عرض مشاركة واحدة
قديم 04-09-2017, 05:00 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

الشيخ عباس محمد


الملف الشخصي









الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً


افتراضي

السؤال: فدك كانت تحت يد الزهراء (عليها السلام) أيام أبيها (صلى الله عليه وآله)
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لقد دار في خلدي اشكال حول مطالبة الزهراء عليها السلام من أبي بكر بفدك بعد ان كان رسول الله قد نحلها اياها في حياته، اذا كانت هي تحت يد الزهراء عليها السلام فالسؤال هو: كيف وصلت الارض الى أبي بكر ؟ وافترض ان الجواب هو انه اي أبو بكر قد انتزعها منها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله. فهل بالامكان اثبات هذا الانتزاع بالرويات و الاحاديث ان امكن ؟
ملاحظة : ارجو ان تكون الروايات عن طريق أهل السنة والجماعة
الجواب:

إن قضية أخذ (فدك) من الزهراء(ع) قضية معلومة قد تناولتها الروايات بألسنة مختلفة . فمثلاً: روى البخاري في (صحيحه ج8 ص 3) عن عائشة: أن فاطمة والعباس ( عليهما السلام) أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله (ص) وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله (ص) يقول: لا نورث ما تركنا صدقة , انما يأكل آل محمد من هذا المال , قال أبو بكر: والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله (ص) يصنعه فيه إلا صنعته, قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت (انتهى).
والرواية صريحة بأن فاطمة والعباس(ع) جاءا (يطلبان أرضيهما) ولم تقل حصتيهما, أشارت إلى أن أبا بكر منعهما من ذلك وأستحوذ عليها, واستدل بخبر واحد يرويه عن رسول الله(ص) في باب الميراث, لم يطّلع عليه أصحاب الشأن مثل فاطمة ابنة النبي (ص) صاحبة المرتبة الأولى في ميراثه (ص) والعباس عم النبي صاحب المرتبة الثانية في ميراثه (صلى الله عليه وعلى آله وسلم), وكأنَّ النبي(ص) قد قصّر في تبليغ الأحكام إلى أهلها, مع أن علماء الأصول قد نصّوا على أن الخبر الواحد لا ينسخ الكتاب الكريم, وقد نزلت آيات مواريث الأنبياء (( وَوَرثَ سلَيمَان دَاودَ )) (النمل:16), ولم بأت بعدها ما يدل على نسخها سوى هذا الخبر الواحد المظنون الصدور الذي يرويه أبو بكر لا غير!
وقد ذكر المحدّثون وأصحاب السير أنَّ النبي (ص) كان قد أعطى فدكاً لفاطمة (عليها السلام), فقد روى الحاكم الحسكاني في (في شواهد التنـزيل ـ ج 1 ص 338 ط بيروت) عن أبي سعيد الخدري أنه قال: لما نزلت: (( وَآت ذَا القربَى حَقَّه وَالمسكينَ وَابنَ السَّبيل وَلا تبَذّر تَبذيراً )) (الاسراء:26) دعا رسول الله (ص) فاطمة (ع) فأعطاها فدكاً (أنتهى).
وهو ما رواه أيضاً السيوطي في (الدر المنثور) في ذيل تفسير الآية المتقدمة وقال: أخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية ((وات ذا القربى حقه)) دعا رسول الله (ص) فاطمة (عليها السلام) فأعطاها فدكاً (انتهى). ففدك كانت تحت يد الزهراء (ع) فترة حياة أبيها المصطفى (ص) وهي كانت خالصة للنبي (ص), وما أفاءه الله عليه, لأنها مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب فوهبّها النبي (ص) وما أفاءه الله عليه لها (ع) حسب الروايات المتقدمة.
إلا أن أبا بكر عند غصبه لأمر الخلافة, إنتزع (فدك) من فاطمة (ع) وعندما جاءت تطالبه بها ـ حسب رواية البخاري المتقدمة ـ احتج عليها بحديث يرويه عن النبي (ص) لوحده, وقد تقدم التعليق عليه!






السؤال: معنى حدود فدك في حديث الامام الكاظم (عليه السلام)
ماذا تعني فدك في قول الامام الكاظم عليه السلام لما سئل عن حدودها
فقال: ( اما الحد الأول فعدن, والحد الثاني سمرقند , والحد الثالث أفريقيا , والحد الرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينيه)
الجواب:

يقول المجلسي في (البحار ج 29 ص 721) عن ذلك الحديث : هذان التحديدان خلاف المشهور بين اللغويين ولعل مراده (عليه السلام) ان تلك كلها في حكم فدك، وكأن الدعوى على جميعها وإنما ذكروا فدك على المثال أو تغليباً.
وقال التبريزي الأنصاري في (اللمعة البيضاء ص 294) : وحاصل كلام المجلسي أن فدك عنوان للأراضي التي تجري عليها يد الخلافة الإسلامية، فيكون مصداقه بهذا الاعتبار جميع بلاد الإسلام، فمن أراد فدك فلابد أن يرد أمر الخلافة برمته إلى محله ومنزلته ومن إلا فلا.







