المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جانب من الصبر الزينبي


اريج الجنه
05-01-2010, 03:12 PM
تجف الأقلام ويعجز البيان وتحير الألباب عن وصف المصائب التي لاقتها السيدة زينب (سلام الله عليها) في كربلاء، مصائب أغرقت قلبها الطاهر في بحر الأحزان، وهي ترى حجة الله أمام عينيها مجزر على أرض كربلاء، فعاشت أعظم فاجعة وأعظم محنة كتبها التاريخ، وهي ترى بعينها الفجائع والأهوال، وتعيش تلك المصائب لحظة بلحظة وغصة بغصة، في ذلك الزمان الغابر، والدهر الخائن، والحاكم الجائر، والجيش الفاجر، الذي لا يرحم لا صغيرا ولا كبيرا، ولا حتى طفلاً بالمهد رضيع.
فقلبها ينزف دماً من الحزن، وعينها تبكي لمقتل السبط، وهي في مواجهة جيش البغي وظلم الدهر على خير الناس أماً وأبا، وخيرهم جداً وأخاَ، فهده زينب أصبحت أم المصائب، وكعبة للأحزان، تقيم مآتم الحزن والبكاء وتبكي على مصاب الحسين عليه السلام.
فمصائب كربلاء صبت على قلب السيدة زينب، وسط قلة الناصر والمعين، وأضطراب عاشه مخيم الحسين، الذي يعاني من شدة العطش، وانكسار بان على وجه الحسين عليه السلام، شاهدته زينب سلام الله عليها، وليلة الوداع ما أشدها من ليلة على قلب العقيلة زينب سلام الله عليها، فهذا الحسين بلا ناصر ولا معين، حجة الله على الأرض صريع، وبالدم خضيب، ورأسه محزوز النحر من الوريد، وأصحابه مقتلين وأهل بيته مجزرين وهم مرملين بلا غسل ولا تكفين، وفرس الحسين قد أقبل بدموع ينعى ويخبر بمقتل السبط المظلوم، فتحاول السيدة زينب أن تجمع العيال والأطفال، وترى من بعيد خيول الطغاه قد أقبلت بنيرانهم وسيوفهم، ونبالهم ورماحهم، ليثيروا الذعر بين النساء ويقتلوا الأطفال والأيتام، ويشعلوا الخيام بالنار، ويسلبوا ما بها..
والعصابة تصرخ وتنادي: احرقوا بيوت الظالمين!
فتجري النساء ويفر الأطفال على وجوههم في البيداء..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

بعد تلك المحن والنوائب التي لا توصف، أركبوا زينب على النياق المهزولة هي ومجموعة من النساء والأطفال، وساروا بالقافلة من كربلاء إلى الشام، بين الوديان يسيرون بهم سير الذل والهوان، فالمدن والقرى دخلوها، والصحاري والقفا عبروها، بواسطة هذا الجيش المكون من جملة من الفجرة أبناء الأدعياء..
ومصائب كربلاء تهون أمام مصيبة الشام، فيوم دخلت زينب الشام، واجهت الشعب المظلل الذي جعل ذلك اليوم عيداً قد تجمع أمام باب الساعات، ليتشمت بأهل بيت النبي وذرية الرسول، فتدخل القافلة الشام ويقاد الإمام السجاد مربط بالسلاسل والأغلال، وفي خربة بالشام أجلوا هؤلاء النساء المسبيات، وما حدث أيضاً في قصر بن زياد (لع) من فجائع وآلام ومصيبة رقية عليها السلام.

فالسلام عليك يا ابنة الأطهار الكرام زينب الحوراء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعثين حيا، والسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.