشراق والأصيل
من صاحب أوطالب قتيل والدهر لا يقنع بالبديل
وإنما الأمر إلى الجليل وكل حي سالكسبيلي
فأعادها مرتين أو ثلاثاً حتى فهمتها، وعرفت ما أراد، فخنقتنيالعبرة، فرددتها، ولزمت السكوت، وعلمت أن البلاء قد نزل، وأما عمَّتي فإنها سمعت ماسمعت وهي امرأة، ومن شأن النساء الرقة والجزع، فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبهاوإنها لحاسرة، حتى انتهت إليه فقالت: وا ثكلاه! ليت الموت أعدمني الحياة، اليومماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن، يا خليفة الماضي وثمال الباقي. فنظر إليهاالحسين عليه السلام فقال لها: يا أخية، لا يذهبن حلمك الشيطان. وترقرقت عيناهبالدموع وقال: لو ترك القطا لنام، فقالت: يا ويلتاه! أفتغتصب نفسك اغتصابا؟! فذاكأقرح لقلبي وأشد على نفسي.ثم لطمت وجهها، وهوت إلى جيبهافشقته، وخرت مغشياً عليها. فقام إليها الحسين عليه السلام، فصب على وجههاالماء، وقال لها: يا أختاه! اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرضيموتون، وأهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله الذي خلق الخلقبقدرته، ويبعث الخلق ويعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني، وأمي خير مني، وأخي خيرمني، ولي ولكل مسلم برسول الله صلى الله عليه وآله أسوة. فعزاها بهذا ونحوه، وقاللها: يا أخية إني أقسمت فأبري قسمي، لا تشقي علي جيباً، ولا تخمشي علي وجهاً، ولاتدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت. ثم جاء بها حتى أجلسها عندي. (الإرشاد: 232).من صاحب أوطالب قتيل والدهر لا يقنع بالبديل
وإنما الأمر إلى الجليل وكل حي سالكسبيلي
ولا شك في أن لطم الوجه وشق الجيب قبيح إلا على أبي عبد الله الحسينكما ورد ذلك في الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار عليهم السلام.
منها: معتبرة معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام أنه قال لشيخ: أين أنت عن قبر جديالمظلوم الحسين؟ قال: إني لقريب منه، قال عليه السلام: كيف إتيانك له؟ قال: إنيلآتيه وأكثر. قال: ذاك دم يطلب الله تعالى به، ثم قال: كل الجزع والبكاء مكروه ماخلا الجزع والبكاء لقتل الحسين عليه السلام. (وسائل الشيعة 3/282).
وعن أبيعبد الله عليه السلام قال: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلاالبكاء على الحسين بن علي عليهما السلام، فإنه فيه مأجور. (الوسائل 10/396).
ومنه يتبين أن ما ظهر من السيدة زينب عليها السلام من الجزع علىأخيها الإمام الحسين عليه السلام لم يكن قبيحاً ولا مذموماً، بل كان فعلاً حسناًمحبوباً، إلا أن الإمام الحسين عليه السلام أراد منها سلام الله عليها أن تكون بعدقتله أربط جأشاً، وأقوى جناناً، لتقوم بمهامها الجسيمة، ومسؤولياتها العظيمة، ولئلايشمت به وبها أعداء أهل البيت عليهم السلام، لا من أجل أن جزعها عليه سلام اللهعليه كان قبيحاً، والله العالم.
تعليق