النفس الإنسانية واحدة ولكن قواها متعددة وهي:
النفس الأمارة والنفس اللوامة والنفس المطمئنة والنفس القدسية والنفس الكليّة الإلهية،
وكل نفس سابقة أضعف من التي تليها،
فمثلاً النفس الأمارة هي أضعف النفوس من حيث حقارتها وخستها بسبب إرتكابها للذنوب والموبقات،
ثم إذا تابت وأنابت صارت لوامة مؤنبة لذاتها ومستحقرةً نفسَها بسبب ما جنته ،
فهي أرقى حالاً من النفس الأمارة بالسوء،
ثم إذا ترقت في سيرها وسلوكها صارت مطمئنةً في جوار ربها وأنسه،
ولا يمكن لغير المعصوم أن يترقى أكثر إلى المرتبتين اللاحقتين وهما النفس القدسية والكلية الإلهية
لأنهما خاصتان بالمعصوم عليه السلام،
وليس ثمة دليل عندنا يشير إلى إمكانية ترقي غير المعصوم إلى منزلة المعصوم عليه السلام في العصمة والقداسة...
ولو وصل غير المعصوم إلى مرتبة القداسة على نحو العصمة الإكتسابية ــــ كالتي عند أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وغيرهم من أصحاب الأئمة الأطهار ــ فلا تعتبر مشابهة لقداسة المعصوم بكل تفاصيلها،
لأن الشبيه يختلف عن الأصيل المعصوم بالقداسة عن جميع الأرجاس والأدناس مذ كان صغيراً، والفرع لا يكون كالأصل،
نعم يجب على غير المعصوم أن يترقى في سيره النظري والعملي ليصير ذا نفسٍ قدسيةً منزهة عن الأرجاس والأدناس ومفاضاً عليها أنوار الجمال والجلال،
تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ إبراهيم25.
وهذه القوى ــ أعني النفس اللوامة والمطمئنة والقدسية الإكتسابية ــ تشتد بقوى الرحمان وتضعف بحسب سيرها البطيء أو خموده بقوى الشيطان
ولا تُعطى لكل أحد من دون علم وعمل بل مرتبطة بنفس المكلَّف المتدرج في السير النظري والعملي
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }العنكبوت69
ويمكن لهذه القوى أن تتوزع على المناجاة الخمسة عشر لمولانا الإمام المعظم زين العابدين عليه السلام
مع الأوراد الخاصة بالنفس التوابة نظير التواب والعفوــ الغفور ــ الرحمان الرحيم ــ اللطيف ــ المحسن ــ
كما يمكن أن تخص المطمئنة بأذكار تناسبها كالمتوكل ــ النور ــ القدوس ــ الهادي ــ العليم ـ...
ثم يتدرج بالأذكار العظيمة كالله ــ الجلال والإكرام ــ الحي القيوم ــ وغيرها
مما لا يمكن إفشاؤه ههنا، والله تعالى حسبنا ونعم الوكيل، والسلام عليكم.