العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > منتدى رد الشبهات
منتدى رد الشبهات يختص برد الشبهات عن مذهبنا الجعفري وكشف حقائق المذاهب الاخرى


قولهم بأنّ الباري عز وجل في صورة شاب أمرد

منتدى رد الشبهات


إضافة رد
قديم 18-04-2011, 12:35 AM   المشاركة رقم: 1
معلومات العضو
لبيك داعي الله

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
لبيك داعي الله غير متواجد حالياً

المنتدى : منتدى رد الشبهات
افتراضي قولهم بأنّ الباري عز وجل في صورة شاب أمرد

أخرج علماء الحنابلة بإسنادهم عن ابن عباس وغيره أنّ النبي (ص) رأى ربه تبارك وتعالى عما يصفون علواً كبيراً في صورة شاب أمرد بشعر جعد وعليه نعلان من ذهب
ولم يقتصروا على نقل الرواية بذلك ، بل راحوا يدافعون عنها ، ويتهمون من ينكرها بالانحراف وأنه من الجهمية الذين حكم عليهم الحنابلة بالكفر والخروج من ملة الإسلام ، ولنذكر طرفاً مما رووه ، ومن ثم نذكر كلماتهم في الإعتقاد بمضمونه .


أولاً : ما رووه بأنّ الرب يشبه الشاب الأمرد
هذا الحديث أخرجه عدة من الحفاظ منهم الطبراني وأبو بكر الخطيب وأبو يعلى الفراء وابن أبي يعلى وابن عدي والدار قطني وغيرهم تارة بالإسناد عن ابن عباس وأخرى عن أم الطفيل إمرأة أبي بن كعب ، ومـن تلك الطرق :
1- قال الطبراني في كتاب السنة : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا الأسود بن عامر .
وحدثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني الكوفي ، حدثنا الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الصمد بن كيسان .
وحدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي ، حدثنا عيسى بن شاذان ، حدثنا إبراهيم بن أبي سويد الدراع ، قالوا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : رأيت ربي في صورة شاب له وفرة . (1)
2- قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة : روى أبو علي الحسن بن احمد بن الحسن الحداد الأصبهاني وقريء عليه أخبرنا أبو العباس احمد محمد بن يوسف بن مردة المسجدي الأصبهاني إجازة حدثنا عبد الوهاب بن
(1) نقله عن الطبراني الحافظ جلال الدين السيوطي في اللئآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص 29 ط. دار المعرفة / بيروت سنة 1403هـ- 1983م .


جعفر بن علي الميداني حدثنا أبو بكر محمد بن عيسى بن عبد الكريم المعروف ببكير الخراز الطرسوسي بدمشق قال سمعت أبا نصر المظفر بن محمد بن احمد بن محمد الخياط حدثنا الحسين بن عبد الله الخرقي وعبدة قالا : حدثنا أبو بكر المروذي قال قرأت على أبي عبد الله ، حدثكم شاذان ، حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم : رأيت ربي عز وجل ، شاب أمرد جعد قطط ، عليه حلة حمراء . (1)
3- قال الدار قطني في كتاب رؤية الله : حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي، حدثنا أبو زرعة الدمشقي ، حدثنا أحمد ابن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث : أن سعيد بن أبى هلال أخبره ، عن مروان بن عثمان أخبره ، عن عمارة بن عامر ، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب ، أنها سمعت رسول الله يذكر : أنه رأى ربه عز وجل في النوم في صورة شاب ذي وفرة قدماه في الخضر عليه نعـلان من ذهب على وجهـه فراش من ذهب . (2)
(1) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ج2 ص 45 ، 46 رقم 589 ط. دار المعرفة / بيروت .
(2) كتاب رؤية الله للدارقطني ص 90 ط. مكتبة القرآن / القاهرة .


وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير . (1)
4- قال الطبراني في السنة : حدثنا علي بن سعيد الرازي ، حدثنا أحمـد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن الضحاك عن ابن عباس قال : رأى محمد (ص) ربه في صورة شاب أمرد ، وبه قال ابن جريـج عن صفـوان بن سليـم ، عـن عائشة قالت : رأى النبي (ص) ربه على صورة شاب جالس على كرسي رجله في خضرة من نور يتلألأ . (2)
5- قال الطبراني في المعجم الأوسط : حدثنا عبد الرحمن بن الحسين ، قال حدثنا إسحاق بن ضيف ، قال حدثنا زيد بن السكن الجندي ، حدثني عبد الله بن عمرو بن مسلم ، عن أبيه ، عن عكرمة ، قال : سئل ابن عباس : هل رأى محمد (ص) ربه عز وجل ؟ قال : نعم ، رآه في صورة شاب بين شعر من لؤلؤ ، كأنّ قدمية في خضرة . (3)
(1) المعجم الكبير للطبراني ج25 ص 143 رقم 346 ط. مكتبة ابن تيمية / القاهرة .
(2) نقله عنه السيوطي في الآلي المصنوعة ج1 ص 30 .
(3) المعجم الأوسط للطبراني ج3 ص 335 رقم 4767 ط. دار الفكر / عمان – الأردن ودار الكتب العلمية / بيروت سنة 1420هـ- 1999م .


6- قال أبو يعلى الفراء (1) : وقد روي عن ابن عباس كلام يؤكد صحة حديثه ذكره أبو بكر بن أبي داود في كتاب السنة من جملة كتاب السنن بإسناده عن عكرمة قال : سئل ابن عباس : هل رأى محمد (ص) ربه ؟ قال : نعم ، قال : كيف رآه ؟ قال : في صورة شاب دونه ستر من لؤلؤ كأنّ قدميه في خضرة . فقلت أنا لابن عباس : أليس هو من يقول : ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير ) ؟ قـال : لا أم لك ، ذلك نـوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء .
7- وقال أبو يعلى الفراء : رواه أبو بكر الخلال عن الحسن بن ناضح الخلال ، قال : حدثنا الأسود بن عامر شاذان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أنّ النبي (ص) رأى ربه جل ثناؤه جعداً قططاً أمرد في حلة حمراء . (2)
8- قـال أبـو يعلى : حـديث آخـر ذكـره ابن فـورك ولم يقـع لي عـن النبي (ص) قـال :
(1) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج1 ص 148 رقم 151 .
(2) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج1 ص 133 رقم 122 .


