. . . . . . . . . . . . . . . .
من كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 181 - 184
أبان عن سليم ، قال : قلت لعلي عليه السلام ( 1 ) : يا أمير المؤمنين ، إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم . ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله تخالف الذي سمعته منكم ، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل . أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم ؟
قال : فأقبل علي فقال لي : يا سليم ، قد سألت فافهم الجواب . إن في أيدي الناس حقا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وخاصا وعاما ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما . وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام فيهم خطيبا فقال : ( أيها الناس ، قد كثرت علي الكذابة . فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) . ثم كذب عليه من بعده حين توفي ، رحمة الله على نبي الرحمة وصلى الله عليه وآله .
المحدثون أربعة وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس : رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا . فلو علم المسلمون أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا : ( هذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، رآه وسمع منه وهو لا يكذب ولا يستحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ) . وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال الله عز وجل : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ) ( 2 ) . ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والنفاق والبهتان ، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم من الدنيا . وإنما الناس مع الملوك في الدنيا إلا من عصم الله . فهذا أول الأربعة .
ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا فلم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول : ( أنا سمعته من رسول الله ) . فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا ، ولو علم هو أنه وهم فيه لرفضه .
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم ، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ . فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون أنه منسوخ إذ سمعوه لرفضوه .
ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضا للكذب وتخوفا من الله وتعظيما لرسوله صلى الله عليه وآله ولم يوهم ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه ولم يزد فيه ولم ينقص ، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ . وإن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ونهيه مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، وعام وخاص ، ومحكم ومتشابه . وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان : كلام خاص وكلام عام ، مثل القرآن ، يسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ومن عنى به رسول الله صلى الله عليه وآله . وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الطارئ والأعرابي فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا منه .
وكنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة ، فيخليني فيها أدور معه حيث دار . وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري .
وربما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره . وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابني . وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي ، فكتبتها بخطي . ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني . فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها ، فحفظته وأملاه علي فكتبته . وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام أو أمر ونهي أو طاعة ومعصية كان أو يكون إلى يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفا واحدا . ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا ، وأن يعلمني فلا أجهل ، وأن يحفظني فلا أنسى .
فقلت له ذات يوم : يا نبي الله ، إنك منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا مما علمتني ، فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته ؟ أتتخوف علي النسيان ؟
فقال : يا أخي ، لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل ، وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك . الأئمة الأحد عشر عليهم السلام شركاء أمير المؤمنين عليه السلام
قلت : يا نبي الله ، ومن شركائي ؟
قال : الذين قرنهم الله بنفسه وبي معه ، الذين قال في حقهم : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فإن ( خفتم التنازع في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم) .
قلت : يا نبي الله ، ومن هم ؟
قال : الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم . هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقونه ولا يفارقهم . بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون ، ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم .
فقلت : يا رسول الله ، سمهم لي .
فقال : ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن عليه السلام - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم ابن ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم ابن له على اسمي ، اسمه ( محمد ) باقر علمي وخازن وحي الله ، وسيولد ( علي ) في حياتك يا أخي ، فاقرأه مني السلام .
ثم أقبل على الحسين عليه السلام فقال : سيولد لك ( محمد بن علي ) في حياتك فاقرأه مني السلام . ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك يا أخي .
فقلت : يا نبي الله ، سمهم لي .
فسماهم لي رجلا رجلا . منهم - والله يا أخا بني هلال - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم .
اسألكم الدعاء لجميع المؤمنين ولي ولوالدي يرحمهما الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
( 1 ) . يظهر مما رواه مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان في خطبة له فسأله سليم هذا السؤال أثناء الخطبة ، وأصل الخطبة هي الحديث 18 من كتاب سليم . راجع البحار : ج 2 ص 230 ، والاحتجاج : ج 1 ص 392 .
( 2 ) . سورة المنافقون : الآية 4 .
من كتاب سليم بن قيس - تحقيق محمد باقر الأنصاري - ص 181 - 184
أبان عن سليم ، قال : قلت لعلي عليه السلام ( 1 ) : يا أمير المؤمنين ، إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله ، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم . ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله تخالف الذي سمعته منكم ، وأنتم تزعمون أن ذلك باطل . أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين ويفسرون القرآن برأيهم ؟
قال : فأقبل علي فقال لي : يا سليم ، قد سألت فافهم الجواب . إن في أيدي الناس حقا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وخاصا وعاما ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما . وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام فيهم خطيبا فقال : ( أيها الناس ، قد كثرت علي الكذابة . فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) . ثم كذب عليه من بعده حين توفي ، رحمة الله على نبي الرحمة وصلى الله عليه وآله .
المحدثون أربعة وإنما يأتيك بالحديث أربعة نفر ليس لهم خامس : رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام ، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا . فلو علم المسلمون أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ، ولكنهم قالوا : ( هذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، رآه وسمع منه وهو لا يكذب ولا يستحل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله ) . وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال الله عز وجل : ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ) ( 2 ) . ثم بقوا بعده وتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والكذب والنفاق والبهتان ، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم من الدنيا . وإنما الناس مع الملوك في الدنيا إلا من عصم الله . فهذا أول الأربعة .
ورجل سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا فلم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا وهو في يده يرويه ويعمل به ويقول : ( أنا سمعته من رسول الله ) . فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوا ، ولو علم هو أنه وهم فيه لرفضه .
ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم ، حفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ . فلو علم أنه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون أنه منسوخ إذ سمعوه لرفضوه .
ورجل رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله بغضا للكذب وتخوفا من الله وتعظيما لرسوله صلى الله عليه وآله ولم يوهم ، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه ولم يزد فيه ولم ينقص ، وحفظ الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ . وإن أمر رسول الله صلى الله عليه وآله ونهيه مثل القرآن ، ناسخ ومنسوخ ، وعام وخاص ، ومحكم ومتشابه . وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان : كلام خاص وكلام عام ، مثل القرآن ، يسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ومن عنى به رسول الله صلى الله عليه وآله . وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله فيفهم ، وكان منهم من يسأله ولا يستفهم حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الطارئ والأعرابي فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا منه .
وكنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم دخلة وفي كل ليلة دخلة ، فيخليني فيها أدور معه حيث دار . وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يكن يصنع ذلك بأحد من الناس غيري .
وربما كان ذلك في منزلي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإذا دخلت عليه في بعض منازله خلا بي وأقام نساءه فلم يبق غيري وغيره . وإذا أتاني للخلوة في بيتي لم تقم من عندنا فاطمة ولا أحد من ابني . وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت أو نفدت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت عليه آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي ، فكتبتها بخطي . ودعا الله أن يفهمني إياها ويحفظني . فما نسيت آية من كتاب الله منذ حفظتها وعلمني تأويلها ، فحفظته وأملاه علي فكتبته . وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام أو أمر ونهي أو طاعة ومعصية كان أو يكون إلى يوم القيامة إلا وقد علمنيه وحفظته ولم أنس منه حرفا واحدا . ثم وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا ، وأن يعلمني فلا أجهل ، وأن يحفظني فلا أنسى .
فقلت له ذات يوم : يا نبي الله ، إنك منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا مما علمتني ، فلم تمليه علي وتأمرني بكتابته ؟ أتتخوف علي النسيان ؟
فقال : يا أخي ، لست أتخوف عليك النسيان ولا الجهل ، وقد أخبرني الله أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك . الأئمة الأحد عشر عليهم السلام شركاء أمير المؤمنين عليه السلام
قلت : يا نبي الله ، ومن شركائي ؟
قال : الذين قرنهم الله بنفسه وبي معه ، الذين قال في حقهم : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) فإن ( خفتم التنازع في شئ فارجعوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم) .
قلت : يا نبي الله ، ومن هم ؟
قال : الأوصياء إلى أن يردوا علي حوضي كلهم هاد مهتد لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم . هم مع القرآن والقرآن معهم ، لا يفارقونه ولا يفارقهم . بهم ينصر الله أمتي وبهم يمطرون ، ويدفع عنهم بمستجاب دعوتهم .
فقلت : يا رسول الله ، سمهم لي .
فقال : ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسن عليه السلام - ثم ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم ابن ابني هذا - ووضع يده على رأس الحسين عليه السلام - ثم ابن له على اسمي ، اسمه ( محمد ) باقر علمي وخازن وحي الله ، وسيولد ( علي ) في حياتك يا أخي ، فاقرأه مني السلام .
ثم أقبل على الحسين عليه السلام فقال : سيولد لك ( محمد بن علي ) في حياتك فاقرأه مني السلام . ثم تكملة الاثني عشر إماما من ولدك يا أخي .
فقلت : يا نبي الله ، سمهم لي .
فسماهم لي رجلا رجلا . منهم - والله يا أخا بني هلال - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا . والله إني لأعرف جميع من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم .
اسألكم الدعاء لجميع المؤمنين ولي ولوالدي يرحمهما الله
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
( 1 ) . يظهر مما رواه مسعدة بن صدقة عن الإمام الصادق عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام كان في خطبة له فسأله سليم هذا السؤال أثناء الخطبة ، وأصل الخطبة هي الحديث 18 من كتاب سليم . راجع البحار : ج 2 ص 230 ، والاحتجاج : ج 1 ص 392 .
( 2 ) . سورة المنافقون : الآية 4 .
تعليق