المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامام الخميني :نظرة جديدة في الغرس والثمر، كتاب للمؤلف قاسم العجرش


فاطمة الكربلائية
10-05-2010, 05:57 PM
:55555":

الإمام الخميني:نظرة جديدة في الغرس والثمر ، كتاب للمؤلف قاسم العجرش

عنوان الكتاب: الإمام الخميني:نظرة جديدة في الغرس والثمر
المؤلف : قاسم العجرش
صاحب الأمتياز: المركز العراقي للتنمية الأعلامية
عدد النسخ المطبوعة: 1000 نسخة
المطبعة: الزمان
تاريخ الأصدار 2009 ميلادية













الإمام الخميني ـ الغرس والثمر

المقدمة:

قال عنه محمَّد حسنين هيكل الصحفي المصري : "الخميني رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي، لتستقر في قلب القرن العشرين".وهو بالفعل رصاصة انطلقت ضد الظلم و الجبروت و ضد الجبابرة و الطواغيت، حمل معه فكر الاسلام الاصيل، فكر محمد و علي عليهم السلام، وصدق ابى ذر و عمار، فكان رصاصة من ذاك الزمان الجميل، زمن المبادئ و القيم و الدفاع عنهما و التضحية من اجل الحق و الحق فقط.

الامام الخميني التي كانت حياته كلها تضحية في سبيل الاسلام واعلاء كلمة الحق، حتى قال عنه الشهيد محمد باقر الصدر:"ذوبوا بالامام الخميني كما ذاب هو في الاسلام".نحاول هيهنا ان نسلط الضوء على بعض المحطات الهامة في مشوار الامام الذي اختزل فيه حياة امة بأكملها.



النشأة و الدراسة


هو روح اللّه بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني، ولد في العشرين من جمادى الثانية سنة 1320هـ في مدينة خمين بإيران، وفقد أباه وهو في الشهر السادس من عمره، و قد استشهد والد الامام بعد ان اطلق عليه بعض عملاء احد كبار الملاك الرصاص بسبب دفاعه عن حقوق الفلاحين، فتأثر الامام بالظلم منذ صغره و عرف طعمه المر وكذلك تعرف على الشهادة.فنشأ يتيماً تحت رعاية والدته وعمته اللتين اهتمتا به اهتماماً شديداً. أمضى الإمام الخميني (قدس سره) طفولته عند والدته المؤمنة ( بانو هاجر ) والتي كانت من عائلة معروفة بالعلم والتقوى وكذلك قد أمضى عند عمته الكريمة (صاحبة خانم ) التي كانت امرآة شجاعة وصاحبة حق. و في سن الخامسة عشر من عمره حرم من نعمة وجود أمه و عمته. بدأ بتلقي الدروس وهو في سنّ مبكر، فأكمل دراسة الفارسية وعلومها قبل إتمامه السنة الخامسة عشرة من عمره. ثُمَّ شرع بدراسة العلوم الإسلامية على يد أخيه الأكبر السيِّد مرتضى ، فدرس الصرف والنحو وبقية العلوم المقررة في مرحلة المقدّمات، حتّى أتمها.

انتقل بعد ذلك إلى مدينة آراك حيث مركز الحوزة العلمية في إيران آنذاك، وتابع تحصيله العلمي فيها، حتّى صار من أعلامها البارزين، ثُمَّ انتقل بعد ذلك إلى مدينة قم المقدسة مع أستاذه الشيخ عبد الكريـم الحائري، مؤسس الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، وأقام فيها.


