وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا
الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يكرم عبده الصالح بما يظهره على يده أو عند قبره بما يخرق
به العادة، يكرم بها الأولياء والبررة الأتقياء. ولعل أهم هذه الكرامات شفاء المرضى وتعجيل
البرء وتحقيق الاماني، وغير ذلك من الأمور التي يصعب تحقيقها على الإنسان. وأم البنين
نالت هذه القدسية، وذلك لمنزلتها الرفيعة، لأنها أم الشهداء الأبرار الذين واكبوا ركب أبي
الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام) وضمخوا تراب كربلاء بدمائهم الطاهرة. فهي
محط أنظار العالم الإسلامي كافة، وتروى لها في هذا الجانب كرامات عديدة، مما جعل
الاعتقاد السائد أنها بغية كل طالب حاجة، فترى الناس ينذرون لها النذور على اختلاف
أنواعها، ويطلبون من الله عز وجل بجاهها ان يلبي حاجاتهم.
إن كل من يقع في شدة أو يصيبهُ خطب فادح فينخى أم البنين. لاشك أنها تحقق له
أمنياته، وتمنحه مراده.
ونورد للقارئ جملة من هذه الكرامات رواها لنا شهود عيان:
الكرامة الاولى:
في عام 1961 وفي مطلع الشهر السابع منه كان - توفيق افندي - وهو موصلي الأصل،
متواجداً في كربلاء بحكم الوظيفة، وشعر بألم في مثانته، راجع أحد الأطباء المختصين في
العاصمة بغداد، وبعد الفحص والتحليل، أعلمه الطبيب بأن في مثانته حصاة من الكبر
بحيث لا سبيل إلى إخراجها إلا بعملية جراحية. فاتفق مع الطبيب على موعد لاجرائها،
وعند عودته إلى كربلاء كان في حالة احباط نفسي شديد، فمضى إلى زيارة مرقد الإمام
الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام)، وقبل عودته إلى أهله صادف أحد الشبان في
الروضة العباسية المطهرة يوزع على الناس (آب نبات) وهو قطب صغير من السكر ذي
لون أصفر تعارف عليه ان ينذر لأم البنين، تناول توفيق افندي، قطعة منها ونذر ان يوزع
من (الآب نبات) كيلو غراماً لوجه الله تعالى بجاه أم البنين إذا تم شفاؤه من هذه المحنة
القاسية.
وفي صباح اليوم التالي شعر بأن الحصاة تمنع بوله تماماً، وبعد ألم ومعاناة شديدين خرجت
الحصاة لوحدها، فهاله منظرها وخرج إلى الشارع فرحاًوهو يصيح بصوت عال: الحمد لله،
الله أكبر، شكراً لك يا أم البنين، ثم اتجه إلى الروضة العباسية المطهرة وأوفى نذره.
الكرامة الثانية:
في رواية أوردها مؤلف كتاب (أم البنين رمز التضحية والفداء) ان امرأة تدعى (وزيرة)
خرجت من بيتها في مدينة الكوت وهي متجهة نحو بيت الحاجة أم عبد الأمير وقد أعدت
مجلساً وعندما حضرت المجلس وتطرق القارئ في ختام نعيه الأول لمصيبة أم البنين خشع
قلب وزيرة لبكائهن، وعندما انتهى القارئ من نعيه دعا للمرضى بالشفاء، وبعدها فرشت
سفرة أم البنين، والنسوة يتبركن بما فيها، وهن حول سفرتها يلتمسن الشفاء وقضاء الحوائج.
فأخذت وزيرة منها ويداها ترتعشان، ثم قامت وخرجت والدمع في عينيها، وعند المساء
أكلت هي وزوجها من ذلك الزاد. مرّ شهر أو يزيد ووجه وزيرة يميل إلى الاصفرار ودوار في
الرأس يصحبه زكام في الصدر، قليلة الاشتهاء للطعام، كثيرة النوم،
تتضايق من الأماكن المزدحمة، تتثاقل من كل عمل يعطى لها، تحس بالقيء.
قال لها زوجا، ما بك يا وزيرة؟ أمريضة أنت؟
قالت: لا أدري، فأخذها إلى الطبيب وبعد أن فحصها الطبيب قال: لا شيء، إنها من
علامات الحمل، وللتأكد من ذلك نذهب غداً إلى مركز التحليل. عندها اجهش الزوج
بالبكاء من شدة الفرح، وهو يقول: أأنت مطمئن يا دكتور
فيجيبه وبلا تردد: نعم.
ومر سواد الليل وهما يتقلبان في فراشهما والخيال يحاورهما بالأمل، وعندما أسفر الصبح
وبدت الحياة والحركة في شوارع المدينة ذهبا إلى المستشفى لإجراء التحليل، وبعد انتظار،
والفكر يعتصر الفؤاد، نادى الموظف باسمها. نهضت وهي لا تقوى على حمل نفسها،
فأسرع زوجها وقال: نعم، ما النتيجة؟ فنظر الموظف في ورقة التحليل وقال: مع الأسف إنها
حامل. فطار زوجها فرحاً وهو يقول الشكر لله، الحمد لله، ثم ضم وزيرة بجوى قلبه، وهو
يقول لا أكاد أصدق، وبدت على شفتيها ابتسامة الأمل فتلتئم تلك الجراحات المعذبة.
وعندما دخلا البيت سجدا لله شكراً، وذيع الخبر وعمت الفرحة والدهشة بحملها، وبقي
نذر أم البنين مدفوناً في صدرها.
لقد أصبح الزمن عندها كمسير شيخ جاوز التسعين وهي ترتقب الجنين، ونصائح النسوة
تملأ فكرها، فينمو الخوف في نفسها، وهي متحذرة في المصير.
وذات يوم وفي شهرها الثالث والألم يعتصر بطنها ضارباً ظهرها فيدب الحزن فيها، والأهل
يتسارعون بها إلى المستشفى، وزوجها يقبل يد الطبيب متوسلاً إليه بحفظ الجنين، والطبيب
يقول: هذا بأمر رب العالمين، إن أراد حفظه، وان أراد اسقطه، وكما أنها لا تحتاج إلى دواء،