دخلـت على ربي في جنـة عـدن شاباً جعـداً في ثوبين أخضرين . (1)
وقد أخرج أبو يعلى الفراء في كتابه إبطال التأويلات هذا الخبر الباطل من طرق متعددة .
ثانياً : كلمات علماء السنة في قبول هذا الخبر المكذوب
قبل هذا الخبر عدة من علماء الحنابلة ومنهم :
1- الحافظ أبو زرعة الرازي
قال الطبراني (2) : سمعت أبا بكر بن صدقة يقول : سمعت أبا زرعة الرازي يقول : حديث قتادة عن عكرمة ، عن ابن عباس في الرؤية صحيح ، رواه شاذان ، وعبد الصمد بن كيسان وإبراهيم بن أبي سويد ، لا ينكره إلا معتزلي.
سند الكلام إلى أبي زرعة
نقل الطبراني كلام أبي زرعة بواسطة شخص واحد وهو أبو بكر بن صدقة وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة البغدادي ، قال فيه الذهبي : الإمام الحافظ ، المتقن الفقيه . (3)
(1) إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج2 ص 473 .
(2) اللآلي المصنوعة في ألأحاديث الموضوعة للسيوطي ج1 ص 29 ، 30
(3) سير أعلام النبلاء ج14 ص 83 .


وقال فيه الدارقطني : ثقة ، ثقة ، وذكره ابن المنادي في كتاب أفواج القراء فقال : كان من الحذق والضبط على نهاية ترضى بين أهل الحديث ... الخ . (1)
وأما أبو زرعة الرازي فهو من كبار أئمة السنة المشهورين ، يقول ابن الصلاح : ومما جاء في فضل صحيح مسلم ما بلغنا عن مكي بن عبدان أحد حفاظ نيسابور أنه قال : سمعت مسلماً يقول : عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكل ما أشار أنّ له علة تركته ، وكل ما قال إنه صحيح وليس له علة خرّجته . (2)
وذكر أبو الصلاح حديثاً ثم قـال (3) : إسناد جيـد حدث به مسلـم بحضرة أبي زرعة .
وقال أبو حاتم : إذا رأيت الرازي وغيره يبغض أبا زرعة فاعلم أنه مبتدع
(1) تاريخ بغداد ج5 ص 41 رقم 2395 ط. دار الكتب العلمية / بيروت .
(2) شرح النووي على صحيح مسلم ج1 ص 15 ، وص 26 ، تدريب الراوي ج1 ص 136 ، ونحو هذه العبارة مع بعض الاختلاف في : صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط لابن الصلاح ص 67 ط.دار الغرب الإسلامي / بيروت ط.2 سنة 1408هـ- 1987م.
(3) مقدمة ابن الصلاح المطبوعة مع التقييد والإيضاح للعراقي ص 299 ط. دار الفكر 1401 هـ- 1981م .


وقال أيضاً : حدثني أبو زرعة وما خلف بعده علماً وفهاً وصيانة وصدقاً . (1)
2 ، 3- الحافظان الدار قطني وأبو زرعة الدمشقي
قال أبو يعلى الفراء بشأن الحديث المتقدم : وقد صحه (2) أبو زرعة الدمشقي فيما سمعناه من أبي محمد الخلال وأبي طالب العشاري وأبي بكر بن بشران عن علي بن عمر الحافظ فيما خرّجه في آخر كتاب الرؤية قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال : حدثنا أبو زرعة الدمشقي ، قال حدثنا أحمد بن صالح ، قال حدثنا ابن وهب ، أخبره أنّ مروان بن عثمان أخبره عن عمارة بن عامر أنّ أم الطفيل امرأة أبي بن كعب أنها سمعت رسول الله (ص) يذكر أنه رأى ربه عز وجل في النوم في صورة شاب ذي وفرة قدماه في أخضر عليه نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب .
قال أبو يعلى نقلاً عن الدار قطني في كتاب الرؤية بعـد أنّ نقـل الخبر المتقدم : قال أبو زرعة : كل هؤلاء الرجال معروفون لهم أنساب قوية بالمدينة فأما مروان بن عثمان
(1) تهذيب التهذيب ج7 ص 30 ط. دار الفكر / بيروت .
(2) هكذا ورد حسب النسخة المطبوعة ، ولعله تصحيف والصحيح : صححه .


فهو مروان بن عثمان بن أبى سعيد بن المعلى الأنصاري ، وأما عمارة فهو ابن عامر بن عمرو بن حزم صاحب رسول الله وعمرو بن الحـارث وسعيـد ابن أبى هـلال فلا يشـك فيهما وحسبك بعبد الله بن وهب
محدثا في دينه وفضله .
وقال أبو يعلى الفراء بعد ذلك : وظاهر الكلام من أبي زرعة إثباتاً لرجال حديث أم الطفيل ، وتعريفاً لهم ، وبياناً عن عدالتهم ، وهو ظاهر ما عليه أصحابنا لأنّ أبا بكر الخلال ذكر حديث أم الطفيل في سننه ولم يتعرض للطعن عليه . (1)
4- أبو الحسن بن بشار
قال أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات : وأخرج إليّ أبو إسحاق البرمكي جزءاً فيه حكايات أبي الحسن بن بشار رواية أبيه أبي حفص ، عن أبيه أحمد بن إبراهيم قال : سألت الشيخ يعني أبا الحسن بن بشار عن حديث أم الطفيل وحديث ابن عباس في الرؤيا ؟ فقال : صحيح ، فعارض رجـل ، فقـال : هذه الأحاديث لا تذكر في مثل هذا الوقت !! فقال له الشيخ فيدرس الإسلام ، فسكت .
(1) ونقل كلام أبي زرعة عن الدار قطني أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات لأخبار الصفات ج1 ص 141 رقم 140 ط. 1 ط. مكتبة دار الإمام الذهبي / الكويت سنة 1410هـ .


قال أبو يعلى : فقد حكم بصحة الحديث . (1)
5 ، 6- الحافظان ابن صدقة والطبراني
قال أبو يعلى الفراء : وكتب إليّ أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني بجزء فيه حديث ابن عباس في الرؤية من طرق وكلام أصحاب الحديث عليه ، فقال : أنبأنا الحسن بن علي بن سلمة الهمذاني ومحمد بن علي بن مهدي وغيرهما ، قالوا : حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، وحدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن إسحاق واللفظ له ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الأسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسـول الله (ص) : رأيت ربي في صـورة شـاب أمـرد له وفـرة جعد قطط في روضة خضراء .
قال : وأبلغت أنّ الطبراني قال : حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي (ص) في الرؤية صحيح ، وقال من زعم أني رجعت عن هذا الحديث بعدما حدثت به فقد كذب ،
(1) إبطال التأويلات ج1 ص 142 رقم 141 . ونقل ذلك ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة ج2 ص 59 في ترجمة علي بن محمد بن بشار أبي الحسن بن بشار رقم 599 ط. دار المعرفة / بيروت .


وهذا حديث رواه جماعة من الصحابة عن النبي (ص) ، وجماعة من التابعين عن ابن عباس ، وجماعة من تابعي التابعين عن عكرمة وجماعة من الثقات عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي (ص) وذكر أسماءهم بطولها .
ثم قال : وأنبأنا محمد بن عبيد الله الأنصاري ، قال : سمعت أبا الحسن عبيد الله بن محمد بن معدان يقول : سمعت سليمان بن أحمد يقـول : سمعت ابن صدقة الحافظ يقول : من لم يؤمن بحديث عكرمة فهو زنديق . (1)
7- أحمد بن حنبل إمام الحنابلة
قال أبو يعلى الفراء بعد أنْ أورد الحديث المذكور بطرق متعددة : وحدثنا محمد بن الحسن ، قال حدثنا أحمد بن محمد الملحمي ، قال : سمعت محمد بن علي بن جعفر البغدادي قال : سمعت أحمد بن محمد بن هاني الأثرم يقول : سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن حديث حماد بن سلمة عن قتادة ، عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي (ص) : رأيت ربي . الحديث . فقال أحمد بن حنبل : هذا الحديث رواه الكبّر عن الكبّر عن الكبّر ، عن الصحابة عن النبي (ص) ، فمن شك في ذلك
(1) إبطال التأويلات ج1 ص 143 ، 144 الأرقام 142 ، 143 ، 144 ، 145 .


أو في شيء منه فهو جهمي لا تقبل شهادته ، ولا يُسلم عليه ، ولا يعاد في مرضه . (1)
وقال أبو يعلى الفراء أيضاً : فروى المروذي قال : حدثني عبد الصمد بن يحيى الدهقان ، قال سمعت شاذان يقول : أرسلت إلى أبي عبد الله استأذنه في أنْ أحدث بحديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس : رأيت ربي ، فقال : حدث به ، فقد حدث به العلماء . فقلت : إنهم يقولون : ما رواه غير شاذان ؟ قال : بلى قد كتبته عن عفان ، عن رجل ، عن حماد بن سلمة .
قال أبو يعلى : وهذا من أحمد تصحيح لحديث ابن عباس وتثبيت له . (2)
قال ابن أبي يعلى : قال المروذي : قلت لأبي عبد الله : إنهم يقولون : ما رواه إلا شاذان ، فغضب وقال : من هذا ؟ ثم قال : أخبرني عفان بن عبد الصمد بن كيسان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : رأيت ربي عز وجل . قال المروذي : فقلت : يا أبا عبد الله ، إنهم يقولون : ما روى قتادة عن عكرمة شيئاً . فقال : من هذا ؟ أخرج خمسة ، ستة
(1) إبطال التأويلات ج1 ص 145 رقم 149 .
(2) إبطال التأويلات ج1 ص 139 ، 140 رقم 135 .


أحاديث أو سبعة عن قتادة ، عن عكرمة . (1)
ونقل ابن عدي رواية بسنده عن حماد بن سلمة عن قتادة ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : أنّ محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ ، قدميه أو قال : رجليه في خضرة .
وأخرج بسنده عن حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : رأيت ربي في صورة شاب أمرد جَعْد ، قال وزاد عليه ابن شهريار : عليه حلة خضراء .
قال ابن عدي بعد ذلك (2) : حدثنا ابن شهريار ، حدثنا أبو بكر المروذي ، قلت لأحمد بن حنبل : تقولون إنه لم يرو هذا الحديث إلا شاذان ؟ فقال : حدثنا عفان ، حدثنا عبد الصمد بن كيسان ، عن حماد بن سلمة . قلت : يقولـون : لم يسمع قتـادة من عكرمة ، فغضب وأخرج كتـابه فيه سماع قتادة
من عكرمة ستة أحاديث .
(1) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ج2 ص 45 ، 46 رقم 589 ط. دار المعرفة / بيروت .
(2) الكامل في ضعفاء الرجال ج2 ص 261 ط. دار الفكر / بيروت .


وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة في ترجمة عبد الصمد بن يحيى متحدثاً عنه : نقل عن إمامنا أشياء فيما أنبأنا محمد بن المهتدي بالله ، عن محمد بن أخي ميمي ، قال : أخبرنا علي بن محمد الموصلي ، قال أخبرنا موسى بن محمد الغساني ، قال حدثني أبو بكر المروذي ، قال حدثني عبد الصمد بن يحيى . قال : قال لي شاذان : اذهب إلى أبي عبد الله فقل : ترى لي أنْ أحدث بحديث قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : رأيت ربي عز وجل في صورة شاب ؟ قال : فأتيت أبا عبد الله ، فقلت له ، فقـال لي : قـل له : تحدث به ، قد حدث به العلماء . (1)
ونقله ابن أبي يعلى بطريق آخر ، قال : أنبأنا محمد بن الأبنوسي ، عن الدارقطني ، حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا أبو بكر المروذي ، حدثنا عبد الصمد بن يحيى ، قال : سمعت شاذان يقول : أرسلت إلى أبي عبد الله أستأذنه في أنْ أحدث بحديث حماد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : رأيت ربي عز وجل ؟ فقال : قل له : قد حدَّث به العلماء ، حدث به . (2)
وقال ابن مفلح الحنبلي : قال المروزي : حدثني عبد الصمـد بن يحيى ، قال : قال لي
(1) طبقات الحنابلة ج1 ص 218 رقم 287 .
(2) طبقات الحنابلة ج1 ص 118 ، 119 رقم 137 .


شاذان : اذهب إلى أبي عبد الله فقل : ترى أنّ أحدث بحديث قتادة عن عكرمة ، عن ابن عباس : > رأيت ربي عز وجل < ؟ قال لي : حدث به ، فقد حدث به العلماء . (1)
تضعيف أحمد بن حنبل لحديث أم الطفيل
وفي مقابل تصحيح أحمد بن حنبل لحديث عكرمة عن ابن عباس ، ودفاعه القوي عنه ، وتبديع من أنكره ، وهو ظاهر الدلالة بأنّ الرسول الأعـظم (ص) قد رأى الباري عز وجل رؤيا العين ، فقد ضعف حديث أم الطفيل الذي ورد ببعض الألفاظ التي ورد فيها أنّ النبي (ص) رأى الباري عز وجل في المنام ، يقول أبو يعلى الفراء : ورأيت في مسائل مهنا بن يحيى الشامي قال : سألته - يعني أحمد - عن حديث رواه ابن وهب ، عن عمر بن الحرث ، عن سعيد بن أبي هلال : أنّ مروان بن عثمان حدثه عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب أنها قالت : سمعت النبي (ص) يذكر أنه رأى ربه في المنام في صورة شاب موفر رجلاه في خضر عليه نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب . فحول وجهه عني وقال : هذا حديث منكر ،
( ) المقصد الأرشد في ذكر أصحاب الإمام أحمد ج2 195 رقم 681 ط.مكتبة الرشد / الرياض ط.1 سنة 1410هـ- 1990م .


وقال : لا نعرف هذا رجل مجهول يعني مروان بن عثمان .
قال أبو يعلى الفراء : فظاهر هـذا التضعيف من أحمـد لحـديث أم الطفيـل . (1)
قال أبو يعلى الفراء بعد ذلك : ورأيته بخط أبي بكر الكشي قال عبد العزيز : سمعت الخلال يقول : إنما نروي هذا الحديث وإنْ كان في إسناده شيء تصحيحاً لغيره ، ولأن الجهمية تنكره . (2)
وقال أيضاً : ورأيت بخط ابن حبيب جوابات مسائل لأبي بكر عبد العزيز قال : حديث أم الطفيل فيه وهاء ، ونحن قائلون به ، وظاهر رواية إبراهيم بن هانيء تدل على صحته ، لأنّ أحمد قال : لأحمد بن عيسى في منزل عمه : حدثهم به ، ولا يجوز أنْ يأمره أنْ يحدثهم بحديث يعتقد ضعفه لاسيما فيما يتعلق بالصفات . (3)
8- الحافظ ابن عدي الجرجاني
وقال ابن عدي بعد أنْ أورد جملة من الأحاديث منها الحديث المذكور : وهذه الأحاديث التي رويت عن حماد بن سلمة في الرؤية ، وفي رؤية أهل الجنة خالقهم ،
(1) إبطال التأويلات ج1 ص 140 ، 141 رقم 137 ، وراجع أيضاً : العلل المتناهية لابن الجوزي ج1 ص 30 ط. دار الكتب العلمية / بيروت .
(2) إبطال التأويلات ج1 ص 141 رقم 138 . (3) إبطال التأويلات ج1 ص 141 رقم 139 .


قد رواها غير حماد بن سلمة ، وليس حماد بمخصوص فينكر عليه . (1)
إلى أنْ قال : ولحماد بن سلمـة هذه الأحاديث الحسان والأحاديث الصحاح التي يرويها عن مشايخه ، وله أصناف كثيرة ، كتاب ومشايخ كثيرة وهو من أئمة المسلمين ، وهو كما قال علي بن المديني : من تكلم في حماد بن سلمة فاتهموه في الدين ، وهكذا قول أحمد بن حنبل فيه . (2)
9- أبو يعلى الفراء
قال أبو يعلى الفراء بعد أنْ صحح الحديث > رأيت ربي في صورة شاب أمرد < وغيره ونقل أقوال من صححه : وأما ألفاظ هذه الأحاديث فإنها تتضمن إثبات الصورة وإثبات الرؤية ، وقد تقدم الكلام في ذلك فيما قبل وتتضمن زيادة ألفاظ في الرؤية لا يجب أن يستوحـش من إطلاقها لوجهين :
أحدهما : أنّ أحمد قال في رواية حنبل : لا نزيل عنه صفة من صفات ذاته بشاعة شُنِّعت .
الثاني : إننا لا نطلقها على الجوارح والأبعاض وتغير الأقوال ، وإنما نطلقها كما نطلق غيرها من الصفات من الذات والنفس والوجه واليدين والعين وغير ذلك ، وليس في قوله : شاب أمرد وجعد وقطط وموفر إثبات
(1) الكامل في ضعفاء الرجال ج2 ص 261 ط. دار الفكر / بيروت .
(2) الكامل في ضعفاء الرجال ج2 ص 266 .


تشبيه ، لأننا نثبت ذلك تسمية كما جاء الخبر لا نعقل معناها كما أثبتنا ذاتاً ونفساً ، ولأنه ليس في إثبات الفراش والنعلين والتاج وأخضر أكثر من تقريب المحدث من القديم ، وهذا غير ممتنع ، كما لم يمتنع وصفه بالجلوس على العرش . (1)
واستمر يدافع عن الروايات المتقدمة قائلاً : فإنْ قيل إنما أثبتنا ذلك (2) لأنها وردت من طريق مقطوع عليه وهو القرآن ، وهذه أخبار آحاد ، وخبر الواحد إنما يقبل فيما طريقه العمل ، فأما فيما طريقه الاعتقاد والقطع فلا لأنه لا يمكن القطع بمثلها .
قيل : هذا غلط ، لأنها وإنْ كانت أخبار آحاد ، فقد تلقتها الأمة بالقبول ، منهم من حملها على ظاهرها ، وهم أصحاب الحديث ، ومنهم من تأولها ، وتأويله لها قبوله لها ، وإذا تُلقيت بالقبول اقتضت العلم من طريق الاستدلال ، لأنّ تلقيهم لها يدل على صحتها . (3)
وقال بعد أنْ ذكر الحديث الباطل الذي ورد بلفظ > دخلـت على ربي في جنـة عـدن شاباً جعـداً في ثوبين أخضرين < (4) :
(1) إبطال التأويلات ج1 ص 146 .
(2) يقصد بعض الصفات الخبرية كالوجه واليد الخ .
(3) إبطال التأويلات ج1 ص 148 .
(4) إبطال التأويلات ج2 ص 475 .


فإنْ قيل : هذا الخبر كان رؤيا منام والشيء يرى في المنام على خلاف ما يكون .
قيل : هذا غلط ، لأنّ النبي (ص) إنما قصد بذلك بيان كرامته من ربه وقرب منزلته ، فإذا حُمل على خلاف ما أخبر زال المقصود ، ولأنّ ما يخبر به شرع ، وصفات الله تعالى اعتقادها شرع ، فهو معصوم فيه ، وإذا كان معصوماً استوى فيه المنام وغيره ، ولأنا أنّ قد بينا أنّ رؤيا الأنبيـاء (ع) وحي لأنّ أعينهم تنام وقلوبهم لا تنام .
10- أبو إسحاق بن شاقلا البزار الحنبلي
وهو إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا ، قال فيه ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة : جليل القدر ، كثير الرواية ، حسن الكلام في الأصول والفروع . (1)
وقد نقل ابن أبي يعلى رأيه أثناء نقله لمناظرة طويلة جرت بينه وبين أبي سليمان الدمشقي ، يقول ابن أبي يعلى : قرأت بخط الوالد السعيد ، نقلت من خط أبي بكر بن شاقلا ، أخبرنا أبو إسحاق بن شاقلا قال : قلت لأبي سليمان الدمشقي .... (2)
(1) طبقات الحنابلة ج2 ص 128 رقم 614 .
(2) طبقات الحنابلة ج2 ص 128 .


إلى أنْ قال : ... ثم قال لي (1) : وتقول بحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم : > رأيت ربي < ؟
فقلت له : رواه حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم.
فقال لي : حماد بن سلمة ضعيف .
فقلت له : من ضعفه ؟
فقال لي : يحيى القطان .
فقلت له : هذا تخرص على يحيى ، لم يقل يحيى هذا ، وإلا فمن حدثك ؟ فلم يقل من حدثه ، وقال لي : أيما أثبت عنـدك ؟ حمـاد بن سلمـة أو سمـاك ؟ قلت : حماد بن سلمة أثبت ، وسماك مضطرب الحديث . فنازعني في هذا ، والذي أجبته به بأنّ حماد بن سلمة ثقة وسماك مضطرب الحديث هو جواب أحمد فيهما ، ولم أدر ما أراد بسماك ، وخرجنا من ذلك ولم أسأله ثم قلت له :
هذه الأحاديث تلقاها العلماء بالقبول ، فليس لأحد أنْ يمنعها ، ولا يتأولها ولا يسقطها ، لأنّ الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم لو كان لها معنى عنده غير ظاهرها لبينه ، ولكان الصحابة حين سمعوا ذلك من الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم سألوه عن معنى غير ظاهرها ، فلما سكتوا وجب
( 1) يقصد به أبو إسحاق الدمشقي .


علينا أنْ نسكت حيث سكتوا ، ونقبل طوعاً ما قبلوا .
فقال لي : أنتم المشبهة . فقلت حاشا لله ...الخ . (1)
11- ابن البنا الحنبلي
أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا البغدادي ، المتوفى سنة (471هـ) ، أورد في كتابه المختار في أصول السنة (2) الحديث المتقدم عن أم الطفيل ثم قال : ونحن لا نطلق على الصـورة تشبيهاً ، بـل مخـالفة لغيرها ، كما خالفت ذاته غيرها من الذوات .
12- ابن حامد الحنبلي
وهو أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي البغدادي الوراق المتوفى سنة (403هـ) ، نقل مذهبه في ذلك أبو بكر الحصني الدمشقي قال : ... وقد تمسك بهذا الحديث ابن حامد المشبه ، فأثبت لله سبحانه وتعالى صفات ، وزاد فروى حديث ابن عباس رضي الله عنه أنه عليه الصلاة والسلام قال : لما أسري بي رأيت الرحمن في صورة شاب أمرد نور يتلألأ حجابه مستو على عرشه .
(1) طبقات الحنابلة ج2 ص 134 ، 135 .
(2) المختار في أصول السنة ص 144 ط. مكتبة العلوم والحكم / المدينة المنورة – دار الحرمين للطباعة / القاهرة سنة 1413هـ- تحقيق عبد الرزاق العبّاد البدر .


ثم قال : وهذا من وضعه وافترائه وجرأته على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه (وآله) وسلم ، ومن أعظم فرية ممن شبه الله عز وجل بأمرد وعروس ، وكان بعض أئمة الحنابلة يتوجع ويقول : ليت ابن حامد هذا ومن ضاهاه لم ينسبوا إلى أنهم من أتباع الإمام أحمد ... الخ . (1)
ونقل الحديث المتقدم عن ابن حامد واعتماده عليه ابن الجوزي الحنبلي في كتابه دفع شبه التشبيه . (2)
13- ابن أبي يعلى الفراء
تبين من العبارات المتقدمة التي نقل فيها أقوال علماء الحنابلة ومنهم أحمد ابن حنبل في كتابه طبقات الحنابلة قوله بما ذهبوا إليه .
وقد اتضح مما تقدم ذهاب من ذكرناهم إلى أنّ الباري عز وجل في صورة شاب أمرد ، وقد ذكر أبو يعلى الفراء بأنّ ذلك لا يتنافى مع حديث أم الطفيل بأنّ النبي (ص) رأى ذلك في المنام لأنّ رؤيا الأنبياء (ع) دائماً تتطابق مع الواقع ، على أنه أثبت الرؤية بالعين ، وليس فقط في عالم الرؤيا ، وغالبيتهم
(1) دفع شُبه من شبّه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل ألإمام أحمد لأبي بكر الحصني الدمشقي ص 12، 13 ط. المكتبة الأزهرية للتراث / القاهرة سنة 1350هـ .
(2) دفع شُبه التشبيه لابن الجوزي ص 151 .


قبل حديث عكرمة عن ابن عباس الذي هو ظاهر الدلالة في الرؤية بالعين ، ولعمري فإنْ لم يكن هذا تجسيماً ولا تشبيهاً فلا معنى للتجسيم والتشبيه .
ولقد بلغ التعصب في الدفاع عن حديث عكرمة عن ابن عباس حتى قال أحمد بن حنبل فيما تقدم من كلامه : فمن شك في ذلك أو في شيء منه فهو جهمي لا تقبل شهادته ، ولا يُسلم عليه ، ولا يعاد في مرضه .
وأعتقد أنّ عدا من شذ من المسلمين على الأقل يشكون في هذا الحديث وغالبيتهم يجزم ببطلانه ، وعلى هذا فغالبية المسلمين حسب فتوى أحمد بن حنبل هم من الجهمية ، الذين يعتبرهم الإمام أحمد من الكفار الخارجين عن ملة الإسلام .
ثالثاً
مناقشة ما تقدم
اتضح فيما تقدم عقيدة الحنابلة في الله عز وجل ، المتضمنة للتجسيم والتشبيه ، وأنّ الباري تبارك وتعالى عما يقولون علواً كبيراً في نظرهم ، شاب جميل الوجه ذو شعر أجعد ، ويلبس نعلين من ذهب ، وأنه أمرد ليس له لحية ، وذكرت أحاديثهم بعض التفاصيل الأخرى ، وقد تقدمت بعضها ، وتبين أنّ القائلين بذلك هم من أركان مذهبهم وكبار أئمتهم الذين يعتمدون على أقوالهم في العقائد وعلى رأسهم أحمد بن حنبل


وأبو زرعة الرازي وأبو زرعة الدمشقي وأبو يعلى الفراء والطبراني وغيرهم ، وليس فقط كانوا يعتقدون بهذا المضمون ، بل صاروا يذمون كل من لم يقبل قولهم في التجسيم والتشبيه ، وهم مع ذلك بعد إثبات كل هذا الكلام المتقدم يقولون : بلا تكييف ولا تشبيه ، ولعمري ، إنّ لم يكن هذا القول تشبيها وتجسيماً ، فلا معنى حينئذ للتشبيه والتجسيم .
ولا أدري ما الفرق بين القول بأنّ الله عز وجل في صورة شاب أمرد نعوذ بالله تعالى من هذا القول الفاسد المنحرف ، وبين العقائد الوثنية التي تشبه آلهة الوثنيين بأشكال البشر ، غير أنّ الوثنيين أيضاً القائلين بالتشبيه والتجسيم ، يعتبرون أصنامهم أو أرواح تلك الأصنام ليست من جنس البشر ، وليست مما تعرض عليها الآلام والأمراض وغير ذلك ، وكثير منهم يعتبرون تلك الأصنام التي كانوا ينصبونها تشير إلى الآلهة التي ليست من جنس البشر ، لكنهم في الوقت ذاته يصفونها بأوصاف البشر فيثبتون لها الوجه واليد والرجل وغير ذلك ، وقد جمع إثبات كل تلك الأمور القول بأنّ الخالق تعالى عما يقولون علواً كبيراً في صورة شاب أمرد جميل الوجه ، يجلس على سريره ، ويلبس نعلين من ذهب .
ونتيجة قبح هذا القول وسخافته ووضوح زيفه وبطلانه ، أنكره من خالف الحنابلة من علماء المسلمين ، وأنكره أيضاً بعض الحنابلة ،


ومن أبرز الحنابلة الذين أنكروا على هذا القول ابن الجوزي ، وينبغي الكلام بالنسبة لهذا القول الفاسد من جهتين :
الجهة الأولى
في اللوازم الباطلة لهذا القول
هذا القول الفاسد يستلزم بعض اللوازم الفاسدة التي تجعل الباري عز وجل كالمخلوقين ، تبـارك وتعالى عما يقولون علـواً كبيراً ، فمن تلك اللـوازم الفاسد :
1- أنْ يكون عز وجل محدواً بحد ، وهو ما ذهب إليه كثير من الحنابلة ، وسيأتي بيان بطلان هذا القول .
2- التحيز ، فإذا كان في صورة الشاب الأمرد ، فلا بد أنْ يكون متحيزاً في مكان معين .
3- أنْ يكون جسماً له أبعاد ثلاثة من الطول والعرض والارتفاع .
وجميع هذه الأمور الثلاثة بينة الاستحالة ، ومع ذلك ذكر العلماء براهين كثيرة لإثبات بطلانها في كتب الكلام والعقائد ومنها ، أنْ ذلك يلزم منه أنْ يكون له مبدأ ومنتهى ، فيجب أنْ يكون حينئذ ممكناً متوقفاً على العلة ، فلا يكون حينئذ واجب الوجود الذي يتميز عن سائر الكائنات بالغنى الذاتي .
بيان ذلك : تقرر في أبحاث الفلسفة والعقائد أنْ منشأ الحاجة إلى العلة في الموجودات الممكنة هو الافتقار الذاتي


للموجودات ، فهي مفتقرة في أصل وجودها ، ومفتقرة ذاتاً في بقائها ، ولذا فهي متوقفة على العلة وجوداً وبقاءاً ، وأحد دلائل الافتقار هو المحدودية ، فكل محدود فهو مفتقر ذاتاً ، فهو محتاج إلى العلة ، بخلاف ما لا حد لوجوده ، فهو غني بالذات ، فإذا تحقق الغنى بالذات ، لم تكن حينئذ حاجة إلى العلة ، وعليه يكون الواجب مستغنياً عن العلة ، بخلاف الممكنات .
أما لو قلنا بأنّ وجود الواجب وجود محدود بحد ، فلا فرق حينئذ بينه وبين سائر الكائنات في الافتقار الذاتي والحاجة إلى العلة ، فيلزم أن لا يكون واجب الوجود ، فينتهي الأمر إلى نفي وجود الخالق الصانع حينئذ والعياذ بالله تعالى .
وعليه فلا بد من الحكم بالنسبة للواجب تعالى بنفي الجسمية والتحيز والمحدودية .
وقد تصدى لإثبات ما تقدم من نفي الجسمية والتحيز والحد عدد كبير من علماء المسلمين الذين رفضوا أفكار الحنابلة ، ومنهم الإمام فخر الدين الرازي في كتابه أساس التقديس . (1)
(1) راجع : أساس التقديس ص 48 ، وما بعدها ط. مكتبة الكليات الأزهرية / الأزهر – القاهرة سنة 1406هـ- 1986م .


وصرح ببطلان التحيز مثلاً وامتناعه على الباري عز وجل عدد كبير من علماء السنة منهم الحافظ ابن حجر العسقلاني . (1)
وسيأتي إنشاء الله تعالى بيـان تفصيل ما لـه ربط بما نحـن فيه في الفصـول القادمة .
الجهة الثانية
في بيان جذور هذا القول
تبين مما تقدم أنّ الحديث المتقدم ينتهي إلى ابن عباس وأم الطفيل وعائشة ومعاذ بن عفراء ، فأما ما يروى عن ابن عباس فله عدة طرق ، وهي :
1- ما أخرجه عدد كبير من الحفاظ بأسانيدهم إلى حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن عكرمة عن ابن عباس ، وقد تقدمت بعض هذه التخريجات .
2- ما أخرجه الطبراني قال : حدثنا علي بن سعيد الرازي ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن الضحاك ، عن ابن عباس . (2)
3- ما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط حيث قال : حدثنا عبد الرحمن بن الحسين ،
(1) فتح الباري ج3 ص 30 ط. دار المعرفة / بيروت سنة 1379هـ .
(2) نقله عنه السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص 30 .


قال حدثنا إسحاق بن ضيف ، قال حدثنا زيد بن السكن الجندي ، حدثني عبد الله بن عمرو بن مسلم ، عن أبيه ، عن عكرمة قال : سئل ابن عباس : هل رأى محمد (ص) ربه عز وجل ؟ قال : نعم ، رآه في صورة شاب بين شعر من لؤلؤ ، كأنّ قدمية في خضرة . (1)
وأما ما روي عن معـاذ بن عفراء فقـد أخرجـه الطبراني حيث قال : حدثنا علي بن سعيد الرازي ، حدثنا محمد بن حاتم المؤدب ، حدثنا القاسم بن مالك المزني ، حدثنا سفيان بن زياد ، عن عمه سليم بن زياد ، قال لقيت عكرمة مولى ابن عباس فقال : لا تبرح حتى أشهدك على هذا الرجل ابن لمعاذ بن عفراء ، فقال أخبرني بما أخبرك أبوك عن قول رسول الله (ص) فقال : حدثني أبي أنّ رسول الله (ص) حدثه أنه رأى رب العالمين عز وجل في حظيرة من القدس في صورة شاب عليه تاج يلتمع البصر . قال سفيان بن زياد ، فلقيت عكرمة بعد فسألته الحديث ، فقـال : نعم كـذا حـدثني إلا أنه قال : رآه بفؤاده . (2)
وأما ما روي عن عائشة فقد أخرجه الطبراني عن علي بن سعيد الرازي عن
(1) المعجم الأوسط للطبراني ج3 ص 335 رقم 4767 ط. دار الفكر / عمان – الأردن ودار الكتب العلمية / بيروت سنة 1420هـ- 1999م .
(2) اللآلئ المصنوعة ج1 ص 30 .


أحمد بن إبراهيم الدورقي ، عن حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن صفوان بن سليم ، عن عائشة ، وقد تقدم .
وأصح الطرق التي تقدمت على مبانيهم هي الطرق المروية عن حماد بن سلمة الذي يعتبر أحد أئمتهم الكبار والتي دافع عنها أحمد بن حنبل وبقوة ، وقد حاول البعض أنْ يضعفها بدعوى أنّ قتادة لم يسمع من عكرمة ، ولكن رد ذلك أحمد بن حنبل فيما تقدم من كلامه ، ومما نقل عن أحمد بن حنبل ما نقله عنه المروزي حيث قال : قلت لأحمد : يقولون : لم يسمع قتادة عن عكرمة ، فغضب ، وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث ، وحماد إمام جليل ، وهو مفتي أهل البصرة ، وقـد احتج به مسلم في أحاديث عدة في الأصول ... الخ . (1)
كلام ابن الجوزي بشأن سند الحديث
ومع هذا حاول ابن الجوزي أنْ يطعن في الحديث - مع أنّ إمام مذهبه أحمد بن حنبل طعن فيمن لم يقبل به - بدعوى أنها أحاديث مدسوسة في كتبه دسها ابن أبي العوجاء الملحد ، يقول ابن الجوزي في العلل المتناهية : هذا الحديث لا يثبت ، وطرقه كلها على حماد بن سلمة ، قال ابن عدي :



(1) اللآلئ المصنوعة ج1 ص 31 .


قد قيل أنّ ابن أبي العوجاء كان ربيب حماد ، فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث . (1)
وهذه التهمة التي قبلها ابن الجوزي بالنسبة لحماد بن سلمة تهمة خطيرة جداً ، فابن أبي العوجاء كان من الزنادقة والملحدين المعروفين (2) ، فإذا ثبت أنه دس هذه الأحاديث في كتب حماد بن سلمة ، فمعنى ذلك أنّ كبار أئمة السنة والحنابلة كانت أحد أهم مصادرهم العقائدية وفي القضايا الخطيرة المرتبطة بذات الله عز وجل كانت تؤخذ من الزنادقة المشهورين دون أنْ يعلموا بذلك ، ونقول حينئذ كما قال الشاعر :
إنْ كنت لا تدري فتلك مصيبة أو كنت تـدري فالمصيبة أعظم
فما أعظم الخطب وما أفـدح المصاب إذا كـان بعض الملحدين قـد تمكن
من الدس في كتب الحديث بمسائل تأثر بها الأئمة الكبار كأحمد بن حنبل وأضرابه ، ومع سلامة بعض الأسانيد فما الذي يضمن أنّ ذلك لم يتكرر في كثير من الأحاديث التي وصفوها بالصحة .
ولكن الإنصاف أنّ نسبة دس ابن أبي العوجاء التي قبلها ابن الجوزي ، وعول على
(1) العلل المتناهية ج1 ص 36 ط. دار الكتب العلمية / بيروت .
(2) لسان الميزان ج4 ص 51 رقم 144 ط. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / بيروت .


ما قيل من دون أنْ يسند إلى القائل ذلك في غير محلها ، وذلك لأنّ المحدثين صرحوا بسماع الحديث المتقدم عن حماد بن سلمة ، وبطرقهم المتعددة عنه ، فقد صرح بسماع الحديث عن حماد بن سلمة جماعة منهم : الأسود بن عامر المعروف بشاذان ، وعبد الصمد بن كيسان ، وإبراهيم بن أبي سويد الدراع ، فالحديث إلى حماد بن سلمة صحيح وفق قواعدهم ، ولا مطعن عليه من جهة الإسناد ، فليس ابن أبي العوجاء هو الذي دس ذلك في أحاديث حماد بن سلمة ، بل قد يكون قد استغلها وشجعه على روايتها ، والله الأعلم من الواضع لهذا الخبر الكذب ، لكن الأمر يدور بين حماد بن سلمة وقتادة وعكرمة مولى ابن عباس الذي كان من رموز الخوارج والحرورية ، وهذا الخبر المكذوب على جميع التقادير يدل على دور أيادي النفاق الخبيثة التي كانت في أوساط المحدثين الذين عرفوا بالإمامة للكيد بالإسلام وللنيل منه ، ولتحقيق أغراض أعداء الدين من الأمويين وغيرهم من الطواغيت وغير الطواغيت .





لتحميل الوثائق اضغط هنا












عرض البوم صور لبيك داعي الله   رد مع اقتباس
قديم 18-04-2011, 06:21 AM   المشاركة رقم: 2
معلومات العضو
رسول الله تاج راسي

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
رسول الله تاج راسي غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : لبيك داعي الله المنتدى : منتدى رد الشبهات
افتراضي

بحث رائع ومفيد جدا
شكرا جزيلا












عرض البوم صور رسول الله تاج راسي   رد مع اقتباس
قديم 18-04-2011, 04:01 PM   المشاركة رقم: 3
معلومات العضو
لبيك داعي الله

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
لبيك داعي الله غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : لبيك داعي الله المنتدى : منتدى رد الشبهات
افتراضي

الاخت العزيزة شاكر مرورك

انرت الموضوع












عرض البوم صور لبيك داعي الله   رد مع اقتباس
قديم 21-04-2011, 10:36 AM   المشاركة رقم: 4
معلومات العضو
محـب الحسين
 
الصورة الرمزية محـب الحسين

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
محـب الحسين غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : لبيك داعي الله المنتدى : منتدى رد الشبهات
افتراضي

أحسنت اخي العزيز لتبيانك الحقائق
جزاك الله خير جزاء المحسنين












توقيع : محـب الحسين

عرض البوم صور محـب الحسين   رد مع اقتباس
قديم 21-04-2011, 01:31 PM   المشاركة رقم: 5
معلومات العضو
* || نور على نور ||*

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
* || نور على نور ||* غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : لبيك داعي الله المنتدى : منتدى رد الشبهات
افتراضي

اللهم صلِ محمد وآل ِ محمد
..
كل الشكر والتقدير لك أخي
..
لاتحرمنا من هذهِ الحقائق
..
بوركت












عرض البوم صور * || نور على نور ||*   رد مع اقتباس
قديم 24-04-2011, 05:34 PM   المشاركة رقم: 6
معلومات العضو
لبيك داعي الله

إحصائية العضو







 
 


التوقيت

التواجد والإتصالات
لبيك داعي الله غير متواجد حالياً

كاتب الموضوع : لبيك داعي الله المنتدى : منتدى رد الشبهات
افتراضي

الاخ العزيز محب الحسين انرت الموضوع

الاخت نور على نور انرت

لكم الف شكر وتقدير

سددكم المولى












عرض البوم صور لبيك داعي الله   رد مع اقتباس
إضافة رد


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معنى قولهم (ع):" أحيوا أمرنا" نقآء الروح منتدى أهل البيت (عليهم السلام) 6 12-01-2012 06:29 AM
فوائد ( الكستنا أو أبو فروة أو الشاه بلوط ) ومحاذير تناولها دمعة الكرار احباب الحسين للطب والصحة العامه 2 14-11-2011 04:08 PM
المكتبة التخصصية للرد على الوهابية خادم المنتظر منتدى رد الشبهات 4 02-09-2011 01:21 AM
إلى من يهمه أمري :: بحر :: احباب الحسين للشعر والخواطر 3 22-12-2009 09:44 PM
كيف نؤمن بأنّ المهديّ قد وُجد ؟ خادم الباقرع منتدى الامام الحجه (عجّل الله فرجه الشريف) 3 29-03-2009 12:55 AM


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين