تلقين النفس بالنجاح
الإسلام يدعو معتنقيه إلى النجاح في كلّ عمل ، و لا يرضى منهم الكسل و الفشل ،
بل يعلّمهم أنّه لا بدّ أوّلا من تخطيط كامل الأطراف ،
و دراسة الموضوع المقدم عليه دراسة تامة الجوانب ،
ثمّ الحزم و العزم ،
و أن ينظر إلى القمّة ،
حتّى يهون عليه صعود الجبل ،
و أن ينظر إلى أقصى القوم ، حتّى يسهل عليه بداية الأمر ،
و يفكّر بالنجاح ،
و يلقّن نفسه بذلك ،
و ما أروع النصوص الدالّة على هذه المفاهيم القيّمة ، التي تفتح للمسلم آفاقاً جديدة في حياته السعيدة ،
التي يسودها العمل الدؤوب ،
و النشاط ، و الحيوية ،
و التقدّم المستمرّ ، و الازدهار ، و التطوّر ،
و يجعل من انكساره جسراً لنجاحه ،
فالتلقين له أثر بالغ في الحياة ،
بل في نظر الإسلام حتّى الموت و بعده ، فإنّه يستحبّ تلقين المحتضر الشهادتين ـ
شهادة التوحيد و شهادة النبوّة ـ و كذلك الولاية ،
و كذا الميّت في قبره ،يستحبّ تلقينه ،
و إنّ الملقّن الأوّل ، هو الله سبحانه ،
كما ورد في الأخبار ، و كذلك جبرئيل ، كان ملقّناً ،
يقال :
« إنّ الأذكار و الأوراد ، و تكرارها ، و تكرار الأدعية ، فيها فوائد دنيوية و اُخروية ، منها : تلقين النفس بالشيء المدعوّ به » ،
بل يقال :
تكرار الحمد في الصلوات اليومية ،
و قول المصلّي :
( اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقيمَ )
، هو من مصاديق التلقين
، بأن يكون على الصراط المستقيم ،
و يفكّر بهذا الأمر في كلّ يوم خمس مرّات على ، أقلّ تقدير في الصباح و ظهراً و في المساء ،
و هذا يعني
أنّ المسلم ، يلقّن نفسه بالنجاح ،
فإنّ النجاح و الفلاح و الصلاح ، إنّما هو في الصراط المستقيم.
ولا بأس ، أن نذكر نماذج من الأخبار الواردة بلفظ التلقين بالخصوص ،فضلا عن المعنى و المحتوى و المفهوم ،
فهناك روايات كثيرة و آيات كريمة ،تدلّ على أهميّة دور التلقين في حياة المسلم.
من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام):
« إنّ هذا القرآن فيه مصابيح النور ، و شفاء الصدور ، فليجل جال بضوئه ، و لينجم الصفة ، فإنّ التلقين حياة القلب البصير ، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور» ، (1).
وفي قصّة يوسف و يعقوب (عليهما السلام) ، ورد في تفسير قوله :
( أخافُ أنْ يَأكُلَهُ الذِّئْبُ ) ،
إنّ يعقوب لقّن أولاده العلّة ، و كانوا لا يدرون .
و روي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أ نّه قال :
« لا تلقّنوا الكذب فتكذبوا ، فإنّ بني يعقوب ، لم يعلموا أنّ الذئب يأكل الإنسان حتّى لقّنهم أبوهم »،(2).
نستنتج من هذا الخبر النبويّ الشريف ،
أنّ التلقين على نحوين :
إيجابي و سلبي ،
مثبت و منفي ،
ممدوح و مذموم.
و الذي ندعو إليه ، هو التلقين الصادق الناجح ،
ناجح في الأعمال ،
ليتوفّق الإنسان في حياته ، و يسعد في اُموره.
و هذا التلقين عامّ ، يشمل الفرد و المجمع الصغير ـ
كالاُسرة ـ و الكبير ـ كالاُمّة ـ
، فالتلقين الصادق ناجح ، حتّى في الاُمور السياسية ،
التي هي في إصلاح الاُمّة و رعاية شؤونهم و تدبير اُمورهم ، بما يقتضيه الحال و المقام.
-----------------------
------
الهوامش
1 -بحار الأنوار 75 : 112.
2- المعجم المفهرس لألفاظ أحاديث بحار الأنوار 24 : 18178.
تعليق