المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفلي سوي أم مضطرب


محب الرسول
14-10-2012, 09:51 PM
سؤال يتعلق كثيراً بخواطر الأمهات والآباء ,وهو في حاجة إلي بعض التحديد العلمي .
تشكل عملية السلوك السوي والمضطرب حجر الأساس لجميع المهن المتعلقة بالصحة النفسية , غير أن هذا التحديد بحد ذاته ليس بالأمر السهل .
قبل أن يطلب منا البحث عن السبب المؤدي إلي حدوث الاضطراب أو المشكلة , علينا أن نكون قد قمنا بتحديد الاختلال أو الاضطراب الذي نحن بصددة مهما كان بسيطاً , وقبل أن نبحث عن معني مصطلحات مثل السلوك السوي أو السلوك الشاذ , لابد وأن يكون لدينا تصور عما نقصده بالسواء أو العادي أو عدم السواء .
والسلوك _ أي سلوك _ يمكن فهمه من وجهة نظر علم النفس علي أنه استجابة لمنبه ما سبب هذا السلوك , ولكن إذا اردنا ان نحكم علي طبيعة هذا السلوك , أي فيما إذا كان هذا السلوك سوياً أو مضطرباً , فإننا هنا نحتاج إلي معيار أو مقياس لنحكم وفقه علي هذا السلوك . ونحن عندما نطلق علي سلوك ما صفة السلوك السوي أو المعادي أو غير السوي , فإنه لا بد لنا من الاستناد إلي معيار معين نقيس وفقه هذا السلوك , ونطلق حطمنا بناء عليه .
ونحن في حياتنا اليومية , وعندما نحكم علي سلوك أي شخص نستخدم معيير مختلفة ,منها ما هو معيار شخصي نابع عن قياس تصرفات الآخرين وفق ما نراه نحن لأنفسنا بأنه سوي أو غير سوي ومنها ما هو معيار اجتماعي , نستمده من تربيتنا وعاداتنا وقيمنا . ويستخدم علماء النفس معايير أخري كذلك , تقوم علي أسس علمية مستخدمين في ذلك التشخيص القائم علي الاختبارات النفسية .
وإذا ما انتقلنا إلي سلوك الأطفال , فإن الحكم علي السلوك السوي أو المضطرب للطفل يزداد تعقيداً بسبب الطبيعة الخاصة لسلوك الأطفال المتعلقة بمراحل النمو , حيث قد تبدو بعض السلوكيات في مرحلة ما طبيعية , وتصبح في مراحل أخري غير ذلك , وللتشابه الكبير أحياناً وأنماط السلوك غير السوية , وأنماط السلوك التي تعد نتيجة للمرحلة العمرية ( كسلوك اللعب العنيف عند الأطفال الذكور ) .
كما أن الوظيفة التي يؤديها السلوك عند الأطفال تختلف عن الوظيفة التي يؤديها السلوك عند الكبار . وهذا الأمر ينبغي لنا فهمه من أجل التمكن من كسر الحلقة المفرغة التي قد يقع فيها المربون في هذا المجال .
فالأطفال من خلال سلوكهم اللافت للنظر يسعون إلي تحقيق وظيفة من وراء هذا السلوك ألا وهي لفت انتباه الكبار , أي أنهم يبحثون عن اهتمام الكبار بهم , وعادة ما لايهتم الكبار بالأطفال إذا كان سلوكهم عادياً , ولكن عندما يقومون بسلوك لافت للنظر ويظهرون اضطراباتهم فإنهم يكونون متأكدين من أن الكبار سوف يلتفتون إليهم . وعندما يهتم الآخرون بالأطفال نتيجة هذا السلوك اللافت لنظر , فإنهم بهذا يعززون الحلقة المفرغة بصورة إرادية , ويصبح الطفل مبرمجاً ( يكفي في المرة القادمة أن أضرب هذا الطفل حتي أصبح مركز اهتمام الآخرين ) , حتي إن كانت العاقبة أحياناً عقاب الطفل من الأهل , فهذا لايهم , المهم لفت النظر . والحل هنا _ طبعاً _ يتمثل في إبداء الاهتمام والرعاية بالطفل حتي عندما لايكون سلوكه لافتاً للنظر , وتعزيز إنجازاته البسيطة دائماً .
ويحتاج الأهل والمربون في تعاملهم اليومي مع الأطفال إلي معايير تساعدهم في الحكم علي سلوك الأطفال , من أجل تحديد فيما إذا كان هذا السلوك طبيعياً أم لا ؟ وبالتالي من أجل تحديد فيما إذا كان هذا الطفل أو ذاك بحاجة إلي الإرشاد والرعاية , وبالتالي إما مساعدته أو تحويله إلي هيئات متخصصة إذا ما دعت الضرورة لذلك .
خمسة معايير
بشكل عام يمكننا أن نعتمد علي المعايير المترابطة مع بعضها البعض بشكل وثيق في الحكم علي السلوك , معتمدين في ذلك علي الملاحظة والمقارنة :
1_ السن : قد يبدو سلوك طفل ما في مرحلة من مراحل السن غير سوي , ولكن إذا ما ظهر في مرحلة أخري فقد يبدو سوياً فحين يبكي طفل في عمر الثالثة بسبب عدم حصوله علي قطعة حلوي , فإننا نعتبر ذلك طبيعياً , أما حين يصدر السلوك نفسه عن طفل في سن الخامسة عشرة فإننا نعتبر ذلك غير سوي . وحين يخاف الطفل الذي يلتحق بالروضة لأول مرة ويبكي أو يحاول الهرب أو يلتصق بأمه ولا يتركها… وغير ذلك ،فإننا نعد ذلك سوياً ، أما إذا ما صدر هذا السلوك عن طفل في المرحلة الإعدادية _مثلاً فإننا نعد هذا السلوكغير سوي .
2_ الموقف الذي يظهر في السلوك : يعتبر الموقف أوالإطار الذي يظهر فيه السلوك محدداً مهماً من محددات السلوك السوي أوغير السوي .فالسلوك الذي قد يبدو لنا مستهجناً قد لا يصبح كذلك إذا ما حللنا الموقف الذي ظهر فيه هذا السلوك , وقد نعتبره ردة فعل عادية علي الموقف الذي وجد الشخص فيه ,فعندما يرفض طفل في العاشرة من عمره _ مثلاً _ إعطاء قطعة حلوي لطفل آخر, فقد يبدو هذا السلوك أنانياً للوهلة الاولي ,ولكن إذا ما حللنا الموقف وأدركنا لماذا يرفض الطفل ذلك فقد يصبح سلوكه عادياً بالنسبة لنا . فقد يكون رفض الطفل نابعاً من كون زميله يملك قطعة اخري , او ان الطفل جائع , أو أن رفضه نابع من كون الطفل الآخر قد رفض مرة إعطاء الطفل شيئاً ما مثلاً . وقد يكون عدوان طفل علي طفل آخر نتيجة أو ردة فعل علي إثارة الثاني للأول بشكل مباشر أو غير مباشر .
إذن فما يبدو في لحظة معينة سلوكاً مضطرباً قد يبدو في لحظة أخري سلوكاً سوياً .
3_ التكرار : المعيار الثالث والمهم الذي يمكننا من خلاله الحكم علي سلوك ما بأنه سوي أو مضطرب هو مدي تكرار سلوك ما . فالسلوك الذي يظهر لمرة واحدة فقط أولمرات قليلة متباعدة لايمكن اعتبارة غير سوي اللهم إلا إذا كان هذا السلوك يلحق الأذي الشديد بالآخرين . فعندما يكذب الطفل لينقذ نفسه من حرج معين _ مثلاً _ مرة واحدة , هذا لا يجيز لنا إطلاق صفة الطفل الكاذب عليه تعد ,أو مسألة التدخل , ولكن إذا تكرر هذا السلوك في أكثر من موقف وفي مناسبات مختلفة فإنه يمكننا الحكم هنا علي هذا السلوك بأنه غير سوي . وتعد مسألة تكرار السلوك مسألة مهمة في الحكم علي السلوك بالإضافة إلي معيار الموقف والسن .
4_ القيم والمعايير : الأطفال أنفسهم لا يطلقون علي سلوكهم أو سلوك بعضهم بأنه سوي أو مضطرب , وإنما هم الكبار من يطلق ذلك . ومن هنا يوجد تفاوت كبير في أحكام الكبار نتيجة اختلاف رؤيتهم للسلوك واختلاف معايير قيمهم الخاص بهم . فقد ينظر شخص إلي السلوك نفسه علي أنه سوي وطبيعي . ونحن نلاحظ _ مثلاً _ أن كثيراً من الأهل يضحكون ويفرحون لأن ابنتهم تصرخ وتعض وتسيطر علي الأطفال الآخرين في حين ان بعضهم الآخر ينزعج من هذا السلوك يعد إلي جانب المعايير السابقة محدداً مهماً من محددات الحكم علي السلوك السوي والمضطرب .
5_ الاستغراب : المقصود بالاستغراب هنا أن يكون السلوك لافتاً للنظر . وأي سلوك لافت للنظر يمكن اعتبره مضطرباً . وهنا لايوجد فرق إذا كان السلوك ( مزعجاً ) أو ( لطيفاً ) إذ يمكن لطفل هادئ ( سهل العناية ) أن يكون مضطرباً سلوكياً تماماً مثل الطفل الصاخب فخلف الهدوء الشديد قد يمكن خزن عميق أوحتي اكتئاب .
