
لقد فتح تمركز المسلمين في المدينة فصلا جديدا في حياة رسول الله

فقد كان

1 ـ خطر قريش وعامة الوثنيين في شبه الجزيرة العربية.
2 ـ خطر يهود يثرب الذين كانوا يقطنون داخل أو خارج المدينة ويمتلكون ثروة كبيرة.
3 ـ الاختلاف الذي كان بين أتباعه من المهاجرين وبين الأوس والخزرج.
وحيث إن المهاجرين والانصار قد نشئوا في بيئتين مختلفتين، لهذا كان من الطبيعي أن يختلفوا في طريقة المعاشرة، وآداب السلوك، واسلوب التفكير اختلافا كبيرا.
هذا مضافا إلى أن الأوس والخزرج الذين كانوا يشكّلون جماعة الأنصار كانوا هم يعانون من رواسب عداء قديم وبقايا ضغائن نشأت خلال حروب طويلة استغرقت مائة وعشرين سنة بلا انقطاع.
ومع وجود مثل هذه التناقضات والأخطار المحتملة لم يكن مواصلة الحياة الدينية، والسياسية المستقرة أمرا ممكنا قط.
ولكن رسول الله

فبالنسبة إلى المشكلتين الأوليين فقد عالجهما بالقيام بأعمال سيأتي ذكرها في المستقبل.
وأما بالنسبة إلى مشكلة التناقضات بين فئات وأصناف جماعته فقد عالج تلك المشكلة بحذق كبير، وتدبير رائع جدا.
فقد امر من جانب الله تعالى بأن يؤاخي بين المهاجرين والأنصار. فجمعهم رسول الله

وقد ذكرت المصادر التاريخيّة الاسلامية، مثل «السيرة النبوية » لابن هشام([1]) اسماء كلّ متآخيين من المهاجرين والأنصار.
وبهذا الاسلوب كرّس رسول الله

وقد سببت هذه الوحدة، وهذا التآخي الواسع في أن يقرّر حلا للمشكلتين الاوليين بسرعة وسهولة.
منقبتان عظيمتان :
ولقد ذكر أكثر مؤرّخي السنة والشيعة ومحدّثيهم في هذا الموضع منقبتين عظيمتين، نذكرهما نحن هنا أيضا : لقد آخى رسول الله

ولما فرغ من المؤاخاة، قال له علي

فقال له رسول الله

وقد ذكر القندوزي الحنفي هذه القضية بنحو أكثر تفصيلا اذ قال :
فقال رسول الله

غير ان ابن كثير شكّك في صحة هذا الرواية([4])، وحيث إن هذه التشكيك نابع من نفسيّته الخاصة، ولا يقلّ تفاهة وبطلانا من اعتذاره ودفاعه عن معاوية وزمرته الباغية عن قتل الصحابي العظيم عمار بن ياسر لهذا نرجح أن نصرف النظر عن النقاش فيه، ونترك القضاء والحكم عليه للقارئ المنصف، والمتتبع العدل.
سيرة سيد المرسلين

([2]) المستدرك على الصحيحين : ج 3 ص 14.
([3]) ينابيع المودة : ص 56، ونظيره في السيرة النبوية.
([4]) البداية والنهاية : ج 2 ص 226.
تعليق