{{اللُهم صُلِ ع محٌمد وع آِل محٌمد وعجٌل فرٍٍج قآئٌٍم آل محٌٍِمد }}
((نظريّة الطّب الرّوحاني))
فقد ذهبوا إلى أنّ الرّوح كجسم الإنسان، تُصاب بأنواع الأمراض، و لأجل الشّفاء يتوجب اللّجوء إلى أطبّاء النّفس و الرّوح، والإستعانة بأدوية الأخلاق الخاصّة، حتى تبقى الرّوح سالمةً و نشطةً و فعّالةً.
و الجدير بالذكر، أنّ القرآن الكريم أشار إلى الأمراض الأخلاقية و الروحية، في إثنى
عشر موضعاً، و عبّر عَنها بالمرض(4)، ومنها الآية (10) من سورة البقرة، إعتبرت النِّفاق من
1. مجمع البيان، ج7، ص97.
2. بحار الأنوار، ج67، ص63.
3. ميزان الحكمة، ج2، ص141.
4. سورة البقرة، الآية 10; سورة المائدة، الآية 52; سورة الأنفال، الآية 49; سورة التوبة، الآية 125; سورة الحج، الآية 53; سورة النور، الآية 50; سورة الأحزاب، الآية 12 و 32 و 60; سورة محمد، الآية 20 و 29; سورة المدثر، الآية 31.
[ 106 ]
زمرة الأمراض الروحية، فقالت: (فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَهُم اللهُ مَرَضاً ); بسبب إصرارهم على النّفاق.
وفي الآية (32) من سورة الأحزاب، و صفت عبيد الشّهوة بمرضى القلوب، الذين يتحيّنون الفرص لإصطياد النّساء العفيفات، حيث خاطب الباري تعالى نساء النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: (فَلا تَخْضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ ).
وجاء في الآيات الاُخرى نفس هذا المعنى، أو أوسع منه، بحيث تناولت الآيات، جميع الإنحرافات الأخلاقيّة و العقائديّة.
و في معنى عميق آخر، عبّر القرآن الكريم، عن القلوب المليئة بنور المعرفة والأخلاق و التّقوى:
((نظريّة الطّب الرّوحاني))
فقد ذهبوا إلى أنّ الرّوح كجسم الإنسان، تُصاب بأنواع الأمراض، و لأجل الشّفاء يتوجب اللّجوء إلى أطبّاء النّفس و الرّوح، والإستعانة بأدوية الأخلاق الخاصّة، حتى تبقى الرّوح سالمةً و نشطةً و فعّالةً.
و الجدير بالذكر، أنّ القرآن الكريم أشار إلى الأمراض الأخلاقية و الروحية، في إثنى
عشر موضعاً، و عبّر عَنها بالمرض(4)، ومنها الآية (10) من سورة البقرة، إعتبرت النِّفاق من
1. مجمع البيان، ج7، ص97.
2. بحار الأنوار، ج67، ص63.
3. ميزان الحكمة، ج2، ص141.
4. سورة البقرة، الآية 10; سورة المائدة، الآية 52; سورة الأنفال، الآية 49; سورة التوبة، الآية 125; سورة الحج، الآية 53; سورة النور، الآية 50; سورة الأحزاب، الآية 12 و 32 و 60; سورة محمد، الآية 20 و 29; سورة المدثر، الآية 31.
[ 106 ]
زمرة الأمراض الروحية، فقالت: (فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَهُم اللهُ مَرَضاً ); بسبب إصرارهم على النّفاق.
وفي الآية (32) من سورة الأحزاب، و صفت عبيد الشّهوة بمرضى القلوب، الذين يتحيّنون الفرص لإصطياد النّساء العفيفات، حيث خاطب الباري تعالى نساء النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال: (فَلا تَخْضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ ).
وجاء في الآيات الاُخرى نفس هذا المعنى، أو أوسع منه، بحيث تناولت الآيات، جميع الإنحرافات الأخلاقيّة و العقائديّة.
و في معنى عميق آخر، عبّر القرآن الكريم، عن القلوب المليئة بنور المعرفة والأخلاق و التّقوى:
بالقلوب السليمة. و جاء ذلك على لسان النّبي إبراهيم(عليه السلام)، حيث قال: (وَ لا تُخْزِنِي يَومَ يُبعَثُونَ * يَومَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إلاّ مَنْ أَتىْ اللهَ بِقَلب سَلِيم )(1).
«السّليم» من مادة «السّلامة»، و تقع في مقابل الفساد و الإنحراف والمرض، و «القلب السّليم» كما جاء في الرّوايات عن المعصومين(عليهم السلام)، في تفسير هذه الآية، أنّه القلب الذي خَلا من غير الله تعالى، (منزّه من كلّ مرض أخلاقي وروحي).
و قال القرآن الكريم في مكان آخر: إنّ إبراهيم(عليه السلام) عندما طلب من الباري تعالى: القلب السّليم، (كما أشارت الآيات الآنفة الذّكر)، تحقّق له ما يُريد، و شملته رحمة ولطف الله تعالى، وأصبح ذا قلب سليم، فنقرأ في الآيات (83 و 84) من سورة الصافات:
(وإِنَّ مِنْ شَيعَتِهِ لاَبراهيم * إذْ جاء رَبَّهُ بِقَلب سَليم ).
نعم، فإنّ إبراهيم(عليه السلام) كان يتمنى أن يكون ذا قلب سليم، و بالسّعي و الإيثار و محاربة الشرك، و هو النفس من موقع عبادة الله، إستطاع أن يصل بالنّهاية إلى ذلك المقام.
«السّليم» من مادة «السّلامة»، و تقع في مقابل الفساد و الإنحراف والمرض، و «القلب السّليم» كما جاء في الرّوايات عن المعصومين(عليهم السلام)، في تفسير هذه الآية، أنّه القلب الذي خَلا من غير الله تعالى، (منزّه من كلّ مرض أخلاقي وروحي).
و قال القرآن الكريم في مكان آخر: إنّ إبراهيم(عليه السلام) عندما طلب من الباري تعالى: القلب السّليم، (كما أشارت الآيات الآنفة الذّكر)، تحقّق له ما يُريد، و شملته رحمة ولطف الله تعالى، وأصبح ذا قلب سليم، فنقرأ في الآيات (83 و 84) من سورة الصافات:
(وإِنَّ مِنْ شَيعَتِهِ لاَبراهيم * إذْ جاء رَبَّهُ بِقَلب سَليم ).
نعم، فإنّ إبراهيم(عليه السلام) كان يتمنى أن يكون ذا قلب سليم، و بالسّعي و الإيثار و محاربة الشرك، و هو النفس من موقع عبادة الله، إستطاع أن يصل بالنّهاية إلى ذلك المقام.
و نجد في الأحاديث الإسلامية، إشاراتٌ كثيرةٌ حول هذا الموضوع، ومنها:
1. سورة الشعراء، الآية 87 الى 89.
[ 107 ]
1 ـ يصف الإمام علي(عليه السلام)، الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) في نهج البلاغة، فيقول: «طَبِيبٌ دَوّارٌ بِطِبّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَراهِمَهُ وَأَحمَى مَواسِمَهُ يَضَعُ ذِلِكَ حَيثُ الحاجة إِلَيهِ مِنْ قُلُوب عُمى و آذان صُمٍّ وَأَلسِنَة بُكْم، مُتَتَبِّعٌ بِدوَائِهِ مَواضِعَ الغَفلَةِ وَمَواطِنَ الحَيرَةِ»(1).
2 ـ ورد في تفسير القلب السّليم، الذي ذُكر في الايتين الشّريفتين أعلاه، رواياتٌ كثيرةٌ، فنقرأ أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)، سئل: ما القَلبُ السّلِيم.
فقال(صلى الله عليه وآله): «دِينٌ بِلا شَكٍّ وَهُوىً، وَعَمَلٌ بِلا سُمْعَة وَرِياء»(2).
ونقرأ في حديث آخر عن الإمام الباقر(عليه السلام): «لا عِلْمَ كَطَلَبِ السَّلامَةِ، ولاسَلامَةَ كَسَلامَةِ القَلبِ»(3).
وجاء في حديث آخر عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «إِذا أَحَبَّ اللهُ عَبداً رَزَقَهُ قَلبَاً سَلِيماً وَخُلْقاً قَويمَاً» (4).
3 ـ وقد ورد التعبير عن الأخلاق الرّذيلة، في الروايات بأمراض القلب.
فورد في حديث عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)، أنّه قال:
«إِيّاكُم وَالمراءَ وَالخُصُومَةَ فإنّهما يُمرِضانِ القُلُوبَ عَلَى الإِخوانِ، وَ يَنْبُتُ عَلَيهما النِّفاقَ» (5).
وجاء أيضاً عن الإمام الصّادق(عليه السلام) أنّه قال:
«ما مِنْ شَيء أَفْسَدَ لِلقَلبِ مِنْ خَطِيئَتِهِ» (6).
4 ـ ونقرأ عن الإمام علي(عليه السلام) أيضاً:
«أَلا وَ مِنَ البَلاءِ الفاقَةُ، وَأَشَدُّ مِنَ الفاقَةِ مَرَضُ البَدَنِ، وَأَشَدُّ مِنْ مَرَضِ البَدنِ مَرَضُ القَلبِ».(7)
1. نهج البلاغة، الخطبة 108.
2. مستدرك الوسائل، ج1، ص103 (الطبعة الجديدة).
3. بحارالأنوار، ج75، ص 164.
4. غُرر الحِكم، ج3، ص167، (طبعة جامعة طهران).
5. بحار الأنوار، ج70، ص399.
6. المصدر السابق، ص312.
7. نهج البلاغة، الكلمات القصار، كلمة 388.
[ 108 ]
5 ـ وجاء أيضاً عن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)، في معرض حديثه عن الحسد، و أنّه كان ولا يزال على طول التأريخ مرضٌ نفسي عضال، فقال:
«أَلا إنَّهُ قَدْ دَبَّ إِلَيكُم داءُ الاُمَمِّ مِنْ قَبلِكُم وَهُوَ الحَسَدُ، لَيسَ بِحالِقِ الشَّعْرِ، لَكِنَّهُ حالِقُ الدِّينِ، ويُنجِي فِيهِ أَنْ يَكُفَّ الإِنسانُ يَدَهُ وَيَحْزُنَ لِسانَهُ وَلا يَكُونَ ذا غَمز عَلَى أَخِيهِ المُؤمِنُ» (1).
6 ـ و قد ورد في التّعبير عن الرذائل الأخلاقيّة، في كثير من الرّوايات بـ: «الدّاء» و مفهومها المرض، وجاء مثلاً في الخطبة (176) من نهج البلاغة، حيث يصف الإمام(عليه السلام) فيها القرآن الكريم:
«فَإسْتَشفُوهُ مِنْ أَدوائِكُم... فَإِنَّ فِيهِ شِفاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ وَهُوَ الكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالغيُّ والضَّلالُ».
ونرى أيضاً هذا التعبير في روايات كثيرة اُخرى.
و خلاصة القول، إنّ الفضائل و الرّذائل، و طبقاً لهذه النظرية و الرؤية، علامةٌ لسلامة و مرض الرّوح عند الإنسان، والأنبياء(عليهم السلام) والأئمّة المعصومين(عليهم السلام)، كانوا معلمي أخلاق، و أطباء نفسيين، و تعاليمهم تجسّد في مضمونها الدّواء النّافع و العلاج الشافي.
و على هذا، فكما هو الحال في الطّب المادي، ولأجل الوصول إلى الشّفاء الكامل، يحتاج المريض إلى الدواء، و يحتاج إلى الحُمية من بعض الأكلات، فكذلك في الطّب النّفسي و الرّوحي الأخلاقي، يحتاج إلى الإمتناع عن أصدقاء السّوء، و المحيط الملّوث بالمفساد الأخلاقيّة، و كذلك الإمتناع عن كلّ ما يَساعد على تفّشي الفساد، في واقع الإنسان النفسي، و محتواه الداخلي.
فالطّب المادي جعل العمليّة الجراحيّة كعلاج لبعض الحالات، و كذلك جعل الطّب
1. ميزان الحكمة، ج1، ص630.
[ 109 ]
الرّوحي الحدود و التّعزيرات و العُقوبات كوسيلة، ودواء رادع، عن الأعمال المنافيَة للأخلاق، و هي بِمنزلة إجراء العمليّة الجراحيّة في الطّب المادي.
وكما نرى في الطّب المادي، أنّه جعل العلاج في مرحلتين، مرحلة الوقاية: و هي المحافظة على الصّحة البدنيّة، و الثّانية: مرحلة العلاج للمريض، فكذلك في الطّب الرّوحي و الأخلاقي، يمرّ بمرحلتين: مرحلة الإرشاد والتعليم من قبل معلمي الأخلاق، للمحافظة على نفوس الناس من التلّوث بالرذائل، و الثّانية: مرحلة العلاج للمذنبين الملوّثين بالرّذائل.
و ما جاء في الخطبة (108) من نهج البلاغة، في وصف الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)، و معالجاته بالمراهم والكيّ للجروح، يبيّن مدى التّنوع في الطّب الرّوحي، كما هو الحال في الطّب المادي.
ففي الطّب المادي (الجسماني)، توجد مجموعة إرشادات و أوامر كليّة لعلاج الأمراض، و قسمٌ من الأوامر التي تخص كلّ مرض بذاته، فكذلك الطّب الرّوحي، فالتّوبة و ذكر الله والعبادات الاُخرى، والمحاسبة والمراقبة للنفس، هي اُصولٌ كليّةٌ للعلاج، وكلّ مرض أخلاقي، نجد الأوامر والإرشادات الخاصة به، مذكورةٌ في الكتب الإسلاميّة و الأخلاقيّة.
نسآلكم خالص الدعاء ..
تعليق