المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلاة التراويح بين السنة والبدعة –ج 2


محـب الحسين
06-09-2009, 06:24 AM
اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد

صلاة التراويحبين السنة والبدعة –ج 2 -


قال النووي: اتّفق العلماء على استحبابها واختلفوا في أنّ الأفضل صلاتها في بيته منفرداً أم في جماعة في المسجد، فقال الشافعي وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية وغيرهم: الأفضل صلاتها جماعة، كما فعله عمر بن الخطاب والصحابة واستمر عمل المسلمين عليه، لأنّه من الشعائر الظاهرة وأشبه بصلاة العيد، وبالغ الطحاوي فقال: إنّ صلاة التراويح في الجماعة واجبة على الكفاية، وقال مالك وأبو يوسف وبعض الشافعية وغيرهم: الأفضل فرادى في البيت لقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «أفضل الصلاة، صلاة المرء في بيته إلاّ المكتوبة» متّفق عليه. ( [1] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn33))
وقال الشوكاني: قالت العترة إنّ التجميع فيها بدعة.( [2] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn34)) وقد فصّل عبد الرحمن الجزيري في كتابه «الفقه على المذاهب الأربعة» الأقوال على النحو التالي:
قالت المالكية: الجماعة في صلاة التراويح مستحبة أمّا باقي النوافل، فانّ صلاتها جماعة تارة يكون مكروهاً، وتارة يكون جائزاً، فيكون مكروهاً إذا صلّيت بالمسجد، وصلّيت بجماعة كثيرين، أو كانت بمكان يكثر تردد الناس عليه، وتكون جائزة إذا كانت بجماعة قليلة، ووقعت في المنزل ونحوه في الأمكنة التي لا يتردد عليها الناس.
وقال الحنفية: تكون الجماعة سنّة كفاية في صلاة التراويح والجنازة، وتكون مكروهة في صلاة النوافل مطلقاً والوتر في غير رمضان، وإنّما تكره الجماعة في ذلك إذا زاد المقتدون عن ثلاث. أمّا الجماعة في وتر رمضان ففيها قولان مصححان، أحدهما: انّها مستحبة فيه، وثانيهما: انّها غير مستحبة ولكنّها جائزة، وهذا القول أرجح...؟؟؟؟
وقالت الشافعية: أمّا الجماعة في صلاة العيدين والاستسقاء والكسوف والتراويح ووتر رمضان فهي مندوبة. وقالت الحنابلة: أمّا النوافل فمنها ما تسنُّ فيه الجماعة وذلك كصلاة الاستسقاء والتراويح والعيدين، ومنها ما تباح فيه الجماعة كصلاة التهجد ورواتب الصلاة المفروضة.( [3] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn35))
هذه هي أقوال أهل السنّة وآراؤهم.
6صلاة التراويح جماعة في حديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
سيوافيك في الفصل التالي انّ ظاهر الروايات وكلام الخليفة عمر بن الخطاب وما حوله من كلمات الشرّاح يدلّ على انّ إقامة نوافل رمضان جماعة تستمد مشروعيتها من عمل الخليفة لا من عمل النبي، لكن هناك من يقول بأنّ إقامتها جماعة تستمدّ مشروعيتها من إقامة المسلمين لها وراء النبي في بعض ليالي شهر رمضان وإن كان لا يتجاوز عن ليلة أو ثلاث ليال.
أقول: إنّ النصوص الدالّة على ذلك مختلفة وفيها شذوذ نشير إليها تباعاً.
1. إقامتها ليلة واحدة
أخرج مسلم عن زيد بن ثابت قال: احتجر رسول اللّه حجيرة بخصفة أو حصير فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلّي فيها، قال: فتتبع إليه رجال وجاءوا يصلّون بصلاته، قال: ثمّ جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) عنهم، قال: فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) مغضباً، فقال لهم رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) : مازال بكم صنيعكم حتّى ظننت انّه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فانّ خير صلاة المرء في بيته إلاّ الصلاة المكتوبة.( [4] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn36))
تفسير لغات الحديث
1. الحُجيرة ـ بضم الحاء ـ تصغير حُجرة، عَطف الحصير على الخصفة يعرب عن شك الراوي في تعيّن واحد منهم، ومعنى الرواية احتجر حجرة أي حوّط موضعاً من المسجد بحصير أو نحوه ليستره ليصلّي فيه ولا يمرّ بين يديه مارّ ولا يتهوش بغيره ويتوفر خشوعه وفراغ قلبه.
2. «فتتبع إليه رجال» أي طلبوا موضعه.
3. «حصبوا الباب» أي رموه بالحصاء و هي الحصاء الصغار تذكيراً له وظنوا انّه نسي.
فلو صحّ الحديث لدلّ على أنّ المسلمين أقاموا نوافل شهر رمضان جماعة مع الرسول مرة واحدة من دون إذن أو استئذان، فلما جاءوا ليلة أُخرى فحضروا وأبطأ رسول اللّه عنهم فلم يخرج إليهم، رفعوا أصواتهم وحصبوا الباب، فخرج إليهم رسول اللّه مغضباً، وقال ما قال.
فعلى ضوء هذا الحديث لم تثبت مشروعية الجماعة بفعل الرسول، لأنّ القوم اقتدوا به من دون أن يستفسروا و يستبينوا حكمه، وأمّا الليلة الثانية فلم يقم الجماعة أبداً بل ظهرت ملامح الغضب على وجهه لما صدر عنهم من موقف مشين بالنسبة إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) أوّلاً، وإصرارهم على إقامة النوافل جماعة ثانياً بالرغم من عدم استبانتهم حكمها.
2. إقامتها ليلتين
وهناك روايات أُخرى تخالف الرواية الأُولى، وتذهب إلى أنها أُقيمت جماعةً في ليلتين.
أخرج البخاري عن عروة بن الزبير، عن عائشة أُمّ المؤمنين انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى ذات ليلة في المسجد وصلّى بصلاته ناس، ثمّ صلّى من القابلة فكثر الناس، ثمّ اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فلمّا أصبح، قال: قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلاّ انّي خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان.( [5] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn37))
وأخرجه مسلم أيضاً في صحيحه.( [6] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn38))
3. إقامتها ثلاث ليال
أخرج البخاري عن عروة انّ عائشة أخبرته انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج ليلة من جوف الليل فصلّى في المسجد وصلّى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدّثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلّى وصلّوا معه، فأصبح الناس فتحدّثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلّى وصلّوا بصلاته، فلمّا كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتّى خرج لصلاة الصبح، فلمّا قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثمّ قال: «أمّا بعد فانّه لم يخف عليّ مكانكم ولكنّي خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها» فتوفّي رسول اللّه والأمر على ذلك.( [7] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn39))
وأخرجه مسلم في صحيحه.( [8] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn40))
أخرج البيهقي عن أبي ذر، قال: صمنا مع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثمّ لم يقم بنا في الثالثة ، وقام بنا في الخامسة، حتّى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول اللّه لو نفلنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال : إنّه من قام مع الإمام حتّى ينصرف كتب له القيام ليلة، ثمّ لم يقم بنا حتّى بقي ثلاث من الشهر فصلّى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتّى تخوفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: السحور.( [9] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn41))
وعلى هذه الرواية خرج في الليلة الرابعة(أو الثالثة والعشرين على قول بعضهم)( [10] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn42))والعشرين و السادسة والعشرين والثامنة والعشرين.
هذه عمدة ما روي في المقام.
والأخذ بمضمون هذه الروايات مشكل لوجوه عديدة:
1. الاختلاف في عدد الليالي و تواليها ومواقعها
إنّ بين هذه الروايات تعارضاً واختلافاً في أُمور ثلاثة:
الأوّل: وجود التعارض بين هذه الروايات في مقدار الليالي التي أقام فيها النبي النوافلَ جماعة، فانّ كلّ واحدة منها بصدد بيان ذلك، فهل أقامها النبي ليلة واحدة كما هو مضمون الرواية الأُولى؟ أو ليلتين أو ثلاث ليال، كما هو مضمون الطائفتين الأخيرتين؟ وهذا يعرب عن أنّ الرواة لم يضبطوا الواقع بشكل دقيق.
الثاني: الاختلاف في توالي الليالي وعدمه، فصريح رواية البخاري:«انّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يُصلّي بصلاته ناس ثمّ صلّى من القابلة» انّ الليالي كانت متوالية، وصريح رواية أبي ذر انّها كانت غير متوالية، فقد صلّى معهم في الليلة الرابعة والعشرين، والسادسة والعشرين، والثامنة والعشرين.
الثالث: الاختلاف في مواضع الليالي، فالمتبادر من أغلبها أنّه(صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى بهم في أوائل الشهر، وصريح رواية أبي ذر انّه (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى بهم في العشر الأُخر.
ومع هذا الاختلاف كيف نؤمن بصحّة ما فيها من المضامين؟!
2. عدم إناطة التشريع برغبة الناس
إنّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها» يعرب عن أنّ التشريع تابع لإقبال الناس وإدبارهم، ولا أقلّ لإقبالهم، ومعنى هذا أنه لو أبدى الناس رغبةً في عمل ما، فرتما يُفرض عليهم، مع أن الملاك في فرض شيء، هو وجود مصلحة ملزمة فيه، سواء أكان هناك رغبة من الناس أم لا، فتشريعه سبحانه ليس تابعاً لرغبة الناس أو إعراضهم وإنّما يتبع الملاكات الواقعية، فالمصلحة الملزمة تستتبع تشريعها، وعدمها عدمه، ولمّا وقف شراح الصحيحين على هذا الإشكال مالوا يميناً ويساراً لحلّه.
قال ابن حجر في شرح جملة: «إلاّ انّي خشيت أن تفرض عليكم» انّ ظاهر هذا الحديث انّه (صلى الله عليه وآله وسلم) توقع ترتّب افتراض الصلاة في الليل جماعة على وجود المواظبة عليها ـ ثمّ قال: ـ و في ذلك إشكال..؟؟؟؟
إنّ ابن حجر وإن أحجم عن بيان مقصوده من الإشكال ولكن يمكن أن يكون إشارة إلى أمرين: 1. انّ الأحكام تابعة للملاكات الواقعية لا لرغبة الناس فيها ولا عنها..؟؟؟؟
2. انّ في الشريعة المقدسة أُموراً واظب عليها النبي والمسلمون كالمضمضة والاستنشاق، ولم تفرض عليهم، كما أنّ هناك أحكاماً رغب عنها كثير من المسلمين حتى في زمن النبي فضلاً عما بعده ومع ذلك بقيت على ما كانت عليه، ومثال ذلك حكم الجهاد الذي تقاعس عنه بعض المسلمين حتّى واجهوا تقريعه سبحانه وتبكيته حيث قال: ( يا أيها الذينَ آمنوا ما لَكُمْ إذا قيلَ لكُم انفِرُوا في سَبيلِ اللّهِ اثّاقَلْتُمْ إلى الأرضِ أرَضِيتُم بالحياةِ الدُّنيا مِنَ الآخرةِ ) .( [11] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftn43))

والسلام في البدء والختام
أبو مرتضى عليّ

الفهــــــــرس :

[1] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref33)-شرح صحيح مسلم للنووي:6/ 286.
[2] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref34)-نيل الأوطار:3/ 50.
[3] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref35)- الفقه على المذاهب الأربعة:407، كتاب الصلاة.
[4] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref36)- صحيح مسلم:2/188، باب استحباب صلاة النافلة في بيته و جوازها في المسجد.
[5] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref37)-صحيح البخاري:2/49 باب تحريض النبي على صلاة الليل .
[6] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref38)-صحيح مسلم:2/177 باب الترغيب في قيام رمضان.
[7] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref39)-صحيح البخاري:3/45، باب فضل من قام رمضان.
[8] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref40)-صحيح مسلم:2/177، باب الترغيب في قيام رمضان.
[9] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref41)-سنن البيهقي:2/494، باب من زعم انّها بالجماعة أفضل; ونقله الشوكاني في نيل الأوطار:3/50، وقال: رواه الخمسة وصححه الترمذي.
[10] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref42)-الفقه على المذاهب الأربعة:1/ 251.
[11] (http://www.shia.ir/ar.php/page,565AAr2722.html?PHPSESSID=b5b2d9e111247fd2c10 2bb86a951036a#_ftnref43)-التوبة: 38.