
الغرب جعل من شمال إفريقيا مسرحا لجرائمه؛ قصة المجاهد الكبير الشيخ العربي التبسي
شفقنا العراق-عند دراسة تاريخنا جيدا يمكننا أن نحدد من هو العدو الحقيقي لأمتنا الإسلامية والعربية وأيضا من هو الصديق، ولا شك أن ما تعرض له المسلمون والعرب على مر العصور كان مريرا بصفة عامة ومن أشده ما حدث بشمال افريقيا من استعمار وقتل وتخريب وتنكيل وضياع للهوية وسرقة الثروات.
واليوم ومع تحديث أساليب العداء يجب على الجميع كشف الماضي والحاضر وإلقاء الضوء عليه، واليوم نتحدث عن المجاهد الكبير الشيخ العربي التبسي والذي ضرب أروع الأمثلة في الجهاد والتصدي للمستعمر رغم تجاهله إعلاميا والذي وقف أسدا شامخا شجاعا شرف بمواقفه المسلمين وبلده الجزائر والمغرب العربي وتحمل ما لا تتحمله الجبال، وقد كان الشيخ من أبرز علماء وأعمدة الإصلاح في الجزائر كما كان الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين بالجزائر.
تخرج الشيخ في جامعة الزيتونة بتونس عام ١٩١٤م ثم انتقل إلى القاهرة عام ١٩٢٠م لدراسة العلوم الشرعية بجامعة الأزهر، وبعد أن أتم دراسته عاد إلى موطنه وبلده الجزائر وذلك عام ١٩٢٧م ليبدأ دوره ونشاطه الدعوي الإصلاحي، وعند اندلاع الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي عام ١٩٥٤م كان الداعم لها والمحرض للناس على الجهاد في سبيل الله لتحرير أرضه وبلده، فقد كان يتواصل مع المجاهدين ويحثهم على الصبر والثبات، وحدث يوما أن حاول البعض من أصدقائه إقناعه بالخروج من الجزائر بعد أن أصبح مستهدفا من قبل المستعمر الفرنسي ولكن كان جوابه لهم دائما: ” إذا كنا سنخرج كلنا خوفا من الموت فمن يبقي مع الشعب؟”
وقد نقل عنه آخرون أنه قال: ” لو كنت في صحتي وشبابي ما زدت يوما واحدا بالمدينة ولأسرعت إلى الجبل فأحمل السلاح وأقاتل مع المجاهدين”
ومن خلال هذه الكلمات وغيرها تأكد للجميع و المستعمر خاصة أن الشيخ العربي التبسي يتمتع بشعبية كبيرة وأنه مؤيد للجهاد وأحد محركي القواعد الخلفية له، فأرسلوا إليه عن طريق إدارتهم في الجزائر عدة مبعوثين للتفاوض معه بشأن الجهاد ومصيره، وبعد رفضه المستمر للتفاوض باسم الأمة وأن عليهم التفاوض مع المجاهدين فقط، رأى المستعمر أنه من الضروري التخلص منه، وفي الوقت نفسه لم يستحسنوا اعتقاله أو قتله علنا لأن ذلك سوف يزيد من حماس الأمة للجهاد ضد هذا المستعمر الظالم، فتم اختطافه.
وقد نقل المجاهد أحمد الزمولي عن إبراهيم البرسعادي الذي كان ضمن تشكيلة القبعات الحمر وحضر مراحل إعدامه وكان منظر الإعدام السبب في التحاقه بالمجاهدين كما ذكر وجاء بالرواية ما يلي: “وقد تكفل بتعذيبه فرقة الجنود السنغاليين في الجيش الفرنسي والشيخ بين أيديهم صامت صابر محتسب لا يتكلم إلى أن نفد صبر “لاقايدرد” قائد فرقة القبعات الحمر الفرنسية، وبعد عدة ايام من التعذيب جاء يوم الشهادة حيث أعدوا للشيخ قدر كبير مليئ بزيت السيارات والشاحنات العسكرية والأسفلت الأسود وأوقدت النيران من تحتها إلى درجة الغليان والجنود السنغاليون يقومون بتعذيبه دون رحمة وهو صابر محتسب ذلك عند الله سبحانه وتعالى.
هذا غيض من فيض من أحزان المغرب بسبب الغرب البغيض المستعمر القاتل، ومن هنا وبعد كل هذه السنوات أقدم التحية ونسأل الله لشهداء الجزائر الرحمة وشهداء المغرب الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء ضد هذا المستعمر الذي جعل من شمال افريقيا مسرحا لجرائمه التي لا تغتفر ولا تنسى مهما مر الزمن والوقت سيتذكرها الأجيال جيلا بعد جيل ويعلنها حتى يشهد العالم كله على إرهاب الغرب ضد المسلمين والعرب.
السيد الطاهر الهاشمي
تعليق