المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرجع وحيد الخراساني يشرح حديث “علي مع القرآن والقرآن مع علي”


سيد فاضل
06-05-2021, 09:17 AM
المرجع وحيد الخراساني يشرح حديث “علي مع القرآن والقرآن مع علي”

شفقنا العراق-واصل الأستاذ شعيب العاملي متابعته لسلسة أبحاث وخطابات سماحة المرجع الديني آية الله الشيخ حسين وحيد الخراساني، والتي تنشر في موقع “كتابات في الميزان”. وكان بحثه اليوم الاربعاء (5 مايو 2021) “كيف صار عليٌّ مع القرآن؟”.

بسم الله الرحمن الرحيم

ينبغي لمعرفة عليّ بن أبي طالب عليه السلام أن يعُرَف القرآنُ أولاً، يحكم بذلك المنطق والدليل، لأنّ مدلول الحديث الذي تمّت حجيته عند الفريقين: عَليٌّ مع القرآن، فينبغي لإدراك هذه المعيّة تعريف طرفها الآخر.

ومعرفة القرآن مستحيلةٌ بغير القرآن نفسه، لذا ينبغي معرفة القرآن بقدر الاستعداد وذلك بالرجوع إليه، وإدراك حقيقة الكتاب.

قال تعالى: ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾ (الإسراء88).

فلو اجتمع الإنس بقدراتهم العقلية التي وُزِّعَت على كلّ الناس، وكلمة (الإنس) مُصَدَّرَة بالألف واللام، فتشمل كلّ أفراد البشر من صَدر الخلقة إلى القيامة، مع الجنّ المتّصفين بتلك القدرة والإحاطة، وتشمل كلّ أفراد الجنّ.

إذا كانا معاً مجتمعين، بأن تمركزت كلُّ القوى، على الإتيان بمثل هذا القرآن، لا يأتون بمثله.

وههنا بحثٌ مفصل، ﴿علَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ﴾، لا نفس القرآن، إنما بالمماثِل للقرآن، فلا يأتون بمثله.

ما معنى هذه الجملة؟

معناها أن اللفظ والمعنى والقالب والمحتوى كله فوق قدرة الإنسان، وفوق قدرة الجنّ، وهذا نموذجٌ عن عظمة القرآن.

أما سرُِّ المطلب: فلماذا عَجِزَ الإنس والجن ولم يقدروا على ذلك؟ إذا فُهِمَ ما الذي في القرآن يُعرَف وجه عجز كلّ الجنّ والإنس.

﴿ألم﴾ ﴿حم * عسق﴾ ﴿كهيعص﴾ ﴿طس﴾ ﴿طسم﴾

لو فُهِمَت هذه الحروف، وعُرِفَ تركيبها، لحصلت القدرة على التصرف في كل عالم الإمكان، ومِن أين للإنس والجن معرفة تركيب وتأليف هذه الحروف حتى يصلوا لبطون هذا الكتاب؟

وقد قال تعالى: ﴿الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (إبراهيم1).

كلُّ هذا إدراكٌ لعدم الإدراك، وهذا هو المهمّ.. منزِلُ الكتاب هو الله تعالى، يا هو، يا من لا يعلم ما هو إلا هو، المنزل هو هذا.

أما المُنَزَّلُ عليه، ﴿أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾ لا إلى موسى وعيسى وإبراهيم عليهم السلام.

المنزِلُ هو الذاتُ التي لا تتناهى، والمنزَلُ عليه هو عقلُ الكلّ، وخَتم الرسل، أوّلُ شخص في عالم الإمكان.

ما هي غاية الإنزال؟

﴿لِتُخْرِجَ النَّاسَ﴾ هنا يَحارُ العقل، الغايةُ هي إخراجُ كلِّ البشريّة، كلُّ من يطلق عليه أنّه من الناس، لتخرجهم كلّهم ﴿مِنَ الظُّلُمَاتِ﴾ فما هي تلك الظلمات أيضاً؟

ما أثر ألف ولام ﴿الظُّلُمَاتِ﴾؟

﴿إِلَى النُّورِ﴾: فما هو النور؟ وما هي تلك الظلمات؟

كل هوىً وجهلٍ ظلمةٌ، وكلُّ أفراد البشر غرقى في هذه الظلمات، ظلمات الجهل.

هل لدينا نحن الموجودين هنا معرفةٌ بأنفسنا؟ أبداً..

هذا الظُفرُ في حالة النموّ الآن، ثم يُقطَعُ لاحقاً، هل لدينا علمٌ بأظافرنا نحن؟!

كلّ هذه العربدة العلمية في الدنيا! ولم تُفهَم الغاية!

أهل العلم هم الذين فهموا مراتب الجهل! أمّا نحن فلا نعلم حال أظافرنا! وليس عندنا اطلاع على حال أعيُنِنَا! ولا نعرف ما جرى ويجري في عقولنا وأدمغتنا، ولا دوران الدم في أبداننا!

من أين جئنا؟ وإلى أين نذهب؟ أين نحن؟ ظلماتٌ وجهلٌ من الرأس إلى القدمين.

أُنزِلَ هذا الكتابُ إليك لتخرج كلَّ البشر من كلّ الظلمات وتوصلهم إلى النور المطلق ومطلق النور، وههنا بحثٌ مفصّل، الظلماتُ جمعٌ، وأمّا النور فواحد، فماذا يعني ذلك؟

هذه المباحث باقيةٌ على بكارتها!!

لو فهم الآف فخرٍ رازيٍّ هذا لفهموا أن الكتاب أبديٌّ، ليس لزمان خاصٍّ ولا لأمّةٍ خاصّة، بل لكلّ الأمم إلى يوم القيامة.

ههنا ينبغي أن يُحاكَموا ويجيبوا، أليس هذا نصّ القرآن: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾؟

كم أنت غارقٌ أيها الفخر الرازي في الظلمات؟ وهكذا غيرك.

ألا ينبغي أن يُخرِج هذا الكتاب الجميع من ظلمات الجهالات؟ أليس هذا نصّ القرآن؟

ألا يكون المخرِجُ الذي يخرج الناس من كلّ هذه الظلمات مع القرآن؟

إن لم يكن كذلك، فإن نفس هذا الكتاب لغو!!

لماذا؟ لأن الطِبَّ دون الطبيب، والعلم دون المُعلِّم، والقانون دون مُفَسِّر، لغوٌ بالضرورة!

إن كان هناك من سيخرجهم، فهل هو أبو بكر؟ أنت تقول أنّه كان عاجزاً عن فهم كلمات القرآن!

هل هو عمر بن الخطاب؟ الذي تعترفون كلّكم أنه عاجز عن فهم آيات القرآن!

قرأتم القرآن من جهة، وكتبتم من جهة أخرى ذلك الحديث: عَليٌّ مع القرآن.

ألم تفهموا هذا المقدار؟ أن مُخرِجَ الناس من الظلمات إلى النور بعد الخاتم صلى الله عليه وآله هو مَن كان بنصّ الخاتم مع القرآن والقرآن معه؟!

هذا الكتاب وهذه السنة وهذه المبادئ القطعية، ولو نَظَرَ أيُّ أحدٍ من أهل المنطق: لَوَجَدَ الصغرى والكبرى واستخرج النتيجة القطعية، وهي نفي وإبطال الجميع، وإثبات ذلك الشخص: عليٌّ عليه السلام.

لا ينتهي المطلب ههنا.. قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ (البروج21-22).

فقد نَصَّ الكتابُ أن موطن القرآن هو اللّوح المحفوظ، وينبغي أن يكون الشخص الذي مع القرآن قد وصل إلى اللوح المحفوظ.

إقرأ القرآن لتفهم أنّ ذلك الذي وصل إلى الكتاب المبين هو ذلك الذي قيل فيه أنّ كل شيء أُحصيّ في الإمام المبين كما أحصي في القرآن المبين.

فالكتاب المبين منضمٌّ للإمام المبين.

هل كان لأبي حنيفة هذا المقدار من الإدراك ليفهم معنى أنّ كلّ شيءٍ قد أحصيناه في الكتاب المبين؟

ونفس القائل قال: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ (يس12)

لو كانوا قد فهموا هذا، لَفَهِموا الحديث الذي اعترفوا بصحته: عَليٌّ مع القرآن، والقرآنُ مع عليّ.

الإمام الذي أحصينا فيه كلّ شيء، والكتاب الذي أحصينا فيه كل شيء، يُجمَعُ كلُّه في: عَليٌّ مع القرآن، والقرآنُ مع عليّ.

شعيب العاملي/كتابات في الميزان

محـب الحسين
06-05-2021, 04:32 PM
أحسنت اخي العزيز

سيد فاضل
06-05-2021, 05:04 PM
سلمكم الله