العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)
منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه) الامام - الحسين - سيد الشهداء - أبو الأئمه - الشهيد - المظلوم - العطشان - أبا عبد الله - ابو السجاد - الغريب - ابو الاحرار - عليه السلام
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


أقسام الخواص

منتدى الإمام الحسين الشهيد (سلام الله عليه)


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-11-2011, 05:11 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

دمعة الكرار


الملف الشخصي









دمعة الكرار غير متواجد حالياً


أقسام الخواص


أقسام الخواص
يقسم الخواص طبعاً إلى فريقين:

أ : خواص فريق الباطل.
ب: وخواص فريق الباطل.
فأهل الثقافة والفكر والمعرفة منهم يعملون لصالح جبهة الحق, عرفوا الحق, وعلموا أن الحق مع هذا الجانب فهم يتحركون ويعملون لأجله, إذن فهم يعرفون الحق, وقادرون على تشخيصه, هؤلاء يمثلون فريقاً أما الفريق الآخر فهم الذين يقفون على الطرف الضد لطرف الحق.
وإذا ما عدنا إلى صدر الإسلام ثانية, فهناك فريق أصحاب أمير المؤمنين والإمام الحسين وبني هاشم, وفريق آخر هم أصحاب معاوية, كان فيهم من الخواص, كان فيهم أشخاص أذكياء من ذوي الرأي والتدبير يناصرون بني أمية, وهؤلاء من الخواص أيضاً.
إذن خواص كل مجتمع على نمطين: الخواص من أنصار الحق, والخواص من أنصار الباطل, وما ترجون من الخواص المشايعين للباطل؟ لا تتوقعوا منهم سوى التآمر ضد الحق وضدكم. وهذا ما يفرض عليكم محاربتهم, حاربوا الخواص من أنصار الباطل, هذا أمر لا نقاش فيه.
نأتي الآن إلى الخواص من أنصار الحق, وأنا أتحدث إليكم الآن, انظروا إلى أنفسكم لتروا في أي موضع انتم, وحينما نقول أن الأصل هو الفكر والإتباع عن رؤية لا نخلط بين التاريخ والقصة, التاريخ وجه آخر لسيرتنا الذاتية.
التاريخ معناه أنا وانتم, معناه نحن الموجودون اليوم هنا, وإذا كنا نحن الذين نقوم ونشرح التاريخ, فلا بدّ أن ينظر كل منّا محله من هذه القصة, وفي أي موضع منها. ثم لنرى ما الذي فعله من كان يوم ذاك في مثل موضعنا حتى كان نصيبه الخسران, لخطئه؟ حتى لا تقع في الخطأ نفسه, مثل ما هو متعارف في دروس التعليم العسكري, يفرض جهة معادية, والأخرى جهتنا, ثم يلاحظ خطأ خطة جهتنا, وتجدون أن العقل الذي وضع الخطة قد اخطأ في هذا المكان, إذن حينما تريدون انتم وضع الخطة يجب أن لا تقعوا في ذلك الخطأ نفسه أو يفرض أن الخطة كانت صحيحة إلا أن الآمر أو المخابر أو المدفعي أو المراسل أو جندياً عادياً في جبهتنا ارتكب خطأ, تدركون انتم وجوب عدم الوقوع في ذلك الخطأ, هكذا هي مسرة التاريخ, والآن عليكم العثور على ذاتكم في هذا المشهد الذي أتحدث عنه في صدر الإسلام.
بعض الناس من طبقة العوام, ولا قدرة لهم على اتخاذ القرار, وأمرهم منوط بالفرصة المتاحة أمام العوام, فإذا صادق أن كانوا في زمن يتصدى لزمام الأمور إمام ـ كالإمام أمير المؤمنين"ع" , أو كالإمام الراحل"قده" ـ ويسير بهم نحو الجنة, فخير على خير, وأمثال هؤلاء يسوقهم الصالحون, وينتهي بهم الأمر إن شاء الله إلى الجنة, أما إذا صادف وعاشوا في زمن من يصفهم القرآن بقوله: {وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} أو {ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفراً وأحلّوا قومهم دار البوار, جهنم يصلونها وبئس القرار}, يكون مصيرهم إلى النار.
إذن احذروا أن تكونوا من العوام, ولا نقصد بكلامنا هذا وجوب إكمال مراحل دراسية متقدمة, أبداً وقد قلت أن معنى العوام ليس هذا فما أكثر الذين انهوا مراحل دراسية عليا, لكنهم يحسبون في عداد العوام, وما أكثر من درسوا العلوم الدينية وهم من العوام, وما أكثر الفقراء أو الأغنياء الذين يدخلون في عداد العوام, أن صفة العوام رهن إرادتي وإرادتكم, ولهذا علينا أن ننتبه ولا نكون من العوام, أي يجب أن يكون كل فعل نفعله, عن بصيرة ومن لا يعمل عن بصيرة فهو من العوام, ولهذا ورد في القرآن الكريم عن لسان رسول الله "ص" : " ادعوا الله على بصيرة من ديني أنا ومن اتبعني}.
إذن انظروا أولا هل أنتم من فئة العوام أم لا؟ فإذا كنتم من تلك الفئة فسارعوا إلى الخروج منها, حاولوا أن تكون لكم قدرة على التحليل والدراية والمعرفة.
أما إذا كنا في عداد الخواص, فلنرى هل نحن من خواص أنصار الحق أم من خواص أنصار الباطل؟ والمسألة هنا واضحة, فالخواص في مجتمعنا من أنصار الحق بلا ريب, لأنهم يدعون الناس إلى القرآن والى السنة والى العترة والى سبيل الله. والى القيم الإسلامية, هذه هي طبيعة الجمهورية الإسلامية, إذن فلا نتحدث الآن عن الخواص من أنصار الباطل ولا شأن لنا بهم حالياً بل تمام الكلام في الخواص من أنصار الحق, والمشكلة كلها تبدأ من هنا.

خواص الحق بعد وفاة الرسول
بدأ انزلاق الخواص المؤيدين للحق بعد وفاة الرسول "ص" بست أو سبع أو ثمان سنوات, وحديثي هنا مع غض النظر عن مسألة الخلافة تماماً, فقضية الخلافة على حدة, بل أتحدث الآن حول هذا النهج بسبب ما يتصف به من خطورة والقضايا بأجمعها وقعت بعد وفاة الرسول بسبع سنوات. وبرزت أولى مؤشراتها في قولهم: لا يجوز أن يستوي ذوو السابقة في الإسلام ـ وهم أصحاب الرسول ومن شهد منهم حروبه ـ مع سائر الناس : هؤلاء يجب أن تكون لهم امتيازات فمنحت لهم امتيازات مالية من بيت المال!
كانت هذه هي اللبنة الأولى, وهذا هو حال سائر التيارات المنحرفة: تبدأ من نقطة صغيرة ثم يستفحل شأنها ويتفاقم مع كل خطوة. الانحرافات بدأت من هنا إلى أن بلغت عهد عثمان, حيث آلت الأوضاع في أوساط عهد الخليفة الثالث إلى حالة صار فيها كبار صحابة رسول الله "ص" أثرى الأثرياء في زمانهم. أي أن كبار الصحابة من ذوي الأسماء المعروفة ـ كطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وأمثالهم ـ الذين كان لهم مفاخر, باتوا في رأسماليي الطراز الأول! بحيث أن أحدهم لما مات وأرادوا تقسيم أمواله بين وارثيه اضطروا إلى كسر الذهب ـ الذي أذابه وحوّله إلى سبائك ـ بالفؤوس, كالحطب الذي يكسر بالفؤوس ـ فكم كان مقدار الذهب إذن حتى يكسر بالفؤوس؟ والحال أن الذهب يوزن بالمثاقيل, هذا ما سجّله التاريخ!
هذا ليس مما يقال أن الشيعة سطّروه في كتبهم, أبدا. هذا ما كتبه الجميع, فالمبالغ التي خلفوها من الدنانير والدراهم التي كانت مبالغ خيالية! وهذه الحالة هي التي أدت إلى وقوع تلك الأحداث على عهد أمير المؤمنين "ع" ـ أي بما أن البعض صار يولي أهمية فائقة للمنصب, لذلك فقد دخلوا في صراع معه.
هذا وقد مرّت خمس وعشرون سنة على وفاة الرسول"ص", وقد بدأت الكثير من الأخطاء والاشتباهات, أن نفس أمير المؤمنين "ع" هي نفس الرسول "ص" ـ ولولا هذه الفترة ـ الخمس وعشرون سنة ـ لما كانت تواجه علياً "ع" أية مشكلة في بناء ذلك المجتمع, إلا انه "ع" جوبه بمثل هذا المجتمع الذي يوصف بعض أفراده بأنهم " يتخذون مال الله دولاً وعباده خولاً ودينه دخلاً بينهم. مجتمع ضاعت القيم فيه في خضم حب الدنيا, مجتمع يواجه فيه أمير المؤمنين "ع" مصاعب جمّة عندما يريد قيادة الناس إلى الجهاد.
كان أكثر الخواص في عهد أمير المؤمنين من المناصرين للحق, أي من الذين كانوا يعرفون الحق, ولكنهم يرجحون الدنيا على الاخرة. وهو ما أدّى به إلى خوض ثلاث معارك, وأنهى فترة حكمه التي استمرت أربع سنوات وتسعة اشهر في هذه المعارك الثلاثة: إلى أن استشهد في نهاية المطاف على يد أحد الأشقياء.
إن دم أمير المؤمنين "ع" غال كدم الإمام الحسين "ع": تقرأون في زيارة عاشوراء: "السلام عليك يا ثار الله وابن ثأره, أي أن الله تعالى هو ولي دم الإمام الحسين "ع" وولي دم أبيه أمير المؤمنين "ع" .ولم يرد مثل هذا التعبير لأحد غيره. من البديهي أن لكل دم يراق ولي , وهو ما يسمى بولي الدم, فالأب ولي دم ولده, والولد ولي دم أبيه, والأخ ولي دم أخيه , ويسمى هذا عند العرب ثأراً, المطالبة بالدم ومالكيه حق الدم يسمونها بالثأر, والذي يطالب بدم الإمام الحسين هو الله تعالى, كما انه هو المطالب بدم أمير المؤمنين "ع" , إذن ولي دم هاتين الشخصيتين هو الله تعالى.
لقد استشهد أمير المؤمنين "ع" بسبب تلك الأوضاع, ومن بعده جاء ابنه الحسن"ع" الذي لم يتسنَّ له الصمود بوجه تلك الحالة أكثر من ستة اشهر, إذ تخلى عنه أنصاره وتركوه فريداً وحيداً فرأى انه إذا سار لمحاربة معاوية بهذه الثلّة القليلة واستشهد فلن يُطالب أحد حتى بثأره نتيجة الانحطاط الأخلاقي في المجتمع الإسلامي, وبين هؤلاء الخواص ! وان دعاية معاوية وأمواله وحيله ستستحوذ على الجميع وسيقول الناس بعد مضي سنة أو سنتين: أن الإمام الحسن لم يحسن صنعاً ـ أساساً ـ حين تحدى معاوية, ومعنى هذا أن دمه سيذهب هدراً, لذلك تحمَّل جميع المصاعب ولم يلق بنفسه في ميدان الشهادة.
إن الشهادة تكون أحياناً أسهل من البقاء على قيد الحياة وهذا المعنى يدركه جيداً أهل الحكمة والدقّة والآفاق المعنوية. أحياناً تصبح الحياة والعمل في أجواء معينة أصعب بكثير من القتل والشهادة ولقاء الله. لكن الإمام الحسن "ع" سلك هذا السبيل الأصعب.
في تلك الأوضاع كان الخواص في حالة انهيار ولم يكونوا على استعداد للقيام بأي تحرك. ولهذا السبب حينما استلم يزيد السلطة ثار عليه الإمام الحسين "ع" : لأن يزيد بما يتصف به من صفات سيئة كان من السهولة محاربته. وفيما لو قتل أحد في محاربته لا يذهب دمه هدراً.
الخواص وخيار الثورة
كانت الأوضاع في عهد الإمام الحسين "ع" لا خيار فيها إلا خيار الثورة, على العكس من زمن الإمام الحسن"ع" الذي فيه خياران خيار الشهادة وخيار الحياة, وكان البقاء على قيد الحياة أكثر ثواباً وجدوى ومشقّة من القتل والإمام الحسن"ع" اختار هذا المسلك الوعر. ولكن الوضع لم يكن على هذه الصورة في عهد الإمام الحسين"ع" ولم يكن هناك إلا خيار واحد والبقاء على قيد الحياة الذي يعني عدم الثورة ما كان له آنذاك أي معنى, كان لا بد له من الثورة, سواء انتهى به الأمر إلى القبض على الحكم أم كان مصيره إلى الشهادة, كان عليه أن يرسم الطريق ويركّز لواء الدلالة عليه, ليكون واضحاً أن الأمور إذا بلغت هذا الحد لا بدّ وان يكون التحرك في هذا الاتجاه.
وعندما ثار الحسين "ع" لم يأت الكثير من هؤلاء الخواص لنصرته مع ما كانت له من منزلة عظمى في المجتمع الإسلامي! لاحظوا مدى الضرر الناجم عن وجود هؤلاء الخواص في المجتمع, الخواص الذين يرجحون دنياهم حتى على مصير العالم الإسلامي لقرون مقبلة, مع ما كان للإمام الحسين من مكانة وشهرة.
كنت انظر في قضايا ثورة الإمام الحسين"ع" وحركته من المدينة, ولاحظت انه في الليلة التي سبقت مسيره من المدينة كان عبد الله بن الزبير قد خرج من المدينة أيضاً, وفي الحقيقة كان كلاهما في وضع واحد, ولكن أين الإمام الحسين"ع" من عبد الله بن الزبير؟ فحديث الإمام الحسين وكلامه وخطابه أجبر والي المدينة آنذاك ـ وهو الوليد ـ على أن يرقق من كلامه ولا يتبع الغلظة مع الحسين"ع" , وما إن تفوّه مروان بكلمة, إلاّ والحسين يردّ عليه غاضباً, ولا حيلة لمروان إلا السكوت ذليلاً.
هؤلاء الأشخاص أنفسهم ذهبوا وحاصروا دار عبد الله بن الزبير, فأخرج إليهم أخاه, فاستأذن منهم أن يسير معهم إلى دار الإمارة في تلك اللحظة, فأهانوه وهددوه إن هو لم يخرج إليهم قتلوه, حتى خضع لهم وتوسّل إليهم في أن يأذنوا له أن يرسل أخاه وغداً يأتي بنفسه.
ومع أن عبد الله بن الزبير كان شخصية بارزة أيضاً إلا أن موقفه كان يختلف إلى هذا الحد مع موقف الإمام الحسين"ع" ولم يكن أحد يتجرّأ على التصرف مع الإمام الحسين أو مخاطبته بهذا الأسلوب لما له من حرمة وما يتسم به من عظمة وشخصية وهيبة وقوة وروحية.
وفي طريقه إلى مكة كان كل من يلقاه ويتكلم معه يخاطبه بالقول: جعلت فداك, أو بأبي أنت وأمي, أو عمي وخالي فداك, هكذا كانوا يكلمون الإمام الحسين, وهكذا كانت له مكانة ممتازة وبارزة في المجتمع الإسلامي.
فقد جاءه عبد الله بن مطيع وهو في مكة وقال له : " يا ابن رسول الله, إن قتلت لنسترقن من بعدك.. أي أن هؤلاء القوم يحجزهم عن أذانا خشيتهم لك وهيبتهم منك, وأنك إذا ثرت عليهم وقتلت اتخذونا رقيقاً لهم.
كانت للإمام الحسين"ع" مكانة وعظمة يخضع لها حتى عبد الله بن عباس, وعبد الله بن جعفر وحتى عبد الله بن الزبير ـ مع انه لم يكن ينظر للإمام الحسين بعين الارتياح ـ كان يبدي له عناية التبجيل والإكرام.
إن جميع الأكابر والخواص من أنصار الحق, أي الذين لم يكونوا إلى جانب الحكومة الأموية ولم يدخلوا جبهة الباطل, وحتى من بينهم الكثير من الشيعة الذين يقرّون بإمامة أمير المؤمنين "ع" ويعتبرونه الخليفة الأول شرعاً, هؤلاء بأجمعهم حينما أحسّوا ببطش السلطة الحاكمة. تخاذلوا رغبة في الحفاظ على أنفسهم وأموالهم ومناصبهم, ونتيجة لتخاذل هؤلاء, مال عوام الناس إلى جانب الباطل.
فلو نظرنا إلى أسماء أهل الكوفة الذين كاتبوا الإمام الحسين"ع" ودعوه للقدوم إليهم, وكان كلهم طبعاً من طبقة الخواص ومن أكابر القوم ووجهاء الناس, حيث كان عدد الرسائل هائلاً وبلغ مئات الصفحات, وربما ملأت عدة خروج, والذين كتبوها غالباً مع الأعيان والوجهاء, يتبين من خلال لهجة تلك الرسائل كم عدد الخواص من أنصار الحق ومن كان على استعداد للتضحية بدينه من أجل دنياه ومن كان حريصاً على التضحية بالدنيا من أجل الدين, وهذا ما يمكن أن يُستشف من خلال الرسائل.
