المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السيّدة زينب(ع) الشخصيّة الرساليّة


عاشقة ام الحسنين
15-09-2019, 02:13 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
زينب(ع)، الّتي جسَّدت الشّخصيَّة الرّساليّة، وكانت صورة حيّة في سلوكها ورساليّتها عن أمّها الزهراء(ع)، وكانت نعم الأخت المخلصة لأخيها الحسين(ع). جاء في كلام سماحته:
"كانت فاطمة الزّهراء(ع) النموذج الأكمل للمرأة المسلمة، إذ عاشت العصمة في عقلها؛ فلم ينطلق عقلها إلا بالحقّ، وعاشتها في قلبها؛ فلم ينبض إلا بالخير، وعاشتها في حياتها؛ فلم تنطلق حياتها إلا بالقيم الرّوحيّة التي ترتفع إلى الله. وكانت(ع) المرأة المثقفة التي وقفت في مسجد رسول الله(ص)، وخطبت خطبتها التي دلّلت على قوّة الموقف، وعلى سعة العلم، وعلى قوّة الحجّة. ولهذا أضحت تلميذة رسول الله(ص)، ورفيقة عليّ(ع)، فملأت المدينة ـ في زمن رسول الله وبعده أيضاً ـ علماً وروحاً وأخلاقاً وتوجيهاً.
وكانت ابنتها السيّدة زينب(ع) مثالاً لأمّها، فقد عاشت في أحضان أمّها وهي طفلة، وعاشت في أحضان أبيها وهي شابّة، وعاشت مع أخويها الحسن والحسين(ع) في كلّ أسرار الإمامة وانطلاقة العلم، ولذلك، كانت تمثّل المرأة التي امتلأ عقلها بالعلم، وامتلأت حياتها بالإخلاص لله تعالى والجهاد في سبيله.
ونحن حينما نذكر الأمّ والبنت، نجد في كلّ عناصر شخصيّتهما القدوة، لا للنّساء فحسب، ولكن للرّجال والنّساء معاً، لأنهما تتحركان من قاعدة الإيمان، وتنفتحان من خلال ثقافة الإسلام. وقد كانت السيّدة زينب(ع) تمثّل الإنسانة التي يذكر كتّاب سيرتها أنها من أفاضل النّساء، وكانت قويّةً في حجّتها، صلبةً في مواقفها، شجاعةً في مواجهة التحدّي.
وكانت زينب(ع) رفيقة الحسين(ع)، فامتلأ قلبها بحبّ أخيها، لأنَّ قلبها امتلأ بحبّ الرّسالة التي حملها أخوها الحسين(ع)، ولهذا تركت زوجها وابن عمها عبدالله بن جعفر في المدينة، وجاءت مع الإمام الحسين(ع) إلى كربلاء، ومعها ولداها. وكانت إلى جانب الحسين(ع) ترعى كلَّ عياله وكلّ عيال أصحابه، وكانت هي التي تشرف على علاج ابن أخيها الإمام عليّ بن الحسين(ع) عندما كان مريضاً في كربلاء، وكانت تجلس إلى الإمام الحسين، تتحدّث معه وتسأله عن طبيعة الموقف ومجريات المعركة، وكانت تعيش القلق على حياته، حتى إنها عندما سمعته ينشد شعراً، شعرت بأنّه ينعى نفسه، فأخذتها العاطفة، وانطلق الإمام الحسين(ع) يصبّرها ويقوّي موقفها ويوصيها بوصاياه: "إذا أنا هلكت فلا تشقّي عليَّ جيباً، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي بالويل والثّبور"، وكأنه يقول: "لا تشمتي بنا الأعداء".
كما ويعرض سماحته لشخصيَّة السيّدة زينب(ع) وقوّتها، حيث شكَّلت قدوةً للنّساء في العالم كأمِّها الزّهراء(ع)، متطرّقاً إلى بعض قرّاء العزاء الّذين لا ينقلون الصّورة الحقيقيّة للسيّدة زينب، وهو ما يؤدّي إلى كثيرٍ من الترّهات غير المقبولة، والتي تساهم في تغييب الحقيقة، ونشر ثقافة غير متناسبة مع مقام أهل البيت(ع). يقول سماحته:
"أمّا الذين يتحدّثون من قرّاء العزاء، بأنها ضربت جبينها بمقدَّم المحمل، حتى سال الدَّم من تحت قناعها، فإنهم لا يتحدَّثون بالحقيقة، لأنّ زينب(ع)، منذ كربلاء، تسلّمت القيادة بعد شهادة القائد، وكانت قويّةً صلبةً، لم تسقط أمام المأساة، بالرغم من أنّ المأساة كانت من أصعب ما يمرّ على الإنسان، ومن أكثر ما يثير الحزن بفعل وحشيّة الأعداء، ومع ذلك، كانت تشعر بالمسؤوليَّة تجاه عياله وتجاه العليل الإمام زين العابدين(ع)، الّذي أصبح إمامها بعد شهادة والده. وكانت قويّةً أمام الطّغاة، فلم تضعف ولم تهن ولم تسقط، وخصوصاً في الكوفة، حيث خطبت خطبتها، وأنّبت فيها الّذين تخلّفوا عن نصرة الحسين أو شاركوا في حربه، وتحدّثت إليهم بكلّ قوّة، حتى قيل إنَّ عيونهم امتلأت بالبكاء.
وعندما وصلت السيّدة زينب(ع) إلى الكوفة، وأُحضرت إلى مجلس ابن زياد، قال ابن زياد: "الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أحاديثكم"، فقالت زينب(ع): "الحمد لله الّذي أكرمنا بمحمّد وطهَّرنا تطهيراً، إنّما يفضح الله الفاسق ويكذِّب الفاجر" ـ كانت تتحداه بكلّ قوّة وعنفوان ـ قال: "كيف رأيتِ صنع الله بكم أهل البيت؟"، قالت: "كتب عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاكمون عنده"ـ وفي رواية أنها قالت له: "ستحاجّ وتُخاصم، فانظر لمن الفلج، هبلتك أمُّك يابن مرجانة" ـ فغضب ابن زياد عليها، وهمّ بها ـ أي همّ بضربها أو قتلها ـ فسكّن منه عمرو بن حريث... فقالت زينب : "يابن زياد، حسبك ما ارتكبت منّا، فلقد قتلت رجالنا، وقطَّعت أصلنا، وأبحت حريمنا، وسبيت نساءنا وذرارينا، فإن كان ذلك للاشتفاء فقد اشتفيت". وكانت(ع) هي الّتي حمت الإمام زين العابدين(ع) من القتل في مجلس ابن زياد، وهي التي كانت لا تهاب هذا الطّاغية، وهي التي كانت القويّة بموقفها، وتحدّته بكلّ الكلمات القاسية والموقف القويّ.
وينقل كتّاب السيرة الحسينيّة عن فاطمة بنت عليّ(ع) أنها قالت: "إنَّ رجلاً من أهل الشّام قام إلى يزيد، فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية... يعنيني، وكنت جاريةً وضيئةً ـ جميلة ـ فأرعبت وفَرِقْتُ، وظننت أنّه يفعل ذلك، فأخذت بثياب أختي ـ السيّدة زينب ـ وهي أكبر مني وأعقل، فقالت: كذبتَ والله ولعنت، ما ذاك لك ولا له. فغضب يزيد، فقال: بل كذبتِ والله، لو شئتُ لفعلتُه. قالت: لا والله، ما جعل الله ذلك لك، إلا أن تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا. فغضب يزيد، ثم قال: إيّاي تستقبلين بهذا؟! إنَّما خرج من الدّين أبوك وأخوك. فقالت: بدين الله ودين أخي وأبي وجدّي اهتديت أنت وجدّك وأبوك إن كنت مسلماً. قال: كذبتِ يا عدوّة الله. قالت: أنت أمير، تشتم ظالماً، وتقهر بسلطانك. فقالت: فكأنّه استحيا فسكت".
ونقف مع خطبتها في مجلس يزيد، حيث وقفت فيه وقفة أمّها الزهراء(ع) وأبيها عليّ(ع)، وهي التي كانت تستقي من كلام عليّ، وكأنّ الذي يسمعها يسمع عليّاً(ع) يتحدث. خاطبت يزيد فقالت له: "وسيعلم من سوّى لك ومكّنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلاً، وأيكم شرّ مكاناً وأضعف جنداً، ولئن جرّت عليَّ الدواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، وأستكبر توبيخك، لكنّ العيون عبرى، والصّدور حرّى. ألا فالعجب، كلّ العجب، لقتل حزب الله النّجباء، بحزب الشّيطان الطّلقاء... ولئن اتّخذْتَنا مغنماً لتجدنّا وشيكاً مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدّمتَ، وما ربّك بظلاّم للعبيد. فإلى الله المشتكى، وعليه المعوَّل. فكد كيدك، واسعَ سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا تَرْحَضُ ـ تغسل ـ عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيّامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي: ألا لعنة الله على الظالمين! فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسّعادة، ولآخرنا بالشّهادة والرّحمة".
وختم سماحته الخطبة بعرض صفات هذه الشخصيّة الإسلاميّة القيادية التي أغنت التّاريخ الإسلامي والإنساني:
"ونستوحي من هذا الموقف الزّينبي، أنَّ زينب(ع) كانت تملك علماً تستطيع من خلاله أن تتحدَّث في الموقف عن آيات الله، وأن تنطلق لتوبِّخ يزيد، ولتعرِّف مجتمعه بالسّيرة النبويّة الشّريفة وبالرّسالة الإسلاميّة، ونفهم من ذلك، أنّ السيدة زينب(ع) كانت قوية الشخصية، فلا ترتجف أمام سلطان يزيد ولا أمام قوّته وجيشه. كانت كأبيها عليّ(ع) الذي قال: "لو تضافرت العرب على قتالي، لما ولّيت عنها هارباً". كانت ابنة عليّ وأخت الحسين والعباس، وكانت الإنسانة التي تملك قوّة الشخصيّة وعزّة النفس، ولذلك، لم تقف ذليلةً أمام يزيد وابن زياد، بل كانت تعيش موقف الإنسانة العزيزة في شخصيّتها، وقد تمرّدت على كلّ أساليب الذلّ الذي أراد يزيد وابن زياد أن يسيطرا بها عليها.
وكانت(ع) في كلّ مسيرتها، تملك الشخصيّة القيادية، كانت القائدة التي استطاعت أن تكمل حركة الثورة الحسينيّة، ولو لم تكن زينب لماتت هذه الثّورة، ولكنَّ الحسين(ع) ضحّى، وزينب أكملت التضحية، وعرّفت العالم ما معنى ثورة الحسين(ع). ولذلك، فإننا عندما نتذكّر زينب والحسين، نعرف كيف انطلقت كربلاء بقيادة الرّجل المعصوم والمرأة الّتي ارتفعت وعاشت روحيّة العصمة، وإن لم تكن واجبة العصمة.
وكانت زينب(ع) الإنسانة الصابرة الصامدة. أمّا الصورة التي ينقلها الكثيرون من قرّاء العزاء، والذين يحاولون أن يصوّروا زينب بأنها ضعيفة مهزومة ذليلة؛ فهي ليست صورة زينب(ع)؛ إنّ صورتها هي صورة الإنسانة القويّة الصّامدة الصّابرة المتحدّية.
ونحن حينما نتذكّرها، فإنَّ علينا أن نجعلها القدوة التي نقتدي بها في مواقف القوّة أمام الطغاة والظالمين، وأن لا نضعف أو نهون أو نسقط. وهذا ما يجعلنا نفهم أنَّ المرأة المسلمة عندما تعيش روحيّتها وقوّتها الإسلاميّة، فإنها تستطيع أن تنتصر على الرّجال في أقوى المواقف، كما يمكنها أن تسدَّ نقاط الضّعف في المسيرة".


والسلام على سيدتنا زينب (عليها السلام) يوم وُلدت، ويوم انتقلت إلى رحاب الله، ويوم تبعث حيّةً.

سيد فاضل
15-09-2019, 04:30 PM
الله يعطيك العافية

محـب الحسين
15-09-2019, 05:45 PM
جزاكِ الله خير الجزاء

عاشقة ام الحسنين
16-09-2019, 10:59 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم

أسعدني وجودكم وتنويركم في صفحتي المتواضعة
لا خلا ولا عدم إن شاء الله ..

كونوا بالإنتظــــــار

دمتم في حفظ المولى ورعاية بقية الله الأعظم

صدى المهدي
16-11-2019, 09:12 AM
اللهم صل على محمد وال محمد
احسنتم
جزاكم الله خيرا

عاشقة ام الحسنين
16-11-2019, 03:04 PM
اللهم صل على محمد وآل محمدوعجل فرجهميا كريم
أسعدني وجودكم وتنويركم في صفحتي المتواضعة
لا خلا ولا عدم إن شاء الله ..

كونوا بالإنتظــــــار

دمت في حفظ المولى ورعاية بقية الله الأعظم