السؤال: لماذا لم تحتج الزهراء (عليها السلام) بعصمتها
اللهم صل على محمد وآل محمد
سؤالي هو :- لماذا لم تحتج سيدتنا الزهراء عليها السلام بالعصمة عندما طالبها أبوبكر بأن تأتي بالشهود في حادثة فدك ؟
فالسلفية يرون هذا دليلاً قاطعاً على عدم عصمتها فإن كانت معصومة فكان لها أن تحتج عليه ؟ ودمتم في رعاية الله وحفظه
الجواب:

لايمكن أن تحتج الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر في مقام إثبات الدعوى بالعصمة، لأن أصل المحاجة بين المتنازعين تقتضي عدم تسليم كل منهما بعصمة الآخر، حيث لا يتصور أن تقوم محاجة حقيقية بين معصوم وآخر غير معصوم مع تسليم الأخير بعصمة الأول، إذ لو كان يعترف بالعصمة له من أول الأمر لسلّم للمعصوم ولم ينازعه في شيء .
ثم إن الاحتجاج والمحاجة بين طرفين هو فرع عدم تسليم كل منهما بعصمة الآخر، إذ أن الاحتجاج هو إقامة الحجة على الخصم، وهذا يقتضي الندية بينهما لا أن يكون أحدهما في مقام ورتبة دون مقام ورتبة الآخر، فكيف إذا كان نفس المقام قاطع لكل حجة كما هو الحال في مقام المعصوم فإنه مقام الحجية المهيمنة على كل حجة فكيف تعارض حجيتها (نعني العصمة) بحجة ترتد إليها؟! فافهم. ولذلك لا يمكن أن تحتج الزهراء (عليها السلام) على أبي بكر بالعصمة. نعم، يجوز لها أن تتنزل عن مقام المعصوم لتصحيح أصل المحاجة بينها وبينه ، لاسيما وأنها تعلم بعدم تسليم أبي بكر لها برتبة العصمة، فتأمل.
ومن هنا جاز لها أن تحتج بما يعتقد أبو بكر بحجيته كالقرآن الكريم وسنة النبي (صلى الله عليه وآله) ، وقد فعلت ذلك.
فأما أن أبا بكر لم يسلم بما احتجت به فهذا أمر آخر لا ربط له بالموضوع.
وبعبارة أخرى، فإن إثبات العصمة لا يمكن أن يتم بادعاء العصمة كما قد يتوهم هذا المعترض ، بل تثبت العصمة بدليل آخر كدليل العقل والقرآن والخبر المتواتر.
والشيعة قد استدلوا على عصمة الأئمة (عليهم السلام) بهذه الادلة، وعلى أساسها قام أصل الإمامة في كتب أصول الدين. فراجع.
ولو سلمنا بإمكان احتجاج الزهراء (عليها السلام) بالعصمة على أبي بكر، فلا نسلم أن أبا بكر يدرك معناها، ففكرة العصمة لم تكن متبلورة في أذهان الناس آنذاك ــ نعني أنها غير متداولة بالمفهوم الاصطلاحي الذي انتهينا إليه من خلال النظر في الامامة ولوازمها ــ ولو تنزلنا وقلنا بأنه قادر على فهم معنى العصمة فلا نسلم بأنه يؤمن بها، بل الظاهر من بعض الشواهد التاريخية أن أبا بكر وعمر وكذا أغلب الصحابة لم يثبتوا العصمة للنبي (صلى الله عليه وآله) ولذا بدرت منهم كثير من التصرفات التي إن دلت على شيء فإنها تدل على عدم اعتقادهم بعصمته (صلى الله عليه وآله)! فوصفه بأنه يهجر ـ كما فعل الثاني ـ دليل على أنهم كانوا ينظرون إلى النبي (صلى الله عليه وآله) كرجل عادي يخطئ ويصيب.
وأما بالنسبة إلى أبي بكر فإنه جوّز على الزهراء أن تأتي بالخطيئة، كما جاء في خبر احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) في قضية فدك.
فإذا كان ممن يجوز الخطيئة عليها فكيف يصح منها أن تحتج عليه بعصمتها ؟! فتأمل.









السؤال: قوله (صلى الله عليه وآله): (العلماء ورثة الأنبياء)
:
هناك رواية في الكافي كتاب فضل العلم باب ثواب العالم والمتعلم : عن القداح عن أبي عبد الله قال قال رسول الله : ... وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يرثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العمل فمن أخذه منه أخذ بحظ وافر. فهل هذا حديث الذي عند الشيعة يبين بأن رسول الله لا ترثة الزهراء من ناحية فدك وغيره . أرجو جواب على هذه الشبة .

الجواب:

لقد أورد هذه الرواية الآلوسي في (روح المعاني) من باب المعارضة والالزام للشيعة الذين ينكرون ويكذبون رواية أبي بكر الخاصة بعدم توريث النبي (صلى الله عليه وآله), وغرضه من ذلك الزعم أن حكم عدم التوريث روي عند الفريقين فلا مجال لانكار رواية أبي بكر من قبل الشيعة.
قال: مذهب أهل السنة أن الانبياء (عليهم السلام) لا يرثون مالاً ولا يورثون لما صح عندهم من الأخبار ــ يقصد رواية أبي بكر ــ وقد جاء أيضاً ذلك من طريق الشيعة فقد روى الكليني في (الكافي) عن أبي البحتري عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) انه قال: إن العلماء ورثة الانبياء وذلك أن الانبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وانما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ بحظ وافر, وكلمة انما مفيدة للحصر قطعاً باعتراف الشيعة...الخ. ولكنه ما أصاب الرمية هنا واعتمد على نوع من المغالطة, وسكن الى غفلة القارئ لا يهامه بأن للروايتين حد وسط واحد وهو أنهما وردتا بلسان الانشاء معاً دون الأخبار أي رواية أبي بكر (لا نورث ما تركناه صدقة) ورواية الامام الصادق (عليه السلام) التي أوردها, وكأنه لا يوجد أحد سيرد عليه وينبه على ان رواية الإمام الصادق (عليه السلام) سيقت مساق الخبر أي أنها جملة خبرية لا أنشائية يمكن أن يستفاد منها الحكم.
فان قوله (العلماء ورثة الانبياء) إخبار يكفي في صدقة في الواقع أن يكون للعلماء علم وحديث, وقوله (ان الانبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً) أوضح في الاخبار وعدم الانشاء لموقع (لم) التي تأتي لنفي الماضي, فهي إخبار عن أن الانبياء لم يقع منهم في الماضي توريث درهم ولا دينار تنزيها لمقام النبوة عن جمع المال, بخلاف لو جاءت الرواية بـ (لا) التي تنفي الماضي والمستقبل والتي يمكن أن يستفاد منها الانشاء. فلاحظ.
قال السيد الخوئي: فالرواية ناظرة الى أن شأن الأنبياء ليس أن يجمعوا درهماً ولا ديناراً أو ليس همهم وحرصهم الى ذلك وجمع الأموال، بل حرصهم أن يتركوا الاحاديث (العلم) وصرحوا (عليهم السلام) بذلك وان المتروك أي شيء في بعض الروايات, وقال لكن ورثوا الاحاديث ومن أخذ منها فانما أخذ بحظ وافر, وليست هي ناظرة الى أن الانبياء لم يتركوا شيئاً أصلاً من الدار والثياب, بل لا ينافي بترك درهم ودرهمين اذ ليس ذلك من قبيل الحرص بجمع المال والاّ فالأئمة (عليهم السلام) كانوا يتملكون الدار والثياب ويورثو نها للوارث (مصباح الفقاهة 3: 288).
فالمراد أذن ان الانبياء من حيث أنهم أنبياء (مقام النبوة) لم يورثوا ذلك, فمقتضى ايراث النبوة هو العلم وما في مقامه, وأما من حيث كونهم اباء واقرباء بالنسب فميراثهم غير ذلك وانما يدخلون تحت الحكم الشرعي العام للمكلفين فلا يستفاد من الرواية نفي لمطلق التوريث. ثم إن ما جاء به من الرواية عن أبي البختري ضعيفة السند بأبي البختري نفسه! والرواية الصحيحة هي صحيحة القداح الخالية من (انما), قال: (وان العلماء ورثة الانبياء, أن الانبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً, ولكن ورثوا العلم, فمن اخذ منه اخذ بحظ وافر) (الكافي 1: 26) مع أنه قر حتى لو استفيد الحصر منهما فانه حصر غير حقيقي بل أضافي، لان الأنبياء لم يورثوا العلم والاحاديث فقط بل ورثوا الزهد والتقوى وسائر الكمالات (الاجتهاد والتقليد للسيد الخميني: 33).
ثم حاول الآلوسي الاستدلال بشيء آخر: قال: والوراثة في الآية (( يرثني ويرث من آل يعقوب )) محمولة على ما سمعت (يقصد وراثة العلم) ولا نسلم كونها حقيقة لغوية في وراثة المال بل هي حقيقة فيما يعم وراثة العلم والمنصب والمال, وانما صارت لغلبة الاستعمال في عرف الفقهاء مختصة بالمال كالمنقولات العرفية, ولو سلمنا انها مجاز في ذلك فهو مجاز متعارف مشهور خصوصاً في استعمال القرآن المجيد بحيث يساوي الحقيقة ومن ذلك قوله تعالى (( ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ))[فاطر:32] ثم أورد آيات اخر تصب المصب نفسه. وقد أخذ هذا الاستدلال من القاضي عبد الجبار قبله, قال: فان قالوا: اطلاق الميراث لا يكون الا في الأموال قيل لهم: ان كتاب الله يبطل قولكم لانه قال: (( ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ))[فاطر:32] والكتاب ليس بمال ويقال في اللغة: ما ورثت الابناء عن الاباء شيئاً أفضل من أدب حسن, وقالوا: العلماء ورثة الانبياء وانما ورثوا منهم العلم دون المال...الخ.
