العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى أهل البيت (عليهم السلام)
منتدى أهل البيت (عليهم السلام) السجاد - الباقر - الصادق - الكاظم - الرضا - الجواد - الهادي - العسكري - عليهم السلام


سيرة السيد علي بن أحمد الرميمه(وائل الرميمه)

منتدى أهل البيت (عليهم السلام)


إضافة رد
قديم 18-04-2009, 06:12 PM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
وائل الرميمه

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
وائل الرميمه غير متواجد حالياً

المنتدى : منتدى أهل البيت (عليهم السلام)
سيرة السيد علي بن أحمد الرميمه(وائل الرميمه)

المقدمة :

الحمد لله الذي ألبس أولياءه خلع الجلال والجمال ، وسقاهم كاسات الوصال وصلاته وسلامه على نقطة بيكار الأنبياء وممد ، ساداتنا الأولياء ، وعلى آله الأصفياء ومن والآهم من المحبين الأوفياء . وبعــــــد ..
إنَّ التعرف على سير الصالحين واستجلاء أخبارهم ومعرفة أحوالهم لهي من الأمور التي تثبّت قلوب المريدين وتوقظ همم السالكين إلى منازل المقربين ، قال تعالى (وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ) .
ومن يستقرئ القرآن الكريم فسوف يجده مشحوناً بذكر قصص الأنبياء والمرسلين وبعض أخبار الأولياء المقربين ، وذلك لتكون سيرهم نصب أعيننا، ودروساً ومواعظاً في حياتنا ، نتخلق بأخلاقهم ونسير على دربهم ونكون من حزبهم ونتفانى بمحبتهم ، فالله سبحانه وتعالى ما ذكرهم في كتابه إلا لكي نفهم عنه بأن تخليد ذكرهم مما يرضيه تعالى.
فالكتابة عنهم ونشر سيرهم ومناقبهم للناس كي يحذوا حذوهم ويسلكوا نهجهم ’يعد ذلك تعظيماً لشعائر الله قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) .
فالشعائر معناها معالم الدين كما قال المفسرون ، وإذا كانت مناسك الحج تسمى بالشعائر فإنما لكونها علامات للتوحيد والدين الحنيف ، وكل ما هو شعيرة لدين الله فإن تعظيمه مما يقرب إلى الله تعالى .
ولا شك أن الأولياء فضلاً عن الأنبياء هم أكبر وأبرز علامات دين الله تعالى ، فتخليد ذكرهم والكتابة عنهم هو نوع من تعظيمهم واحترامهم
ونحن في هذه الوريقات سنضع ومضات نورانية عن شخصية عرفانية ، لها دور كبير في نشر التصوف في محافظة تعـز( الجمهورية اليمنية )، سيما في جبل صبر ، وعند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات وتتعرض النفوس للنفحات ، فوالله إن محبتهم نافعة وأنوارهم للمحبين ساطعة فما العيش إلا تحت ظلهم ، وما السعادة إلا في السير على دربهم .
وعندما هاجت القريحة بحبهم صاحت ونادت في حيَّهم على جهة الافتخار بقربهم فقالت – :

فو الله ما طاب الزمان بغيرهــــــم فلولاهمُ ما كنت أرضى بعيـشتي
فما العيش إلاَّ بينهم تحت ظلهـم وهم راحتي أنسي وسؤلي وبغيتي
لقد سكنوا قلبي ومالي غيرهــــــم عليهم من الرحمن أزكى تحيـةِ

إنَّ هدفنا في الكتابة عن هذه الشخصية هو صد هجمة الكذب المشين التي يتبناها الجاحدون الذين جعلوا همهم وشغلهم بل وتكوين شخصياتهم اللاَّأخلاقية مبنياً على تحقير الأولياء ، وتتبع إشكالات أقوالهم بحسب نظرهم وفهمهم الضيق حتى شغلوا جيل العصر عن بناء الإسلام الحق ديناً ودولة بأقوال واهية وآراء خاوية، لا تسمن ولا تغني من جوع،
تركوا الشراب وتمسكوا بالسراب وراحوا يقيسون الصقر بالغراب ، والنحلة بالذباب ولم يفرقوا بين الناصبة والأحباب .
ولنشرع الآن في مقصودنا ونتكلم عن محبوبنا ألا وهو السيد العارف الذي من بحر المصطفى غارف القطب الرباني ، والهيكل الصمداني ، صاحب الحضرة والمقام والذاكر الله على الدوام ، السيد / علي بن أحمد الرميمه القادري مشرباً وطريقة , والهادوي مذهباً ومنهجاً .

 نسبه قدس الله سره :

جاء في سجلات النسب التي في حوزة أحفاده بأنه السيد علي بن أحمد بن يوسف بن علي بن إبراهيم بن محمد بن إدريس بن جعفر الزكي بن علي النقي بن محمد التقي بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن شهيد كربلاء الإمام الحسين بن الإمام الوصي علي بن أبي طالب زوج البتول فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

نســبُ كأنَّ عليـه من شمس الضحـى نوراً ومن فلق الصبـاح عمـــودا
ما فيـــــه إلاَّ سيــد وابـن سـيــــــــد حاز المكارم والتقــــى والجـــودا

ونجد أن السيد علي الرميمه يلتقي مع الإمام يحيى بن حمزة عند جده يوسف بن علي بن إبراهيم ، فقد جاء في كتاب "طبقات الزيدية" القسم الثالث ما نصه "يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم بن يوسف بن علي بن إبراهيم بن محمد بن إدريس... إلى أخر النسب" أ.هـ.
وهذه الترجمة للإمام يحيى بن حمزة تؤكد صحة نسب السيد علي الرميمه وأنه من السادة الحسينيين ، وأجداده هؤلاء كلهم ينتهجون مذهب العترة الطاهرة ، وهو المنهج الذي كان عليه سيدنا رسول الله عليه وآله وسلم ، وكيف لا يكون مذهبهم كذلك وآباؤهم كانوا بحور العلم والمعرفة ومؤسسو الفقه وجميع أئمة المذاهب إنما أخذوا عنهم وتتلمذوا لديهم سيما لدى الإمام جعـفر الصـادق عليه السـلام .
وهذا أحد أجداد الشيخ علي الرميمه واسمه علي بن إبراهيم كان يسكن في قرية من قرى البصرة تُسمى حدان كما ذكر الحميري ، أفادني بهذا السيد عبد العزيز الرميمه أحد أحفاد السيد علي الرميمه وأفادني
ـ أيضاً ـ بأنه وجد في كتاب سير أعلام النبلاء بأنَّ الذهبي قال عند ترجمة علي بن إبراهيم بأنه صدوق لكنه شيعي جلد له مؤلفات جمَّة تزيد على المائة . أ. هـ
قلت : ويقصد الذهبي بقوله شيعي جلد أي أنه يقدم علي على الشيخين من حيث الأفضلية ، وأخبرني- أيضاً – بأن أول من قدم من أجداد جده الرميمه إلى اليمن هو جده يوسف بن علي بن إبراهيم.
والدليل أن تراجم الإمام يحيى بن حمزة تحكي بأن جد يحيى بن حمزة جاء من البصرة في العراق وسكن مدينة صعده وجده هذا يقيناً هو يوسف الذي يلتقي به مع نسب جدي الرميمه .
أقول : لا بأس بكلام السيد عبد العزيز المذكور آنفاً ولكني وجدت في كتاب السلوك بأن علي بن إبراهيم – جد يحيى بن حمزة – قدم من العراق ومعه ابنه حمزة أيام الإمام ألسراجي .
وحقيقة قضية الجد الذي وصل إلى صعدة سواء يوسف أو علي بن إبراهيم تحتاج إلى بحث واستقصاء في كتب الأنساب .
المهم من هذا وذاك أن السيد علي الرميمه ولد في صعدة وقضى جُزءاً من حياته فيها وكان يسودها المذهب الزيدي الهادوي فتعلّم على يد والده وعلماء عصره من آل البيت عليهم السلام ، يقول سيدي الشيخ محمد يحيى الجنيد : بأن السيد علي الرميمه كان في صعدة وكان وصوله إلى تعـز عن طريق أبين متخذاً منها جسراً لبث أفكاره ومنهجه.

 نشأته وظهوره وأهم مشائخه في التصوف :

نشـأ العارف بالله السيد علي الرميمه نشأة صالحة متخلقاً بأخلاق أجداده عارفاً لعلومهم وسائراً على منهجهم وعند وصوله إلى تعـز سكن في منطقة الوجيز فوق منطقة صينا الآن وطريق حدنان منها ، ومنها بدأت انطلاقته الصوفية والذي ساعده على ذلك هو أنَّ عصره كان خصباً في رجالات التصوف ، فقد كان ظهوره قدس الله سره في بداية القرن السادس الهجري ومعلوم أن القرنين الخامس والسادس الهجري كان التصوف فيهما في قمة ازدهاره ، فقد تغنت أطياره وتُرجمت أسراره واتسع انتشاره حتى كثر أنصاره ، فظهر فيهما أقطابه العظام وأعلامه الفخام كالإمام أحمد بن علوان والشيخ أبو الغيث بن جميل والشيخ البجلي والشيخ الحكمي والشيخ عمر بن المسن المعروف بالطيار والشيخ علي الحداد والشيخ مدافع .
وأما في غير اليمن فهم كأمثال الإمام محي الدين بن عربي والغوث عبد القادر الجيلاني والسيد أحمد البدوي والشيخ أحمد الرفاعي ، والشيخ إبراهيم الدسوقي وغيرهم من أهل الله قدس الله أسرارهم .
وأول طريقة صوفية بدأت في الانتشار هي الطريقة القادرية ، فقد أدخلت إلى اليمن في القرن الخامس وأول من أدخلها الشيخ الكبير العارف بالله علي بن عبد الرحمن الحداد، فقد التقى بالغوث عبد القادر الجيلاني في مكة فلبس منه الخرقة القادرية وأخذ عنه اليد في شهر شعبان سنة 561هـ ورجع إلى بلده ـ اليمن ـ وأخذها الناس عنه .
وممن أخذ عنه الطريقة القادرية الشيخ مدافع بن أحمد بن محمد ألمعيني صاحب الكرامات والمكاشفات ويكفي من كراماته أن شمس الشموس ومحي النفوس صاحب المقام المحروس سيدي أبا الغيث ابن جميل فقد شيئاً من أحواله في أيام بدايته ، فوصل إلى الشيخ مدافع وأقام عنده أياماً حتى رد الله عليه حاله الذي فقده .
ويُعد الشيخ مدافع هو شيخ الفتح لسيدي علي الرميمه فقد صحبه وأخذ عنه الطريقة القادرية ، قال صاحب كتاب السلوك : إنه أي الرميمه صحب الشيخ مدافع وحقق له .
جاء إليه سيدي علي الرميمه لؤلؤة عجماء فثقبه مدافع وجعل نُورَه ساطعاً فلمع نجمه في سماء الظهور ، وصار اسمه في ديوان الأولياء مشهوراً .
وأصبح أحد رجالات الفكر الإسلامي صوفي من الطراز الأول صاحب خلق وصفاء وكرم ووفاء متابع لجده المصطفى ومخالف لأهل الطمع والجفاء ، فأصبحت مجالسته شفاًء ومغفرةً لمن زل وهفا .
كان قدس الله سره مع الله تعالى في كل نفس يلهج بذكره ولا ينقطع عن شكره لا يتكلم إلا عنه ولا يسمع إلا منه ولا ينظر إلا إليه .
ولسان حاله يقـول :

تجلى حبيبي في مرائي جمـاله ففي كل مرأى للحبيب طلائع
فلما تجلــــى حسنه متنـوعــــاً تسمى بأسماء فهنَّ مطالــــــع

لم تخطر الدنيا له في بال لأنها لم تكن في قلبه ولا في يده وإن كان بعض الصوفية جعلوها في أيديهم بعد أن أخرجوها من قلوبهم ، أما هو فقد تركها ظاهراً وباطناً ولا عجب إن قلتُ بأنه كان أويس زمانه، وابن أدهم أوانه، قد فاق علم أقرانه.
لأنه بلغ الذروة في القناعة والزهد لدرجة أنه كان يتقوت في الشهر ما يتقوته غيره في اليوم الواحد ، ويتقوت للسنة ما يتقوته غيره في شهر .
جاء في طبقات الخواص ما نصه : "وكان متقللاً من الدنيا خصوصاً المأكل والمشرب إلى غاية أن الذي يأكله في سنة قدر ما يأكله غيره في شهر " أ.هـ
وجاء في السلوك أن القاضي محمد بن علي قال أخبره الشيخ علي الرميمه أن أكله في السنة اثنا عشر زبدياً يكلفه أهله على ذلك . أ.هـ .
قال محقق كتاب السلوك بأن ألزبدي التعزي يومئذ قدر ثمانية أرطال في تلك الأيام وإنما زيدته في أخر الدولة المظفرية.

