[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-color:black;border:9px double red;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

لقد أشارت الآيات القرآنية إلى تسخير الموجودات للإنسان ، ويتضح ذلك بالتأمل في الآيات التالية :

(نماذج حية من تسخير الموجودات العاقلة ):
فإذا كان الله سبحانه قد سخر المخلوقات لهذا الإنسان ، واتضح أن هذه المخلوقات تمتلك صفة الشعور والإدراك ، ولها أعمال عقلانية ومرتبطة بالشعور ومستندة إليه فإننا نذكر هنا نموذجاً قرآنيا حياً ، وواقعياً لهذا التسخير تجلت فيه طريقته ، وأبعاده ومجالاته بصورة ظاهرة . حيث ذكرت الآيات أن الله سبحانه قد سخر الريح ، والطير ، والجبال ، والجن لسليمان وداود «عليهما السلام» . بالإضافة إلى هيمنتهما بدرجة ما على نواميس الطبيعة التي تفيد الهيمنة عليها في تحقيق الغايات التي يتم السعي لها ، والتحرك باتجاهها ، كما أشار إليه الله سبحانه حين تحدث أنه تعالى قد ألان الحديد لداود .
فلنقرأ ذلك كله في الآيات التالية :
قال تعالى : ( ... وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) [1]
( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ * وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ) [2] .
( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ) [3] .
وقال تعالى عن سليمان : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ) [4] .
قصة سليمان وداود نموذج فذ :
وإذا راجعنا سورة النمل ، فإننا نجد فيها نماذج فذة عن تعاطي سليمان وداود مع ما آتاهما الله سبحانه في هذا المجال . وأول ما يواجهنا في الحديث عنهما «عليهما السلام» هو أنه تعالى قد وفر لهما الأدوات الضرورية للتعامل مع هذه المخلوقات في نطاق رعايتها وهدايتها وتوجيهها . فنجدها تبدأ الحديث بأن الله قد آتاهما علماً ، وعُلِّما منطق الطير ، وأوتيا من كل شيء ، ثم ذكرت الآيات نماذج تطبيقية لهذا العلم ، وللمعرفة بجميع الألسنة ، ثم لتأثير ما آتاه الله سبحانه في إدارة الأمور ، وتوجيهها ورعايتها والهيمنة عليها بصورة حيوية وبناءة وإيجابية ، لا تأتي إلا بالخير ، ولا تؤدي إلا إلى الفلاح .
آيات من سورة النمل :
( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) [5]
( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا ... ) [6] .
ثم تحدثت الآيات عن قصته «عليه السلام» مع الهدهد ، والدور الذي قام به ، ثم ما كان من الإتيان بعرش بلقيس ، بواسطة ما كان لدى ذلك الآتي به من علم من الكتاب . وأن ذلك قد تم قبل أن يرتد طرف سليمان إليه .
مع آيات سورة النمل :
وقد أظهرت الآيات المتقدمة كيف تم توظيف كل القدرات المادية وغيرها في تحقيق رضا الله سبحانه ، وبناء الحياة وتكاملها باتجاه الأهداف الإلهية ووفقاً للخطة المعقولة والمقبولة له تعالى . بدءاً من قصة تبسم سليمان من قول النملة ، مروراً بقصة الهدهد ، والإتيان بعرش بلقيس بتلك الطريقة المثيرة ، ثم تنكير عرشها لها ، وانتهاءاً بأمرها بدخول الصرح الذي حسبته لجة ، مع أنه صرح ممرد من قوارير .
وقد تجسد ذلك كله من خلال حاكمية وإمامة سليمان {عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام }، ورعايته وهدايته التامة والشاملة .
وقد كانت هذه الهداية والرعاية مستندة إلى علم آتاه الله إياه ، والى إمكانات ذات صفة شمولية : (وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ) . فلم يكن ثمة أي قصور في القدرات الذاتية ، فقد علم سليمان منطق الطير ، وأوتي من العلم ما يكفيه في مهمته الكبيرة والخطيرة .
كما أنه لم يكن ثمة نقص في الإمكانات المادية ، كما أشرنا . وكان سليمان أيضاً يحظى برعاية الله تعالى له ، ولطفه به ، وتسديده وتأييده إلى درجة العصمة .
