الموت ليس إبطالاً للشخصية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الـدمـع حـبـر العـيـون
    • Apr 2011
    • 21803

    الموت ليس إبطالاً للشخصية

    [frame="14 10"]

    بسم الله الرحمن الرحيم..
    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرج قائم آل محمد..




    إنّ القائل بأنّ الموت إبطال للشخصية ، حسب أنّ الإنسان موجود مادي محض ، وليس هو إلاّ مجموعة خلايا وعروق وأعصاب وعظام وجلود ، تعمل بانتظام ، فإذا مات الإنسان صار تراباً ، ولا يبقى من شخصيته شيء ، فكيف يمكن أن يكون المعاد نفس الأوّل؟ ولعلّه إلى ذلك يشير قولهم : { أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } ؟. بأن يكون المراد من الضلال في الأرض بطلان الهوية بطلاناً كاملاً لا يمكن أن تتسم معه بالإعادة ، ويجيب القرآن عن هذه الشبهة بجوابين:
    أوّلهما : قوله : { هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } (سورة السجدة : الآية 10).
    وثانيهما: قوله : { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} (سورة السجدة : الآية 11).
    والجواب الأوّل : راجع إلى بيان باعث الإنكار ، وهو أنّ السبب الواقعي لإنكار المعاد ، ليس ما يتقوّلونه بألسنتهم من الضلالة في الأرض ، وإنّما هو ناشئ من تبنيّهم موقفاً سلبياً في مجال لقاء الله ، فصار ذلك مبدأً لطرح هذه الشبهات.
    والجواب الثاني :جواب عقلي عن هذا السؤال ، وتعلم حقيقته بالإمعان في معنى لفظ التوفي ، فهو وإن كان يفسّر بالموت ، ولكنّه تفسير باللازم ، والمعنى الحقيقي له هو الأخذ تماماً ، وقد نصّ على ذلك أئمة أهل اللغة ، قال ابن منظورفي اللسان : « توفّي فلان وتوفاه الله ، إذا قبض نفسه ، وتَوفَّيْت المال منه ، واستوفيته ، إذا أَخَذته كلّه. وتوفيت عدد القوم ، إذا عددتهم كلهم . وأنشد أبوعبيدة:
    إنّ بني الأدرد ليسوا من أحد * و لا توفّاهم قريش في العدد
    أي لا تجعلهم قريش تمام عددهم ولا تستوفي بهم عددهم »(١).
    و آيات القرآن الكريم بنفسها كافية في ذلك ، يقول سبحانه: { اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} (سورة الزمر : الآية 42.) ؛ فإنّ لفظة { الَّتِي } ، معطوفةعلى الأنفس ، وتقدير الآية : يتوفى التي لم تمت في منامها . ولو كان التوفي بمعنى الإماتة ، لما استقام معنى الآية ؛ إذ يكون معناها حينئذٍ : الله يميت التي لم تَمُتْ في منامِها . وهل هذا إلاّ تناقض؟ فلا مناص من تفسير التوفّي بالأخذ ، وله مصاديق تنطبق على الموت تارة ، كما في الفقرة الأُولى ، على الإنامة أُخرى ، كما في الفقرةالثانية.
    إذا عرفتَ ذلك فلنرجع إلى قوله سبحانه : { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ } ،فمعناه : يأخذكم ملك الموت الذي وكّل بكم ، ثمّ إنّكم إلى الله ترجعون . وهذا مآله إلى أنّ شخصيتكم الحقيقية لا تضل أبداً في الأرض ، وما يرجع إليها يأخذه ويقبضه ملك الموت ، وهو عندنا محفوظ لا يتغير ولا يتبدّل ولا يضلّ ، وأمّا الضال ، فهو البدن الذي هو بمنزلة اللباس لهذه الشخصية.
    فينتج أنّ الضال لا يشكل شخصية الإنسان ، وما يشكّلها ويقوّمها فهومحفوظ عند الله ، الذي لا يضلّ عنده شيء.
    والآية تعرب عن بقاء الروح بعد الموت ، وتجرّدها عن المادة وآثارها ، وهذا الجواب هو الأساس لدفع أكثر الشبهات التي تطرأ على المعاد الجسماني العنصري.
    وبما أنّ تجرد النفس ، ممّا شغل بال المنكرين ، واهتمّ به القرآن الكريم ،عناية كاملة ، فسنبحث عنه بعد الإجابة عن الشبهة الرابعة.


    المصدر :
    الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 191 ـ 193
    (١) - لسان العرب : ج 15، ص 400، مادة « وفى ».



    [/frame]
  • محب الرسول

    • Dec 2008
    • 28579

    #2
    جزاكِ الله أحسن الجزاء
    موفقه لكل خير

    تعليق

    • دمعة الكرار
      • Oct 2011
      • 21333

      #3

      تعليق

      • الـدمـع حـبـر العـيـون
        • Apr 2011
        • 21803

        #4

        سعدت بتوآجدكم وحضوركـم
        لآحرمني الله من روعة ذآلك التوـآجد
        والمرور العطر كمروركْم

        تعليق

        • محـب الحسين

          • Nov 2008
          • 46763

          #5
          بوركتِ اختي العزيزه
          جزاكِ الله أحسن الجزاء

          تعليق

          • الـدمـع حـبـر العـيـون
            • Apr 2011
            • 21803

            #6


            آكليل من آلياسمين لمرورك العطر ..،
            كل الشكر لتواجـدك آلرآئـــع ..,

            تعليق

            • عبد الحق
              • Sep 2011
              • 5697

              #7
              بسم الله
              السلام عليكم

              طرح جميل أختنا العزيزة
              بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء

              حفظك المولى ورعاك
              ودمتِ بخير

              تعليق

              • حسينية فاطمية
                • Mar 2010
                • 2505

                #8

                تعليق

                • الـدمـع حـبـر العـيـون
                  • Apr 2011
                  • 21803

                  #9

                  سعدت بتوآجدكم وحضوركـم
                  لآحرمني الله من روعة ذآلك التوـآجد
                  والمرور العطر كمروركْم

                  تعليق

                  يعمل...
                  X