المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عقد فاطمة عليها السلام .. عقد الحرية


خادم الباقرع
21-06-2009, 01:48 PM
اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و العن أعداءهم من الأولين والآخرين حتى قيام يوم الدين

عقد فاطمة عليها السلام .. عقد الحرية

الحياة في يثرب متدفقّة ، والأمل ينمو، يكبر غداً شجرة خضراء أصلها ثابت وفرعها في السماء ، الذي نصروا النبي صلى الله عليه واله

وسلم يعملون دائبين في زروعهم يرعون ماشيتهم ، والذين هاجروا وجدوا لهم متسعّاً من مكان في الأرض وفي قلب ، وغدا الجميع إخوة على دين واحد كلهم من آدم وآدم من تراب ، والرسول صلى الله عليه واله وسلم لا يفتأ يؤلّف بين القلوب يغسل عنها أدران الجاهلية .

علي عليه السلام يعمل ... يسقي الزرع .. أو يفجر الأرض ينابيع فيحصل لقاء ذلك على صاع من شعير أو تميرات من نخيل يثرب .

كانت شمس الأصيل تغمر مسجد النبي صلى الله عليه واله وسلم بأشعتها الذهبية ومساقط الضوء تتناثر من بين جريد النخل كدنانير ذهب نثرت فوق عروس .

جلس النبي صلى الله عليه واله وسلم في قبلته بعد أن انتفل من الصلاة وقد تحلّق حوله أصحابه فبدا كقمر وسط النجوم والزمن نهر يتدفق تتدافع قطراته بانتظام ... أو رحى كبيرة تدور وتدور تهب السنين لمن يشاء ومن لا يشاء تفتح عيون الأطفال وتغمض عيوناً متغصنة الأجفان تشدّ أعواد الشباب وتقوسّ قامات الكهول ، فالجميع إلى زوال ويبقى وجه الله ... الله جلّ جلاله وحده.

دخل المسجد شيخ عصف به الزمان نحت وجهه ومزّق ثيابه ، يدّب على الأرض دبيب نملة تبحث عن رزقها في يوم بارد .

هتف الشيخ وهم يتطّلع إلى النبي صلى الله عليه واله وسلم كأنّما يتطلّع إلى شمس تهب النور والدفء:

- يا نبيّ الله ، أنا جائع ...عريان .. اشبعني واكسني .

أجاب النبيّ صلى الله عليه واله وسلم وقلبه يذوب تأثّراً :

- ما أجد لك شيئاً ولكن الدال على الخير كفاعله ..

انطلق إلى من يحب الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله يؤثر الله على نفسه .. انطلق إلى فاطمة..

التفت النبيّ إلى بلال :

- قم يا بلال فخذه إلى منزل فاطمة.

وقف الشيخ على باب يفضي إلى عالم من أمل .. عالم يهب الخبز للجياع .. هتف الشيخ بصوت واهن ينوء بعبء السنين :

- شيخ عصف به الدهر وأضرّ به الفقر .. واسيني يا بنت محمد .

نظرت فاطمة عليها السلام حواليها لم تجد شيئاً تسعف به إنساناً ينتظر بأمل .. كان هناك في زاوية الحجرو جلد كبش مدبوغ فطوته وناولته الشيخ :

- خذه فعسى الله أن يختار لك ما هو خير منه.

دقّق الشيخ النظر وتمتم :

- وما أًصنع بجلد كبش ، يا بنت محمد !

وأصعب شيء أن تهب المرأة زينتها .. أساور من ذهب أو فضة أو عقد من لآلئ البحر ، ولكن هناك ما يضيء في نفس المرأة .. يتألّق في أعماقها تالّق اللؤلؤ في الأصداف.

انتزعت فاطمة عقداً كان في عنقها وناولته الشيخ الملهوف :
ـ خذه يا شيخ.. عسى الله أن يعوّضك به ماهو خير منه.
عاد الشيخ الهوينى الى المسجد... كان النبي ما يزال جالساً بين أصحابه ، قال الشيخ :
ـ يا رسول الله أعطتني فاطمة عليها السلام هذا العقد وقالت : عسى الله أن يصنع لك .
دمعت عينا النبيّ :

ـ كيف لا يصنع الله لك، وقد اعطتك إيّاه سيدة بنات آدم!
سأل عمّار وكان حاضراً :
ـ بكم تبيع العقد يا شيخ ؟
ـ بشبعة من الخبز واللحم ، وبردة يمانّية استر بها نفسي واصلّي بها لربّي.
ملأ الشيخ كفيّه دنانير من ذهب ودراهم من فضّة فهتف جذلاً :
ـ ما أسخاك بالمال يا رجل!
غاب الشيخ برهة ثم عاد وبريق أمل يشعّ من عينيه ، وكلمات الدعاء وتمتمات الثناء تنساب من بين شفتيه فقد أغناه الله بعد فقر وأشبعه بعد جوع وكساه بعد عري.
انطلق عمّار الى منزله... فسكب عطراً غالياً على العقد ثم لفّه ببردة يمانية وقال لفتاه وكان اسمه سهم :
ـ انطلق الى فاطمة وسلّمها العقد وأنت لها.
وانطلق سهم كسهم يجتاز البيوت حتى اذا وقف على باب فاطمة عليها السلام:
ـ السلام عليك يا بنت رسول الله... العقد وأنا لك .
ـ العقد لي وأنت حرّ لوجه الله.
كاد الفتى يطير فرحاً... كان يفكّر بالحرية.. يحلم بها.. وهاهي
اللحظة التي كاد أن ينساها تتحقق فيدخل الدنيا حرّاً طليقاً.. انه لن ينسى أبداً فاطمة عليها السلام ... السيّدة التي أعادت اليه شيئاً غالياً فقده منذ زمن.
عاد سهم والفرحة تطفو فوق وجهه ، جبينه مشرق وفمه كهلال عيد الفطر. وجد نفسه يعود إلى عمّار ، هتف عمّار :
ـ ما يضحكك يا سهم ؟
ـ أضحك لبركة هذا العقد.. اشبع جائعاً وكسى عرياناً وأغنى فقيراً واعتق عبداً ثم عاد الى صاحبه.
وعندما أوت الطيور الى أعشاشها.. وعاد المزارعون الى بيوتهم وساق الرعاة غنيماتهم... في طريق العودة وقد غابت الشمس... لتتألّق النجوم في صفحة السماء ويشرق القمر... كانت حكايات السمر تتحدّث بقصّة عقد مبارك وهبته بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ثم عاد اليها بعد أن مسّت بركته جياعاً وعراة وعبيداً... وهبتهم الخبز والكساء والحريّة.

المصدر : كتاب دنيا الفتيات لكمال السيد صفحة 290 قصة رقم 80

عاشقة الابتسامه
21-06-2009, 09:59 PM
اللهم صل على محمد وال محمد

جزيت خير الجزاء

*llعاشقة الزهـراءll*
22-06-2009, 12:00 AM
يعطيك العاااااافيه
في ميزاااااااااان اعمااااااالك
دمـــــــــ بحب وولايه محمدوعترته الاطهاااااااااارـــــــــــــــــــــــــت