فأجابه المرتضى (ره) في (الشافي): وان الذي يدل على أن المراد بالميراث المذكور ميراث المال دون العلم والنبوة على ما يقولون، ان لفظة الميراث في اللغة والشريعة لا يفيد اطلاقها الا على ما يجوز أن ينتقل على الحقيقة من الموروث الى الوارث كالاموال وما في معناها, ولا يستعمل في غير المال الا تجوزاً واتساعاً, ولهذا لا يفهم من قول القائل: لا وارث لفلان الا فلان, وفلان يرث مع فلان بالظاهر والاطلاق الا ميراث الأموال والأعراض (ويقصد الأعيان) دون العلوم وغيرها، وليس لنا أن نعدل عن ظاهر الكلام وحقيقته الى مجازه بغير دلالة.
ثم قال: فأما اعتراضه على قولنا: أن اطلاق الميراث لا يكون إلا في الأموال بقوله تعالى: (( ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ))[فاطر:32]... الخ, فعجيب!
لان كل ما ذكر مقيد غير مطلق، وانما قلنا ان مطلق لفظ الميراث من غير قرينة ولا تقييد يفيد بظاهره ميراث الاموال.
وتوضيحه: ان الارث حقيقة هو انتقال مال المورث (ما يقبل الانتقال حقيقه أي الاعيان) الى الوارث, فاذا أستعمل في الاعراض (كالشجاعة والسخاوة والعدالة وغيرها من الاوصاف الغريزية والنفسية) يكون مجازاً ويحتاج الى قرينة (انظر التبيان 4: 482, 514, مصباح الفقاهة 5: 42).
فاذا جاء اللفظ مطلقاً من دون قرينة يصرف الى معناه المتبادر منه وهو وراثة المال, والتبادر علامة الحقيقة فاذا أبيت الا انه يستعمل في المال وغيره على الحقيقة، قلنا أن الظاهر من قولهم فلان ورث فلان هو المال والعدول عن الظاهر الى غيره يحتاج الى دلالة وقرينة.
وبمثله رد العلامة الطباطبائي على الآلوسي, قال: وأما قوله: ولا نسلم كونها حقيقة لغوية في وراثة المال الى آخر ما ذكره فليس الكلام في كونه حقيقة لغوية في شيء أو مجازاً مشهوراً أو غير مشهور ولا اصرار على شيء من ذلك, وانما الكلام في أن الوراثة سواء كانت حقيقية في وراثة المال مجازاً في مثل العلم والحكمة أو حقيقة مشتركة بين ما يتعلق بالمال وما يتعلق بمثل العلم والحكمة تحتاج في إرادة وراثة العلم والحكمة الى قرينة صارفة او معينة.. الخ (الميزان 14: 24).
ومما مضى يتوضح لك أن الوراثة في الرواية مصب البحث وراثة مجازية لا حقيقية بقرينة ذكر العلم الذي هو عرض من الاعراض, فلا تعرض في الرواية للوراثة الحقيقية التي هي وراثة المال, ويفهم منه جواب ما قد يرد على الأذهان من السؤال عن مدى صدق الجملة الخبرية عن الانبياء أنهم لم يورثوا مالا في الماضي من أنها جاءت بلسان المجاز لبيان مقام النبوة ومدح العلماء ورفع شأن العلم, وهذا واضح.ثم من كل ما تحصل يمكن أن نخرج ببحث أعمق اشار اليه بعض العرفاء, وهو أن هناك أرثان: ارث مادي تدل عليه كلمة (الارث) بالحقيقة, وإرث معنوي يستعار له كلمة الوارث لعلاقة المشابهة ويعين بالقرينة الدالة ولا منافاة بين كون الارث المعنوي اشرف من الارث المادي والوارث للمعنوي اعلى رتبة من الوارث للمادي.
فقد نقل المازندراني في شرح اصول الكافي ما هذا نصه:
وقد نقل شيخ العارفين بهاء الملة والدين عن بعض أصحاب الكمال في تحقيق معنى الآل كلاماً يناسب ذكره في هذا المقام, وهو: أن آل النبي (عليهم السلام) كل من يؤول اليه, وهم قسمان:
الأول: من يؤول اليه: أوْلاً صورياً جسمانياً كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة.
والثاني: من يؤول اليه أوْلاً معنوياً روحانياً, وهم أولاده الروحانيون من العلماء الراسخون والاولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة أنواره, سواء سبقوه بالزمان أو لحقوه. ولا شك أن النسبة الثانية أكد من الأولى, واذا اجتمعت النسبتان كان نوراً على نور كما في الائمة المشهورين في العترة الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين, وكما حرم على الأولاد الصوريين الصدقة الصورية كذلك حرم على الاولاد المعنويين الصدقة المعنوية, أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف, ..الخ (شرح أصول الكافي 2: 25) وعليه فالرواية ناظرة الى الارث المعنوي. وأخيراً... أن من يستدل بهذه الرواية ليس له الا أن يدعي في الحقيقة حصر الورثة بالعلماء واخراج الاولاد منهم ولكن يرده صريح القرآن قال تعالى: (( يرثني ويرث من آل يعقوب ))[مريم:6] ولم يكن زكريا يطلب الا الولد, فالولد وارث بنص القرآن.
والاعتراض على هذا بأنه قد يكون طلب الولد العالم فيدخل في العلماء لا مجرد الولد, يرده قول الله على لسان زكرياً: (( واني اخاف الموالي من ورائي ))[مريم:5] فلا معنى لخوف زكريا (عليه السلام) من بني عمه أذا كان الارث هو العلم, لان العلم ليس مثل المال نحاز الى اشخاص ويحرم منه آخرين اذ يمكن أن يأخذ من العلم أي احد الى ما لا نهاية هذا اولاً, وثانياً يكون خوفه خلافاً لمقتضى النبوة الذي هو نشر العلم لا منعه, وثالثاً كان يجب أن يطلب الولد ليأخذ من علمه كما يأخذ الاخرين ويشاركهم في تراثه العلمي او ليكون اعلمهم لا أن يطلب الوارث ليمنع بني عمه ويحرمهم العلم.
فالمناسب لو كان الارث هو العلم أن يتمنى زكرياً(عليه السلام) لا أن يخاف.





