المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مهزلة العدل العُمريّ


محـب الحسين
06-09-2009, 06:29 AM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .



مهزلة العدل العمريّ
2 - ذكر أبو الفرج أنه : كان المغيرة بن شعبة و هو أمير البصرة يختلف سرًا إلى امرأة من ثقيف يقال لها الرقطاء و لها زوج من ثقيف يقال له الحجّاج بن عتيك ،
فلقيه أبو بكرة يومًا فقال : أين تريد ؟
قال : أزور آل فلان ، فأخذ بتلابيبه .
و قال : إنّ الأمير يزار و لا يزور .
و أن المغيرة كان يخرج من دار الإمارة وسط النهار فكان أبو بكْرة يلقاه فيقول له : أين يذهب الأمير ؟
فيقول له : إلى حاجة ،
فيقول : حاجة ماذا ؟ إن الأمير يزار و لا يزور .
قالوا : و كانت المرأة التي يأتيها جارة لأبي بكرة فقال فبينما أبو بكرة في غرفة له مع أخويه نافع و زياد و رجل آخر يقال له شبل بن معبد ، و كانت غرفة جارته تلك محاذية غرفة أبي بكرة فضربت الريح باب غرفة المرأة ففتحته فنظر القوم فإذا هم بالمغيرة [1] ينكحها ،
فقال أبو بكرة : هذه بلية قد ابتُلِيتُمْ فانظروا . فنظروا حتى أثبتوا ، فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة ،
فقال له أبو بكرة : إنه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا ، فذهب المغيرة و جاء ليصلّي بالناس الظهر فمنعه أبو بكرة و قال : و لا و الله لا تصلي بنا و قد فعلت ما فعلت ،
فقال الناس : دعوه فليصل إنه الأمير و اكتبوا إلى عمر فكتبوا إليه فورد كتابه أن يقدموا عليه جميعًا ، فتجهز المغيرة و بعث إلى أبي موسى بعقلية جارية عربية موبية من سبي اليمامة من بني حنيفة مولدة الطائف و معها خادم و سار المغيرة ، حتى قدم على عمر ، فجلس له عمر و دعا به و بالشهود فتقدم أبو بكرة ،
فقال : أرأيته بين فخذيها ؟
قال : نعم و الله لكأني أنظر إلى تشريم جدري بفخذيها .
قال المغيرة : لقد الطفت النظر ،
قال أبو بكرة : لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به ،
فقال عمر : لا و الله حتى تشهد لقد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة ،
قال : أشهد نعم ذلك ،

فقال عمر : إذهب مغيرة ذهب ربعك .
قال أبو الفرج و يقال : إنّ عليًا هو قائل هذا القول ، ثم دعا نافعًا فقال : علام تشهد ؟
قال : على مثل شهادة أبي بكرة ،
فقال عمر : لا حتى تشهد أنّك رأيته يلج فيها و لوج المرود في المكحلة .قال : نعم حتى بلغ قذذه ،
فقال : إذهب مغيرة ذهب نصفك ثم دعا الثالث و هو شبل بن معبد ،
فقال : على مثل شهادة صاحبي
فقال : إذهب مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك .
قال : فجعل المغيرة يبكي إلى المهاجرين فبكوا معه و بكى إلى أمهات المؤمنين حتى بكين معه ..؟؟؟ * مسلسل مكسيكي ...*
قال : و لم يكن زياد حضر ذلك المجلس ،
فأمر عمر أن ينحى الشهود الثلاثة و أن لا يجالسهم من أهل المدينة أحد و انتظر قدوم زياد فلمّا قدم و جلس في المسجد و اجتمع رؤوس المهاجرين و الأنصار .
قال المغيرة : و كنت قد أعددت كلمة أقولها ،
فلمّا رأى عمر زيادًا مقبلاً , قال : إني لأرى رجلاً لن يخزي الله على لسانه رجلاً من المهاجرين [2].
و قد روى قول عمر هذا لزياد كل من اليعقوبي في تاريخه و غيره [3] .
قال عمر : إني أرى غلامًا كيسًا لن يشهد إن شاء الله إلاّ بحقّ . و في الإصابة و أسد الغابة بترجمة شِبْل قريب من ذلك . و في رواية أبي الفداء [4] أن عمر قال لزياد : (( أرى رجلاً أرجو أن لا يَفْضَحَ الله به رجلاً من أصحاب رسول الله )) .

و في رواية الأغاني عن أبي عثمان النَّهدي : (( أنّه لما شهد الشاهد الأوّل عند عمر تغيّر لذلك لون عمر ، ثم جاء الثاني فشهد فانكسر لذلك انكسارًا شديدًا ، ثم جاء الثالث فشهد فكأنّ الرَماد نُثِر على وجه عمر . فلمّا جاء زياد جاء شاب يخطر بيديه ، فرفع عمر رأسه إليه و قال : ما عندك أنت يا سَلَحَ العُقاب [5] و صاح أبو عثمان النَّهدي صيحة تحكي صيحة عمر .
قال الراوي : لقد كدت أن يغشى عليّ لصيحته .

فقال المغيرة : يا زياد أذكرك الله و أذكرك موقف القيامة ، فإن الله و كتابه و رسوله و أمير المؤمنين قد حقنوا دمي إلى أن تتجاوزه إلى ما لم ترى .
فقال زياد : يا أمير المؤمنين أما أن أحق ما حق القوم فليس عندي ، و لكني رأيت مجلسًا قبيحًا ، و سمعت نفسًا حثيثًا و انبهارًا ، و رأيته متبطنها.
فقال عمر : أرأيته يدخل و يخرج كالميل في المكحلة ؟
قال : لا!

قال أبو الفرج : و روى كثير من الرواة أنه قال : رأيته رافعًا برجليها و رأيت خصيتيه متردّدين بين فخذيها و سمعت حفزًا شديدًا و سمعت نفسًا عاليًا .
فقال عمر : أرأيته يدخله و يخرجه الميل في المكحلة ..؟؟؟؟
قال : لا .
فقال عمر : الله أكبر ، قم يا مغيرة إليهم فاضربهم ، فجاء المغيرة إلى أبي بكرة فضربه ثمانين و ضرب الباقين !
و روى قوم أن الضارب لهم الحدّ لم يكن المغيرة . و أعجب عمر قول زياد و درأ الحدّ عن المغيرة )).
و في رواية الحاكم [6] : (( فكبّر عمر و فرح إذ نجا المغيرة و ضرب كلهم إلاّ زيادًا )).
و في فتوح البلدان : (( فقال شبل : أتجلد شهود الحقّ و تبطل الحدّ ؟ )) فلمّا جلد أبو بكرة قال : أشهد أنّ المغيرة زان ،
فقال عمر : حدّوه ،
فقال عليّ : إن جعلتها شهادة فارجم صاحبك .
و قريب من هذا ما ذكره في الكنز و منتخبه ، و اليعقوبي في تاريخه من موقف علي ( عليه السّلام ) .
و ذكر في الأغاني و شرح النهج : (( فقال أبو بكرة بعد أن ضرب : أشهد أنّ المغيرة فعل كذا و كذا ، فهمّ عمر بضربه فقال له عليّ ( عليه السلام ) : إن ضربته رجمت صاحبك ونهاه )).
قال أبو الفرج : (( يعني إن ضربه تصير شهادته شهادتين فيوجب بذلك الرجم على المغيرة ,
قال : فاستتاب عمر أبا بكرة ,
فقال : إنّما تستتيبني لتقبل شهادتي ؟
قال : فإني لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا ،
قال : فلمّا ضربوا الحدّ قال المغيرة : الله أكبر الحمد لله الذي أخزاكم ،
فقال عمر : أسكت ! أخزى الله مكانًا رأوك فيه ،
قال : و أقام أبو بكرة على قوله و كان يقول : و الله لا أنسى فخذيْها .
فتاب الاثنان فقبلت شهادتهما ، كان أبو بكرة إذا طلب إلى شهادة قال : أطلبوا غيري فإنّ زيادًا أفسد عليّ شهادتي )).

و ذكر بقاء أبي بكرة على رأيه وتربة الاثنين الآخرين ابن عبد البرّ في ترجمة أبي بكرة . و روى في الأغاني و في شرح النّهج عن الشعبي قال : كانت الرقطاء التي رمي بها المغيرة تختلف إليه في أيام إمارته الكوفة في حوائجها فيقضيها لها .
قال أبو الفرج : و حجّ عمر بعد ذلك مرّة فوافق الرقطاء بالموسم فرآها ، و كان المغيرة هناك فقال له عمر : أتعرف هذه ؟
قال : نعم هذه أمّ كلثوم بنت عليّ .
فقال له : و يحك أتتجاهل عليّ ؟ و الله ما أظنّ أبا بكرة كذب عليك ، و ما رأيتك إلاّ خفت أن أرمى بحجارة من السماء [7] .

فقال حسّان بن ثابت يهجو المغيرة و يذكر هذه القصّة :
لو أنّ اللؤم ينسَبُ كان عبـْــدًا ***** قبيح الوجه أعور من ثقيـــــف
تركت الدين و الإســـلام لمــــّا ***** بدت لك غـــــدوة ذاتُ النَّصيف
و رتجعت الصّبا و ذكرت لهــــوًا ***** مع القينات في العمر اللطيـف

انتهت رواية الأغاني و ابن أبي الحديد [8]

و روى البلاذُري : أن الخلفية عمر ابن الخطّاب لما أراد أن يولّيه الكوفة - بعد هذه الواقعة - قال له : إن وليتك الكوفة أتعود إلى شيء ممّا قُرفْتَ به ؟ قال : لا[9] .
أنظر عدالة عمر ، ومجاملته للمنحرفين من أنصار السقيفة .. وهو يُحذّره من أن يعود لما أقترفه .. ومع ذلك يقيم حَدَّ باطله على من شهد عليه ..ثمّ يُولّيه إمامة المسلمين ويأتمنه على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم .. وأمام عينيه لو كان بصيرا ، أقمار بني هاشم ، وكواكب بني عبد المطّلب ..؟ وخيرة الصحابة كأبي ذرّ وسلمان وعمّار ..؟ وبعد ذلك كلّه تراهم يتباكون عن موت العدل بموت عمر..؟ وكان بالأحر لهم أن يقولوا مات العدل بعمر.. ولكن حقّ فيهم قول الإمام (ع) : (( إن لم تصُن عِرضا ، ولم تخشى خالقا ، وتستخي مخلوقا .. فما شئتَ فاصنــــــع ..)).


وقبل أن نودّعهم نسألهم :

- 3 - ما المخزى من قول عمر لشاهد الرابع : إ نّي أرى رجلا أرجو أن لاَ يفضحَ به الله رجلا من أصحاب رسول الله ..؟..أو أنّي لا أرى رجلا لن يُخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين ..؟؟؟؟ ومتى كانت هجرة المغيرة ابن شعبة يا عمر .. ؟ أم بعد ما صار من حزب السقيفة منحته الجنسيّة القرشيّة ..؟
- 4 - ثمّ نسألكم بالله العلي العظيم ، هل فيكم من بقي في نفسه أي شكّ بعد الإستماع لشهود الثالثة . و دون أن نُضيف الشهادة الرابعة .. ؟ وهل تعتبر الشهادة الشاهد الرابع ناقصة مع ما جاء فيها من تبيان وتوضيح ، لولا التجاوز والتضليل ..؟؟؟.. وما هذا الإعجاز و التعجيز من رؤية المرود يلجُ المكحلة ..؟؟؟
- 5 - وما الدافع لتلك الصيحة في وجه الشاهد ، ونبزه بالألقاب – كسلح العقاب - .؟؟؟. غير إثنائه عن الشهادة ، وترهيبه ..؟ ولكن في ما ذكر كفاية قطعيّة لإدانة المغيرة .. ولكن عند الله تلتقي الخصوم .
- 6 - ما معنـــــــــــــى قول عمر للمغير : ((.. أسكت: أحزى الله مكانا رأوك فيه ..؟؟؟ ..؟)) أو قوله له : (( والله ما أظنّ أنّ أبا بركة كذبَ عليك ..؟ .. ما رأيتك إلاّ خفتُ أن أرمى بحجارة من السّماء .. ))


والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مُقيمــا

الفـهــــــــــرس

[1] و قد ذكر قصة المغيرة كل من ابن جرير و ابن الأثير و أبي الفداء في وقائع سنة 17 هـ . و البلاذري في 1 / 490 - 492 بتصيل أوفى . و في الطبري ط / أوروبا 1 / 2529 .
[2] و قد أورده ابن خلكان في 5 / 406 من وفيات الأعيان بترجمة يزيد بن مفرّغ .
[3] في تاريخ اليعقوبي 2 / 124 و في كنز العمال 3 / 88 الحديث 12682 و في منتخبه 2 / 413 .
[4] رواية أبي الفداء 1 / 171 .
[5] و في رواية اليعقوبي 2 / 124 و ابن أبي الحديد تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 12 / 237 .
[6] في المستدرك و الذهبي في تلخيصه 3 / 448 .
[7] في رواية اليعقوبي 2 / 124 : ( و كان عمر إذا رأى المغيرة بن شعبة قال : يا مغيرة ما رأيتك قط إلاّ خشيت أن يرجمني الله بالحجارة ) .
[8] ج 14 من الأغاني ص 139 - 142 من طبعة ساسي سنة 1959 و أخرجه ابن أبي الحديد في شرح النهج 2 / 161 .
[9] في ص 343 من فتوح البلدان .