بهـذا تعلم أنه كان شيخاً روحانياً خفيف الظل شفَّاف يهزه النسيم ولا تحركه زلزلة الجبل العظيم ، ولقد كان يكثر من العبادة وقيام الليل حتى نحل جسمه وأصفر جسده وكأن لسان حاله يقول :
جسمي النحيل يقول هذا عاشق ويقول دمع العين هذا مغرم

 ترحيله إلى جبل صـبر :

بعد التقائه بشيخه في منطقة الوحيز وانتفاعه به ، مكث في هذه المنطقة فترة من الزمن حتى أصبح شيخاً كاملاً وعالماً عاملاً وعارفاً واصلاً ، خاض جميع العلوم وفاق على علماء الرسوم حتى استوعب علوم عصره وجارى تطوراته ومتغيراته .
ولم يعتكف في زاويته قانعاً بزهده كما دأب على ذلك بعض المتصوفة وإنما كان ثائراً ومناضلاً وناطقاً بالحق يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .
ومع تزايد تلاميذته ومريديه الذين كانوا يأتون إليه من كل فج وصوب ليأخذوا علومهم وأورادهم منه عن طريق التلقين .
قامت الدولة الرسولية بترحيله إلى جبل صبر ، فالسيد قدس الله سره عاش تقريباً بين عهدين حاكمين لليمن وهما : أواخر النصف الثاني من عهد الأيوبيين و عاماً من بداية عهد دولة بني رسول ، التي بدأت عام 626هـ ,
وكانت عاصمة اليمن في عهد الأيوبيين مدينة الجند وحصن تعـز الذي يسمى اليوم قلعة القاهرة ، واستمر الأمر كذلك فترة طويلة في عهد الرسوليين .
والسبب في ترحيل السيد علي الرميمه إلى جبل صبر هو :
أولاً : ظهوره السريع وكثرة أتباعه وانتقاداته الحادة التي كان يوجهها إلى ملوك عصره، مما جعل حكام وقضاة عصره يُجللونه ويعتقدون فيه الاعتقاد الحسن وأنه القطب الأوحد الذي لا يُنافسه بمقامه أحد، تعر ذالك من خلال طلوع حاكم تعز آنذاك مشياً على قدمه من تعز إلى حدنان كي يلتقي بسيدي علي الرميمه ويستشيره عن خبر مقتل ابن عباس في مصر كما ستعرفه لاحقاً
ثانياً : قرب سكنه من قلعة القاهرة ، ومعلوم أن القلعة كانت المركز الرئيسي لعقد مؤتمراتهم ، فكان لا بد من ترحيله حتى لا يعكر صفو عيشهم وحتى يأمنوا من الأخطار التي قد تلحقهم سيما إذا ما أساءوا إلى السيد وإلى مريديه.

ومثل ما حدث لسيدي الرميمه حدث لشيخه مدافع من قبل وكان سكنه في منطقة الو حيز، فقد قام الملك المسعود بن الكامل الأيوبي بترحيل الشيخ مدافع إلى الهند ، لكن الشيخ مدافع لم يمكث في الهند سوى شهرين ثم عاد إلى ظفار ، فأقام فيها أياماً حتى وافاه الحمام فتوفى فيها سنة 618هـ ، وقبره هناك مشهور يقصد للزيارة والتبرك .
أما الضريح الذي في صينا الذي عليه القبة إنما هو ضريح ولده السيد عمربن مدافع المتوقي سنة 680هـ وسبب ترحيل مدافع إلى الهند هو ما حدث للملك المسعود مع مرغم الصوفي الذي كان يتبعه جمع كثير من الناس فقد
خرج على السلطان وجرت بينهما وقائع كثيرة غلب في آخرها مرغم الصوفي وهرب من البلاد فكره السلطان الصوفية بسبب ذلك .
وهكذا تم ترحيل الشيخ علي الرميمه إلى جبل صبر وسواء كان ترحيله من قبل الملك المسعود الذي يعد آخر ملك للأيوبيين فقد انتهى عهدهم – فعلياً- عام 626هـ أو من قبل الملك المنصور عمر بن علي وهو يعد أول ملك للرسوليين فقد قتل عام 647هـ أو من قبل الملك المظفر ، فقد تولى الحكم بعد والده وحكم حتى عام 694هـ .
فالشيخ علي الرميمه كانت وفاته في عهد حكم الملك المظفر والذي أظنه أن ترحيله إلى صبر كان في عهد الملك المنصور .

ولا عجب في ذلك فأجداده من قبله شردوا سيما في عهد تينك الدولتين الأموية والعباسية فقد أذاقوا أئمة آل البيت الويلات من سجن وتعذيب وتقتيل وتنكيل ونفي وتشريد كل هذا بسبب التفاف الناس حولهم ومحبتهم لهم ، لأن ذلك بنظر السلطات الحاكمة يشكل خطراً على عروشهم التي يدافعون عنها كما يدافع الأسد عن عرينه ، وبعد ترحيل السيد علي الرميمه إلى جبل صبر ولىَّ شطره نحو قرية ذي يعفر فاتخذ لنفسه من الجهة الشرقية منها سكناً وكأنه قال هنا حدنا .
ومع مرور الزمن حصل تصرف في اللفظ فسميت حدنان ، وبنى فيها الدار والمسجد المعروفين باسمه حالياً واتخذ منهما رباطاً للعلم ومحلاً لإقامة الحضرة .
وأما ما جاء في طبقات الخواص : من أنه لزم طريق العزلة بجبل صبر ، فهذا لا ينافي ما ذكرناه آنفاً ، فالدولة الحاكمة آنذاك عندما رحلته إلى جبل صبر أو رحل بنفسه بسبب المضايقات التي كان يجدها من قبل الحكَّام - إذا سلمنا ذلك – طلع إلى جبل صبر ووصل إلى المنطقة المذكورة آنفاً فلم يكن بها أحد من الناس فبقى وحيداً مع أهله وأبنائه مختلياً بربه ، ولهذا عبر أصحاب الطبقات بأنه لزم طريق العزلة بجبل صبر ، لكنهم لم يذكروا سبب طلوعه واستقراره في تلك المنطقة .
وخلال استقرار السيد علي الرميمه في حدنان بدأ الناس من المناطق المجاورة وكذلك البعيدة يقصدونه للزيارة والتبرك وجاء إليه مريدوه وطلاب العلم الذين كانوا ينتفعون به أيام إقامته في منطقة الو حيز ، فاشتهر أمره وذاع صيته .
وظهرت عليه الكرامات ـ وسنذكر بعضاً منها لاحقاً ـ وكذلك المكاشفات وكان بحق كهفاً للضعفاء والمظلومين يقرب البعيد ويأوي الطريد ويرد الشريد ويهدي إلى صراط الحميد ، لقد أحبه الناس على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم القاصي منهم والداني ، فكل واحد بمحبته متفاني وكأنه حكم من الله.
فبحلمه الكبير وسياسته الحكيمة وعبقريته الفذة جعلت الناس يلتفون حوله ويتتلمذون لديه ليصبحوا من أتباعه وطلابه .
لقد نقش لنفسه في ذاكرة الأيام صورة بديعة في الجمال والعظمة ، وحقاً كان من أولياء الله المخلصين وأحد أئمة آل البيت العارفين ، الذين أوجب الله على عباده مودتهم بقوله (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) وجعلهم أمان الأمة من الضلال إذا ما تمسكوا بهم وساروا على منهجهم ، كما جاء في الحديث المتواتر (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً ، كتاب الله وعترتي آل بيتي حبل ممدود من السماء إلى الأرض لن يفترقا حتى يردا عليَ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما) .

ومع هذا كان السيد علي الرميمه رجلاً متواضعاً بسيطاً بساطة فطرية تربى عليها منذ نشأته فهو لا يرى لنفسه وجوداً لغنائه بالإله المعبود ، حيث تعلقت روحه وحواسه بالعروة الوثقى وطافت بسدرة المنتهى وعانقت روح جده المصطفى حتى صار سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يأخذ ويعطي بها ورجله التي يمشي عليها وبهذا جاوز جميع المقامات ، وحصلت له العلامات وواجهته في منازلاته البشارات فكان الثاقب لدرة الأسرار واللاَّبس خلعة الوصي الكرار {خلعة القطبية ذات الرتبة العلية}جاءته من حضرة عين المعاني وتوجه بها إمام طريقته الغوث الجيلاني .
فكان عبد القادر الثاني متصرفاً في الأكوان وإمام أهل الديوان ، وهنا نوقف القلم عن العنان لأني لست من فرسان هذا الميدان ، ولأن الكلام في هذا الصدد فوق ما تتصوره الأذهان .

 بعض كراماته ومكاشفاته :

جاء في كتب الطبقات والتراجم – وسنذكرها في قائمة المراجع – أن من كراماته – قدس الله سره – ما أخبر به القاضي محمد بن علي الحاكم بمدينة تعـز يومئذ قال : (كان الملك المظفر قد أرسل الشيخ عبد الله بن عباس والأمير المعروف بابن الداية، إلى صاحب مصر ، فلما كان بعد مدة جاء العلم إلى اليمن أن ابن عباس توفى في الديار المصرية ، قال القاضي : فمررت ببابه فسمعت في بيته بكاء أتعبني لأنه كان لي منه صحبة ، فطلعت إلى السيد على الرميمه وأعلمته بذلك فاطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال : إن ابن عباس لم يمت ، وإنما مات ابن الدايه ، قال : فنزلت إلى أولاده وأعلمتهم بذلك ثم بعد أيام وصل العلم المحقق بموت ابن الداية ، وأن ابن عباس في عافية كما ذكر الشيخ نفح الله به) أ.هـ.
ومن كراماته – أيضاً – أن الصرب والحصير كان يخبرانه بمن سيقدم عليه أفادني بهذه الكرامة أحد ذريته ، وكان قدس الله سره إذا وضع يده على المريض وقرأ عليه يشفى من ساعته ويقوم من مرضه كأن لم يكن به شيء ، وكان يتخذ الرقية لشتى الأمراض ويدعو لكل من طلب منه الدعاء فتقضى له جميع الحوائج والأعراض ولقد كان الناس يستسقون به الغيث إذا حصل لهم القحط والجدب فيغيثهم الله بالأمطار ببركة هذا الشيخ الجليل المغوار .
ولا عجب فالله سبحانه وتعالى يكرم أولياءه بما شاء بما شاء وكيف شاء ، فالكرامات لا ينكرها إلا من كان جاهلاً بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى عليه وآله وسلم فالقران الكريم مشحون بمعجزات الأنبياء وبكرامات الأولياء كقصة أصحاب الكهف والرقيم وقصة آصف بن برخيا وإتيانه بعرش بلقيس قبل أن يرتد طرف سليمان وقصة مريم البتول فقد كان زكريا يدخل عليها فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء ... إلى غيرها من الكرامات وما جاز لأولئك من الكرامات فيجوز أن تظهر لغيرهم من أهل الاستقامة وكل معجزة لنبي من الأنبياء جائز أن تكون كرامة لولي من الأولياء (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) ، وممن يتتبع كتب السير والتراجم فسيجد الكثير من الكرامات لأصحابه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولتابعيهم ولمن بعدهم وهذا لا يخفى على الإنسان الأمي فضلاً عن المتعلم.

وأما كرامات السيد علي الرميمه بعد موته فهي مشهورة وحتى لا أكون مبالغاً أحيلكم إلى المشائخ في حدنان ممن بلغوا سن الكبر وهم لازالوا أحياء فاسألوهم ماذا وجدوا من الكرامات خلال حضورهم في جمع الرميمه وما حصل لهم من البركات الحسية والمعنوية والخوارق المادية كخروج الريال الفرنص من التابوت مع كتاب صغير لأحد الوافدين من المحبين .

 سبب تلقيبه بالرميمه :

مما مر سابقاً تعلم بأن الشيخ علي الرميمه كان مهتماً بالعلم ونشره وتعليم من وفد إليه وكان يحثهم على الكتابة وتحسين الخط ، ولقد كان يتمتع بالخط الجميل من حيث ترميمه وتحسينه ، يقال في اللغة رمى الشيء إذا أصلحه ، ولهذا سمي الرميمه ، ولقد خط بيده القرآن الكريم في مصحف ولازال موجوداً إلى يومنا هذا وهو في حوزة الشيخ صادق بن علي بن عبد الله الضباب، أخبرني بهذا أحد ذرية السيد علي الرميمه وقال لي بأنه لا يعلم عن اليد التي أوصلت هذا المصحف إلى الشيخ صادق الضباب .
وقيل سمي الرميمه تصغير رمه كما قال الجندي .
وقيل سمي الرميمه نسبة إلى جبل في صعدة يسمى رميمه والله تعالى أعلم

 وفاته قدس الله سره :

