المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أم الأقمار


نور الزهراء
02-07-2013, 03:16 AM
أم الأقمار


بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
بالأمس كان الحديث عن خليط الفرح والحزن بينتُ فيه أن الفرح لا يحلو إلا بالحزن ، وأن الحياة لا تطيب إلا بهما معاً ، وضربت لذلك مثلاً قرآنياً لرجلٍ طاب عيشه بنعم الله ففرح لذلك واغتر لأنه لم يجد ما ينغص عليه فرحه فأوصله غروره لأن يجحد بالمتفضل عليه بالنعم ، فلما سلب الله منه النعم التي أولاها إياه أخذ يقلب كفيه حسرة ويقول متندماً يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا 42 سورة الكهف واليوم سأُعرج بحديثي على سيرة إمرأة جليلة طابت حياتها بالحزن وخلد ذكرها بالوفاء ونالت بصبرها على البلاء وساماً الشرف والعظمة لتكون به باباً من أبواب الحوائج وطريقاً معبداً لمن أراد الخلود في نعيم الجنان ..
صاحبة المقال لبوة لأسد ضرغام ودرة لامعة في هذه الحياة إنها السيدة الجليلة فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة والمكناة بأم البنين ..
كونوا معي وهذه النفحات الطيبة لسيرتها المباكة من خلال هذه السطور المتواضعة راجياً بها الزلفى من رب العباد ..
ولدت أم البنين في بيت قواعده الإيمان وأعمدته كريم الخُلق وسقفه الشجاعة فنبتت فيه نباتاً طيباً ونشأت نشأة مباركة ، أهلتها أن تكون قرينة لسيد الموحدين وإمام المتقين وأمير المؤمنين عليٍ عليه السلام ..
لما أراد الأمير إنجاب النصير لريحانة رسول الله أبي عبد الله الحسين طلِب من أخيه عقيل أن يختار له إمرأة ولدتها الفحولة من العرب وكان عقيلٌ عارفاً بأنساب وأحساب العرب آنذاك ، فقال له أين أنت عن فاطمة بنت حزام الكلابية فهي من عائلة تتسم بالشجاعة والإقدام وليس في العرب من يُدانيهم في ذلك ، فخطبها علي بواسطة عقيل ففرح بذلك أبوها ودخل على زوجته يُبشرها ويطلب منها أن تاخذ رأي بنتها فإذا به يسمع البنت تتحدث لأمها قائلة: كأنّي جالسة في روضة ذات أشجار مثمرة، وأنهار جارية، وكانت السماء صاحية والقمرُ مشرقاً والنجوم طالعة، وأنا أفكّر في عظمة الله من سماءٍ مرفوعةٍ بغير عمد، وقمرٍ منير وكواكب زاهرة، وإذا بي أرى كأنّ القمر قد انقضّ من كبد السماء ووقع في حِجري وهو يتلالأ نوراً يَغشى الأبصار، فعجبتُ من ذلك، وإذا بثلاثة نجوم زواهر قد وقعن في حجري، وقد أغشى نورُهنّ بصري، فتحيّرتُ في أمري ممّا رأيت ، فلما سمع أبوها منها هذا الكلام بشرها بأنها ستحظى بشرف الدنيا والآخرة وأخبرها بأن علياً أمير المؤمنين أرسل أخاه عقيلاً لخبطتها وأخذ رأيها في ذلك فوجد منها القبول فعاد إلى عقيل مبشراً إياه بقبول ابنته زواجها من الأمير فتم ذلك الزواج على بركة الله ودخلت فاطمة بيت عليٍ بكل أدبٍ واحترام وطلبت من أولاد الزهراء الإذن بأن تكون لهم خادمة لا زوجة لأبيهم ، ولما اقترنت بعلي طلِبت منه أن لا يسميها بفاطمة حتى لا تنكسر قلوب أولاد الزهراء حينما يسمعون بهذا الإسم المشترك بينها وبين أمهما عليها السلام ، فكناها علي عليه السلام بأم البنين ، لِتنجب منه أربعة بنين ربتهم على الفضيلة وإنكار الذات وعلمتهم على الوفاء لأولاد الزهراء حتى نشأوا خداماً لا أخوة للحسن والحسين وزينب وأم كلثوم ، ولما أراد الله للحسين أن يُفدي بنفسه الدين ويخرج ثائراً على الظالمين هيأت أولادها وأمرتهم بأن يكونوا للحسين جنوداً مجندة يفدونه بأرواحهم فكانوا للحسين سيوفاً بتارة أرعبت جحافل الكفر وأفنت الكثير منهم ، وكان على رأسهم قمر بني هاشم الذي كان للحسين الناصر والمعين ولزينب الكفيل ولأطفال الحسينالساقي وقد بان الإنكسار على أخيه الحسين لما هوى صريعاً في أرض الوغى مقطوع اليدين ، مفضوخ الجبين ، ليلقى بعده الحسين ربه صريعاً مجدلاً قد احتُز رأسه ووضع على رأس رمح طويل ، وبعد رحلة السبا الشاقة لنساء وأطفال الحسين عاد الركب للمدينة بذلك الصوت الشجي والنداء الحزين لبشر بن حذلم بأمرٍ من زين العابدين عليه السلام والذي جاء فيه
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها .. قتل الحسين فأدمعي مرارُ
الجسم منه بكربلاء مضرجٌ .. والرأس منه على القناة يدار
لتخرج إليه أم البنين مذهولة حزينة قد راعها ما سمعت فنادت عليه بصوتٍ شجي يا ناعي الحسين أخبرني عن الحسين أهو حيٌ ، فلما سأل عنها عرف بأنها أم البنين فعزاها بأبنائها فلم تعبأ لقتلهم وبقيت تسأله عن حياة الحسين ولما سمعت تعزيته لها بالحسين خرت قواها وسقطت على الأرض مغشاً عليها وبقيت بعد ذلك كئيبة حزينة تخرج إلى البقيع لترسم قبوراً لأولادها الأربعة وقبراً خامساً للإمام الحسين عليه وعليهم السلام ، تنوح عليهم جميعاً إلى أن وافاها الأجل في الثالث عشر من شهر جمادى الآخرة سنة 64ه فحزن لوفاتها الإمام السجاد عليه السلام حيث دخل عليه الفضل بن العباس في يوم وفاتها فرآه باكٍ حزين فسأله عن ذلك فقال لقد ماتت جدتي أم البنين
هنيئاً لأم البنين هذا المقام العالي عند الله وهذا الإجلال من أولياء الله وهذا الذكر الخالد في هذه الحياة وهذه المحبة من المؤمنين وهنيئاً لها ما ستناله في ساحة المحشر من مشكاة الأنوار السيدة الزهراء عليها السلام وهنيئاً لها الخلود في نعيم الجنان
http://www.up.yahabebyhasseen.com/uploads/13665274891.jpg

محب الرسول
02-07-2013, 08:42 PM
كالعادة إبداع رائع

وطرح يستحق المتابعة

شكراً لك

بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

نور الزهراء
02-07-2013, 10:18 PM
أسعد الله قلوبكم وأمتعها بالخير دوماً
أسعدني كثيراً مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخير وعافيه

** خـادم العبـاس **
03-07-2013, 10:55 AM
جزاكِ الله كل خير

نور الزهراء
03-07-2013, 08:47 PM
أسعد الله قلوبكم وأمتعها بالخير دوماً
أسعدني كثيراً مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
دمتم بخير وعافيه

عاشقة ام الحسنين
14-07-2013, 12:48 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
بوركت جهودك المباركة والنيرة
بارك الله فيك على الموضوع القيم
يعطيكم العافية على الطرح الجميل

نور الزهراء
28-09-2013, 03:03 PM
يسلمـو ع المـرور ي الغآآلييين :$

صدى المهدي
05-01-2018, 11:24 AM
https://d2s63a22uzwg40.cloudfront.net/1/2/8/0/2/2/7/55db2ec770010.gif