[frame="11 10"]
العلاقة بين الخشوع لله والحزنلمصاب الحسين(عليه السلام) وطيدة جداً فإن الخشوع والخضوع والحزن والأسى ورقة القلب والبكاء لمصاب أبي عبدالله الحسين بن علي(عليهما السلام) راجعٌ إلى ذكر الله والخشوع له وهو داخل في باب تعظيم الشعائر التي هي من تقوى القلوب، (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحـج/32 .
أسباب البكاء
إن البكاء على المصاب له أسباب عديدة قد تكون ظاهرة وقد لا تكون ظاهرة، فأما الأسباب الظاهرة:
1- علاقة الأبوة بين الطرفين:
فإذا كان صاحب المصاب أباً فمن حق الإبن أن يحزن على أبيه ويبكي عليه وإلا عُدَّ مقصّراً، قال تعالى
وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) الإسراء/23، ومن الإحسان إليه هو الحزن والبكاء عليه.
ولا شكّ أن الإمام الحسين(عليه السلام) هو أبو هذه الأمة بعد جده وأبيه وأخيه(عليهم أفضل الصلاة والسلام) فمن واجبنا الحزن عليه والبكاء على مصابه.
2- علاقة الالتحام والجزئية:
ويوجد التحام ووئام بين الإمام الحسين(عليه السلام) وبين جميع المؤمنين وبالأخص شيعته، وتعددت الروايات في هذا الجانب؛ فعن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: (شيعتنا منا، خلقوا من فاضل طينتنا)، وعن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: (يا علي أنت مني وأنا منك روحك من روحي وطينتك من طينتي وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا ومن أحبهم فقد أحبنا ومن أبغضهم فقد أبغضنا ومن عاداهم فقد عادانا ومن ودّهم فقد ودّنا...)، وقال أمير المؤمنين(عليه السلام)
إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض فاختارنا واختار لنا شيعة ينصروننا ويفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ويبذلون أموالهم وأنفسهم فينا أولئك منا وإلينا)
3- إذا كان صاحب المصاب صاحب حق: كحق الإسلام وهو ثابت لكل مسلم على مسلم فكيف بمن أحيا الدين بدمه الشريف ولولا الحسين(عليه السلام) لانطمست معالم الإسلام؛ فإنه ثار على الباطل لمّا رأى الدين في خطر عندما قام بنو أمية بنشر الفساد وأحلوا الحرام وحرموا الحلال باسم الدين فجعلوا سبَّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصي رسول الله(صلى الله عليه وآله) جزءً من الصلاة، وأظهروا للناس أنهم أئمة الإسلام، فمن حق من كان سبباً لهداية الأمة أن يُبكَى ويُحزَن عليه .
4- إذا كان صاحب المصاب كبيراً في قومه وفي عشيرته، وأصابته مصيبة فإن القلب ينكسر عليه ويرقّ له وقد أثبت التاريخ لقادة الإسلام العظماء كيف أنهم عاملوا أعداءهم وكيف عفوا وصفحوا ورقّت قلوبهم على غير المسلمين وحتى على أعدائهم الذين قاتلوهم؟ وها هو النبي(صلى الله عليه وآله) يرمي بردائه إلى عدي بن حاتم كما في الكافي وغيره:
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام): (لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى النَّبِيِّ[صلى الله عليه وآله] أَدْخَلَهُ النَّبِيُّ[صلى الله عليه وآله] بَيْتَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْـرُ خَصَفَةٍ وَوِسَـادَةٍ مِنْ أَدَمٍ فَطَرَحَهَا رَسُـولُ اللَّهِ[صلى الله عليه وآله] لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ)، ولما قَتَل الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عمرو بن عبد ود تكرم عليه ولم يسلبه لامَة حربه كما روى الشيخ المفيد في الإرشاد قال:
وروى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال لما قَتَل علي بن أبي طالب(عليه السلام) عمرواً أقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووجهه يتهلل فقال له عمر بن الخطاب هلا سلبته يا علي درعه فإنه ليس تكون للعرب درع مثلها فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) إني استحيت أن أكشف عن سوءة ابن عمي، ولذلك جعل الإسلام كرامة لبنات الملوك المأسورات بعد استرقاقهن الخيار لهن في اختيار الشخص الذي تريده ولا يُعرَضن في الأسواق