السؤال: الأنبياء يورثون المتاع كسائر الناس

ورد في كتاب الكافي الجزء الاول ص 111 حديث ما معناه ان العلماء لم يورثو درهما او دينار وانما يورثون العلم والحديث ونحن رفضنا هذا الحديث من ابو بكر ومن شهد له عندما قال انني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول نحن معاشر الانبياء لا نورث وانما نورث العلم والحديث .
وقال العلامة المجلسي عن الحديث الوارد في الكافي له سندان الاول مجهول والاخر صحيح وموثوق
الجواب:
الرواية المشار إليها هي ما رواه الكليني بسنده إلى أبي البختري عن أبي عبد الله(ع) قال: ((إن العلماء ورثة الأنبياء، وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافراً، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)). الكافي ج1/ 22.
الحديث وإن كان ضعيفاً بسبب وجود أبي البختري في سنده، و اسمه وهب بن وهب، قال العلامة: إنه كان قاضياً كذاباً عامياً، ونقل الكشي عن الفضل بن شاذان: أنه اكذب البرية، وقال الشيخ: إنه ضعيف عامي المذهب. ولكن حتى ولو سلمنا بصحة السند فإن عبارة (وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً) وإن كانت منافية ظاهراً لما دلّ من الآيات والروايات على إيراث الأنبياء، إلا أنه يمكن التوجيه بأن المراد: أن الأنبياء لم يكن من شأنهم وعاداتهم جمع الأموال والأسباب كما هو شأن أبناء الدنيا، وهذا لا ينافي إيراثهم ما كان في أيديهم من الضروريات كالمساكن والمركوب والملبوس ونحوها، أو المراد: ان الأنبياء من حيث إنهم إنبياء لم يورثوا ذلك، يعني إن إيراث النبوة ومقتضاها ليس ذلك. فتأمل.





السؤال: حديث (إنّا معاشر الأنبياء لا نورِّث)
ما هي أدلة الشيعة في ردّ حديث: ((إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة))؟
الجواب:

الحديث مردود عندنا بوجوه منها:
أولاً: إنّ العمومات القرآنية كقوله تعالى: (( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ))،(النمل:16)، (( يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ))،(مريم:6)، (( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ )) ،(النساء:11)، (( وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ )) ،(الأحزاب:6)، وغيرها من الآيات تكذّب الحديث المزعوم الذي اختلقه أبو بكر بلفظين، الأول قوله: إنّا معشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة (صحيح مسلم:12: 66 ح1758 وفروعه).
والثاني قوله: إنّا معشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضة ولا أرضاً ولا عقاراً ولا داراً لكنّما نورّث الإيمان والحكمة والعلم والسنة (شرح نهج البلاغة: 16: 347). ثمّ ادّعى أنّه سمع من رسول الله "صلّى الله عليه وآله" يقول: إنما هي طُعمة اطعمناها الله، فإذا متُ كانت بين المسلين (شرح نهج البلاغة: 16: 350)
وفي خبر آخر عنه: أن الله أطعم نبيّه (المصدر السابق)، طعمة ثمّ قبضه، وجعله للذي يقوم بعده، فوليت أنا بعده (قال ابن أبي الحديد في شرحه ج16/ 350: في هذا الحديث عجب، لأنها قالت له: أنت ورثت رسول الله أم أهله؟ قال: بل أهله، وهذا تصريح بأنّه "صلّى الله عليه وآله" موروث يرثه أهله وهو خلاف قوله لا نورّث)، على أن أرده على المسلمين.
فهذه المعمومات يدخل فيها رسول الله "صلّى الله عليه وآله" كغيره من المسلمين الذين يورّثون أبناءهم، لا سيّما وأنه قدوة لغيره في توريث أولادهم، وقد ورّث رسول الله نساءه الحجرات اللاتي كن يسكنّ فيها، وقد تبرعت عائشة بسهمها وسهم غيرها من دون إذنهن لكي يدفن فيه أبو بكر وعمر بن الخطّاب، فمن عجائب الدهر أن تدفع مولاتنا الصدّيقة فاطمة "عليها السلام" من دعواها وتمنع من فدك بقولها وقيام البيّنة على ذلك وتترك حجر أزواج النبيّ في أيديهن من غير بيّنة ولا شهادة.
ودعوى ((أن الأنبياء فقراء لا يملكون شيئاً)) مردودة: لما ثُبت من سيرة بعضهم كداود وسليمان وزكريا، هذا مضافاً إلى أن الوراثة تكون حتـّى بالأشياء الحقيرة الثمن كالعمامة والثوب والعصا والخاتم وما شبههم، فلا مجال للقول إن هذه الأشياء يرثها من الآباء، الأنبياء الأجانب عنهم دون الأولاد.
ثانياً: لقد اعترف بعض علماء العامة ((كابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة، والسمهودي في تاريخ المدينة، والحلبي في السيرة، والرازي في تفسيره، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية، وقال الأخير في تاريخه ج5/ 218 بعد عرضه لما جرى على السيّدة الزهراء: (هجرت فاطمة أبا بكر فلم تكلّمه حتـّى ماتت ؛ وهذا الهجران فتح على فرقة الرافضة شراً عريضاً وجهلاً طويلاً، وقبلوا منه عذره، ولكنهم طائفة مخذولة، وفرقة مرذولة، يتمسكون بالتشابه ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام من الصحابة والتابعين..) لقد اعترف بأن الصدّيقة الزهراء ماتت وهي غضبى على أبي بكر ولكنّ للخليفة المزعوم مبرراته، وعلى الآخرين أن يقبلوها ويسلّموا لها بنظره!!)) أن أبا بكر اغتصب من الصدّيقة الطاهرة أرض فدك، ومنعها من الخمس وسهمها من خيبر، مع وجود إجماعٍ على أن فدكاً لم يوجف عليها بخيل أو ركاب، فهي ملك خاص لرسول الله، وقد نص على ذلك علماؤهم لا سيّما الطبري (تاريخ الطبري ج2: 306 وشرح النهج ج16: 344) من صدقات النبيّ؟!
ثالثاً: إنّ الخبر المزعوم ((إنّا معاشر الأنبياء لا نورِّث)) خبر واحد، لم يُعرف أحدٌ من الصحابة موافقة أبي بكر على نقله، وقد تفرّد أبو بكر بنقله، وشهادة الجار إلى نفسه لا تقبل – حسبما جاء عن عمر بن الخطّاب ردّاً على الصدّيقة الزهراء "عليها السلام" عندما جاءتهما بالشهود – فكيف يعارض – أي هذا الخبر – الكتاب الكريم المقطوع الصدور؟! فالحديث غريب، لأن المشهور أنّه لم يروه إلاّ أبو بكر وحده (شرح نهج البلاغة: 16: 352)، بل قام الإجماع على عدم صحته، والخارج عن الإجماع شاذ لا يعبأ به.
وبعبارة أوضح:
لو دار الأمر بين محتمل الصدور – عدا عن كونه مقطوع عدم الصدور – وبين مقطوع الصدور، يقدّم الثاني بلا تردد، وما فعله العامة هو أنهم قدّموا الاحتمال على القطع، حفظاً لماء وجه أبي بكر وتلميعاً لصورته.
إن آية الإرث والرواية المزعومة متعاكستان، وكل ما عرض الكتاب فهو زخرف، وساقط عن الاعتبار وغير حجة، ولو سلّمنا صدور الحديث المزعوم من النبيّ فلِمَ بيّنه لغير ورثته وأخفاه عمّن يرثه؟ ولو كان الحديث صحيحاً عند عترة النبيّ التي يدور الحق معها حيثما دارت لم يمسك أمير المؤمنين عليٌّ "عليه السلام" سيف رسول الله وبغلته وعمامته، وقد احتج "عليه السلام" بهذه الأمور على القوم مشيراً عليهم أنّه أحق بابن عمه من غيره.
فلو كان الحديث معروفاً عند هؤلاء الأعظم لم يجز لهم كتمانه.
وعلى فرض صحة الحديث فلِمَ لم يصادر أبو بكر الأشياء الخاصة برسول الله كعمامته ودابته وحذائه وسيفه تطبيقاً للحديث المزعوم ((لا نورّث ما تركناه فهو صدقة)) فهذه الأشياء مما تركها رسول الله فكان على الخليفة أن يصادرها لتوزع على الفقراء والمساكين، هذا بالإضافة إلى حجرات النبيّ، كان الواجب على أبي بكر أن يصادرها ويوزّعها على الفقراء ويحرم أن يطلب الإذن من عائشة لتسمح له بأن يدفن في حجرتها!!
قد يقال: إن رسول الله دفع دابته وحذاءه ولوازمه الخاصة إلى الإمام علي "عليه السلام" بعُرْضة (شرح النهج: 16: 354) أن ترث زوجته الزهراء من أبيها، فأهدتهم السيّدة الزهراء للإمام "عليه السلام" لكون هذه الأشياء من مختصات الرجال.
قلنا: هذا صحيح ثبوتاً لو لا النصوص الدالة على أن الإمام علياً ورث النبيّ بهذه الأشياء لكونه الخليفة الحق بعد رحيل النبيّ حسبما جاء في النصوص الكثيرة من أن الإمام يرث الرسول في متعلقاته الخاصة والصحائف السماوية، فقد ورد في صحيحة أبي بصير، عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال:
ترك رسول الله في المتاع سيفاً ودرعاً وعنزة ورحلاً وبغلته الشهباء فَوَرثَ ذلك كله عليٌّ بن أبي طالب "عليه السلام" (أصول الكافي ج1: 234 ح3).
رابعاً: إن خلفاء بني أمية وبني العبّاس فهموا من فدك أنها مُلْك للصدّيقة الزهراء روحي فداها، لذا كان السابق يُرجعها إلى ورثة الصدّيقة فاطمة "عليها السلام" من أولادها، ثمّ إذا جاء اللاحق استردها منهم.
روى أبو بكر الجوهري عن محمّد بن زكريا عن ابن عائشة قال: ((... لمّا ولّي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفّان ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفّان ثلثها، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلك بعد موت الحسن بن عليّ "عليه السلام" فلم يزالوا يتداولونها حتـّى خلصت كلها لمروان بن الحكم أيام خلافته، فوهبها لعبد العزيز ابنه، فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز، فلمّا وليَّ عمر بن عبد العزيز الخلافة، كانت أول ظلامة ردّها، دعا الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب "عليه السلام" وقيل: بل دعا الإمام عليّ بن الحسين "عليه السلام" فردّها عليه، وكانت بيد أولاد فاطمة "عليها السلام" مدة ولاية عمر بن عبد العزيز، فلمّا وليَّ يزيد بن عاتكة قبضها منهم، فلمّا ولّي أبو العبّاس السّفاح ردّها على عبد الله بن الحسن بن الحسن، ثمّ قبضها أبو جعفر لمّا حدث من بني الحسن ما حدث، ثمّ ردّها المهدي ابنه على ولد فاطمة "عليه السلام"، ثمّ قبضها موسى بن المهدي وهارون أخوه، فلم تزل في أيديهم حتـّى وليَّ المأمون، فردّها على الفاطميين، (شرح نهج البلاغة: 16: 349).
قال أبو بكر الجوهري: حدّثني محمّد بن زكريا قال: حدّثني مهدي بن سابق، قال: جلس المأمون للمظالم، فأول رقعة وقعت في يده نظر فيها وبكى، وقال للذي على رأسه: نادِ أين وكيل فاطمة؟ فقام شيخ عليه دُرّاعة وعمامة وخفّ ثغري، فتقدم فجعل يناظره في فدك والمأمون يحتج عليه وهو يحتج على المأمون، ثمّ أمر أن يسجّل لهم بها، فكتب السجلَّ وقُرىء عليه فأنفذه، فقام دعبل إلى المأمون فأنشده الأبيات التي أولها:

أصبح وجهُ الزمان قد ضحكا *** بـردِّ مأمــونِ هاشـمِ فدكـا

فلم تزل في أيديهم حتـّى كان في أيام المتوكل، فأقطعها عبد الله بن عمر البازيار، وكان فيها إحدى عشرة نخلة غرسها رسول الله بيده، فكان بنو فاطمة يأخذون ثمرها، فإذا قدم الحُجّاج أهدوا لهم من ذلك التمر فيصلونهم، فيصير إليهم من ذلك مال جزيل جليل...))، (شرح نهج البلاغة: 16: 349).
خامساً: إن أبا بكر طلب من الصدّيقة الزهراء البيّنة فجاءته بها وقد ردّها، مع أن البيّنة إنما ترد ليغلب في الظن صدق المدعي، ألا ترى إنّ العدالة معتبرة في الشهادات لكونها مؤثرة في غلبة الظن، ولهذا جاز أن يحكم الحاكم بعلمه من غير شهادة، لأن علمه أقوى من الشهادة، ولهذا كان الإقرار أقوى من البيّنة من حيث كان أبلغ في ثأثير غلبة الظن، وإذا قدَّم الإقرار على الشهادة لقوة الظن عنده فأولى أن يقدّم العلم على الجميع، وإذا لم يحتج مع الإقرار إلى شهادة لسقوط حكم الضعيف مع القوي، فلا يحتاج أيضاً – مع العلم – إلى ما يؤثر الظن من البيّنات والشهادات.
ويدل على صحة ذلك ما شهده خزيمة بن ثابت على بيع جرى بين رسول الله وأعرابي، مع أن خزيمة لم يكن حاضراً حال البيع، ولكنه شهد على صدق النبيّ من حيث كونه نبياً مرسلاً ومعصوماً مسدداً، فجعل النبيُّ شهادته بمثابة شهادتين، فسمي خزيمة بذي الشهادتين، وهذه قصة مشهورة مشابهة لقضية مولاتنا الزهراء "عليها السلام"، فإذا كانت شهادة خزيمة بمثابة شهادتين من حيث علمه أن النبيَّ لا يقول إلاّ حقاً لمكان عصمته وطهارته ولم يدفعه عن الشهادة من حيث لم يحضر ابتياعه، كذا شهادة مولاتنا الزهراء بطريق أولى، حيث كان يجب على مَنْ علم أن السيّدة فاطمة لا تقول إلاّ حقاً، ألاّ يستظهر عليها بطلب شهادة أو بيّنة.
سادساً: كيف يجوز أن يكون الخبر المزعوم صحيحاً وأزواج النبيِّ لا يعلمن ذلك، حتـّى وكّلوا عثمان بن عفان في المطالبة بحقوقهنّ (شرح نهج البلاغة:16: 353)، ولا يعرف العبّاس – حسبما جاء في بعض النصوص – حتـّى تنازع مع أمير المؤمنين "عليه السلام" في الميراث، وكل ذلك يدل على بطلان الخبر.
ومن كان له شيطان يعتريه – كما صرّح هو بذلك ورواه عامة المؤرّخين – فإن استقام أعانوه وإن زاغ قوّموه، كيف يؤمن عليه من تلفيق الأحاديث على رسول الله القائل بما معناه: كثر عليّ الكذَّابون، ألا فمن كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار.
وفي الختام نقول: إن مولاتنا الصدّيقة الطاهرة فاطمة بنت رسول الله "صلّى الله عليه وآله" لم تسلم من بعض صحابة أبيها، فلاقت منهم الظلم والاستبداد، وما يؤسفنا أن إتباع السلف نمّقوا لهؤلاء الصحابة أفعالهم، بحجة أنّ الصحابة لا يخطأون، وكأن الصحبة ملازمة للعصمة، فسبحان الذي وهب العقل، ولكنّ أصحابها لا يعقلون!!
فعلى الأتباع سلوك طريق الحق المتمثّل بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب "عليه السلام" الذي قال عنه النبيّ "صلّى الله عليه وآله" : ((أنت مني وأنا منك))، (رواه البخاري، باب فضائل الإمام علي "عليه السلام")، ولا يكون كمن يجمع بين الأضداد، فيصدق عليهم قول الشاعر: ( قال ابن الصباح: قال لي أبو الحسن: أتقول إنّه قد أكفرهما في هذا الشعر؟ قلت: نعم، قال: كذلك هو، لاحظ: شرح نهج البلاغة: 16: 359)
أهوى علياً أميرَ المؤمنين ولا***أرضى بشتم أبي بكر ولا عُمرا
ولا أقولُ وإن لم يُعطـيا فدكاً***بنت النبيّ ولا ميـراثها : كفرا
الله يعلم ماذا يحضُران بـه***يومَ القيامة من عذر إذا اعتـذرا
تعليق على الجواب (1)
هل قالت الزهراء أنه حديث مختلق من قبل أبو بكر أم أنها نفت دلالته على مراد أبي بكر وسعيه؟
ما هو المقدار المقطوع به لأننا لدينا ما يشابهه في روايتنا حسب اطلاعي على صفحتكم في جواب الاسئلة؟
الجواب:

نعم لقد ردت الحديث وقالت انه مفترى وكذلك ردته من خلال معارضته للكتاب فقالت :
وأنتم الآن تزعمون : أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون؟! أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية : أني ابنته . أيها المسلمون أغلب على إرثي؟ يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا إرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول : (( وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُودَ )) وقال : فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال : (( فَهَب لِي مِن لَدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِن آلِ يَعقُوبَ )) وقال : (( وَأُولُو الأَرحَامِ بَعضُهُم أَولَى بِبَعضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ )) وقال : (( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَولَادِكُم لِلذَّكَرِ مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ )) وقال : إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين وزعمتم : أن لا حظوة لي ولا إرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟ أم هل تقولون : إن أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟ فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولا ينفعكم إذ تندمون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم






السؤال: هل طالب العباس بالإرث من فدك كما في البخاري

بما أن فدك هي خالصة للزهراء (عليها السلام) فالعباس لماذا يطالب بحقه بفدك وسهمه من خيبر كما جاء في البخاري!
قول البخاري روى البخاري في صحيحه ج8 ص 3 عن عائشة: أن فاطمة والعباس ( عليهما السلام) أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله (ص) وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر))
وبالتالي فلم تكن السيدة فاطمة عليه السلام وريثة وحيدة بل العباس و زوجات الرسول منهم ابنتا أبوبكر وعمر وارثتين أيضا فحرمتا كما حرمة السيدة فاطمة من أرض فدك كما جاء في رواية البخاري ؟؟؟
وما معنى ماجاء في نهج البلاغة عن ابن الميثم في شرح نهج البلاغة.إن أبا بكر قال لها: إن لك ما لأبيك ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم ويقسم الباقي ويحمل منه في سبيل الله ، ولك على الله أن أصنع بها كما كان يصنع، فرضيت بذلك وأخذت العهد عليه به )

الجواب:

1- حتى يتكون لدينا تصور صحيح لهذه الرواية، لابد أن نذكر وجود خلاف فقهي معروف بين الشيعة وأهل السنة في مسألة توريث العم مع البنت، وهي المسألة التي يصطلح عليها بالتعصب، فرأي الشيعة فيها عدم توريث العم مع البنت ولهم في ذلك أدلة ليس هنا محل ذكرها، وعلى خلافهم أهل السنة في دخول العصبة مع البنات في النيل من الإرث.
إذا توضح ذلك فأن الرواية المذكورة في البخاري تصب في هذا المعنى, ومن خلال الخلفية الفقهية وموقف الطرفين من هذه المسألة يتوضح لنا لماذا إختار البخاري هذه الرواية على غيرها من روايات فدك على كثرتها.
وعلى كل حال فإن الرواية ليست حجة على الشيعة لأنها ليست من مروياتهم ولاهم يلتزمون بصحة كل ما ورد في البخاري: فضلاً عن أنها رويت عن طريق عائشة وموقفها معروف من علي (عليه السلام) ومن قضية فدك بالخصوص من جهة شهادتها على رواية مالك بن الحدثان,وغيرتها من فاطمة معروفة وردت فيها روايات لا يمكن ردها بسهولة. ثم أن في أحد رواتها كلام وهو معمر الذي يروي عن هشام ، ولم يكن هشام من شيوخه ولم يذكروا معمر من تلامذته ومع ذلك فأن الرواية على أقصى حالاتها لا تصلح لمعارضة ما هو ثابت في مذهبنا بالدليل من عدم توريث العم بل لا تصلح للوقوف أمام ما ورد عندنا من أن فدك كانت نحلة للزهراء(عليها السلام) وليست إرثاً، وإن لجوءها (عليها السلام) للمطالبة بالإرث كان لإلزامهم الحجة بعد أن طردوا عمّالها من أرض فدك وأنها (عليها السلام) بهذا قد سدت عليهم جميع المنافذ وجعلتهم عراة أمام وضوح حقيقة مخالفتهم الصريحة لشريعة أبيها محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن هذا الواقع أعني هدف وغاية الزهراء (عليها السلام) من المطالبة بفدك على أنها إرث يمكن أن نفهم مغزى مرافقة العباس لفاطمة (عليها السلام) حيث طالبت بإرثها سواء قلنا بأن العباس طالب بالإرث أيضاً لتقوية حجة فاطمة أو أنه كان لأجل دعم الزهراء (عليها السلام) في أصل القضية فهو بالتالي عم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وله المكانة المرموقة بين المسلمين,على أن هذه الرواية على علاتها لا يمكن أن تكون دليلاً على مطالبة العباس بالإرث فلعله طالب بحقه من الخمس والفيء الذي منعه عمر بني هاشم أيضاً، ولعل المطالبة كانت من أموال فدك نفسها ولكن من جهة الالزام لأبي بكر لأنه زعم أنه سيفعل بها ما كان يفعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يصرف منها على بني هاشم وفي الرواية أشارة إلى ذلك بقولها (وسهمهما من خيبر) ومنه نعرف بحسب القرائن أن المطالبة كانت مزدوجة فمن جانب الزهراء (عليها السلام) تطالب بارضها وحصتها من الفيء ومن العباس يطالب بسهمه من خيبر، فجمعتهما عائشة بتعبير واحد.
ومما يشهد لذلك ما ورد في رواية أخرى في البخاري من مجيء علي (عليه السلام) والعباس لعمر يختصمان في مال بني النضير وذكر عمر من ضمن الجواب الحديث المزعوم (لا نورث ما تركناه صدقة) وإن علي والعباس (ع) جاء ا أبي بكر يطالبانه بحقهما من أرث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)...... (الرواية).
مع العلم أن عليّاً (عليه السلام) لا يرث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع فاطمة (عليها السلام)إلا أن نقول انهما كان يطالبان بحقهما من خلال فاطمة أو بحقهما من الفيء ,وعليه تحمل الرواية الأولى).
فلاحظ خاصة مع عدم وجود رواية أخرى تذكر مطالبة العباس بالإرث أو تفاصيل أخرى وهل مثل هذا لو وقع كان يخفى على المسلمين!!
2ـ إن ما رواه أبن ميثم البحراني قد جاء بلفظ (روي) ومن مراجعة موارد هذه الرواية عند آخرين مثل ابن أبي الحديد والجوهري وجدناها رواية عامية السند لا حجة فيها علينا، فلاحظ.



يتبع


من مواضيع الشيخ عباس محمد » الشخصية الاستفزازية واسبابها
» الشخصية الطيبة
» الشّخصيّة في علم النّفس
» الإرشاد النفسي
» مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي
رد مع اقتباس