د. حسن آل حطيط العاملي
-1-
حينما يصحو السحَر
و يحنّ للنوم السهر
و تنام في الكون العيون
تراه وحده...
يطوف في عمق السكون
شاهراً شوقه...
يشدو على خدّ الرياح
يدعو على جنح الجراح
موقداً صدره...
ذلك الزينُ
زين العباد
من مثله
يأتي ليلقَ ربّه!!!
حينما تجري الدموع
و تتجلّى فوقها
كل الهموم!
حينما تهمي الهموم
و تتخفى تحتها
كل الشجون!
حينما تهوي الشجون
و ينحبس خلفها
سرّ المنون!
يأتيك وحده...
يشكو إلى رب السماح
تحفّ به كل البطاح
لتسمع همسه...
ذلك الزينُ
زين العباد
من مثله
يأتي ليدعو ربّه!!
-2-
أبا الدمع
يا دمع النسم
يا نسيم الطهر
يا طهر الألم
تتلاطم الأحلام تلطم
كلما مرّت ببابك
تتساءل الأيام تسأل
كلما عبرت بدارك:
"أي ضوء هذا الذي يضيء الضياء!
أي زين هذا الذي يزين السناء!
أي سحر هذا الذي جعل الزمان
أرجوزة في قبضتيه!
أي حسن هذا الذي نسج الجنان
أرجوحة في راحتيه!
أي حبّ هذا الذي حبك الحنان
أنشودة في مقلتيه!
لك في القلوب معابد
عمّدت النور بالندى
لك في الصدور مساجد
سيّجت الحبّ بالهدى
لك في الجراح مرابض
طاولت النجم فاهتدى
لسحر مسراك السني
لنور محياّك البهي
و ارتضى
بك يا رضي
يا مرتضى!!.
-3-
أبا الطهر
يا طهر الخشوع
يا خشوع المجد
يا مجد الدموع
أهيم قي كل دمعه
نزحت من ناظريك
أجول في كل أنّة
هجرت من شفتيك
يا سليل البركه
هل لي لديك بركه؟
أسدّ بها رمقي
و أروي بها ظمأي
و أذوي بها لديك!
أبا اليتم
و من غيرك أيتموا
فليتمك تشهد الأيام
أبا الحزن
و من غيرك أحزنوا
فبحزنك تقسم الأزمان
أبا الزهد
و من يشار إليه غداً
إذ ينادى بزين العباد!
فتقوم تخطر في الصفوف
و خلفك الذي نال المراد
يسير يتبع طيفك
ليصير زيناً مثلك
تغبطه أفئدة العباد!!
-4-
أيا ذا الثفنات
سلام على الأسحار
تسموفي يديك
أيا ذا الزفرات
سلام على الأنوار
تقرّبها إليك
أيا ذا العبرات
سلام على الدمع في فرحته
سلام على الحزن في نشوته
سلام على الأرض التي لامست قدميك!
سلام على الشمس التي عانقت خدّيك!
سلام على الليل الذي ما حوى
إلاّك أنسًا..وما هوى
...إلا لديك!!
تبلى العيون و عينك في الدجى نضره
تبلى النفوس و نفسك في المدى عطره
تبلى الدموع و دمعك تسّاقط دُرره
بكاء السجّاد بكاء الشجر
بكاء التربة و المدر
بكاء السجّاد بكاء المطر
بكاء الجدول و الزَّهَر
ترسله الريح في كل صوب
تحمله الريح في كل حدب
و تلقيه سِحراً عند كل سَحَر
ليغمره الترب غراماً
و يحضنه البحر هياماً
و يرفعه الماء سلاماً
و يلقيه ألَقاً فوق كل أثَر!.
-5-
يتمدد الورد أوردةً
ليتبع خطاك
يتمزّق الشوك أشوقاً
ليلتمس ثراك
يتقطع التاريخ ألحاناً
ليحتضن هداك
إيه يا دنيا أطليّ
من عرشك الفاني أطلّي
من فوق أعلى العباب
من خلف أقصى السحاب
و ُخرّي
بكل ما أنت فُخرّي
عفّري وجهك بالتراب
فأنت بكل ما أنت سراب
إنزوى عن جانبيه
و انت بكل ما أنت ضباب
إنجلى عن ناظريه
و قرّي
عينيك فيه وقرّي
ردّدي فوق كل القباب:
"من بحر عينيهِ
سبرت أغوار الدهور
من ورد شفتيهِ
قطفت أسرار الصدور
و رفعت مآذني فرحاً
سكَناً
لسكّان القبور
منه اشتققت طهارتي
إنه النورُ
..النوُر الطَّهور"!.
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