فلم يبق والحالة هذه إلا المبادرة إلى القيام بالدور المرصود له في نطاق الاستفادة الواعية والإيجابية والبناءة من كل المخلوقات المسخرة لهذا الإنسان ، وتوجيهها لتؤدي دورها في الحياة كاملاً غير منقوص . .
وهذا ما حصل بالفعل ، فكانت المعجزة الكبرى ، وكان الإنجاز العظيم ، وهذا ما سوف يتحقق بصورة أكثر رسوخاً وشموخاً وعظمة في عهد ولي الأمر قائم آل محمد «عليهم الصلاة والسلام» .
المصادر:
[1] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 79 ، الصفحة : 328 .
[2] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآيات : 80 - 82 ، الصفحة : 328
[3] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 18 و 19 ، الصفحة : 454 .
[4] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآيات : 36 - 38 ، الصفحة : 455 .
[5] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآيات : 15 - 18 ، الصفحة : 378 .
[6] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 378 .
{تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية (3)}

إنه ما دام أن المفروض بالإنسان هو أن يتعاطى مع جميع المخلوقات التي سخرها الله تعالى له ، فقد كان لا بد من أن يخضع تعامله هذا وكذلك تعامله مع نفسه ، ومع ربه ، ومع كل شيء لضوابط تحفظه من الخطأ ومن التقصير ، أو التعدي .
ولقصور الإنسان الظاهر ، فقد شاءت الإرادة الإلهية ، من موقع اللطف والرحمة أن تمد يد العون له ، وهدايته في مسيرته الطويلة المحفوفة بالمزالق والأخطار هداية تامة تفضي به إلى نيل رضا الله سبحانه ، وتثمر الوصول إلى تلك الأهداف الكبرى والسامية وتحقيقها ، وهي إعمار الكون وفق الخطة الإلهية ، التي تريد من خلال ذلك بناء إنسانية الإنسان ، وإيصاله إلى الله سبحانه ، حيث يصبح جديراً بمقامات القرب منه تعالى ، حيث الرضوان والزلفى .
وإذا كان كذلك فإنه يصبح واضحاً : أن المثل القرآني الذي يتمثل في تجربة سليمان وداود «عليهما السلام» ، إنما أراد أن يجسد ولو بصورة مصغرة هذه الحقيقة بالذات ليتلمس هذا الإنسان الأهداف الإلهية ، وهي تتجسد واقعاً حياً ، ملموساً ، وليس مجرد خيالات ، أو شعارات ، أو آمال وطموحات غير عقلانية ، ولا مسؤولة .
وهي أيضاً تجسد معنى القيادة المطلوبة والصالحة لتحقيق هدف كهذا ، حتى إن طائراً ، وهو الهدهد ، يضطلع بدور حيوي وفي مستوى مُلكٍ بأسره ، وأحد الحاضرين في مجلس سليمان يأتي بعرش بلقيس ـ بواسطة العلم الذي عنده من الكتاب ـ قبل أن يرتد الطرف .
كما أن هذه الشواهد القرآنية ، وتلك الكرامات والمعجزات النبوية ، ومنها قصة الجمل التي هي مورد البحث ، قد رسخت هذه الحقيقة ، سواء بالنسبة لدور الإنسان في الكون ، وتعاطيه معه ، أو بالنسبة إلى حقائق راهنة لا بد أن تأخذ دورها وحقها ، ويحسب حسابها على مستوى التخطيط ، وعلى مستوى الممارسة ، أو بالنسبة إلى الدور الذي لا بد لهذه القيادة أن تضطلع به ، في مقام الرعاية التامة ، والهداية العامة ، وما يتطلبه ذلك من طاقات ومن إمكانات ، ومواصفات قيادية خاصة ومتنوعة ، لا تحصل إلا بالرعاية والتربية الإلهية لها ، ولا تكون إلا في نبي أو في وصي .
وتصبح معرفة لغات الحيوانات ، والوقوف على كثير من أسرار الخلقة ، ونواميس الطبيعة ضرورة لا بد منها لهذه القيادة ، التي لا بد أن ترعى ، وتوازن ، وتربي ، وتحفظ لكل شيء حقه ، وكيانه ، ودوره في الحياة . حيث لا بد لها من التدخل المباشر في أحيان كثيرة لحسم الموقف ، ولحفظ سلامة المسار .
كما لا بد لها من توجيه الطاقات والاستفادة منها في الوقت المناسب وفي الموقع المناسب ، بصورة قويمة وسليمة ، كما كان الحال بالنسبة لنبي الله داود ، ونبي الله سليمان {عليهما وعلى نبينا محمد وآله الصلاة والسلام }.
النقاط على الحروف :
وبذلك يتضح : أنه لا بديل عن قيادة المعصوم ، إذ أن كل القيادات الأخرى إذا كانت عادلة لن يكون لها أكثر من دور الشرطي الذي ينجح في درء الفتنة حيناً ، ويفشل أحياناً .
أما إذا كانت قيادة منحرفة ، فهناك الكارثة الكبرى ، التي عبرت عنها الكلمة المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي «عليه الصلاة والسلام» ، حيث يقول :
«أسد حطوم ، خير من سلطان ظلوم ، وسلطان ظلوم ، خير من فتنة تدوم» [1] .
وقد اتضح أيضاً : أن وجود الإمام المعصوم في كل عصر وزمان أمر حتمي وضروري حتى ولو كان غائباً ومستوراً ، لأن هذا الإمام لسوف يحفظ ويرعى كثيراً من المواقع والمواضع في هذا الكون المسخر للإنسان ، التي لولا حفظها ورعايتها لوقعت الكارثة ولساخت الأرض بأهلها .
وبذلك نعرف السر في أن الروايات قد ذكرت : أنه لو بقيت الأرض بغير إمام ، أو لو أن الإمام رفع من الأرض ولو ساعة لساخت بأهلها ، وماجت كما يموج البحر بأهله [2] .
وأصبح واضحاً معنى الرواية التي تقول : وأما وجه انتفاع الناس بي في غيبتي ؛ فكالشمس إذا جللها عن الأنظار السحاب .
واتضح أيضاً : سر معرفة الأئمة بعلوم الأنبياء ، وبألسنة جميع البشر ، وبألسنة أصناف الحيوان أيضاً
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

{{اللهم صلِ ع محمد وع آل محمد وعجل فرج قآئم آل محمد }}
((تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية))

((تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية))

لقد أشارت الآيات القرآنية إلى تسخير الموجودات للإنسان ، ويتضح ذلك بالتأمل في الآيات التالية :
( ... هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ... ) [1] .
( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ... ) [2] .
( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ... ) [3] .
( ... وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ) [4]
( وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) [5]
( وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ... )[6] .
( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ... ) [7] .
الشعور والإدراك لدى المخلوقات :
ثم إن الإنسان يريد أن يتعامل مع كون ليس جماداً بقول مطلق ، وإنما كل الموجودات فيه تمتلك درجة من الشعور والإدراك ، وإن كنا لا نعرف كنهه ولا حدوده .
وقد تحدث القرآن عن السماوات ، والأرض ، والجبال والطير وكل الموجودات ، بطريقة تركز هذا المعنى ، وتدفع أي تشكيك أو ترديد فيه . فلنقرأ معاً الآيات التالية :
قال تعالى مخاطباً نبيه موسى «عليه السلام» : ( ... قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ... ) [8] .
وقال سبحانه عن داود : ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ) [9] .
وقال في آية أخرى عن داود أيضاً : ( ... يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ... ) [10] .
والمراد بالتأويب ترجيع التسبيح على ما يظهر .
وقال تعالى : ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ... ) [11] .
وقال : ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) [12] .
وقال تعالى : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [13] .
وتسبيح ما في السماوات والأرض ، مذكور في عدة آيات [14] .
وقال سبحانه : ( لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ... ) [15] .
وقال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ... ) [16] .
وقال [IMG]http://www.m-5th.com/vb/images/smilies/****-04.gif[/IMG] : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ... ) [17] .
فكل ما تقدم يشير بوضوح : إلى أن هذه المخلوقات تملك حالة شعورية وإدراكية معينة ، وليست مجرد جمادات أو حيوانات خاوية من ذلك بصورة نهائية .
وهذا ما يفسر لنا : أننا نجد أن الله قد تعاطى معها بطريقة تكرس هذا الفهم ، وترسخه ، ولا تبقي مجالاً لأي تشكيك أو ترديد فيه .
المصادر:
[1] القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 228 .
[2] القران الكريم : سورة لقمان ( 31 ) ، الآية : 20 ، الصفحة : 413 .
[3] القران الكريم : سورة الجاثية ( 45 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 499 .
[4] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 259 .
[5] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 259 .
[6] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 260 .
[7] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 14 ، الصفحة : 268 .
[8] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 143 ، الصفحة : 167 .
[9] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 18 و 19 ، الصفحة : 454 .
[10] القران الكريم : سورة سبأ ( 34 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 429 .
[11] القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 250 .
[12] القران الكريم : سورة الرحمن ( 55 ) ، الآية : 6 ، الصفحة : 531 .
[13] القران الكريم : سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 44 ، الصفحة : 286 .
[14] راجع : الآيتان 1 و 24 من سورة الحشر والآية 1 من سورة التغابن والآية 1 من سورة الصف والآية 1 من سورة الجمعة والآية 1 من سورة الحديد .
[15] القران الكريم : سورة الحشر ( 59 ) ، الآية : 21 ، الصفحة : 548 .
[16] القران الكريم : سورة الحج ( 22 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 334 .
[17] القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 355
{{تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية (2)}}
( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ... ) [2] .
( وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ... ) [3] .
( ... وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ) [4]
( وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) [5]
( وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا ... )[6] .
( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ... ) [7] .
الشعور والإدراك لدى المخلوقات :
ثم إن الإنسان يريد أن يتعامل مع كون ليس جماداً بقول مطلق ، وإنما كل الموجودات فيه تمتلك درجة من الشعور والإدراك ، وإن كنا لا نعرف كنهه ولا حدوده .
وقد تحدث القرآن عن السماوات ، والأرض ، والجبال والطير وكل الموجودات ، بطريقة تركز هذا المعنى ، وتدفع أي تشكيك أو ترديد فيه . فلنقرأ معاً الآيات التالية :
قال تعالى مخاطباً نبيه موسى «عليه السلام» : ( ... قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ... ) [8] .
وقال سبحانه عن داود : ( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ) [9] .
وقال في آية أخرى عن داود أيضاً : ( ... يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ... ) [10] .
والمراد بالتأويب ترجيع التسبيح على ما يظهر .
وقال تعالى : ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ ... ) [11] .
وقال : ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) [12] .
وقال تعالى : ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) [13] .
وتسبيح ما في السماوات والأرض ، مذكور في عدة آيات [14] .
وقال سبحانه : ( لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ... ) [15] .
وقال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ... ) [16] .
وقال [IMG]http://www.m-5th.com/vb/images/smilies/****-04.gif[/IMG] : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ... ) [17] .
فكل ما تقدم يشير بوضوح : إلى أن هذه المخلوقات تملك حالة شعورية وإدراكية معينة ، وليست مجرد جمادات أو حيوانات خاوية من ذلك بصورة نهائية .
وهذا ما يفسر لنا : أننا نجد أن الله قد تعاطى معها بطريقة تكرس هذا الفهم ، وترسخه ، ولا تبقي مجالاً لأي تشكيك أو ترديد فيه .
المصادر:
[1] القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 61 ، الصفحة : 228 .
[2] القران الكريم : سورة لقمان ( 31 ) ، الآية : 20 ، الصفحة : 413 .
[3] القران الكريم : سورة الجاثية ( 45 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 499 .
[4] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 259 .
[5] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 33 ، الصفحة : 259 .
[6] القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 260 .
[7] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 14 ، الصفحة : 268 .
[8] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 143 ، الصفحة : 167 .
[9] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 18 و 19 ، الصفحة : 454 .
[10] القران الكريم : سورة سبأ ( 34 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 429 .
[11] القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 250 .
[12] القران الكريم : سورة الرحمن ( 55 ) ، الآية : 6 ، الصفحة : 531 .
[13] القران الكريم : سورة الإسراء ( 17 ) ، الآية : 44 ، الصفحة : 286 .
[14] راجع : الآيتان 1 و 24 من سورة الحشر والآية 1 من سورة التغابن والآية 1 من سورة الصف والآية 1 من سورة الجمعة والآية 1 من سورة الحديد .
[15] القران الكريم : سورة الحشر ( 59 ) ، الآية : 21 ، الصفحة : 548 .
[16] القران الكريم : سورة الحج ( 22 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 334 .
[17] القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 355
{{تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية (2)}}

(نماذج حية من تسخير الموجودات العاقلة ):
فإذا كان الله سبحانه قد سخر المخلوقات لهذا الإنسان ، واتضح أن هذه المخلوقات تمتلك صفة الشعور والإدراك ، ولها أعمال عقلانية ومرتبطة بالشعور ومستندة إليه فإننا نذكر هنا نموذجاً قرآنيا حياً ، وواقعياً لهذا التسخير تجلت فيه طريقته ، وأبعاده ومجالاته بصورة ظاهرة . حيث ذكرت الآيات أن الله سبحانه قد سخر الريح ، والطير ، والجبال ، والجن لسليمان وداود «عليهما السلام» . بالإضافة إلى هيمنتهما بدرجة ما على نواميس الطبيعة التي تفيد الهيمنة عليها في تحقيق الغايات التي يتم السعي لها ، والتحرك باتجاهها ، كما أشار إليه الله سبحانه حين تحدث أنه تعالى قد ألان الحديد لداود .
فلنقرأ ذلك كله في الآيات التالية :
قال تعالى : ( ... وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) [1]
( وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ * وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ * وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ) [2] .
( إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ ) [3] .
وقال تعالى عن سليمان : ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ * وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ) [4] .
قصة سليمان وداود نموذج فذ :
وإذا راجعنا سورة النمل ، فإننا نجد فيها نماذج فذة عن تعاطي سليمان وداود مع ما آتاهما الله سبحانه في هذا المجال . وأول ما يواجهنا في الحديث عنهما «عليهما السلام» هو أنه تعالى قد وفر لهما الأدوات الضرورية للتعامل مع هذه المخلوقات في نطاق رعايتها وهدايتها وتوجيهها . فنجدها تبدأ الحديث بأن الله قد آتاهما علماً ، وعُلِّما منطق الطير ، وأوتيا من كل شيء ، ثم ذكرت الآيات نماذج تطبيقية لهذا العلم ، وللمعرفة بجميع الألسنة ، ثم لتأثير ما آتاه الله سبحانه في إدارة الأمور ، وتوجيهها ورعايتها والهيمنة عليها بصورة حيوية وبناءة وإيجابية ، لا تأتي إلا بالخير ، ولا تؤدي إلا إلى الفلاح .
آيات من سورة النمل :
( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) [5]
( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا ... ) [6] .
ثم تحدثت الآيات عن قصته «عليه السلام» مع الهدهد ، والدور الذي قام به ، ثم ما كان من الإتيان بعرش بلقيس ، بواسطة ما كان لدى ذلك الآتي به من علم من الكتاب . وأن ذلك قد تم قبل أن يرتد طرف سليمان إليه .
مع آيات سورة النمل :
وقد أظهرت الآيات المتقدمة كيف تم توظيف كل القدرات المادية وغيرها في تحقيق رضا الله سبحانه ، وبناء الحياة وتكاملها باتجاه الأهداف الإلهية ووفقاً للخطة المعقولة والمقبولة له تعالى . بدءاً من قصة تبسم سليمان من قول النملة ، مروراً بقصة الهدهد ، والإتيان بعرش بلقيس بتلك الطريقة المثيرة ، ثم تنكير عرشها لها ، وانتهاءاً بأمرها بدخول الصرح الذي حسبته لجة ، مع أنه صرح ممرد من قوارير .
وقد تجسد ذلك كله من خلال حاكمية وإمامة سليمان {عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام }، ورعايته وهدايته التامة والشاملة .
وقد كانت هذه الهداية والرعاية مستندة إلى علم آتاه الله إياه ، والى إمكانات ذات صفة شمولية : (وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ) . فلم يكن ثمة أي قصور في القدرات الذاتية ، فقد علم سليمان منطق الطير ، وأوتي من العلم ما يكفيه في مهمته الكبيرة والخطيرة .
كما أنه لم يكن ثمة نقص في الإمكانات المادية ، كما أشرنا . وكان سليمان أيضاً يحظى برعاية الله تعالى له ، ولطفه به ، وتسديده وتأييده إلى درجة العصمة .
فلم يبق والحالة هذه إلا المبادرة إلى القيام بالدور المرصود له في نطاق الاستفادة الواعية والإيجابية والبناءة من كل المخلوقات المسخرة لهذا الإنسان ، وتوجيهها لتؤدي دورها في الحياة كاملاً غير منقوص . .
وهذا ما حصل بالفعل ، فكانت المعجزة الكبرى ، وكان الإنجاز العظيم ، وهذا ما سوف يتحقق بصورة أكثر رسوخاً وشموخاً وعظمة في عهد ولي الأمر قائم آل محمد «عليهم الصلاة والسلام» .
المصادر:
[1] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 79 ، الصفحة : 328 .
[2] القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآيات : 80 - 82 ، الصفحة : 328
[3] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآية : 18 و 19 ، الصفحة : 454 .
[4] القران الكريم : سورة صاد ( 38 ) ، الآيات : 36 - 38 ، الصفحة : 455 .
[5] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآيات : 15 - 18 ، الصفحة : 378 .
[6] القران الكريم : سورة النمل ( 27 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 378 .
{تسخير المخلوقات للإنسان في الآيات القرآنية (3)}

إنه ما دام أن المفروض بالإنسان هو أن يتعاطى مع جميع المخلوقات التي سخرها الله تعالى له ، فقد كان لا بد من أن يخضع تعامله هذا وكذلك تعامله مع نفسه ، ومع ربه ، ومع كل شيء لضوابط تحفظه من الخطأ ومن التقصير ، أو التعدي .
ولقصور الإنسان الظاهر ، فقد شاءت الإرادة الإلهية ، من موقع اللطف والرحمة أن تمد يد العون له ، وهدايته في مسيرته الطويلة المحفوفة بالمزالق والأخطار هداية تامة تفضي به إلى نيل رضا الله سبحانه ، وتثمر الوصول إلى تلك الأهداف الكبرى والسامية وتحقيقها ، وهي إعمار الكون وفق الخطة الإلهية ، التي تريد من خلال ذلك بناء إنسانية الإنسان ، وإيصاله إلى الله سبحانه ، حيث يصبح جديراً بمقامات القرب منه تعالى ، حيث الرضوان والزلفى .
وإذا كان كذلك فإنه يصبح واضحاً : أن المثل القرآني الذي يتمثل في تجربة سليمان وداود «عليهما السلام» ، إنما أراد أن يجسد ولو بصورة مصغرة هذه الحقيقة بالذات ليتلمس هذا الإنسان الأهداف الإلهية ، وهي تتجسد واقعاً حياً ، ملموساً ، وليس مجرد خيالات ، أو شعارات ، أو آمال وطموحات غير عقلانية ، ولا مسؤولة .
وهي أيضاً تجسد معنى القيادة المطلوبة والصالحة لتحقيق هدف كهذا ، حتى إن طائراً ، وهو الهدهد ، يضطلع بدور حيوي وفي مستوى مُلكٍ بأسره ، وأحد الحاضرين في مجلس سليمان يأتي بعرش بلقيس ـ بواسطة العلم الذي عنده من الكتاب ـ قبل أن يرتد الطرف .
كما أن هذه الشواهد القرآنية ، وتلك الكرامات والمعجزات النبوية ، ومنها قصة الجمل التي هي مورد البحث ، قد رسخت هذه الحقيقة ، سواء بالنسبة لدور الإنسان في الكون ، وتعاطيه معه ، أو بالنسبة إلى حقائق راهنة لا بد أن تأخذ دورها وحقها ، ويحسب حسابها على مستوى التخطيط ، وعلى مستوى الممارسة ، أو بالنسبة إلى الدور الذي لا بد لهذه القيادة أن تضطلع به ، في مقام الرعاية التامة ، والهداية العامة ، وما يتطلبه ذلك من طاقات ومن إمكانات ، ومواصفات قيادية خاصة ومتنوعة ، لا تحصل إلا بالرعاية والتربية الإلهية لها ، ولا تكون إلا في نبي أو في وصي .
وتصبح معرفة لغات الحيوانات ، والوقوف على كثير من أسرار الخلقة ، ونواميس الطبيعة ضرورة لا بد منها لهذه القيادة ، التي لا بد أن ترعى ، وتوازن ، وتربي ، وتحفظ لكل شيء حقه ، وكيانه ، ودوره في الحياة . حيث لا بد لها من التدخل المباشر في أحيان كثيرة لحسم الموقف ، ولحفظ سلامة المسار .
كما لا بد لها من توجيه الطاقات والاستفادة منها في الوقت المناسب وفي الموقع المناسب ، بصورة قويمة وسليمة ، كما كان الحال بالنسبة لنبي الله داود ، ونبي الله سليمان {عليهما وعلى نبينا محمد وآله الصلاة والسلام }.
النقاط على الحروف :
وبذلك يتضح : أنه لا بديل عن قيادة المعصوم ، إذ أن كل القيادات الأخرى إذا كانت عادلة لن يكون لها أكثر من دور الشرطي الذي ينجح في درء الفتنة حيناً ، ويفشل أحياناً .
أما إذا كانت قيادة منحرفة ، فهناك الكارثة الكبرى ، التي عبرت عنها الكلمة المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي «عليه الصلاة والسلام» ، حيث يقول :
«أسد حطوم ، خير من سلطان ظلوم ، وسلطان ظلوم ، خير من فتنة تدوم» [1] .
وقد اتضح أيضاً : أن وجود الإمام المعصوم في كل عصر وزمان أمر حتمي وضروري حتى ولو كان غائباً ومستوراً ، لأن هذا الإمام لسوف يحفظ ويرعى كثيراً من المواقع والمواضع في هذا الكون المسخر للإنسان ، التي لولا حفظها ورعايتها لوقعت الكارثة ولساخت الأرض بأهلها .
وبذلك نعرف السر في أن الروايات قد ذكرت : أنه لو بقيت الأرض بغير إمام ، أو لو أن الإمام رفع من الأرض ولو ساعة لساخت بأهلها ، وماجت كما يموج البحر بأهله [2] .
وأصبح واضحاً معنى الرواية التي تقول : وأما وجه انتفاع الناس بي في غيبتي ؛ فكالشمس إذا جللها عن الأنظار السحاب .
واتضح أيضاً : سر معرفة الأئمة بعلوم الأنبياء ، وبألسنة جميع البشر ، وبألسنة أصناف الحيوان أيضاً
[3]
، إلى غير ذلك من خصائص وتفصيلات في علومهم «عليهم السلام» وفي حدود ولايتهم ورعايتهم لهذا الإنسان في هذا الكون الأرحب [4] .
المصادر:
[1] البحار ج75 ص359 عن كنز الفوائد للكراجكي ، وراجع : دستور معالم الحكم ص170 وغرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص437 وج2 ص784 .
[2] راجع بصائر الدرجات ص488 و 489 والكافي ج1 ص179 و 198 والغيبة للنعماني ص139 و 138 .
[3] راجع كتاب بصائر الدرجات ففيه تفاصيل واسعة حول علوم الأئمة «عليهم السلام» في جميع المجالات ، وراجع أيضاً : البحار للعلامة المجلسي ، والكافي ج1 وغير ذلك كثير .
[4] الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله وسلم) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، السنة 2005 م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء العاشر .
سماحة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي
نسآلكم خآلص الدعآء..

المصادر:
[1] البحار ج75 ص359 عن كنز الفوائد للكراجكي ، وراجع : دستور معالم الحكم ص170 وغرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص437 وج2 ص784 .
[2] راجع بصائر الدرجات ص488 و 489 والكافي ج1 ص179 و 198 والغيبة للنعماني ص139 و 138 .
[3] راجع كتاب بصائر الدرجات ففيه تفاصيل واسعة حول علوم الأئمة «عليهم السلام» في جميع المجالات ، وراجع أيضاً : البحار للعلامة المجلسي ، والكافي ج1 وغير ذلك كثير .
[4] الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله وسلم) ، العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي ، المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الخامسة ، السنة 2005 م . ـ 1425 هـ . ق ، الجزء العاشر .
سماحة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي
نسآلكم خآلص الدعآء..

تعليق