لقد كان للسيد علي الرميمه في تعـز وأهل صبر – خاصة – المكانة العظيمة والمنزلة الرفيعة ولهم فيه معتقد حسن يرجعون إليه في النوائب ويطلبون منه الدعاء إذا حلت بهم المصائب.
هكذا ظل طول حياته في خدمة الناس يفرج كربة المكروبين ويكشف الغم عن المغمومين ويدخل السرور على المحزونين ويقوم بنصرة المظلومين ويعطي المحرومين، تراه إما في خدمة الناس أو في رباطه يعلم المريدين أو في محرابه عابداً متفكراً وفي الحق مستغرقاً متفانياً ، تالياً للقرآن مكثراً من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم العدنان هكذا حتى لبى منادي الملك الديان ورفرفت روحه إلى فسيح الجنان ، ودفن في مسجده بح دنان وكانت وفاته سنة 663هـ حسب النقوش الحجرية الموجودة في تربته المقصودة للتبرك والزيارة .
وعلى قبرة تابوت حسن الأنوار عليه تلوح والعودة منه تفوح والناس يتوافدون إليه في كل وقت وحين ويقام له في كل سنة جمع كبير يأتون الناس من المحبين من كل مكان قاصدين مسجده وزائرين قبره وتقوم ذريته باستقبال الزائرين وإضافة الوافدين بإطعام الطعام وتوزيع القات للصغير والكبير ، ولقد شهدت الجمع في إحدى السنوات فرأيت تلك الجموع تتوافد إلى مسجد الرميمه ، وأحفاده يستقبلونهم ويكرمونهم وفتوة الرميمه متجلية عليهم بالكرم وحسن الضيافة فعلمت أن الفرع من ذلك الأصل وأن الرميمه لم يمت بل لازال حياً في أحفاده .
ولما كُنَّ في الليل ونحن جالسون في مسجده وأمامنا تابوته وسيدي الشيخ محمد يحيى يحاضرنا ونحن نسمع محاضراته الدينية ونطرب بقصائده النبوية إذ هبت علينا النسمات الرميميه ، وأحسسنا بالوجد والروحانية .
وكأن الرميمه بين أيدينا ومن حميَّا كأسه يسقينا فأنعم بها من ليلة المصطفى نورها والرميمه يديرها والجنيد مديرها والباهوت يزورها.
فجزى الله ذريته على الجهود التي يبذلوها في استقبال وإكرام الزائرين خيراً جزيلاً.

 أثاره العلمية :

كثير من الأولياء العارفين لم نحصل على أي شيء من آثارهم العلمية لاسيما في جبل صبر ، ومعلوم أنهم خلفوا آثاراً علمية لكن السبب في عدم حصولنا عليها هو عدم اهتمام من جاء بعدهم بتلك الآثار العلمية، ولذلك تعرضت للضياع وبعضهم ربما حافظوا على كتب أسلافهم المخطوطة ، إلا أنهم عندما فتحت الدولة الحاكمة أبواب السياحة باعوها لأولئك السواح الأجانب بمبالغ مغرية.
فأصبحنا نجد كتب أسلافنا في مكاتب أوروبا والبعض الآخر وهم في النادر ، قد تجد عندهم كتباً مخطوطة لأسلافهم إلا أنهم رفضوا أن يخرجوها للناس كي ينتفعوا بها وأخفوها بحجة أنها من المعارف الإلهية التي لا يفهمها الناس .
أما آثار الرميمه العلمية لا نعلم منها شيئاً لكن بعض الأسلاف ذكروا بأن كتباً كانت له بحسب ما أخبرني به أحد ذريته ولم يصلنا من آثاره إلا بعض الأدعية والأذكار وهي مثبوتة في مخطوطات قديمة في حوزة ذريته – وهذا الورد الذي يقام يومياً في مسجده هو من أوراده ويسمى براتب الرميمه وهو من أنفع ما يتوصل به المريد إلى ذي العرش المجيد .
ويكفي من آثاره أنه ترك رباطاً علمياً من أعظم أربطة تعز أثراً وأكثرهم أتباعاً كان يحمل اسمه إلا أنه تحول بعد قيام الجمهورية إلى مدرسة علمية.

 أبنائه وذريته :

لقد خلف السيد علي الرميمه أبناء نجباء وأحفاداً عظماء يتناقلون فكره ومذهبه الهادوي الذي غرسه لهم جيلاً بعد جيل إلى يومنا هذا ولا إشكال فيمن تأثر من ذريته بالمذهب الشافعي .
فأولاد الرميمه على حسب ما جاء من أخبار الأوائل وتناقلوه الأحفاد إلى يومنا هذا وبحسب – أيضاً – ما أخبرنا به أحفاده بأنه كان له من الأولاد سبعة:
الأول : الطفيل وضريحه بحسنات في الجهة الجنوبية الغربية في مدينة تعـز وعلى قبره قبة عظيمة، أما ما يقال من أن الطفيل جاء ضيفا عند الشيخ إبراهيم الحراري تم توفى ودفنه الحرازي وأوقف له فليس بصحيح لأن الشيخ إبراهيم الحراري المسمى في كتب التراجم إبراهيم بن محمد بن إبراهيم العراقي كانت وفاته في سنة 866هـ وهذا يرد قولهم ذلك لأن الطفيل قبل إبراهيم الحراري بقرنين من الزمن هذا إذا ثبت بأن الطفيل من أولاد سيدي الرميمه.
الثاني : شهيد بن علي الرميمه وقبره بقرية المحرس ، والثالث : رديف وقبره في قرية ذي مهنة بالجبل.
الرابع : السيد عبد الله وقبره برَّأس بالجحيمه تحت المحرس .
الخامس : السيد لهيم مات صغيراً.

السادس : السيد مديفع أو مدافع بن علي سماه تبركاً بشيخه مدافع.
والسابع : السيد مسعود بن علي الذي سار على نهج والده ولقد عرف عنه ببناء المساجد أينما حلَّ ورحل ، ولقد سميت المقبرة الكائنة رأس أكمة ذي يعفر باسم أكمة مسعود وله قبة باسمه وضريح و يتبرك به .
ثم تبع مسعود ولده إبراهيم فقد كان شيخاً عارفاً قبل أنه كان له من المريدين والتلاميذ ما يقرب من ثلاثين ألف ، وكان على صلة بابن عمه الإمام يحيى بن حمزة في زمن ولايته على المناطق الزيدية.
وكان ولاة تعـز يخافون منه ويحذرون خروجه عليهم حتى اضطروا لمجاراته فوهبوا له ولأربطته العلمية معظم ممتلكاتهم في قرية عقاقة والجبلين وأوقفوها للصادر والوارد وإطعام الطعان كما أوهبوا له جميع خراج الدولة من أرض موزع والوازعية وجعلت النظارة لهذه الأرض للسيد إبراهيم بن مسعود وذريته من بعده .

ولقد ذُكر السيد إبراهيم بن مسعود في بعض كتب التراجم فقد جاء في "صلحاء اليمن" ما نصه " وأما ذرية السيد علي فمنهم السيد الصالح إبراهيم بن مسعود" أخبرت أنه كان من الأولياء الصالحين من عباد الله الزاهدين ، وأنه كان في الحياة عند أن خرج أهل صبر عن طاعة السلطان المجاهد مع خوفهم منه فقال لهم السيد إبراهيم ما دمت حيّاً بينكم فلا سبيل للسلطان المجاهد عليكم فإذا مت فإن السلطان المجاهد يطلع الجبل قهراً ويقتل منكم جمعاً كثيراً فتوفاه الله تعالى واجتمعوا للقراءة عليه فطلع المجاهد وعسكره وأخذ الجبل قهراً وقتل من أهله جمع كثير فكان ذلك تصديقاً لما قال الشيخ إبراهيم .وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة .
ومنهم ولده السيد بدر الدين حسن – وهو الذي تابع والده بالولاية – أخبرت أنه كان عابداً صالحاً مكراماً للضيف مطاع القول ، مفتوحاً عليه بالمعارف مقصوداً للمهمات، تقضي على يديه الحاجات ، وظهر له الكرامات وتوفى سنة أربع وثمانمئة رحمه الله ونفع به .. أ.هـ ..
وجاء من بعده ابنه السيد محمد بن الحسن الذي قيل أنه كان تاجراً ومات في مكة المكرمة ثم تابعه ابنه عمر وهو الذي أمر ببناء التربة فوق ضريح أجداده .
ثم انتقلت الولاية الروحية إلى السيد عبد الله بن الحسن بن إبراهيم بن مسعود ، وكان شجاعاً مهاباً وهو أول رجل فرضت عليه الدولة الإقامة الجبرية، ثم تابعه ولده أبوبكر ثم محمد بن أبي بكر الذي عرف عنه أنه كان طبيباً ماهراً وله ضريح تحت جبل العيدان بالجرادية على طريق أدود ، ثم انتقلت الولاية إلى ابنه أحمد ثم إلى إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أبي بكر وأخيه علي بن أحمد الذي تزوج من قرية المسالية وانتقل وسكن عزلة طالوق تاركاً إسماعيل يقوم بكل أعمال الأسرة ، ثم انتقلت الولاية وتوزعت في أبنائهم .
وفي عام 1019هـ أوقف السيد العارف بالله صاحب القدر الجليل والخلق العظيم عبدا لقادر بن علي الرميمه معظم ما يمتلكه في أرض طالو ق وبرداد من الأراضي الثمينة وذلك لإطعام الطعام لأبنائه وأحبابه وذريته وللوافدين ، وأن يقام من غلات الوقف مولدين شريفين للبني صلى الله عليه وآله وسلم ، بأن يؤخذ ثوران وما يتبعهما لإقامة المولدين في بيته وفي تربة السادة بحدنان ثم تابعه أخواه الشيخ سليمان بن علي ومحمد بن علي فقد قاما بالنذر ببعض أملاكهم في عزلة حدنان ومشرعة والمحجا وغيرها نذراً احترازياً عن البيع والشراء والقسمة .
أما الأراضي الموقوفة لإصلاح التربة ولمن افتقر من الذرية فهي أرض الأشاني وجبل حبشي وزرائب السوا وغيرها .
ومع تزايد الأسرة وتفرق البعض إلى عزل مختلفة إلاَّ أنهم كانوا يتسابقون ويتزاحمون على عمل الخيرات والقيام على تربة جدهم وعمل المولد الشريف.

فكان أولاد السيد علي بن عبد الصمد بن عبد الفتاح بن إسماعيل قائمين على تربة جدهم ومحافظين على الأذان والراتب الذي يؤدى في المسجد بين صلاتي المغرب والعشاء وكانوا – أيضاً – يقومون على نظارة أرض الأشاني وبلاد تعـز والحجرية وحدنان ، وينظمون موعد المولد الشريف ويقومون بكل متطلباته وكان أولاد السيد عبد الله بن نور الدين قائمين على نظارة الأوقاف وتصريفها كلٌ بحسب احتياجاته وهم القائمون والواقفون أمام الخاص والعام بما يخص الأسرة .
وهكذا ظلت الأمور تسير على نظام يسوده الحب والتعاون على أعمال الخير والبر.
وكما قلنا سابقاً بقيت الولاية على المسجد و التربة بيد إسماعيل بن علي بن عبد الصمد ثم ولده سعد ثم ولده محمد ثم ولده عبد الحميد ثم ولده علي عبد الحميد و بعد وفاته انتقلت الولاية للسيد محمد سعيد بن محمد بن غالب صاحب القدر الجليل و المقام المعروف بسعة حلمه وصدق قوله و عمله و سلامة توجهه الحسي و المعنوي لحضرة ربه الذي أتته الولاية مرغمة ، فلقد استفرغ وقته وجهده منذ صباه بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أعمار بيوت الله حيث أشتهر السيد محمد سعيد الرميمه ببناء المساجد ليس في القرية فحسب و إنما بناحية مشرعة و حدنان وطالوق و الجندية و القصيبة و كان هو الوالي الروحي و القائم على تربة جده و مسجده و إقامة الراتب و الجماعي ومن مناقبه إنه كان كثير الحج و الزيارة وكان كما أخبروني عنه أنه إذا أراد قضاء الحاجة وهو في الحرم المكي أو المدني يخرج إلى خارج مكة أو المدينة , ومن كرامته أيضاً أنه حينما مرض مرض الوفاة وذلك في شهر رمضان قال لأهله ولمن حوله إذا مرت ليلة بدر ولم أمت فلا يزال في العمر بقية إذا به يموت في ليلية بدر كما ألهمه الله تعالى . رحمه الله ونفعنا الله به.
هذا وما تركته من أحوال السيد محمد السعيد الرميمه فهو كثير وإنما أردت بهذه الأسطر القليلة أن أخلد شخصيته الجليلة عرفاناً له ولبصماته الخيرية التي لا زالت إلى يومنا هذا ومن مخطوطته (رحمة الله عليه)..
وبعد وفاته قام ولده عبد الله بما كان يقوم به والده ومن أعماله ترميم التربة وشراء أكبر دست من المدينة المنورة يَسع ثلاثة رؤوس من البقر لاستخدامه في جمع الرميمه ونتمنى أن يحافظ أولاده من بعده على هذا التراث العظيم في صيانة المسجد و التربة من القربات إلى الله تعالى و من أعظم المناقب عند أسرة الرميمه.
ولم يتوقف رباط العلم إلا بعد رحيل السيد علي عبدا لحميد وبعد قيام الجمهورية بخمس سنوات قام العلامة السيد عبد الله بن محمد الرميمه بإحياء الرباط من جديد حيث التحق بالرباط من العزل الأخرى بالمئات وأخبرني أحد أولاده بأنه تخرج على يد والده الآلاف من طلبة العلم كلهم يجيدون اللغة العربية والفقه والتوحيد والأدب ، وله مؤلفات عديدة بعلوم الأدب والشعر واللغة وفي الحكم والفقه ، ولديه قصة مولد النبي صلى الله عله وآله وسلم ومازالت هذه الكتب تحت الطبع ونتمنى من أبنائه أن يتعاونوا على طبعها وإخراجها للناس كي ينتفعوا بها وكان السيد عبد الله الرميمه يسمى عند أهل ناحيته (بالأمين) وله عندهم قدر كبير يهابونه ويحترمونه ويجلون أمره ويسمعون قواله ويتناقلون كلامه وكأنها درر .

