العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام
المنتدى الاسلامي العام يختص بكل مواضيع الثقافة الإسلامية على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


الحلقة الثانية : الرحمة مع النفس

المنتدى الاسلامي العام


إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-03-2020, 06:23 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

العلوية ام موسى الاعرجي

الصورة الرمزية العلوية ام موسى الاعرجي


الملف الشخصي









العلوية ام موسى الاعرجي غير متواجد حالياً


الحلقة الثانية : الرحمة مع النفس

إن الذي يترك المعاصي بمعاناة؛ أجره أكثر.. ولكن خطورته أعظم، فهذا على شفا حفرة من النار؛ لأن الذي يغض طرفه عن الحرام، وهو يقول: يا ليت ربّ العالمين أباح لنا النظر، ويتجاوز عن الأكل الحرام وهو يقول: يا ليت ربّ العالمين أباح لنا أكل الميتة، وما لم يسمَّ عليه.. بعض الناس أراح نفسه قبل أن يأكل الطعام يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم} ويأكل كلّ ما هبّ ودبّ، يتمسك بقوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}.. يقول: وقت الذبح لم يذكر اسم الله عليه، فذكرت اسم الله عليه، ولم يعد هناك مشكلة.. البعض يتمنى هذه الفتوى حتى يأكل لحم الخنزير ويقول: بسم الله الرحمن الرحيم.. الذي يترك الحرام ونفسه تنازعه إليه؛ يعيش معاناة.. كلّ واحد منا يعرف نفسه جيداً، هذا الإنسان إيمانه متكلف، وإيمانه ليس فطريا، وليس أصيلا.. أشبه ببرنامج لا يتناسب مع جهاز الكمبيوتر؛ فإنه يوم من الأيام يعلّق الجهاز فلا يشتغل، لأنه لا تناسب هناك.
- إن جنات الخلد {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ}، تشترى بهذه المساحة البسيطة؛ مثلث الخير والشر: العين والأذن واللسان.. وجهنم الأبد أيضاً تشترى بهذه المساحة البسيطة.. كم من الخسران أن يبيع الإنسان حياته بذلك!.. فإذن، إن الرحمة الأولى هي: الرحمة مع النفس.. وآية من آيات القرآن الكريم كافية لإيقاظ الهمة كما في آية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}.. هنالك صفة في عرب الجاهلية لم تعهد في تأريخ البشرية، قوم يقومون بهذا المنكر ألا وهو الوأد {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ}.. إن تصور المنظر، يجعل الإنسان يقشعر بدنه!.. ولكننا نحن أيضا نقوم بمثل هذه العملية، بل بأسوء منها في كل يوم!.. فالذي يتأمل في هاتين الآيتين قد لا ينام ليلته أو ينام بعد أرق: الآية الأولى: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ}؛ أي يخفي ابنته في التراب.. والآية الثانية: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا}.. يدسّ ابنته في التراب وهي حية، ونحن نقتل أنفسنا.. ربّ العالمين أعطانا فطرة سليمة، في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه: يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه).. ولدنا وكنا في صفاء، وجئنا من عند الله -عزّ وجل-، كنّا في العالم الآخر، عالم جميل، عالم كله الصفاء.. ولهذا يقولون: عندما أذّن إبراهيم للحج، الأرواح في عالم الأرواح لبّت، فمن لبّى مرة يحجّ مرة، ومَن لبّى مرتين يحجّ مرتين.. نسينا ذلك العالم، ولكن آثاره باقية، مَن منّا يرتكب الخطيئة الأولى وهو لا ينام ليلته؟!..
- إن أعظم الظلم أن يدفن الإنسان نفسه في التراب؛ تراب عالم الطبيعة، وتراب الشهوات، وتراب البطن والفرج.. وشهر رمضان جاء ليصعد بنا، وليخرجنا من قبورنا، لنعيش حياة الشفافية والطيران إلى عالمالقدس؛ ولكن متى نطير؟.. يتم ذلك عندما نتخفف من كلّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ هذه القيود.. النبي الأعظم (ص) يقول عن المؤمن الذي يقف أمام ربه للصلاة بأن (الصلاة معراج المؤمن)؛ فالذي لا يعيش هذا العروج، هذا إنسان أرضي {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ}، هذا الإنسان ليس للطيران، هذا الإنسان للخلود إلى الأرض.. بينما المؤمن عندما يصلي، ليس فقط يطير بل يصل إلى مرحلةٍ لا يودّ العودة إلى الأرض، قال أمير المؤمنين (ع): (لو يعلم المصلي ما يغشاه من جلال الله، ما سره أن يرفع رأسه من السجود)؛ أي لولا الواجبات الاجتماعية، ولولا الكدّ على العيال؛ لبقي في صلاته إلى فريضةٍ أخرى.. وهذا الذي كان عليه أئمة أهل البيت (ع).. رحم الله العلامة الأميني صاحب كتاب الغدير عندما ذهب لزيارة الرضا (ع) فكّر في هدية يقدّمها للرضا (ع)، قدّم له في ليلة ألف ركعة.
- إن من مصاديق رحمة النفس، أن ينظر المؤمن أين هو؟.. لكل واحدٍ منّا ثلاث درجات: الدرجة التي هو فيها: سلبي، أو إيجابي، وضعه الفعلي على ما هو.. وهنالك رتبة مثالية، لا يمكنه الوصول إليها.. مثلا: هذا الذي نراه في البلاد الخليجية، هذا الثراء، وهذا العمران؛ أين كان قبل سنوات؟.. إنَّ السبب كان موجوداً، وهو النفط.. ولكن لم يكن هناك جهاز يثقب الأرض، ولم يكن هناك أنابيب توصل النفط إلى الساحل، ولم يكن هناك سفن وموانئ تنقل النفط إلى الغرب.. نحن كلنا كذلك عندنا آبار نفط ولكنها مغلقة!.. نستخرج منها عدة براميل في شهر رمضان، وعندما يأتي موسم الحج نخرج أيضا عدة براميل أخرى، وإذا بنا آخر السنة قد استخرجنا من الحقل الذي فيه مليون برميل، أخرجنا منه خمسين برميلا، أليس هذا ظلما للنفس؟!..
هذا واقعنا، كلنا آبار نفط!.. في ليلة القدر ما الذي يتغير؟.. الإنسان هو الإنسان، وإذا به يصبح أعبد العابدين من الليل إلى الصباح، من مجلس إلى مجلس، ومن دعاء إلى دعاء.. ليلة القدر {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}؛ هل هناك مؤمن عنده إيمان عادي، يسرع تلك الليلة إلى مشاهدة المسلسلات؟.. بل لا يفكر بذلك، ويرى نفسه فوق هذا المستوى!.. إذن ما الذي تغيّر؟.. ما الفرق بين الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان، وبين الليلة التاسعة عشرة من شهر شعبان؟.. ولعلّ البعض كان عاكفاً على بعض المعاصي، فما الذي تغيّر؟.. الذي تغير الهمة والإرادة.. ومن هنا يوم القيامة ليلة القدر حجة على الإنسان، وحالته يوم عرفة حجة عليه.. البعض من الشباب المؤمن في بلاد الغرب، قلّ أمثالهم حتى في الحوزات العلمية، شاب في أقصى بلاد الغرب، لا أستاذ، ولا موّجه، لا يسمع صوت المؤذن، لا للمسجد، لا للحسينية.. ولكن تراه في قمة التقوى!.. إنّ هؤلاء حجة علينا، وحالاتنا نحن أيضاً طوال السنة حجة علينا!..
- إن عمل الفقيه هو أن يذكر الحلال والحرام والمستحب والمكروه، أما أن يذكر قضية أخلاقية في وسط الرسالة العملية، هذا شيء نادر.. ليس لأنه لا يعرف، ولكن لا مجال لذلك في الرسالة العملية.. فالوضوء للبدن، والغسل للبدن؛ ولكن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، قال النبي (ص): (رجعتم من الجهاد الأصغر، وبقي عليكم الجهاد الأكبر).. هذا الفقيه العملاق، صاحب العروة الوثقى، عندما يصل للتعقيبات يقول: ومن التعقيبات الفكر، أي أن يجلس الإنسان على المصلى، لا يتكلم، ولا يلتفت يمينا ولا شمالاً، ولا يتكلم حتى مع ربّ العالمين، ولكن يتفكر!.. البعض علّه يشترط في التعقيب أن يكون إلى جهة القبلة، وفي المصلى.. صاحب العروة لم يقل تفكر في أيّ شيء، وإنما قال: فكّر!.. فكّر في وضعك الفعلي، فكّر في ماضيك، فكّر في مستقبلك، وبعبارة الروايات: (فكّر من أين، وفي أين، وإلى أين).. بعض العلماء يبلغ نشاطه من الثمانين إلى المائة، ما الذي جعله يعيش هذا النشاط؟.. سبب هذا الوعي، وهذه الهمة العالية؛ أنهم فكّروا أيام شبابهم (من أين؟.. وفي أين؟.. وإلى أين)؟.. فإذن، إن الرحمة الأولى التي لا ينبغي أن نفرّط فيها، أن نرحم أنفسنا.


التوقيع :
من مواضيع العلوية ام موسى الاعرجي » أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
» الحلقة الثانية : الشهادة فلسفة وعطاء
» الحلقة الاولى : الشهادة فلسفة وعطاء
» من اوصاف المومنين
» هَلْ تَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟
رد مع اقتباس
قديم 11-03-2020, 06:47 PM   رقم المشاركة : 2
الكاتب

عاشقة ام الحسنين

مراقـــبة عـــــامة

الصورة الرمزية عاشقة ام الحسنين


الملف الشخصي









عاشقة ام الحسنين غير متواجد حالياً


افتراضي

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
مجهود رائع
جزاك الله خير


التوقيع :
من مواضيع عاشقة ام الحسنين » أم البنين نجمة في سماء التضحية ‎‎
» الراهبة الحسينية.. أم البنين (ع)
» روحانيات
» اعراض المس في اليقظة و المنام
» الاعراض التي تصيب المسحور في اليقظة و المنام
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
النفس, الثانية, الحلقة, الرحمة

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الحلقة الاولى : الرحمة مع النفس العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 3 11-03-2020 08:04 PM
الحلقة الثانية : الغفلة واللهو العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 2 11-03-2020 07:19 PM
العلاقة مع الله . الحلقة الثانية العلوية ام موسى الاعرجي المنتدى الاسلامي العام 3 27-12-2019 06:37 PM
الحلقة الثانية : الجهاد الأكبر . . جهاد النفس السيد امير المنتدى الاسلامي العام 2 13-07-2019 11:30 PM
المؤمن في زمن الغيبة ( الحلقة الثانية ) محب الرسول منتدى الامام الحجه (عجّل الله فرجه الشريف) 2 09-10-2009 12:31 AM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين