بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على المصطفى الأمين وآله الأطهار المنتجبين ..
الإمام المهديّ "ع" في ضيافة أهل البحرين .
هذه القصّة قد تكون واقعيّة لأنّي سمعتها عن أكثر من شخص من الثقات ، كان ذلك ما بين تونس وقم المقدّسة ، فرأيت أن ألخّصها في هذه السطور عسى أن أنفع بها وأنتفع ، ونعلم ولو بالقدر المتاح معني الإنتظار ومفهوم المنتظرين .. بعيدا عن الهذر ولقلقة اللسان ، وأن نأخذ بمجامع أزمّة الحقّ ، وأعلام الدّين ، وإخوان الثقة عند البلاء . والله وليّ التّوفيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق .
.. كما هو معلوم كانت بريطانيا تعتبر الخليج بمثابة بحيرة بريطانية وحلقة اتصال مهمة في الطريق إلى ممتلكاتها في الهند وحرصت بريطانيا على بقاء البحرين مستقلة عن الدول المحيطة كالسعوديين، فقامت بريطانيا سنة 1859 م بإعلان البحرين "إمارة مستقلة،" وأرسلت أسطولاً بحريًا لحمايتها. وظلت البحرين محمية بريطانية حتى سنة 1971 م . وكان الأغلبية العظمى من سكّانها من الشيعة .. وفي عام 1923 م عمت الاضطرابات البحرين بعد أن تصادمت قبيلة الدّواسر بالبحارنة بوسوسة من البريطانيون وإجبار الأكثرية لحكم الأقليّة أو على الجلاء عن البحرين .. واليوم التّاريخ يعيد نفسه .. نفس المؤامرة ونفس الأدوات – وإن إختلفت الوجوه والأساليب والأسباب - ، لو أضفنا إليها التدخل الوهابي المباشر والصهيونيّة والخذلان العربي والإسلامي من أمّة الحمقى ممن يمنع البرّ ويطلب الشّكر ، ويفعل الشرّ ويتوقّع ثواب الخير كالنظام السعودي ومن يدور في فلكه .. والحرب كانت دائما ولا زالت ضدّ الشيعة منفردة ، وإتحاد الكلّ ضدّهم من أشباه المسلمين وصليبيين وصهاينة وملحدة .. وبلا حياء ولا خجل ولا أخلاق ولا إنسانية وبظاهر موافق وباطن منافق يتواصل المصير لأهل الولاء في البحرين ، وحيث ما وجدوا .. تصديقا لقول المعصوم ": من أحبّنا فليعدد للبلاء جلبابا .:" وهذا هو البلاء العظيم .
نعود للعهد البريطاني المباشر والحرب ضدّ الشيعة في البحرين بكلّ الوسائل اللاأخلاقية , حتّى إشتدّ البأس وضجر من هول المقام ذوي الألباب والعقلاء .. وكان البحث عن وسيلة للخروج من هذا النفق المظلم ، ورفع على الإبتلاء على الشعب المنهك : ما بين السجون وتهجير وما بين التجويع الممنهج ، وتفقير المدروس .. حتى ملّ من صبرهم الصبر . وأصدقُ اللسان ما نطق به لسان الحال . عندها لاذوا ببعض رجالات الطائفة مسترشدين .. وكان الإجماع على أن يعتصموا بحبل الله ، وأن يستنصروا بالإمام الحجّة القائم "ع" . وكان الإتفاق على أن يخرج أحدهم إلى الصحراء لبضعة أيّام ومعه من الزاد ما يلزم ، حيث يعتكفّ ويتوسّل بالله تعالى وبالمهدي "ع" عسى أن يدّلهم على الطريق المنجي لرفع من على كاهلهم هذا الثقل .. وبقي صاحبنا في الصحراء حتّى نفذ منه الماء والزّاد دون أن يتلقى جوابا ، فقفل راجعا إلى قومه .. ولكن وهو في منتصف الطريق وهو بين كثبان الرّمان وإذ بالسيد الوسيم – روحي له الفداء – يناديه من خلفه بإسمه وإسم أبيه ، سائلا إيّاه عن عدد الجند الذين تركهم خلفه من المستعدّين لشهادة ما بين يديه القدسيتين ..؟ وكان جواب صاحبنا ارتجاليا تصاحبه إبتسامة عريضة ولهجة الواثق بأنّ الآلاف في إنتظار طلعته الميمونة ، وتلك أمنيّة الجميع .. ولكنّ المولى المنتظر "ع" ردّ بابتسامة ": أنا لا أطلب أكثر من خمس أشخاص من الصادقين ..:" وهنا بهت صاحبنا وعمّت محيّاه البُشرى قائلا ..": بل هناك الآلاف يا مولاي في إنتظاركم الشريف ..:" هنا أعاد عليه الإمام الطلب والعدد والكيفيّة التي يكون بها اللقاء والإمتحان .. والأمور مرهونة بأوقاتها . حيث لا يجوز الحكم على الثقة بالظنّ .
هنا وضع له الإمام الحجّة "ع" الخطّة حتّى يعلمه حقيقة المنتظرين له ، ويعلم صاحبنا بأنّ ظنّ العاقل أصحّ من يقين الجاهل . ولو أنّ النّاس حين تنزل بهم النقم ، وتزول عنهم النعم ، فزعوا إلى ربّهم بصدق نياتهم .. لردّ عليهم كلّ شارد ودفعت عنهم كلّ مظلوميّة .. فقال "ع" ": يا إبن فلان عليك أن تقيم مأدبة عشاء على شرف خيرة القوم ممن تثق بإيمانهم وتقواهم وإخلاصهم .. وذلك ليلة الجمعة ، وأن تحضر خمس خرفان فوق سطح البيت ومعهم سّكين دون أن يعلم الضيوف بذلك ، وتضع سلّما محاذيا لميزاب البيت ، ثمّ تجلس الجماعة بالجوار بحيث يسمعوا من يناديهم من فوق السطح كما يرون الميزاب .. وأنّ الإمام "ع" سيكون حاضرا عند العشاء الثانية فوق سطح البيت حيث توضع الخرفان ، وهو سيقوم بمناداة الحاضرين فردا فردا حتّى يصعدوا السطح ، ولو وفّق خمستهم في تلبيّة نداء الحجّة "ع" وصعدوا السّلم .. عندها سيقوم الإمام"ع" بنصرتهم ضدّ أعدائهم وظالمين من المستعمرين والأذناب .. ثمّ ودّعه وغاب عن الأبصار .
وعاد صاحبنا إلى قومه يحدوه التفاؤل وقرب الفرج وكشف الغمّة بنصرة الإمام الحجّة "ع" ، لعلمه الظاهري بتقوى رجالات عشيرته وصدقهم وإخلاصهم وتفانيهم في عديد المناسبات والمواقف .. وذلك بما يبدونه من أقوال وخطب ومواعظ .. لكن من صدق في المواطن ، قضى ما عليه .. وأنّ أصدق القول ما طابق الحقّ بالفعل . وما أن وصل صاحبنا مشارف المدينة حتّى وجد الجموع في إنتظاره ، وأحاطوه من كلّ جانب والكلّ يسأل وينتظر من البّشرى والقول الفصل حتّى دخلوا مسجد الجامع ، حيث إرتقى المنبر وأخبرهم بأن الفرج قريب جدّا بمشيئة الله تعالى .. وغدا لناظره قريب ، حيث الظنّ يُخطئ ، واليقين يصيبُ ولا يُخطئ . وبدأت الإستشارات بين أقطاب الجماعة ، وبدأ التدافع وكلّ يريد أن يكون ضمن الخمس حتّى ينعم برؤية الإمام "ع" وصحبته .. وكلّ يتباه بأفعاله وأقواله ويرى من نفسه الأفضليّة ، ممّا إضطر الجماعة إلى اللجوء لعمليّة الإستخارة والرّقاع .. وبعد أخذ وردّ والسجلات والمناظرات ، إستقرّ الرأي على خمسة منهم .. وربّما من أفضلهم صوابا وصلاحا من أولي النُّهى والألباب . وبعدها تفرّغ صاحبنا لإحضار ما أمر به الإمام المنتظر "ع" دون علم أحد .. وفي الليلة الموعودة قام بوضع الخرفان والسكّين فوق السطح والسلّم في المكان المطلوب وأحضر متّكأ للجماعة في المكان المناسب .. وما أن إنتهت صلاة العشاء حتى زحف خمستهم نحو البيت الموعود حيث رحب بهم صاحب البيت ، وأدخلهم مستبشرا ، وأجلسهم في المكان المهيأ لهم وكلّ منهم بيده سبحة يديرها بين أنامله متبتلا ذاكرا .. وما أن إستقرّ بهم المجلس وهدأت الأنفس ، حتّى جاء النّداء لصاحب البيت من فوق السطح يأمره بالصعود . فهبّ مسرعا وصعد السلّم واثقا ، حيث وجد الإمام "ع" في إنتظاره فأمره بذبح الخروف الأول دون أن ينطق ببنت شفة ، فأسرع دون تردّد في تنفيد الأمر ، وإذا بالدّماء تسيل عبر الميزاب صابغة أرض المنزل وجدران البيت بلونها الأحمر .. وإذا بخمستهم ينظر بعضهم لبعض ويهمس احدهم في أذن صاحبه ": قد ذبح الإمام صاحب البيت .؟:" .. وبينما هم في حيرتهم وإذا بالمولى "ع" ينادي أحدهم بإسمه الثلاثي .. فقام متثاقلا وصعد السلّم متجهما .. وما هي إلاّ لحظات حتّى نزل الدّم ثانية من الميزاب من بعد ما أمر الأخير بذبح الخروف الثاني بأمر الإمام الحجّة "ع" ..عندها إشتدّ بأربعتهم الشكّ والخوف ونظر كلّ منهم لصاحبه مستفسرا عن هذا المصير المنكر ، ورميت المسابح من الأيدي وكلّ يبحث على خفيه .. وإذا بالنداء على ثانيهم ، وما كان ليلبّي إلاّ بعد تردّد طويل ، إلاّ أنّه صعد درجات السلّم ، وما كاد يفعل .. وإذا بالدّم ينهمر ثالثة .. هناك رأيت ثلاثتهم كلّ يجمع ثيابه ويمسك بخفيه ويتسلّل خلسة قبل أن يصدر النّداء ، وأسرع كلهم نحو الباب طالبا لنفسه النّجاة ، والسّقوط في الإمتحان .. ومع النداء على ثالثهم حتّى عاد الصدى دون إجابة ولا تلبية ، حيث يكون قدر الرّجل على قدر همّته ، وصدقه على قدر مروءته ، وشجاعته على قدر أنفته .. وباليقين تدرك الغاية القصوى .. :" في هذه اللحظة .. وكأنّي بالإمام – روحي له الفداء - يلتفت لمن معه فوق السطح قائلا ": أين الموقنون الذين خلعوا سرابيل الهوى ، وقطعوا عنهم علائق الدنيا .. ومن أنكرهُ المنكر بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى ، فؤلئك الذين أصابوا سبيل الهدى ، وقاموا على الطريق ، ونوّر في قلوبهم اليقين ..:"
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــــــــــــــــــــا
أبو مرتضى عليّ
.. كما هو معلوم كانت بريطانيا تعتبر الخليج بمثابة بحيرة بريطانية وحلقة اتصال مهمة في الطريق إلى ممتلكاتها في الهند وحرصت بريطانيا على بقاء البحرين مستقلة عن الدول المحيطة كالسعوديين، فقامت بريطانيا سنة 1859 م بإعلان البحرين "إمارة مستقلة،" وأرسلت أسطولاً بحريًا لحمايتها. وظلت البحرين محمية بريطانية حتى سنة 1971 م . وكان الأغلبية العظمى من سكّانها من الشيعة .. وفي عام 1923 م عمت الاضطرابات البحرين بعد أن تصادمت قبيلة الدّواسر بالبحارنة بوسوسة من البريطانيون وإجبار الأكثرية لحكم الأقليّة أو على الجلاء عن البحرين .. واليوم التّاريخ يعيد نفسه .. نفس المؤامرة ونفس الأدوات – وإن إختلفت الوجوه والأساليب والأسباب - ، لو أضفنا إليها التدخل الوهابي المباشر والصهيونيّة والخذلان العربي والإسلامي من أمّة الحمقى ممن يمنع البرّ ويطلب الشّكر ، ويفعل الشرّ ويتوقّع ثواب الخير كالنظام السعودي ومن يدور في فلكه .. والحرب كانت دائما ولا زالت ضدّ الشيعة منفردة ، وإتحاد الكلّ ضدّهم من أشباه المسلمين وصليبيين وصهاينة وملحدة .. وبلا حياء ولا خجل ولا أخلاق ولا إنسانية وبظاهر موافق وباطن منافق يتواصل المصير لأهل الولاء في البحرين ، وحيث ما وجدوا .. تصديقا لقول المعصوم ": من أحبّنا فليعدد للبلاء جلبابا .:" وهذا هو البلاء العظيم .
نعود للعهد البريطاني المباشر والحرب ضدّ الشيعة في البحرين بكلّ الوسائل اللاأخلاقية , حتّى إشتدّ البأس وضجر من هول المقام ذوي الألباب والعقلاء .. وكان البحث عن وسيلة للخروج من هذا النفق المظلم ، ورفع على الإبتلاء على الشعب المنهك : ما بين السجون وتهجير وما بين التجويع الممنهج ، وتفقير المدروس .. حتى ملّ من صبرهم الصبر . وأصدقُ اللسان ما نطق به لسان الحال . عندها لاذوا ببعض رجالات الطائفة مسترشدين .. وكان الإجماع على أن يعتصموا بحبل الله ، وأن يستنصروا بالإمام الحجّة القائم "ع" . وكان الإتفاق على أن يخرج أحدهم إلى الصحراء لبضعة أيّام ومعه من الزاد ما يلزم ، حيث يعتكفّ ويتوسّل بالله تعالى وبالمهدي "ع" عسى أن يدّلهم على الطريق المنجي لرفع من على كاهلهم هذا الثقل .. وبقي صاحبنا في الصحراء حتّى نفذ منه الماء والزّاد دون أن يتلقى جوابا ، فقفل راجعا إلى قومه .. ولكن وهو في منتصف الطريق وهو بين كثبان الرّمان وإذ بالسيد الوسيم – روحي له الفداء – يناديه من خلفه بإسمه وإسم أبيه ، سائلا إيّاه عن عدد الجند الذين تركهم خلفه من المستعدّين لشهادة ما بين يديه القدسيتين ..؟ وكان جواب صاحبنا ارتجاليا تصاحبه إبتسامة عريضة ولهجة الواثق بأنّ الآلاف في إنتظار طلعته الميمونة ، وتلك أمنيّة الجميع .. ولكنّ المولى المنتظر "ع" ردّ بابتسامة ": أنا لا أطلب أكثر من خمس أشخاص من الصادقين ..:" وهنا بهت صاحبنا وعمّت محيّاه البُشرى قائلا ..": بل هناك الآلاف يا مولاي في إنتظاركم الشريف ..:" هنا أعاد عليه الإمام الطلب والعدد والكيفيّة التي يكون بها اللقاء والإمتحان .. والأمور مرهونة بأوقاتها . حيث لا يجوز الحكم على الثقة بالظنّ .
هنا وضع له الإمام الحجّة "ع" الخطّة حتّى يعلمه حقيقة المنتظرين له ، ويعلم صاحبنا بأنّ ظنّ العاقل أصحّ من يقين الجاهل . ولو أنّ النّاس حين تنزل بهم النقم ، وتزول عنهم النعم ، فزعوا إلى ربّهم بصدق نياتهم .. لردّ عليهم كلّ شارد ودفعت عنهم كلّ مظلوميّة .. فقال "ع" ": يا إبن فلان عليك أن تقيم مأدبة عشاء على شرف خيرة القوم ممن تثق بإيمانهم وتقواهم وإخلاصهم .. وذلك ليلة الجمعة ، وأن تحضر خمس خرفان فوق سطح البيت ومعهم سّكين دون أن يعلم الضيوف بذلك ، وتضع سلّما محاذيا لميزاب البيت ، ثمّ تجلس الجماعة بالجوار بحيث يسمعوا من يناديهم من فوق السطح كما يرون الميزاب .. وأنّ الإمام "ع" سيكون حاضرا عند العشاء الثانية فوق سطح البيت حيث توضع الخرفان ، وهو سيقوم بمناداة الحاضرين فردا فردا حتّى يصعدوا السطح ، ولو وفّق خمستهم في تلبيّة نداء الحجّة "ع" وصعدوا السّلم .. عندها سيقوم الإمام"ع" بنصرتهم ضدّ أعدائهم وظالمين من المستعمرين والأذناب .. ثمّ ودّعه وغاب عن الأبصار .
وعاد صاحبنا إلى قومه يحدوه التفاؤل وقرب الفرج وكشف الغمّة بنصرة الإمام الحجّة "ع" ، لعلمه الظاهري بتقوى رجالات عشيرته وصدقهم وإخلاصهم وتفانيهم في عديد المناسبات والمواقف .. وذلك بما يبدونه من أقوال وخطب ومواعظ .. لكن من صدق في المواطن ، قضى ما عليه .. وأنّ أصدق القول ما طابق الحقّ بالفعل . وما أن وصل صاحبنا مشارف المدينة حتّى وجد الجموع في إنتظاره ، وأحاطوه من كلّ جانب والكلّ يسأل وينتظر من البّشرى والقول الفصل حتّى دخلوا مسجد الجامع ، حيث إرتقى المنبر وأخبرهم بأن الفرج قريب جدّا بمشيئة الله تعالى .. وغدا لناظره قريب ، حيث الظنّ يُخطئ ، واليقين يصيبُ ولا يُخطئ . وبدأت الإستشارات بين أقطاب الجماعة ، وبدأ التدافع وكلّ يريد أن يكون ضمن الخمس حتّى ينعم برؤية الإمام "ع" وصحبته .. وكلّ يتباه بأفعاله وأقواله ويرى من نفسه الأفضليّة ، ممّا إضطر الجماعة إلى اللجوء لعمليّة الإستخارة والرّقاع .. وبعد أخذ وردّ والسجلات والمناظرات ، إستقرّ الرأي على خمسة منهم .. وربّما من أفضلهم صوابا وصلاحا من أولي النُّهى والألباب . وبعدها تفرّغ صاحبنا لإحضار ما أمر به الإمام المنتظر "ع" دون علم أحد .. وفي الليلة الموعودة قام بوضع الخرفان والسكّين فوق السطح والسلّم في المكان المطلوب وأحضر متّكأ للجماعة في المكان المناسب .. وما أن إنتهت صلاة العشاء حتى زحف خمستهم نحو البيت الموعود حيث رحب بهم صاحب البيت ، وأدخلهم مستبشرا ، وأجلسهم في المكان المهيأ لهم وكلّ منهم بيده سبحة يديرها بين أنامله متبتلا ذاكرا .. وما أن إستقرّ بهم المجلس وهدأت الأنفس ، حتّى جاء النّداء لصاحب البيت من فوق السطح يأمره بالصعود . فهبّ مسرعا وصعد السلّم واثقا ، حيث وجد الإمام "ع" في إنتظاره فأمره بذبح الخروف الأول دون أن ينطق ببنت شفة ، فأسرع دون تردّد في تنفيد الأمر ، وإذا بالدّماء تسيل عبر الميزاب صابغة أرض المنزل وجدران البيت بلونها الأحمر .. وإذا بخمستهم ينظر بعضهم لبعض ويهمس احدهم في أذن صاحبه ": قد ذبح الإمام صاحب البيت .؟:" .. وبينما هم في حيرتهم وإذا بالمولى "ع" ينادي أحدهم بإسمه الثلاثي .. فقام متثاقلا وصعد السلّم متجهما .. وما هي إلاّ لحظات حتّى نزل الدّم ثانية من الميزاب من بعد ما أمر الأخير بذبح الخروف الثاني بأمر الإمام الحجّة "ع" ..عندها إشتدّ بأربعتهم الشكّ والخوف ونظر كلّ منهم لصاحبه مستفسرا عن هذا المصير المنكر ، ورميت المسابح من الأيدي وكلّ يبحث على خفيه .. وإذا بالنداء على ثانيهم ، وما كان ليلبّي إلاّ بعد تردّد طويل ، إلاّ أنّه صعد درجات السلّم ، وما كاد يفعل .. وإذا بالدّم ينهمر ثالثة .. هناك رأيت ثلاثتهم كلّ يجمع ثيابه ويمسك بخفيه ويتسلّل خلسة قبل أن يصدر النّداء ، وأسرع كلهم نحو الباب طالبا لنفسه النّجاة ، والسّقوط في الإمتحان .. ومع النداء على ثالثهم حتّى عاد الصدى دون إجابة ولا تلبية ، حيث يكون قدر الرّجل على قدر همّته ، وصدقه على قدر مروءته ، وشجاعته على قدر أنفته .. وباليقين تدرك الغاية القصوى .. :" في هذه اللحظة .. وكأنّي بالإمام – روحي له الفداء - يلتفت لمن معه فوق السطح قائلا ": أين الموقنون الذين خلعوا سرابيل الهوى ، وقطعوا عنهم علائق الدنيا .. ومن أنكرهُ المنكر بالسيف لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى ، فؤلئك الذين أصابوا سبيل الهدى ، وقاموا على الطريق ، ونوّر في قلوبهم اليقين ..:"
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــــــــــــــــــــا
أبو مرتضى عليّ
تعليق