ولكن بما أن عدد الذين كانوا يميلون إلى التضحية بالدين في سبيل الدنيا كان أكبر, آلت النتيجة إلى مقتل مسلم بن عقيل في الكوفة بعدما كان قد بايعه ثمانية عشر ألفاً من أهلها, وبعد ذلك خرج منها عشرون أو ثلاثون ألفاً لقتال الإمام الحسين"ع" بكربلاء.
معنى هذا أن حركة الخواص تجلب في أعقابها حركة العوام, لا أدري هل عظمة هذه الحقيقة التي تلازم الناس الواعين على الدوام, تتبين لنا بشكل واضح صحيح أم لا؟ لا بد وأنكم سمعتم بما جرى في الكوفة إذ كان القوم قد كتبوا الرسائل إلى الإمام الحسين"ع" أن أقدم علينا معززاً, فأوفد إليهم مسلم بن عقيل يطلع على حقيقة الموقف: إن كان خيراً سار إليهم بنفسه.
سار مسلم إلى الكوفة, ودخل دور كبار الشيعة, وتلا عليهم كتاب الإمام الحسين"ع" إليهم, فأخذ الناس يفدون عليه زرافات زرافات ويعلنون عن ولائهم, وكان النعمان بن بشير والي الكوفة آنذاك شخصاً ضعيفاً ومسالماً, فأعلن أنه لا يقاتل إلا من يقاتله, ولم ينهض لمجابهة مسلم بن عقيل, فرأى الناس أن المجال مفسوح أمامهم, فجاءوا إلى مسلم وبايعوه.
بعث بعض المؤيدين للباطل ـ من أنصار الأمويين ـ رسالة إلى يزيد يعلمونه فيها إن كانت له في الكوفة حاجة فليولي عليها رجلاً حازماً, وأن النعمان بن بشير لا طاقة له على مجابهة مسلم بن عقيل.
كتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد الذي كان والياً على البصرة حينذاك يعلمه فيها بأنه عيّنه والياً على الكوفة مع احتفاظه بولاية البصرة, وانطلق عبيد الله من ساعته يحثّ السير من البصرة إلى الكوفة, ويتضح دور الخواص أيضاً من خلال مجيئه إلى هناك.
وصل عبيد الله إلى مشارف الكوفة ليلاً, وما أن رأى الناس رجلاً ملثماً قادماً ومعه الخيل والعدّة, حتى ظنّه العوام انه الإمام الحسين, فتقدموا إليه بكل بساطة وحيُّوه قائلين: " السلام عليك يا ابن رسول الله, هذه صفة عوام الناس, ليست لأحدهم قدرة على التحليل أو النظر في الأمر, فما أن رأوا شخصاً قادماً ومعه الخيل والعدة حتى ظنوه الإمام الحسين"ع" حتى قبل أن يتحدث معهم بكلمة واحدة, وأخذ الجميع يردد انه الإمام الحسين, كان الجدير بهم أن يتأملوا ليعرفوا من هو.
لكن هذا القادم لم يلتفت إلى الناس, وسار إلى دار الإمارة وعرّفهم بنفسه ودخل القصر, وبدأ يخطط من هناك للقضاء على وثبة مسلم بن عقيل, وتركزت مساعيه على استخدام أشد أساليب الضغط والتهديد والتعذيب ضد أنصار مسلم بن عقيل, واحتال على هاني بن عروة واستقدمه إلى القصر, وشجّ رأسه ووجه, ولما احتشد بعض الناس حول القصر نجح بتفريقهم بأساليب الحيلة والكذب, وهنا أيضاً يتضح دور الخواص الفاسدين الذين يسمون بأنصار الحق, وهم الذين عرفوا الحق وميزوه, لكنهم رجحوا دنياهم على الدين.
وبعد أن سار مسلم بن عقيل بحشد كبير من أنصاره ـ جاء في كتاب ابن الأثير أن عددهم بلغ ثلاثين ألفاً, والذين أحاطوا بداره فقط بلغ عددهم أربعة آلاف يحملون السيوف دفاعاً عنه, كان هذا في اليوم التاسع من ذي الحجة ـ سارع ابن زياد إلى بث بعض خواص الباطل بينهم لأجل إثارة الخوف والرعب فيهم, ويشيعوا بينهم أن لبني أمية كل شيء: السلاح والمال والقوة, وإن هؤلاء لا شيء عندهم, فاستشرى الذعر بين الناس وأخذوا يتفرقون عنه تدريجياً, وما أن حان وقت صلاة العشاء حتى لم يبق مع مسلم احد, ونادى منادي ابن زياد: يجب أن يحضر الجميع إلى مسجد الكوفة عند صلاة العشاء ليصلّوا معه! وجاء في المصادر التاريخية أن المسجد امتلأ بالناس للصلاة خلف ابن زياد.
الخواص والتخلي عن الحق
فلماذا آلت الأمور إلى ذلك المآل ؟ إنني حينما انظر أرى أن ذلك يعزى إلى الخواص من أنصار الحق الذين سلك بعضهم مسلكاً اتسم بغاية التخاذل, من أمثال شريح القاضي! وشريح هذا لم يكن من بني أمية وكان يعرف حقيقة الأوضاع ويدرك أن الحق مع من, فحينما جاءوا بهاني بن عروة وشجّوا رأسه وجرحوا وجهه وألقوه في السجن هبّت عشيرته وحاصرت قصر ابن زياد, فخشي ابن زياد اجتماعهم , إذ يرون أن قاتل هاني هو ابن زياد, لذلك أمر شريحاً أن يذهب ليرى بعينه أن هاني حي.
اطّلع شريح على حياة هاني بنفسه ولكنه وجده مجروحاً, فيما أن رأى هاني شريحاً القاضي حتى استغاث بالمسلمين " مخاطباً لشريح" أين قومي؟ هل ماتوا؟ لماذا لا يأتون وينقذوني مما أنا فيه؟
يقول شريح : أردت أن اذهب وأبلغ المجتمعين حول قصر الإمارة بمقالة هاني, لكن للأسف كان هناك جاسوس ابن زياد, فلم أستطع ! ماذا يعني " لم أستطع " ؟ يعني ترجيح الدنيا على الدين.
لعلّ شريح لو كان فعل ذلك لتغيّر التاريخ, لو قال للناس أن هاني حي ولكنه في السجن, وابن زياد يريد قتله, ولم يكن ابن زياد قد استولى على الأمور بعد, لهجموا وأنقذوا هاني وأصبحوا أكثر قوة وشكيمة ولقبضوا على ابن زياد وقتلوه أو أخرجوه من هناك, ولاستتب أمر الكوفة للحسين"ع" ولما وقعت حادثة كربلاء ولو لم تقع حادثة كربلاء لانتهى الأمر إلى استلام الإمام الحسين لزمام الحكم ولو أن هذا الحكم استمر تسعة أشهر ـ وربما كان يمتد لفترة أطول ـ لكانت له بركة كبيرة في التاريخ.
قد تؤدي حركة ما أحيانا إلى تبديل وجه التاريخ, وقد تقود حركة أخرى مغلوطة وناتجة عن الخوف والضعف وحب الدنيا والحرص على الحياة, إلى جعل التاريخ يتمرغ في مهاوي الضياع, أنت " يا شريح القاضي " لماذا لم تشهد بالحق حينما رأيت هاني على تلك الحالة؟! هذا هو دور الخواص الذين يفضلون الدنيا على الدين.
حينما أمر ابن زياد رؤساء القبائل أن يذهبوا ويعملوا على تفريق الناس من حول مسلم, لماذا أطاعوا أمره؟ فهم لم يكونوا بأجمعهم من الأمويين, ولم يكونوا قد قدموا من الشام, بل أن بعضهم كان ممن كتب الرسائل إلى الإمام الحسين"ع" كشبث بن ربعي الذي كان قد كتب له رسالة ودعاه إلى القدوم, هذا الرجل كان من جملة الذين أمرهم ابن زياد بالسعي لتفريق الناس, فذهب وأخذ يثبّط الناس ويستخدم أساليب التهديد والتخويف والإغراء, وساهم في تفريق الناس عنه. لماذا فعلوا هكذا؟
لو أن شخصاً كشبث بن ربعي خشي الله في لحظة مصيرية, بدلاً من خشية ابن زياد, لتبدّل التاريخ ! لكن هؤلاء انبروا لتثبيط الناس, فتفرّق العوام.
ولكن لماذا تفرّق الخواص المؤمنون المحيطون بمسلم؟ مع أنهم كان من بينهم شخصيات خيّرة وصالحة وبعضهم سار في ما بعد إلى كربلاء واستشهد هناك, لكنهم أخطأوا في ذلك الموقف, من الطبيعي أن الذين استشهدوا في كربلاء قد كفّروا عن خطئهم ذلك. ونحن هنا لا نتحدث عنهم ولا نذكر أسمائهم, ولكن أيضاً كان من بينهم من لم يأت إلى كربلاء! لم يستطيعوا أو لم يوفقوا, لكنهم انخرطوا في ما بعد في صفوف التوابين.
ولكن ما فائدة ذلك بعدما وقعت فاجعة كربلاء وقُتل سبط الرسول "ص" وبدأت حركة التاريخ بالانتكاس؟ ولهذا السبب كان عدد التوّابين عدة أضعاف شهداء كربلاء, شهداء كربلاء صُرعوا كلهم في يوم واحد, والتوابين صُرعوا كلهم في يوم واحد أيضاً, ولكن تلاحظون أن الأثر الذي تركه التوّابون في التاريخ لا يعدل واحداً من ألف مما خلفه شهداء كربلاء! وذلك لأنهم لم يبادروا إلى ذلك العمل في وقته ولان تشخيصهم وقرارهم قد جاء متأخراً, لماذا تركوا مسلم وحده بعدما جاء إليهم كمندوب عن الإمام الحسين"ع", وبعدما بايعوه وأنا هنا لا أخاطب العوام بل اعني الخواص, لماذا حينما جنّ عليه الليل تركوه يلتجىء إلى دار طوعة؟!
لو أن الخواص لم يتخلوا عن مسلم, ولو وقف إلى جانبه على سبيل المثال مائة رجل, وآووه في دار أحدهم ودافعوا عنه, ومسلم حتى حينما كان وحده حينما أرادوا اعتقاله بقي يقاوم عدة ساعات, واستطاع بعد أن هجموا عليه عدة مرات ورغم كثرة عددهم أن يردهم على أعقابهم, ولو كان معه مائة رجل هل كان بإمكانهم القبض عليه؟ كلا لأن الناس سيهبون لنجدتهم.
إذن الخواص قصّروا هنا إذ لم يهبوا لمؤازرة مسلم, لاحظوا أينما تذهبوا تصطدمون بموقف الخواص, من الواضح أن قرار الخواص في الوقت المناسب, ورؤيتهم الصائبة للأمور في الوقت المناسب وتجاوزهم عن الدنيا في اللحظة المناسبة, وموقفهم في سبيل الله في الفرصة المؤاتية, هو الذي يستنقذ التاريخ ويصون القيم, وهذا ما يوجب اتخاذ الموقف المناسب في اللحظة المناسبة, أما إذا فات الأوان فلا جدوى في ما وراء ذلك.
لو أن الخواص شخّصوا ما ينبغي عمله في الظرف المناسب, وطبّقوا ذلك لتغير وجه التاريخ, ولما سيق أمثال الحسين بن علي إلى ميادين كميدان كربلاء, وإذا كان الخواص قد أساءوا الفهم, أو أبطأوا في الفهم.
فاعلموا أن التاريخ ستتكرر فيه وقائع كواقعة كربلاء, وعد الله تعالى بنصرة من ينصره, أن قام أحد لله وبذل جهده يكون النصر حليفه.











الثورة الحسينية.. خصائص ومرتكزات
السيد علي الحسيني الخامنئي


من مواضيع دمعة الكرار » معالم الشخصية السماوية للزهراء (عليها السلام)
» ثلاث دعواتٍ مستجابات لا شكّ فيهنّ
» عَلى قَدر عَطآئكْ يَفتقدك الـ آخرون ..!
» أثمرت وروديوقتلتني جروحها
» عبادة الامام الحسين علية السلام
رد مع اقتباس
قديم 02-11-2011, 05:26 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

عاشقة السيدة زينب ع


الملف الشخصي









عاشقة السيدة زينب ع غير متواجد حالياً


افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطااهرين
وعجل فرجهم وألعن أعداائهم
تسلم أياااديش على الموضوع الرااائع
الله يعطيش ألف عااافية


من مواضيع عاشقة السيدة زينب ع » عدت لكم من جديد
» كيف تعملي دمية من جواارب
» تزين ادوات المطبخ
» رموش للسيارات
» فرجينيا الولايات المتحدة الأمريكية
رد مع اقتباس
قديم 02-11-2011, 07:21 PM   رقم المشاركة : 4
الكاتب

عشقي محمد واله


الملف الشخصي









عشقي محمد واله غير متواجد حالياً


افتراضي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَسَهِلْ مَخْرَجَهُمْ
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد مااحاط به علمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاك الله خير
اختي المواليه
لا حرمنا عطائكِ

موفقه ان شاء الله


من مواضيع عشقي محمد واله » إسألني حاجتك
» المجالس والجليس
» ألا أمنحك ، ألا أعطيك ؟ ألا أحبوك ؟
» الطوفان وصنع السفينة
» شجر يلتهم اي شئ بجانبه
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أقسام, الحواس

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أقسام القلوب.. دمعة الكرار المنتدى الاسلامي العام 7 17-05-2012 12:59 PM
منتجع الحواس الست دمعة الكرار احباب الحسين للسياحة والسفر 7 28-03-2012 12:09 AM
الحواس الباطنة للرسول (ص) دمعة الكرار منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 4 08-01-2012 04:23 PM
أقسام الناس محـب الحسين المنتدى الاسلامي العام 4 04-03-2011 06:01 AM
كل الحواس بتنام الا الاذن وسام البابلي حقائق تحت المجهر 1 09-05-2009 10:19 PM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين