بعض الأدعية الواردة عن أهل البيت (ع) يرد فيها العبارة التالية: "اللهم إنَّك قد ترى مكاني وتسمعُ كلامي"، وكلمة "قد" يفهم منها أنَّ الله تعالى ربَّما لا يسمعُ إلى كلامي ولا يرى مكاني فأرجو التوضيح؟
الجواب:
إنَّ كلمة "قد" في مثل قوله (ع): "اللهمَّ قد ترى مكاني ولا يخفى عليك شيءٌ من أمري"(1) جاءت بمعنى التحقيق وليس بمعنى التقليل أو التردُّد، ويُعرف ذلك بالسياق والقرائن اللفظيَّة أو العقليَّة، ومثال استعمال "قد" بمعنى التحقيق هو قوله تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء﴾(2) أي تحقّق منَّا رؤيةُ تقلُّبِ وجهِك في السماء. وكذلك قوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾(3)، وقوله تعالى: ﴿قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾(4)، فإن "قد" في كلا الآيتين استُعملت بمعنى التحقُّق وليس بمعنى التقليل أو التردُّد رغم انَّها في الموردين دخلتْ على الفعل المضارع.
وعليه فإنَّ معنى قوله (ع): "قد ترى مكاني" هو أنَّه تحقَّق منك رؤيةُ مكاني، أي إنَّك تعلمُ بمكاني. فكلمة "قد" وإنْ كانت تُستعملُ كثيراً في معنى التقليل عندما تدخلُ على الفعل المضارع ولكنَّها تُستعملُ أيضاً بمعنى التحقُّق، وتُستعمل أيضاً بمعنى التكثير، وكلُّ ذلك يُعرفُ من ملاحظة القرائن والسياقات والمناسبات الكلاميَّة.