قوله (عليه السلام) : (لأنها تزهر لأمير المؤمنين (عليه السلام)) : إشارة إلى أن الأنوار الثلاثة العرشية، النُّور الأبيض؛ الذي منه البياض، ومنه ضوء النهار، وهو النُّور العقلي المحمدي، والنُّور الأصفر؛ الذي اصفرت منه الصُّفرة، وهو النُّور الرُّوحي البراقي، والنُّور الأحمر الذي احمرَّت منه الحمرة، هو النَّور الطبيعي الجبرائيلي، ظهرت فيها لعلي (عليه السلام)؛ لأن تلك مصادر التكميل والأرزاق والحياة، وهي منوطة بالولي المطلق، فهي تزهر لعلي، ولمَّا كانت الزهراء وعاء لأولي الأمر بعد علي (عليه السلام) الذين بهم تناط تلك الأنوار الثلاثة، لتلك الجهات الثلاث، في العالم ظهرت فيها . فلمَّا ولد الحسين وانقسم ولم يَبْقَ فيها من تلك الأنوار إلَّا ما كان لها، وكان بعض تلك [الأنوار] في الحسين (عليه السلام) غيباً لبنيه، وشهادة مما ظهر فيه، خفيت تلك الآثار لمَّا انقسمت وتجسدت وذائبة فجمدت، ومتفرقة فاجتمعت، وكانت خفية بظهور أشعتها، فانجلت فخفيت خفاء النور في المنير فافهم . ولمَّا كانت الشمس ينبوع آثار تلك الجهات الثلاث – لأنها تُكْسَى كل يوم كسوة من مجتمع تلك الأنوار كما هو معروف عند أهله – كانت تظهر على ترتيب مراتب ذلك الوجود الشامل عند صلاة الغداة بنور أبيض وهو الفجر، فينطبع منعكس ذلك الفرع في باب مرآة ذلك الأصل الذي عندها (عليها السلام) وهو وجهها، بمعونة ما ظهر فيه من آثار اليقين والثبات عند استقبال الصحو المعبّر عنه بالنهار، فيدخل بياض النُّور إلى حجراتهم، نُور الأصل والفرع، والباطن والظاهر، وإذا زالت الشمس وزوالها في الحلقة الغربية، قال النبي (صلى الله عليه وآله) : (إنَّ الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها، فإذا دخلت فيها زالت الشمس، فيسبح كلُّ شيء دون العرش بحمد ربي، وهي الساعة التي يُصَلِّي عَلَيَّ فيها ربي ...)(2) . والمراد بالحلقة الدائرة نصف النهار، فإنها تنصِّف العالم من القطب الأعلى إلى القطب الأسفل، فيكون دائرتين غربية وشرقية، فخروجها من الشرقية دخولها في غربية وهو معلوم، فإذا بلغت حدَّ مبدأ وجودها من الحلقة الشرقية ركدت ساجدة بين يدي الله تحت العرش، فإذا أذن لها بالزوال قلبها ملك النُّور ظهراً لبطن، فخشع لعظمة الله كلُّ شيء، ونادت الملائكة بالتسبيح والتحميد والتهليل، وهي «صلوات الله عليها» مترتبة للصلاة، فيلحقها إذ ذاك من معانات تلك المعاينات، وخوف مقام جبار السماوات صفرة الوجه، فينطبع ما انعكس من شعاع الشمس بالمدد البراقي، على ترتيب الوجود في باب مرآة ذلك الأصل الذي عندها (عليها السلام)، وهو وجهها بمعونة ما ظهر من آثار الفناء في ذلك البقاء عند تجلي الحي القيوم، فتدخل الصفرة حجرات الناس فتصفر ثيابهم وألوانهم نور الأصل والفرع، والفرق والجمع . فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس، وهي (عليها السلام) جالسة متهيئة للصلاة، انطبع منعكس ذلك الفرع الذي جرى على ترتيب الوجود في باب مرآة ذلك الأصل الذي عندها كما مرَّ، وهو وجهها بمعونة ما ظهر فيه من آثار العزيمة، على القيام بخدمة الملك العَلَّام، من باعث نار الشوق الطبيعي، فتدخل حمرة وجهها حجرات القوم، فتحمر حيطانهم . فلمَّا وُلِد الحسين (عليه السلام) فخفي الأثر وظهرت العين، وقد يظهر الأثر كما وقع أحياناً أو دائماً بنحو آخر، والحمد لله رب العالمين .
(1) علل الشرائع، ج1، ص214، ح2 ، باب : 143 . بحار الأنوار، ج43، ص11، ح2، باب : 2 . (2) من لا يحضره الفقيه، ج1، ص211، باب : علة وجوب خمس صلوات . علل الشرائع، ج2، ص32، ح1، باب : 36 . بحار الأنوار،ج7، ص127، ح7، باب : 6 . مستدرك الوسائل، ج3، ص118، باب : أوقات الصلوات.