ومن درره رحمة الله عليه

الآ يأيها الإنسان إنك راحل

الآ يأيهـــــــــا الإنســـــــان إنك راحــــــــــل
وإنك مســــــــــــــــتتؤل وربك ســــــــــــائل
ودنيـــــاك لن تبقـــــى وكل الـــــــذي تــرى
يلــــــــــــــــوح على وجــــه البسيطـــــــــــة زائل
ويكفيــــك قدراً للقــــــوى فكثبرها
فســــــــاد لدينــــــك بل وأكثر شـــــــــاغل
وإن بنــــــــي الدنيـــا عليها عوا كـــــف
ومن يعشــــــــق الدنيا هــــــوته المشاكــــــــل
فطوبـــــى لعبــــــد عـاش عيشة زاهـــــــــد
يميل عن الدنيــــــــا وللخير فاعـــــــــــل
إلهـي لقـــــــد جاء الكتاب معلمــــــــاً
ولكننــــــي رغم التعلــم جاهـــــــــل
تعاملـــــــني نفســــــي غــــرورا وليـس لي
ســـــؤ حسن ضنـي أنت لتــوب قــــــــابل
فيا سيــــد الســادات أنت وسيلـــــــتي
ونصــــــري إذا مـــا جئت للذنب حامـــــــل
فكــن لي شفيعاً يوم ينكشف الغطا
عفـــوك وخــــذ بيــــدي فضــــلا ففضـلك شــــامل
ويا فاطر الكــــونين ارتجــي
فإنــــي عـن كسب الفضـــائل عاطـــــل
عليك صلاة الله ما ذكرا اسمــه
كـــذا الآل والأصحاب ما لمزن حامــل

 الذرية المعاصرة لكاتب هذه الوريقات :

ومع انتشار المدارس الحكومية في ربوع اليمن قاطبة بدأت الأربطة التقليدية بالتراجع والانقراض شيئاً فشيئاً وحلت بدلاً عنها المدارس الحكومية ورباط الرميمه كغيرهٍ فقد تم تحويله إلى مدرسة علمية .
وذرية الرميمه الآن تربوا على خمسة آلاف نسمة قاطنين في حدنان والجبلين وحبيل سلمان وبرداد وطالو ق والجند اتجهوا إلى المدارس ليتعلموا أنواع العلوم الحديثة وتخرجوا من الجامعات بمختلف التخصصات العلمية والدينية ومنهم أكثر من مائتي موظف في جميع الوزارات وفروعها ويعملون لخدمة وطنهم بجد ونشاط وإخلاص لرفع نهضة اليمن السعيد فمنهم العلماء كالفصيح المتكلم والسياسي المخضرم الذي انتهت إليه رئاسة الأسرة رجل المنابر الأستاذ المثابر السيد عبد الرحمن بن عبد الله الرميمه حفظه الله، ومنهم الأخيار الذين اشتهروا بالفتوة والإيثار ومنهم الذي سمعنا عنه الكثير صاحب الإبداع الذي أحبته أسرة الرميمه بالإجماع المثقف الدكتور والجراح المشهور السيد محمد عبد الله عبد الجليل الرميمه حفظه الله ، ومنهم الشعراء والأدباء و......إلخ




مــــــن
أوراده عليه السلام

راتب / السيد علي بن أحمد الرميمه

- قراءة سورة ياسين ثم قوله تعالى :
( فسبحان الله حين تمسون ..)إلى قوله( و كذلك تخرجون ) .
وقوله ( لا يستوي أصحاب النار و أصحاب الجنة ..) إلى قوله ( وهو العزيز الحكيم ) .
- قراءة سورة الملك .
- قراءة سورة الشرح و سورة القدر ، و قريش ، و الإخلاص و الفلق وسورة الفاتحة .
- قراءة أول سورة البقرة .
- قراءة آية الكرسي .
- قراءة أواخر سورة البقرة .
- ثم قوله تعالى ( قل اللهم مالك الملك ..) إلى قوله تعالى ( و ترزق من تشاء بغير حساب ) آل عمران أية (26-27 ) .
- أواخر سورة الكهف .
- أسم الذات ( الله الله الله ) ( سبعون مرة )
- الله ربي و لا أشرك به شيئاً الذين أمنوا تطمئن قلوبهم بذكر الله إلا بذكر الله تطمئن القلوب فأعلم أنه لا إله إلا الله ( مائة مرة ) .
- لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم هو الأول ... يسبح له ما في السماوات و الأرض و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم
( سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم ( خمسون مرة ).
إن الله و ملائكته يصلون على النبي يأيها الذين أمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما
{ اللهم صلى على محمد النبي الأمي و على آله و صحبه و سلم } (عشر مرات)
قال تعالى ( و ما كان الله ليعذبهم و انت فيهم و ما كان الله معذبهم و هم يستغفرون ) ( أستغفر الله العظيم ) (سبعون مرة ) .
- نستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و نتوب إليه ( ثلاث مرات ) .
- و نسألك التوبة و المغفرة و الرضوان لنا و لوالدينا و لجميع المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات الأحياء منهم و الأموات ( مره واحدة ) .
( الله لطيف بعباده يرزق من يشاء و هو القوي العزيز )
يالطيف يالطيف يالطيف يا الله يالطيف يالطيف يالطيف ألطف بنا يالطيف ( سبعون مرة ) .
اللهم يا عليماً بخلقك و يا سميعاً بخلقك و يا خبيراً بخلقك ألطف بنا يا خبير يا سميع يا بصير يا الله .
اللهم ألطف بنا في قضاءك ، و أهدنا ، إلى رضائك ، و عافنا من جميع بلائك و أوزعنا أن نشكر نعمائك و لا تخزنا يوم لقائك ( مرة واحدة ) .
- قال تعالى ( فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت و هو رب العرش العظيم ) حسبنا الله ونعم الوكيل ( عشر مرات ) .
- سبحان الله تعظيم لله سبحان الله شكراً لله
- سبحان الله حقُ حقا جل المولى صمدُ يبقى
-سبحان الله حيُ قيوم فردّ صمدُ يبقى و يدوم ( ثلاث مرات ) .
- سبحان الله العلي العظيم و بحمده (ثلاث مرات ) .
- ( الله ولى الذين أمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) ( ثلاث مرات ) .
- تحصنت بالله الحي القيوم الذي لا يموت أبدا ، أدفع عنا السوء بألف ألف لا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( ثلاث مرات ) .
- تحصنت بذي العزة و الجبروت واعتصمت برب الملكوت... وتوكلت على الحي الذي لا يموت ، أصرف عنا الأذى إنك على كل شــــيء قدير . ( ثلاث مرات ).
- يــــــــــــــــــا ذا الجــــــــــلال و الإكـــــرام أمتنا على ديــــــــن الإســــــلام (ثلاث مرات ).
- يــــــــــــاقــــــوي يــــــــــــامتــــــــــــين أكفنــــــــا شـــــر الظالميـــــــــــن
- أصـــــلـــــح الله أمـــــــور المسلمــــــــين صـــــرف الله شــــــر المــــؤذيين ( ثلاث مرات ) .
- آمنــــــــــا بــــــــالله و اليــــــــ،وم الآخــــــر تبنا إلى الله باطنـــــاً و ظاهراً ( ثلاث مرات ).
- يا الله بتـــــوبة و القبــــــول و الإحســـــــان يا لله بتوب قبل درج الأكفــان ( ثلاث مرت ) .
- يـــــــــــــا الله بهـــــــــــــــــا يــــــــا الله بها يــا الله بحســـن الخـــــاتمــــــة ثلاث مرات ) .
- و أعتصموا بالله مولاكم نعم المولى و نعم النصير و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين...

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


 الخاتمة :

هذه هي ذرية السيد علي الرميمه الذي وجب علينا من باب محبتنا له ولذريته أن نترجم عنه بلغة عصرنا لأحفاده وأحبابه وأتباعه ولكل صوفي تتوق نفسه لمعرفة أخبار الأولياء .
وأن نزيح عن محبيه وأتباعه ضباب التشويه الذي قام به المغرضون عمداً وروجه المنتفعون قصداً وتحدث به المخدوعون جهلاً .
ويكفينا من سلفنا الصالح أن جبل صبر شهد في عهدهم تحولاً واسعاً في الحياة الفكرية ورست الطريقة الصوفية القادرية وبعدها الشاذلية في بعض مناطق صبر إلا أن حدنان إضافة إلى احتفائها للطريقة القادرية تميزت بالمنهج الهادوي الذي وضع جذوره وأسس بنيانه الشيخ علي الرميمه ولازال أبناؤه يتناقلونه إلى يومنا هذا .
وأنا أدعوهم إلى التمسك بمنهج أجدادهم وأن يستمروا على إقامة جمع جدهم ، فببقائه عزهم وبدوامه مجدهم وأن ينشروا لكل محبيه أوراده وأذكاره ويحيوا ما أندرس من آثاره .
ولا يغتروا بأولئك الذين يهرفون بما لا يعرفون قاتلهم الله أنَّى يؤفكون الذين يكفرون خلق الله ويبدعون كل من أحب أو زار أولياء الله .
يغررون على البسطاء والسذج من العوام بأخبار كاذبة وروايات زائفة كي يثبتوا منهجهم الشيطاني المستمد من ابن تيميه والنجدي والألباني
وتراهم يستدلون على أقوالهم بآيات قرآنية ويؤولونها بما يوافق هواهم (عقيدتهم التشبيه والتجسيم لذات الله وهدفهم التحقير من شأن رسول الله والحط من قدر آل البيت عليهم سلام الله ومذهبهم السب والشتم والتكفير لسائر خلق الله وسلوكهم نصب العداوة لأولياء الله ومنع إقامة الموالد التي ترضي الله.. )
ألا فوحدوا صفكم وأمضوا على ما كان عليه جدكم ، فالعلم عندكم والولاية موزعة بينكم وربما تكون لمن تأهل وصدق منكم وقولوا : يا جذبات الحق أوصلينا ويا نفحات الفضل قرٍّبينا .
فالصوفية ما صاروا أولياء إلا لأنهم سلكوا طريق الاستقامة فكانت لهم من الله الكرامة ..
جعلنا الله وإياكم منهم .. اللهم كما مننت علينا أولاً بمعرفتهم فلا تحجبنا عن محبتهم ورؤيتهم واحملنا على سنتهم وطريقتهم ولا تحل بيننا وبينهم حتى تحلنا محلهم وتدخلنا مدخلهم يا رب العالمين ..
تم الانتهاء من تدوين هذه الوريقات في ظهر يوم الأربعاء 18 ذو الحجة سنة 1426هـ الموافق 18/1/2006م ..


تأليف السيد العلامة / عدنان بن أحمد الجنيد

 المـراجع :

1. القرآن الكريم.
2. طبقات الخواص أهل الصدق والإخلاص – للشرجي ت(893) هـ.
3. طبقات صلحاء اليمن المعروف بتاريخ البريهي – للبريهي السكسكي.
4. عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لـ جمال الدين أحمد بن علي الحسن.
5. قرة العيون بأخبار اليمن الميمون – للشيباني الزبيدي.
6. السلوك في تاريخ العلماء والأولياء والملوك للقاضي الجندي.
7. طبقات الزيدية الكبرى لـ إبراهيم بن القاسم ت(1152)هـ .
8. تصفية القلوب من درن الأوزار والذنوب للإمام يحيى بن حمزة ت(749) هـ.
9. سجلات النسب التي في حوزة أحفاد الرميمه .
10. المعلومات التي زودني بها السيد عبد العزيز الرميمه .
11. كرامات الأولياء للنبهاني .
12. كتاب مخطوط فيه أوراد و أذكار الرميمه .
13. المعجم الوسيط .












عرض البوم صور وائل الرميمه   رد مع اقتباس
قديم 18-04-2009, 08:21 PM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
عاشقة الابتسامه

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
عاشقة الابتسامه غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : وائل الرميمه المنتدى : منتدى أهل البيت (عليهم السلام)
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .












عرض البوم صور عاشقة الابتسامه   رد مع اقتباس
إضافة رد


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإمام زيد عليه السلام ( وائل الرميمه ) وائل الرميمه أفراح وأحزان أهل البيت(عليهم السلام) 0 26-12-2010 12:04 PM
دوحة الحكم/السيد العلامة / عبد الله محمد الرميمه وائل الرميمه منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) 1 02-02-2010 12:35 AM
لتقريب بين المذهبين ( الزيدي ، الشافعي )..وائل الرميمه وائل الرميمه المنتدى الاسلامي العام 2 12-04-2009 10:52 PM
جمع السيد علي بن أحمد الرميمه...لتحميل ..فيديو وائل الرميمه احباب الحسين للمرئيات والصوتيات الاسلاميه 1 12-04-2009 07:34 PM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين