العودة   منتديات احباب الحسين عليه السلام > القسم الاسلامي > المنتدى الاسلامي العام
المنتدى الاسلامي العام يختص بكل مواضيع الثقافة الإسلامية على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)
روابط مفيدة مشاركات اليوم البحث


هل الدنيا والاخرة ضرتان

المنتدى الاسلامي العام


موضوع مغلق
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-01-2009, 09:58 PM   رقم المشاركة : 1
الكاتب

ابوجعفرالديواني


الملف الشخصي









ابوجعفرالديواني غير متواجد حالياً


افتراضي هل الدنيا والاخرة ضرتان

بسم الله الرحمن الرحيم
روى السيّد الشريف الرضي ( رضي الله عنه ) في الجزء الثالث من نهج البلاغة في باب المختار من حكم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومواعظه ، أنّه قال : ( إنّ الدنيا والآخرة عدوان متفاوتان ، وسبيلان مختلفان ، فمن أحب الدنيا وتولاّها أبغض الآخرة وعاداها ، وهما بمنزلة المشرق والمغرب وماش بينهما ، كلّما قرب من واحد بعد من الآخر ، وهما بعد ضرّتان ) .

وهنا يتّجه أن نتساءل ما معنى هذا ؟ وكيف نجمع بينه وبين ما سبق ممّا استفدناه من منطق القرآن ونهج البلاغة في شأن الدنيا ؟

وللإجابة نقول : أوّلاً ، إنّ من الضروري أنّ الإسلام لا يمنع من الجمع بين العمل للآخرة وللدنيا بمعنى الاستفادة منها ، وإنّما الممنوع منه في الإسلام هو الجمع بينهما بمعنى الهدف والغاية .

وبعبارة أخرى نقول ، إنّ الاستفادة من الدنيا ليست ممّا يوجب الحرمان من نعم الآخرة قطعاً ، وإنّما الذي يوجب ذلك هو ارتكاب الذنوب والآثام لا الاستفادة المباحة من نعم الله الحلال في الدنيا : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (20) .

والعكس صحيح أيضاً ، فليس الإيمان والعمل الصالح ممّا يوجب حرمان العبد من الدنيا وما فيها أبداً ، إذ كان كثير من الأنبياء والمرسلين والأئمّة وعباد الله الصالحين الذين لا يشك في إيمانهم وصلاحهم متنعّمين بكثير من حلال الله في الدنيا .

إذن ، فنقول : لنفترض أنا فهمنا من هذه الرواية ما يوهم أنّ بين الدنيا والآخرة عداوة ومنافرة ، فإنا سنرفع اليد عنه بحكم تلك الأدلّة القطعية المخالفة .

وثانياً نقول : نحن لو أمعنا النظر في هذا التعبير توصّلنا إلى نقطة بليغة لا يبقى معها منافرة بين هذا التعبير مع تلك الأصول المسلّمة القطعية ، ولكي تتّضح لنا تلك النقطة نقدّم مقدّمة ، فنقول : إن علاقة الإنسان بالدنيا لا تخلو من إحدى حالات ثلاث :

1ـ أن يجعل الدنيا أكبر همّه ، والآخرة ـ مع ذلك ـ نصب عينيه !

2ـ أن يجعل الدنيا أمام عينيه ، والآخرة خلف ظهره .

3ـ أن يجعل الدنيا وسيلة ، والآخرة غاية .

فالحالة الأولى : هي حالة العداوة والمنافرة ، وهي الحالة التي يكون فيها مثلهما كمثل الضرّتين ، أو المشرقين والمغربين والماشي بين هذين .

وأمّا الحالة الثانية : فهي ـ والأولى ـ التي ورد النهي عنها في الآيات والروايات .

وأمّا الحالة الثالثة : فهي ـ فقط ـ التي ارتضاها الله لنا ورسوله ( صلّى الله عليه وآله ) .

إنّ المضادّة بين الدنيا والآخرة إذ تجعل أحدهما هدفاً والآخر وسيلة تكون من نوع المضادّة بين الناقص والكامل ، فإذا كان الهدف هو الناقص لزم الحرمان عن الكامل ، أمّا إذا كان الهدف هو الكامل لم يلزم الحرمان عن الناقص ، بل لازم الاستفادة من الناقص في سبيل الوصول إلى الكامل بصورة إنسانية معقولة وسامية ، كما أنّ الأمر كذلك في النسبة بين كل تابع ومتبوع ، إذ لو كان غرض الإنسان الاستفادة من التابع لزم حرمانه عن المتبوع ، أمّا إذا كان غرضه الاستفادة من المتبوع تابعه التابع بنفسه .

وفي الحكمة 269 من نهج البلاغة إشارة واضحة إلى هذا ، حيث يقول ( عليه السلام ) الناس في الدنيا عاملان :

عامل في الدنيا للدنيا ، قد شغلته دنياه عن آخرته ، يخشى على من يخلف الفقر ويأمنه على نفسه ، فيفني عمره في منفعة غيره .

وعامل عمل في الدنيا لما بعدها ، فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمل ، فأحرز الحظّين معاً ، وملك الدارين جميعاً ، فأصبح وجيهاً عند الله لا يسأل الله حاجة فيمنعه ) .

وقد جاءت هذه النسبة بين الدنيا والآخرة : أنّ الآخرة هي المتبوعة ، وأنّ الدنيا هي التابعة لها ، وأنّ تبعية الدنيا تبعية للتابع تستلزم الحرمان عن المتبوع الأصل وهو الآخر ، ولكن تبعية الآخرة تبعية للمتبوع تستلزم تبعية الدنيا لها ، جاءت هذه النسبة في القرآن الكريم في الآيات 145 ـ 148 من سورة آل عمران بالصراحة ، وفي آيات 18 و19 من سورة الإسراء ، والآية 20 من سورة الشورى بتلويح كالتصريح .

( اعمل لدنياك ... واعمل لآخرتك ... )

وهناك حديث آخر كثر السؤال والنقاش حوله :

روي عن الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) تارة ، وعن الإمام ( عليه السلام ) أخرى ، وعن ابنه الإمام المجتبى ( عليه السلام ) في وصيته لجنادة بن أمية أيضاً ، بألفاظ مختلفة ومضمون واحد : ( كن لدنياك كأنّك تعيش أبداً ، وكن لآخرتك كأنّك تموت غداً ) .

فقال البعض : إنّ معنى هذا الحديث هو أن يتسامح الإنسان في عمل الدنيا ولا يعجل ، فكلّما عرض له عمل للدنيا يقول : إنّي أعيش هنا أبداً ، فلا داعي لي أن أقوم به الآن ، فسأفعله بعد ، فإنّه لا يفوتني ، ولكنّه بالنسبة إلى عمل الآخرة يقول : سأموت غداً وليس لي سوى هذا اليوم ، فالوقت ضيّق وسيفوتني إن لم أقم به الآن .

ولم يصدّق الآخرون أن يأمر الإسلام وأئمّته بالتساهل والمسامحة ، ولم يروا في سيرتهم ( عليهم السلام ) ذلك ، فقالوا : إنّ معنى هذا الحديث هو : أن يقول الإنسان في العمل للدنيا : إنّي أعيش هنا أبداً ، فلا ينبغي لي أن احتقر الأعمال فأفعلها بصورة مؤقّتة بحجّة عدم وفاء الدنيا وعدم وفاء العمر فيها ، بل يجب عليّ أن أقوم بها بصورة أساسية أضمن فيها المستقبل لنفسي ، فإنّي سأعيش هنا أبداً ، وعلى فرض عدم بقائي بها أبداً سيستفيد من عملي الآخرون بعدي فيها ، وبالنسبة إلى عمل الآخرة يقول : سأموت غداً فلا فرصة في للقيام به بعد هذا ، فيصلّي ـ مثلاً ـ صلاة المودّع للحياة ، ويصوم كذلك ، ويؤدّي الديون وحقوق الناس كذلك ، وهكذا ...

وأقول : إنّ هذا الحديث من ألطف الأحاديث في الدعوة إلى العمل وترك الإهمال ، سواء في الأمور الدينية والأخروية أو الدنيوية .

وللمثال نقول : إذا كان الشخص يعيش في دار يعلم بأنّه سوف ينتقل منها إلى دار أخرى يعيش فيها أبداً ، ولكنّه لا يعلم متى يكون هذا الانتقال لا اليوم ولا الشهر ولا السنة ، فهو يعيش حالة التردّد في تعهّد العمران بالنسبة إلى كلا الدارين ، إذ لو كان يعلم أنّه سينتقل من هذه الدار في القريب العاجل جدّاً كان يصرف همّه للعمل لتلك الدار ويهمل العمل لهذه ، وبالعكس إذا كان يعلم أنّه سوف لا ينتقل من هذه الدار إلاّ بعد لأي من الزمن فإنّه سيصرف همّه لتعهّد العمران في الدار التي هو فيها ، ويهمل العمل للأخرى ويقول في نفسه : يجب عليّ الآن أن أعمل لهذه الدار أنا فيها ، وأمّا الأخرى فسوف نصل للعمل لها فيما سيأتي من الأيّام ، فإنّ الفرص كثيرة ، والأقرب يمنع الأبعد .

وفي حالة التردّد ـ الأولى ـ يأتي دور هذا الحديث ليقول له : بالنسبة إلى هذه الدار التي أنت بها الآن افترض أنّك تعيش فيها دهراً من الزمن ، فإن كانت بحاجة إلى العمران فتعهدها بالتشييد والإتقان ، وبالنسبة إلى تلك الدار الأخرى افترض بالعكس إنّك ستنتقل إليها غداً ، فعجّل عمرانها وتشييدها قبل الفوت وقبل الموت .

والنتيجة الحتمية لهذه النظرة إلى الحياة الدنيا والأخرى : أنّه سيعمل بجد لكلا الدارين ، فلنفترض أنّ إنساناً مسلماً يريد أن يطلب علماً أو يؤلّف كتاباً أو يؤسّس مؤسّسة خيرية تستغرق ردحاً من الزمن ، فإنّ كان يعلم أنّ عمره لا يكفي للقيام بهذا العمل ، وأنّه سيبقى أثراً ناقصاً ، فهنا يقال له : افترض أنّ عمرك أطول من جميع هذه الأعمال ، ولكن نفس هذا الشخص إذا أراد أن يقوم بعمل من أعمال الآخرة من التوبة والصلاة والزكاة وأداء الحقوق التي عليه لله وللناس وقضاء ما فات منها ، فإنّه يقال له : افترض أنّك تموت غداً ( فعجّل بالتوبة قبل الموت ، وبالصلاة قبل الفوت ) و( صل صلاة المودّع ) ، إذ لو كان هنا أيضاً يفترض أنّه سيعيش أبداً فإنّه سوف يسوّف في الأعمال حتّى تبلغ به الآجال .

وتبيّن من هذا المثال : أنّ افتراض بقاء الوقت في بعض الموارد يستلزم الإقدام على العمل ، وافتراض قلّة الوقت يستلزم الإحجام عنه ، وفي بعض الموارد الأخرى يكون الأمر على عكس هذا تماماً ، أي أنّ افتراض بقاء الوقت يستلزم الإهمال والإحجام عن العمل ، وافتراض قلّة الوقت يستلزم الإقدام عليه .

إذن ، فالفرق بين الفرضين هو الفرق ين الموردين ، فاللازم أن نفترض في كل مورد ما ينتهي بالإنسان إلى الإقدام على الأعمال ، سواء كان من عمل الدنيا أو الآخرة .

ويصطلح الأصوليون هنا بقولهم : إنّ لسان الدليل هنا إنّما هو لسان التنزيل والتمثيل ، فلا مانع من أن يكون التنزيلان متضادّين من جهتين .

ويكون ملخّص معنى الحديث هو : القول في بعض الأعمال بأصالة الحياة وبقائها ودوام العمر فيها ، وفي البعض الآخر القول بأصالة عدم بقاء العمر وقلّته فيها ، والضابط هو : القيام بالأعمال وعدم الإهمال سواء في عمل الدنيا أم الآخرة .

وليس ما قلناه من المعنى هنا توجيهاً بلا دليل ، بل أنّ هناك عدّة روايات أخرى توضّح لنا مفهوم هذا الحديث على ما قلناه هنا ، وإنّما وقع الخلاف فيه لعدم الالتفات إلى تلك الروايات :

1ـ فقد نقل المرحوم المحدّث القمّي ( رحمه الله ) في كتابه سفينة البحار في مادّة ( رفق ) : أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال لجابر بن عبد الله الأنصاري : ( إنّ هذا الدين لمتين ، فأوغل فيه برفق ... فاحرث حرث من يظن أنّه لا يموت ، واعمل عمل من يخاف أن يموت غداً ) (21) .

2ـ وفي الكافي فيما أوصى به رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) علياً ( عليه السلام ) قال : ( إنّ هذا الدين متين ، فاعمل عمل من يرجو أن يموت هرماً ، وأحذر حذر من يتخوّف أنّه يموت غداً ) (22) .

يعني : إذا عرض لك عمل نافع يحتاج القيام به إلى وقت كثير فظن أنّ عمرك سيطول حتّى تقوم به ، وإذا خطر ببالك أنّ الوقت كثير فأردت أن تؤخّر العمل النافع فظن أنّك تموت غداً ، فلا تؤخّر العمل ولا تفوّت الفرص .

3ـ وفي نهج الفصاحة عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه كان يقول : ( أصلحوا دنياكم ، وكونوا لآخرتكم كأنّكم تموتون غداً ) .

4ـ وفيه عنه أيضاً : ( اعمل عمل امرئ يظن أنّه لن يموت أبداً ، وأحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غداً ) .

5ـ وفيه عنه أيضاً : ( أعظم الناس همّاً المؤمن ، يهتم بأمر دنياه وأمر آخرته ) .

6ـ وفي تحف العقول عن الإمام موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) أنّه قال : ( ليس منّا من ترك دنياه لدينه ، أو ترك دينه لدنياه ) .


من مواضيع ابوجعفرالديواني » على اعتابكم وقفت مرحب
» احذر 3 دقائق الاولى من الأستيقاظ
» الفن على جذوع الاشجار
» انواع الاصدقاء
» الفيل و العُـميان
موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
الدنيا, هل, والاخرة, ضرتان

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
. أعمل لــ أمان الدنيا والاخرة دمعة الكرار المنتدى الاسلامي العام 6 04-05-2012 03:36 AM
الخدمة خير الدنيا والاخرة دمعة الكرار المنتدى الاسلامي العام 10 16-04-2012 10:30 PM
من تعاليم النبي صلى الله علية وأله لمن أرادخيروسعادة الدنيا والاخرة دمعة الكرار منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 4 12-01-2012 09:58 PM
للشفاعة بالدنيا والاخرة زين العابدين المنتدى الاسلامي العام 4 22-06-2010 01:35 PM
حديث يشمل ما يغنيك في الدنيا والاخرة :: بحر :: منتدى النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) 3 04-02-2010 05:04 AM



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات احباب الحسين