المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الغائب... الحاضر في ليلة إعدام الطاغية ( هدام )


جواد المنتفجي
10-05-2009, 11:23 PM
الغائب... الحاضر



في ليلة إعدام الطاغية ( هدام )

جواد المنتفجي


-1-
كم هو جميل وممتع، و لمّا زرتني يا وطني هذه الليلة، ورحت تردد لي تراتيل الأحبة من منفاهم...
- هيا افرح... يا عراق !
-2-
ابتسمت لما لمحتك تترجل من صهوة المجد وراح طيفك يدنو على رسله مني، هامسا لي بكلمات وئيدة، وكأن وقع حروفها توقظني من سبات مللت من إسهاب العوم في بحور لا مد لها، ولا جزر...
- وبماذا تفكر الآن؟
قلت ، وغدا مسترسل الذكرى...
- أتذكرون ! حينما زرتكم في نفس الوقت من العام الفائت ، ووجدتكم محجرين بين ردهات هذا الكون الصخري ، كنت مزهوا بفرحتي وأنا أراقبكم عن كثب وأنتم تخطون خلسة سر كلماتكم العجيبة على الجدران :
- سنمنحك أنفسنا يا أيها الوطن الشامخ شريطة أن تنتعل خف أحزان هذا الوباء في يوم ما !
ذهلت لحظتها بهذه المفاجئة ، وبلا إرادة مني هرعت أليك مستفسرا عن سر حضورك هذه الليلة بالذات:
- وما سبب عودتك ثانية بعد غيبتك الطويلة؟
- جئتك أزف لكم البشرى التي لطالما انتظرتموها رزحا من الزمن .
قال ، ثم رحل ثانية مستنفرا مجاهل الرحلة ، وأمسيت أنا والآخرين ممن عانوا كثيرا من زهق هذه الرحلة مشروعا مثيرا للشفقة ، لحظتها شعرنا بأن الحياة كانت في غيابك قد توقفت عن الجريان تماما ، وبأن وجودنا عليها ما عاد إلا أن يكون سطحيا ، أو بالأحرى كانت حياتنا قد أصبحت عبارة عن دعابة أخرى من دعابات هذه المأساة، والتي بتنا نسميها مهزلة الحياة.
-3-
- وبماذا عساي أن أفكر به الآن؟

تمتمت .. وأنا الملم شتات السنين الماضية.. ندب السنين التي ما فتئت ثوانيها المتعبة إلا أن تكون كآهات موجعة تئن في خوار ضلوعي المحمومة..إذ ذاك بدأت ومن فيض هذياني أتعوذ بربي من أوارها التي وجرت كل أنحاء جسدي واضطررت لحظتها إلى أن اصرخ في خلو صلواتي.. وبأعلى صوتي في عباب السماوات:
- الخلاص،
الخلاص يا الهي الخلاص !
الغوث يا ربي الغوث !
وبلمح البصر.. خطفت حالا جنبي، فكأنك تشدني من معصميّ لتوقفني على قدمي لمجابهة طوفان ذلك الغوث والخطر، عندها أحسست بكفتك الرحيمة تنتشلني من آبار الأعوام المغتصبة.. دخان الأعوام السيئة التي توقعنا فيها حصاد الكثير منا على أيدي تجار حروب المراهنة.. والسفاحين من أمراء الخطف والذبح.. مخترعين وعيد الموت.. وزنادقة كمائن السجون.. والمقابر الجماعية وحلبجة.. والأنفال..والدجيل .. أو سمهم ما شئت ، فقد أزمعوا على تفتيت تقاوي الدم الطاهر والنبيل، وراحوا ينثرونه بلا هوادة في بلل الهواء المتساقط عكس نحيب الريح المسفوحة التي هبت ودبت من كل صوب وحدب لتدمر شناشيل شرفاتك السرمدية ، وبين الفينة والأخرى ، وبدون أن ادري ، أظل اعبأ وبهدوء من نفح طيب أنفاسك الطرية وهي تقحمني انفرادا بترتيل الكلمات التي اعتدنا ترديدها معا منذ الطفولة راميا حجرته الأولى، صائحا بي...

- النور.. النور.. انه شان الحياة.. انه من صنع القرار!

وبلمح البصر.. تنهض مسرعا لتخطب بالجمع الملتف من حولك، والمحتفي بقدومك، راميا حجرتك الثانية خلف جّرادهم المنهزم والذي اخذ يذوي على الأرض المحترقة بعد أن كان مختفيا فيها عندما اتلف حقولنا المخملية:
- كل أحلامهم تلك باتت هراء ، بل أمست محض خيال حينما أخفقوا بتحقيق آمالهم بان يخلفوا ورائهم كل شيء تراب ، فكفوا يا أحبتي عن المحاولة .. كفوا وانسوا أمرا مثل الانتحار.. رصوا صفوفكم لنواجه أثار هذه المحنة بشموخ! هيا تهيئوا لنثور في الأيام القادمة على ما تبقى من أيتامهم ، هيا توحدوا لننفجر ،هيا لنتشظى سوية ، ألان وبدون أن نستثني أحد.. هلموا يا ناسي وأهلي.. رددوا معي:
· لا لأصنام الأرض.. أحجار لعالم المخيفة !
* لا لتماثيلهم المنتصبة على طول وعرض البلاد !
* الطواغيت.. الطواغيت.. التي لم تترك لنا غير خيارتين.. ذعر الموت الذي لم يكن لنا منه بد، أو غمغمت الانتحار في غابات أصنامهم المرعبة.
وبومضة خاطفة طفقت تحث الخطى ، لتقود جموعك الزاحفة .. راميا حجرتك الثالثة:
- سيان لدينا أمر الموت ألان ، ففكروا معي بروية للخلاص من ومضة جنون هذا الاختيار المكشوف.. الانتحار!

وتغور لساعات بين فلولهم المندحرة ، لحظتها قلقنا عليك كثيرا ، فعلى الأرجح من أن ثمة من ثلة لبعض أولئك الجناة قد أعترضوك وسط الطريق ، ولربما عدموك لمّا مسكوا بك حرقا بالتيزاب ، أو بالمثرمة ، وحسدتك لحظتها ، فربما اخترت أنت دوننا الشهادة بعد أن تركتنا هنا لوحدنا نقاوم عكس التيار.

وبلمح البصر، وللمرة الرابعة..تهبط كرؤى مع صلاة فجر ذلك اليوم الوضاح ، مرتديا كفن الصالحين المشع ببياضه على طول الأفق ، مستوزرا بفوط الأمهات الثكلى ، وعلى شفتيك وشاح بسمة الفقراء والمساكين والمعوزين اليتامى وأنت تومئ لنا بيديك مستنفرا مجاهل رحلتك الجديدة صوب جبالك الشماء ، وعلى جنح الريح كان جوادك الأبيض يجول فيهم تارة ، متخطيا كل خيولهم الملتاعة وهم يتساقطون تباعا من ضرباتك المتلاحقة الموجعة.. وفي أخرى كنت تهبط على بعد شائكة مني متوسدا سفوح وروابي مدنك الجميلة... راميا حجرتك الرابعة، والخامسة..ثم السادسة مرددا مسك ختام كلماتك الخالدة:
*هيا.. انهضوا.. أنه المخاض!
*هلموا.. انه الانهيار!
*هيا لقد انتهت اللعبة، وحوكم السجان!
*هلموا.. لنرجمه بالحجارة من خلف القضبان..
*هيا.. بسملوا ، وحسب!
بسملت.. وسميت .. وابتهلت متوسدا أبراج حدودك الملتهبة والمدماة بالدم واللحم المشتعل ، وبلا شعور تولينا معك رمي حجراتنا السابعة.. والثامنة..والتاسـ..و..و.. صوب قفص الاتهام حيث كان يقف هناك الجلادين والجلاد، مرددين صدى أنشودتك الخالدة...
- موطني..

موطني !!!!!!!!!!!!!!!!!!

*llعاشقة الزهـراءll*
11-05-2009, 10:15 PM
الى ناااااااار جهنم وبئس المصير(صداام)
سلمت يدااااااك اخي
بانتظااااار جديدك دائما

شيعيه والفخر ليه
12-05-2009, 06:24 PM
صدام الى جهنم وبئس المصير بارك الله بك اخي موفق

خادم الائيمه
17-05-2009, 10:51 PM
الغائب... الحاضر



في ليلة إعدام الطاغية ( هدام )

جواد المنتفجي


-1-
كم هو جميل وممتع، و لمّا زرتني يا وطني هذه الليلة، ورحت تردد