المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماسبب عدم استجابة الدعاء؟


ابوجعفرالديواني
14-11-2008, 10:52 PM
ماسبب عدم استجابة الدعاء؟





من المؤسف حّقًا ان كثيرا من الناس يعاني معضلة الفهم لقضية أساسية في الدعاء: وهي

لماذا لا تستجاب كل الدعوات ولماذا يُرد بعضها في أشد ظروف الإنسان محنة وحراجة؟

.


وللإجابة على هذا السؤال، يجب أن نفهم: أن هناك شروطًا ذاتية ترتبط بالإنسان االداعي نفسه، وأخرى ربانية تتعّلق بحكمة الله وعلمه بمصلحة الخلق، وثالثة موضوعية ترتبط بذات


الأسباب والظروف الطبيعية للقضية التي يدعو الإنسان لتحقيقها، فهذه الشروط جميعًا ذات
علاقة وتأثير على إجابة الدعوة من قبل الله سبحانه، أو عدم إجابتها، فليس كل ما يدعو به
الإنسان هو الحقيقة التي يجب أن تكون وتتحّقق في عالم الوجود لأن إرادة الإنسان ليست هي
الإرادة التي تسير العالم، ورغبته في حدوث الأشياء دائمًا لا تكشف عن حقيقة ما يجب أن
يكون، وليس ضروريا أن تتطابق هذه الرغبة دائمًا مع منطق الخير وأهدافه المطوية في
ضمير القدر، لذا فان رغبة الإنسان وطلبه من الله سبحانه تحقيق أمنية، ليست كافية لتحقيق
الشيء وإيجاده، إذ لو جرت الأحداث ولوقائع وفق رغبة الإنسان وأمانيه الذاتية لاختفى تأثير
قوانين الوجود، وتوارى دور الإرادة والحكمة الإلهية، ولغات دور الإنسان التكليفي، وانتهت
مسؤولية كقوة محركة في عالم الحوادث والأسباب، إذ كثيرا ما يدعو الإنسان لتحقيق شيء
وهو لا يحسن تقدير نتائجه، ولا طبيعة آثاره في الحياة، وقد يلح بالطلب، ويرفع صوته
بالضراعة والابتهال في التخلص من شيء، وهو لا يعلم ان مصلحته فيما يرفض، وخيره فيما
يدعو الله للخلاص منه، فكل ذلك خاف على الإنسان، ومغيب عنه، لعدم قدرته على اختراق


حجب الغيب، أو الاطلاع على حقائق الأمور، كشف نتائج الحاضر والمستقبل.

وما أصدق تعبير الدعاء المأثور، وهو يشخص هذه الحقيقة، ويكشف سطحية المسار الذي


تتحرك فيه الإرادة الإنسانية وضيق الأفق الذي تتصرف فيه، وقصور الرؤية عن استبطان





حقائق الأشياء، وكشف مطوياتها، يقول الدعاء:





( ...فإن أبطأ عّني عتبت بجهلي عليك، ولعل الذي أبطأ عّني هو خير لي لعلمك بعاقبة







الأمور


...).







لذلك كانت استجابة الدعاء متوقفة على أمور أسياسية - كما بينا آنفا -





وهي:





1-الشرط الرباني: ويقصد به عدم مخالفة الدعاء للحكمة الإلهية أو معاكسة قضاء المشيئة







الربانية التي قدرت سير العالم، ورتبت تتابع الأسباب والنتائج والمصالح فيه.
فالرغبة الإنسانية ليست هي التي تقرر سير الحوادث، أو تحدث ما تشاء بعيدة عن تقديرات






الحكمة والتوجيه الإلهي، فلكي يكون الدعاء مؤه ً لا للإجابة يجب أن لا يخرج على حدود





المصلحة المقدرة في علم الله سبحانه



.





2-الشرط الذاتي: ويقصد به الكيفية الروحية والنفسية التي يتوجه بها الإنسان إلى الله







سبحانه، من صدق التوجه، والإخلاص في الدعاء، والثقة بالله، واستشعار الحاجة والفقر إليه،


واشتداد الضيق والاضطراب، وارتفاع موانع الذنوب والمعاصي التي تحول بين الإنسان وربه. . الخ.







.







ففي هذه الحالة تكون الذات الإنسانية على درجة من العلاقة والارتباط بالله سبحانه، تؤهلها


لتكون طرفًا في رفع الدعاء، والتعامل مع فيوضات الرحمة الربانية، واستقبالها بدرجة تجعل

من الداعي مستحقًا للإجابة، متوفرًا في شرط
القبول والقرب من الله سبحانه






.







قال الله تعالى:








( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) .(البقرة/ 186






3-الشرط الموضوعي: ويقصد بالشرط الموضوعي: تعامل الإنسان مع الأسباب والوسائل







الطبيعية التي جعلها الله سبحانه سببًا في تنظيم الحوادث وسير الأمور . وبعبارة أخرى: ان


على الإنسان واجبًا ومسؤولية، عليه أن يؤديها إذا ما أراد انجاز شيء، ودعا الله سبحانه

للإعانة على ذلك فقد جعل الله بحكمته علاقة بين الأشياء وأسبابها، ويأتي دور العون الإلهي
في هذه الحالة متمث ً لا بتوفيق الله الإنسان لإصابة الأسباب الملائمة، وتأهيلها لإعطاء النتائج
المرجوة







.







فالمريض الذي يدعو الله سبحانه بالشفاء، لا يحق له أن يترك مسؤولية العلاج ويكتفي


بالدعاء، والذي يهدده الظالم، لا يجوز له أن يخنع ويستكين لإرادة الظالم، ثم يدعو الله لكشف

الضر عنه






.







( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ





) .(البقرة/ 186





فمنطوق الآية ومفهومها صريح بأن إجابة الدعوة مرتبطة بالاستجابة لله والإيمان به





.


الذي هو « الدين





« والاستجابة لله، تعني الالتزام بشريعته، وتنفيذ مق  ررات المنهاج الإلهي




مجموعة القوانين والاحكام الإلهية التي تسير الوجود الإنساني، وتن ّ ظم مساره وأحداثه





.


وختام الآية:(لعّلهم يرشدون)، يكشف لنا بوضوح تام أن العون الإلهي هو ترشيد الإنسان


وهدايته إلى أسباب نجاح دعوته، وإعانته على إنجازها، وبذا نعرف أن العون الإلهي يجبر

العجز الإنساني، عندما يعجز الإنسان عن تحقيق ما يصبو إليه، عندما تتوفر الشروط اللازمة
للإجابة








.


ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا ونحن نتحدث عن هذه الشروط الأساسية الثلاثة التي تتوقف


عليها استجابة الدعاء، أن نؤ ّ كد أن مشيئة الله سبحانه هي الّنافذة، وإرادته هي الغالبة، وليس

للأسباب والقوانين الطبيعية دور الحتمية إذا شاء الله سبحانه الاستجابة، وقضى بتنفيذ الأمر






:







( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .(يس/ 82








وا ن الله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه:





( . .أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ . . .) .(النمل/ 62




ومن المفيد هنا ونحن نتحدث عن موضوع استجابة الدعاء أن نذكر أن الدعوة إذا استوفت


الشروط الذاتية والموضوعية، وحالت المصلحة والحكمة دون تعجيل الإجابة، فان هذا الدعاء

يدخر لصاحبه، كما ورد في الروايات ويخفف عنه بلاء لم يكن ليعلمه هو، ولم يفكر بالدعاء
للخلاص منه، أو يعوض الداعي عن عدم إجابة دعوته بالثواب والمغفرة

خادم الباقرع
14-11-2008, 10:56 PM
مشكور اخي الكريم على الموضوع

ابوجعفرالديواني
16-11-2008, 02:27 PM
الشكر على المرور

المشايخي2
20-11-2008, 02:40 PM
بارك الله فيك

ابوجعفرالديواني
22-11-2008, 11:08 PM
الشكر الجزيل اخي على المرور