كما روى ذلك ابن شهر آشوب قال:
لما ورد بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء وأن يجعل الرجال عبيد العرب وعزم على أن يحمل العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف وحول البيت على ظهورهم فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): إن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: (أكرموا كريم قوم وإن خالفوكم وهؤلاء الفرس حكماء كرماء فقد ألقوا إلينا السلام ورغبوا في الإسلام وقد أعتقت منهم لوجه الله حقي وحق بني هاشم فقالت المهاجرون والأنصار قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله فقال اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا وقبلت وأعتقت فقال عمر سبق إليها علي بن أبي طالب(عليه السلام) ونقض عزمتي في الأعاجم. ورغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) خيروهن ولا تكرهوهن فأشار أكبرهم إلى تخيير شهربانويه بنت يزدجرد فحجبت وأبت، فقيل لها أيا كريمة قومها من تختارين من خطابك وهل أنت راضية بالبعل فسكتت فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) قد رضيت وبقي الاختيار بعد سكوتها إقرارها فأعادوا القول في التخيير فقالت لست ممن يعدل عن النور الساطع والشهاب اللامع الحسين(عليه السلام) إن كنت مخيرة فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لمن تختارين أن يكون وليك فقالت أنت، فأمر أمير المؤمنين حذيفة بن اليمان أن يخطب فخطب وزوجت من الحسين(عليه السلام)
5- البكاء على صاحب الصفات الحميدة:
فإن من أسباب البكاء على صاحب المصاب إذا كانت عنده صفات حميدة فإن الناس يأسفون لفقده سواء كان شجاعاً أو كريماً أو خدوماً للمجتمع أو لملازمته لذكر الله أو لجماله أو كماله، والصفات الحميدة كثيرة وكثيرة جداً وكلها قد اجتمعت في الحسين بن علي(عليه السلام) فهو أشجع أهل زمانه وأكرمهم وأعطفهم على الفقراء والمساكين وأكثرهم ذكراً لله، والحاصل، أن الناس تعلموا منه معالم دينهم ومكارم الأخلاق والتضحية والفداء، فهل من سقى ألف فارس من أعدائه مع خيولهم حتى رشفوها ترشيفاً، وكان هو(عليه السلام) بنفسه يباشر السقي مع أنه لو أراد أن يقتلهم بأكملهم لمنعهم الماء فقط, ولكن أبت نفسه الطاهرة إلا أن يكون كريماً عطوفاً في وقت الشدة, هل يستحق من هؤلاء الأجلاف أن يقتلوه شرّ قتلة؟ ألا يستحق أن يُبكى عليه..؟
6- البكاء للتبعية:
من المألوف أن الإنسان إذا رأى شخصاً يُبكى عليه تأثر هو تبعاً لهم وبكى، وقد تضافرت الروايات بل تواترت في البكاء على الحسين بن علي(عليه السلام) فقد بكى عليه جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأبوه أمير المؤمنين(عليه السلام) وأمه الزهراء البتول(عليها السلام) ومن جاء بعدهم من الأئمة والصالحين والمؤمنين بل كما تقدم بكى جميع الخلق حتى الحجر فهل يكون الحجر أقل قسوة من قلب الإنسان. (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)هذه هي بعض أسباب البكاء الظاهري .
أثر البكاء على الحسين في نفوس المسلمين
قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)الحـج/32، من أعظم الأهداف وأكبرها في الدين الإسلامي هو طرح تقوى القلوب، وكل ما يؤدي لتحقيق هذا الهدف يكون أمراً مقدّساً ومرغوباً فيه حتى من الناحية الشرعية.
إن نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) بمختلف أبعادها وعمقها هي في الحقيقة من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقوى القلوب، كما أن عرض ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) بأبعادها العقائدية والتاريخية والاجتماعية والأخلاقية والمأساوية والدعوة للتمسك بتلك الأهداف كل ذلك شعيرة من شعائر الله سبحانه التي تؤدي بالنتيجة إلى تقوى القلوب.
الشيخ حسين الراضي
[/frame]
العلاقة بين الخشوع لله والحزنلمصاب الحسين(عليه السلام) وطيدة جداً فإن الخشوع والخضوع والحزن والأسى ورقة القلب والبكاء لمصاب أبي عبدالله الحسين بن علي(عليهما السلام) راجعٌ إلى ذكر الله والخشوع له وهو داخل في باب تعظيم الشعائر التي هي من تقوى القلوب، (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحـج/32 .
أسباب البكاء
إن البكاء على المصاب له أسباب عديدة قد تكون ظاهرة وقد لا تكون ظاهرة، فأما الأسباب الظاهرة:
1- علاقة الأبوة بين الطرفين:
فإذا كان صاحب المصاب أباً فمن حق الإبن أن يحزن على أبيه ويبكي عليه وإلا عُدَّ مقصّراً، قال تعالى

ولا شكّ أن الإمام الحسين(عليه السلام) هو أبو هذه الأمة بعد جده وأبيه وأخيه(عليهم أفضل الصلاة والسلام) فمن واجبنا الحزن عليه والبكاء على مصابه.
2- علاقة الالتحام والجزئية:
ويوجد التحام ووئام بين الإمام الحسين(عليه السلام) وبين جميع المؤمنين وبالأخص شيعته، وتعددت الروايات في هذا الجانب؛ فعن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: (شيعتنا منا، خلقوا من فاضل طينتنا)، وعن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: (يا علي أنت مني وأنا منك روحك من روحي وطينتك من طينتي وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا ومن أحبهم فقد أحبنا ومن أبغضهم فقد أبغضنا ومن عاداهم فقد عادانا ومن ودّهم فقد ودّنا...)، وقال أمير المؤمنين(عليه السلام)

3- إذا كان صاحب المصاب صاحب حق: كحق الإسلام وهو ثابت لكل مسلم على مسلم فكيف بمن أحيا الدين بدمه الشريف ولولا الحسين(عليه السلام) لانطمست معالم الإسلام؛ فإنه ثار على الباطل لمّا رأى الدين في خطر عندما قام بنو أمية بنشر الفساد وأحلوا الحرام وحرموا الحلال باسم الدين فجعلوا سبَّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) وصي رسول الله(صلى الله عليه وآله) جزءً من الصلاة، وأظهروا للناس أنهم أئمة الإسلام، فمن حق من كان سبباً لهداية الأمة أن يُبكَى ويُحزَن عليه .
4- إذا كان صاحب المصاب كبيراً في قومه وفي عشيرته، وأصابته مصيبة فإن القلب ينكسر عليه ويرقّ له وقد أثبت التاريخ لقادة الإسلام العظماء كيف أنهم عاملوا أعداءهم وكيف عفوا وصفحوا ورقّت قلوبهم على غير المسلمين وحتى على أعدائهم الذين قاتلوهم؟ وها هو النبي(صلى الله عليه وآله) يرمي بردائه إلى عدي بن حاتم كما في الكافي وغيره:
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام): (لَمَّا قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ إِلَى النَّبِيِّ[صلى الله عليه وآله] أَدْخَلَهُ النَّبِيُّ[صلى الله عليه وآله] بَيْتَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْـرُ خَصَفَةٍ وَوِسَـادَةٍ مِنْ أَدَمٍ فَطَرَحَهَا رَسُـولُ اللَّهِ[صلى الله عليه وآله] لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ)، ولما قَتَل الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) عمرو بن عبد ود تكرم عليه ولم يسلبه لامَة حربه كما روى الشيخ المفيد في الإرشاد قال:
وروى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال لما قَتَل علي بن أبي طالب(عليه السلام) عمرواً أقبل نحو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووجهه يتهلل فقال له عمر بن الخطاب هلا سلبته يا علي درعه فإنه ليس تكون للعرب درع مثلها فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) إني استحيت أن أكشف عن سوءة ابن عمي، ولذلك جعل الإسلام كرامة لبنات الملوك المأسورات بعد استرقاقهن الخيار لهن في اختيار الشخص الذي تريده ولا يُعرَضن في الأسواق
كما روى ذلك ابن شهر آشوب قال:
لما ورد بسبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء وأن يجعل الرجال عبيد العرب وعزم على أن يحمل العليل والضعيف والشيخ الكبير في الطواف وحول البيت على ظهورهم فقال أمير المؤمنين(عليه السلام): إن النبي(صلى الله عليه وآله) قال: (أكرموا كريم قوم وإن خالفوكم وهؤلاء الفرس حكماء كرماء فقد ألقوا إلينا السلام ورغبوا في الإسلام وقد أعتقت منهم لوجه الله حقي وحق بني هاشم فقالت المهاجرون والأنصار قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله فقال اللهم فاشهد أنهم قد وهبوا وقبلت وأعتقت فقال عمر سبق إليها علي بن أبي طالب(عليه السلام) ونقض عزمتي في الأعاجم. ورغب جماعة في بنات الملوك أن يستنكحوهن فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) خيروهن ولا تكرهوهن فأشار أكبرهم إلى تخيير شهربانويه بنت يزدجرد فحجبت وأبت، فقيل لها أيا كريمة قومها من تختارين من خطابك وهل أنت راضية بالبعل فسكتت فقال أمير المؤمنين(عليه السلام) قد رضيت وبقي الاختيار بعد سكوتها إقرارها فأعادوا القول في التخيير فقالت لست ممن يعدل عن النور الساطع والشهاب اللامع الحسين(عليه السلام) إن كنت مخيرة فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لمن تختارين أن يكون وليك فقالت أنت، فأمر أمير المؤمنين حذيفة بن اليمان أن يخطب فخطب وزوجت من الحسين(عليه السلام)
5- البكاء على صاحب الصفات الحميدة:
فإن من أسباب البكاء على صاحب المصاب إذا كانت عنده صفات حميدة فإن الناس يأسفون لفقده سواء كان شجاعاً أو كريماً أو خدوماً للمجتمع أو لملازمته لذكر الله أو لجماله أو كماله، والصفات الحميدة كثيرة وكثيرة جداً وكلها قد اجتمعت في الحسين بن علي(عليه السلام) فهو أشجع أهل زمانه وأكرمهم وأعطفهم على الفقراء والمساكين وأكثرهم ذكراً لله، والحاصل، أن الناس تعلموا منه معالم دينهم ومكارم الأخلاق والتضحية والفداء، فهل من سقى ألف فارس من أعدائه مع خيولهم حتى رشفوها ترشيفاً، وكان هو(عليه السلام) بنفسه يباشر السقي مع أنه لو أراد أن يقتلهم بأكملهم لمنعهم الماء فقط, ولكن أبت نفسه الطاهرة إلا أن يكون كريماً عطوفاً في وقت الشدة, هل يستحق من هؤلاء الأجلاف أن يقتلوه شرّ قتلة؟ ألا يستحق أن يُبكى عليه..؟
6- البكاء للتبعية:
من المألوف أن الإنسان إذا رأى شخصاً يُبكى عليه تأثر هو تبعاً لهم وبكى، وقد تضافرت الروايات بل تواترت في البكاء على الحسين بن علي(عليه السلام) فقد بكى عليه جده رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأبوه أمير المؤمنين(عليه السلام) وأمه الزهراء البتول(عليها السلام) ومن جاء بعدهم من الأئمة والصالحين والمؤمنين بل كما تقدم بكى جميع الخلق حتى الحجر فهل يكون الحجر أقل قسوة من قلب الإنسان. (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)هذه هي بعض أسباب البكاء الظاهري .
أثر البكاء على الحسين في نفوس المسلمين
قال تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ)الحـج/32، من أعظم الأهداف وأكبرها في الدين الإسلامي هو طرح تقوى القلوب، وكل ما يؤدي لتحقيق هذا الهدف يكون أمراً مقدّساً ومرغوباً فيه حتى من الناحية الشرعية.
إن نهضة الإمام الحسين(عليه السلام) بمختلف أبعادها وعمقها هي في الحقيقة من أهم العوامل التي تؤدي إلى تقوى القلوب، كما أن عرض ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) بأبعادها العقائدية والتاريخية والاجتماعية والأخلاقية والمأساوية والدعوة للتمسك بتلك الأهداف كل ذلك شعيرة من شعائر الله سبحانه التي تؤدي بالنتيجة إلى تقوى القلوب.
الشيخ حسين الراضي
[/frame]
تعليق