أسباب وعلاج
تتنوع الأسباب الكامنة خلف اضطرابات سلوك الأطفال بدءاً من مشاعر الغيرة والاحساس بالاهمال إلي مشاعر فقدان الأمن. ويمكن إجمال الاسباب الممكنة الكامنة خلف اضطرابات السلوك عند الأطفال في النقاط التالية :
_ الفيرة من ولادة أخ جديد في الأسرة .
_ فقدان الأحساس بالامن بسبب تبديل المدرسة أو السكن , أو انفصال الوالدين أو غياب أحدهما بسبب السفر…
وغير ذلك .
- نقص اهتمام الأهل بالطفل وعدم الاعتراف بالطفل أ, بإنجازاته , فالطفل يحتاج دائماً إلي الحصول علي اعترافالاهل به من خلال ما ينجزه من أعمال حتي إن كانت من وجهة نظرنا نحن الكبار غير كاملة , وعلينا عدم التقليل من اهمية ما ينجزه من أعمال أو التبخيس بها .
_ الحث الزائد علي اللزوم للطفل من أجل الإنجاز من قبل الاهل , وغالباً ما تكمن عوامل لا شعورية خلف ذلك من الأب أو الأم عندما يرغبان بأن يحقق لهما ابنهما ما عجزا هما عن تحقيقه .
إننا نعرف من خلال قوانين التعلم أن السلوك الذي يتم تجاهله وعدم تقويته أو تعزيزه ينطفئ بينما السلوك الذي يحظي بالتشجيع والدعم يميل للاستمرار .وهنا ليس من الضروري أن يعزز السلوك بالثواب حتي يستمر , بل أن العقاب ايضاً يقود إلي تعزيز السلوك السلبي حتي أن كانت النتيجة بالنسبة للطفل العقاب الجسدي . فالمهم هنا بالنسبة للطفل هو تحقيق الغاية من سلوكه بلفت نظر الراشدين إليه , فإذا كان السلوك مستغرباً ونادراً _ كأن يستخدم الطفل كلمات نابية أو أن يصرخ ويبكي من أجل قطعة حلوي _ مثلاً _ يكفي أن نتجاهل هذا التصرف , وكأننا لم نسمعه أو يلاحظه , ولانلتفت للطفل أبداً . وهنا سوف يدرك الطفل أن ما قام به من سلوك لا يحظي باهتمام الإيجابي , أي بالاذعان لمطالبه , والاهتمام السلبي , اي بضرب الطفل أو تأنيبه أو ماشابه , وبالتالي لن يعود الطفل إلي مثل هذا السلوك لأن سلوكه هذا لم يحقق له النتيجة التي يرغبها . ولكن في حال ألحق الطفل الأذي بنفسه أو بالآخرين ( كالعدوانية أو السرقة أوالكذب من أجل ألحاق الأذي المتعمد بطفل أخر ) فعلي الوالدين أ، يتداخلا هنا . ومعاقبة الطفل عن طريق الحرمان من بعض المكاسب كمنعه من النزهة أو من الحصول علي مصروف لفترة طويلة . . . وغير ذلك .
ومسألة الضرب مسألة مهمة في التربية . فليس المقصود بالعقاب هنا هو ضرب الطفل لسلوك قام به . فهناك بدائل كثيرة ممكنة , ونحن عندما نعاقب الطفل بالضرب لسلوكه المضطرب , تكون قد حققنا الغرض له بالحصول علي الانتباه , وهنا يستنتج الطفل الاستنتاج الخاطئ بأنه ليس علي في المرة القادمة إلا التصرف علي هذا الشكل من أجل أن أحصل علي الانتباه , وهنا يقع الأهل في فخ الدائرة المغلقة التي يمكن أن تكون فإنه عندما نضرب طفلنا لسلوكه الخاطئ فإننا بذلك لا نكون قد قدمنا مساعدة له في إيضاح السلوك الصحيح . فالعقاب بالضرب قد يقود إلي إيقاف السلوك المزعج في اللحظة الراهنة ولكنه لا يعلم الطفل البديل السليم للسلوك . والمهم هنا في عقاب الطفل أن نوضح له أننا قد عاقبناه لسلوكة الخاطئ وليس لشخصه , وأن نوضح له من خلال القدوة الأسلوب الصحيح للتعامل مع الاشياء . فليس من المعقول أن نطلب من أطفالنا أن يقوموا مثلاً إن والدهم ليس في البيت إذا ماكان هناك اتصال هاتفي معه , ونطالب أطفالنا بألا يكذبوا .

خادمة فضه
18-10-2012, 10:47 AM
احسنت

جزاك الله كل خير

بارك الله بك