مسامرة الأصدقاء الطيبين من أفضل أسباب الترويح عن النفس وأكثرها نفعا للتنفيس عن الهموم، وأعمقها أثرا في إزالة أوضار العمل. والصداقة أفضل وسيلة للتعرف على شخصية الإنسان حتى قيل: "قل لي من تصادق حتى أقول لك من أنت" وقيل أيضا: "يعرف الإنسان بأقرانه". ويؤكد ذلك قول الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله): "إنما المرء بخليله فلينظر أحدكم من يخالل" و"خير الأصحاب من يدلك على الخير" ويقول الحديث الشريف "لكل شيء ما يستريح إليه المرء وإن المؤمن ليستريح إلى أخيه المؤمن، كما يستريح الطير إلى شكله وإن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن قلب الظمآن إلى الماء البارد".
وجاء في الأثر: إن المرء كثير بإخوانه. ومن لم يرغب في الإستكثار من الإخوان لفي الخسران.
فالأصدقاء هم عدة عند الشدة والبلاء وراحة عند الرخاء ولذلك كانت محادثة الأصدقاء ومسامرة الإخوان من أفضل اللذات. وكما يرغب الطفل في اللعب مع الأطفال فإن الكبير يحن إلى مسامرة أصدقائه.
ومن الواضح أن للصديق كبير الأثر على صديقه كما قيل:
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه ****فكل قرين بالمقارن يقتدي
وقال لبيد: المرء يصلحه الجليس الصالح.
إن كل إنسان بحاجة إلي أصدقاء كما يرى وليم هنري: إذ هم يجعلون الحياة أبهج وأرضى. وفي الحديث المأثور "لا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف".
فخير ماكتسب المرء الإخوان لأنهم معونة على حوادث الزمان ونوائبه. فالإنسان تزداد شخصيته تضوجا ويزداد أهمية بقدر ما يكون له من المعارف والزملاء والأصدقاء شريطة أن يكونوا صالحين ويخبو ضوءه وتقل قابلياته في حل مشاكله بمقدار انعزاله عن الأصدقاء الصالحين والبعد عن الرفاق الطيبين.
تعليق