جهاد الامام ضد النظام الشاهنشاهي


كانت إيران لعقود تحت حكم الشاهنشاه، موطنا لتهميش الفئات الواسعة من الشعب ومحطةً للتغريب، عُرفت بشرطي الخليج الفارسي المؤتمر بتوجيهات واشنطن، لتأتي الثورة الاسلامية وتنقلها الى عصر جديد اقترن باسم مفجرها الامام الخميني. ومنذ بواكير تحصيله الحوزوي تجاوز التقليد السائد آنذاك عندما انخرط في الشأن السياسي، وبرزت محاضراته التي انتقد فيها سياسات الشاه بدأ الامام الخميني "رضوان الله عليه" بانتقاد سياسات الشاه محمَّد رضا بهلوي، وتوجهاته أثناء دروسه ومحاضراته التي كان يلقيها في مدينة قم، واتخذت هذه الانتقادات طابع العلن والتصريح سنة 1944م، والتي تنادي بإقامة الحكومة الإسلامية على أساس الشريعة الإسلامية، واستمر هذا الحال بينه وبين السلطة التي بذلت الكثير من المحاولات لتحجيمه والحدّ من نشاطه حتّى سنة 1963م حيثُ ألقى خطاباً عاصفاً هاجم فيه الشاه وأميركا وإسرائيل. أدّى إلى انتفاضة الشعب الإيراني ضدَّ الشاه، فاعتقلته الحكومة لمدّة ثمانية أشهر، ثُمَّ أفرجت عنه بعد ضغطٍ جماهيري عارم عمَّ كلّ أنحاء إيران .ودعا الى اقامة الحكومة الإسلامية، طارحا نظرية ولاية الفقيه التي تقضي بقيادة الفقيه العادل المتبصر للدولةَ الاسلامية. وفيما بين العامين 1963 و1964 اعتقل الامام على ايدي سلطات الشاه مرتين، استمر الشاه في ظلمه و غطرسته واستمر الامام في الوقوف في وجه الشاه وسلطانه، ففي كتابه "مدافع آيات الله" يقول محمد حسنين هيكل في عام 1967 وبمناسبة عيد ميلاد الشاه الثامن والاربعين وضع الشاه تاجا مرصعا بأكثر من ثلاثة الاف جوهرة على رأسه واطلق على نفسه «آريا مهر» اي «نور الآريين»، وبالاضافة الى لقبه شاهنشاه «ملك الملوك» ووصل الى ذروة جنون العظمة بالاحتفالات في عام 1972 بمرور الفي وخمسمئة عام على قيام الحكم الملكي في ايران بين اطلال( برسبوليس)، وحضره 86 ملكا واميرا ورئيس دولة، وكلف هذا الاحتفال الاسطوري الذي دام ثلاثة ايام حوالي المئة وعشرين مليون دولار، قام الامام الخميني بارسال عريضة الى الشاه تطالبه بعدة مطالب لاصلاح الاوضاع واحترام الشعب، وارسل الشاه ردا على عريضة الامام الخميني مع احد رجال الاستخبارات «السافاك» عبارة عن نصيحة مبطنة بالتهديد بالكف عن مهاجمة الشاه واسرائيل واميركا وله في غير ذلك مطلق الحرية بالقول. في اليوم التالي اذاع الامام الخميني ما دار في الجلسة في مسجد فاطمة في مدينة قم المقدسة. وختم الامام موعظته متوجها للشاه "لم اعد قلبي لتقبل انذار وانما اعددته لتلقي رماحك" فقام جلاوزة الشاه بعدها بمجزرة في المدرسة الفيضية التي يدرس فيها الامام الخميني في قم المقدسة وتقرر نفي الامام إلى تركيا، فنفي إليها، وبقي فيها نحو السنة، ، ثم انتقل إلى النجف الاشرف في العراق حيث أقام ثلاثة عشر عاما عمل خلالها على توجيه الثورة داخل ايران عبر رسائل وخطابات مسجلة. في تلك الفترة كان نظام صدام يسعى للخروج من وحل كوردستان العراق فبنى علاقة جيدة بين طهران وبغداد وفقا لإتفاق 1975، فطلبت حكومة الشاه من نظام صدام ايقاف نشاط الامام الخميني، ولما رفض الامام الاستجابة طلبت منه النظام العفلقي الرحيل عن العراق، فغادر العراق بتاريخ 3/10/1978م متوجهاً إلى الكويت، لكنَّ الحكومة الكويتية منعته من دخول أراضيها، فقرر التوجه إلى فرنسا، فسافر إليها، وأقام في ضاحية «نوفل لو شاتو» في باريس، وواصل من هناك قيادة الثورة في بلاده.


الامام في فرنسا


في باريس حيث طالب الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان بامتناع الامام عن اي فعاليات سياسية، فرد الامام بان ذلك يتنافى مع الادعاء بالديمقراطية، وانه اذا اضطر للسفر من بلد الى بلد فانه لن يكف عن جهاده لتحقيق اهدافه. وكتب الرئيس ديستان في مذكراته بانه اصدر امرا باخراج الامام من فرنسا لكنه عدل عن قراره في اخر لحظة خوفا من ردود الفعل. خلال اربعة اشهر في باريس اصبح الامام الخميني بؤرة اهتمام الاعلام العالمي وفي مطلع 1979 ومن منفاه شكل شورى قيادة الثورةفي تلك الأيام كانت الثورة في ايران قد قطعت شوطا هاما اضطر الشاه معه الى مغادرة إيران، وترك الأمور بيد رئيس وزرائه شهبور باختيار الذي حاول استيعاب مشروع الثورة بالسياسة ثم بقوة العسكر، إلا أن الإمام الخميني أصر على استمرار مشروع التغيير الاسلامي معتمدا على التأييد الشعبي والجماهيري الحاسم، لا على القوات المسلحة أو العنف. تحدى الامامُ الأخطار عندما توجه في الاول من شهر شباط عام 1979 الى طهران برغم التهديد باسقاط الطائرة التي أقلته من باريس، وهناك استقبلته الملايين. توجه الى مقبرة الشهداء وهناك أعلن انتهاء حكم الشاه، ثم عيَّن حكومة مؤقتة بقيادة بازركان. وبعد استفتاء شعبي، اُعلن عن قيام الجمهورية الاسلامية بتأييد جماهيري ساحق. وجد الأستكبار العالمي أن الثورة الإسلامية في إيران مشروع مناهض لتوجهاته للسيطرة على مقدرات الشعوب في منطقة الشرق الأوسط، ولم يجد أداة أفضل من صدام حسين بتطلعاته نحو دور بارز لتنفيذ مخطط وأد الثورة الأسلامية الفتية، فدفعه لشن حرب ضروس طحنت الشعبين الجارين المسلمين الشقيقين العراقي والإيراني دامت ثمان سنوات، ومعها دمرت أقتصاديات وثروات البلدين في مخطط خبيث مكشوف كان الرابح فيه الصهيونية العالمية ومشروعها التوسعي في دولة أسرئيل الإستيطانية..

عشر سنوات مرت بعد تفجر الثورة كانت فيها الحكومة الاسلامية الفتية، تشق طريقها وسط حقول الالغام : حصار سياسي واقتصادي تقوده واشنطن، وجبهة مفتوحة مع العراق لثماني سنوات دعمت فيها الدول الكبرى النظام العراقي. وفي تلك الاثناء أرسى الامام قواعد متينة للنظام دستوريا ومؤسساتيا.




النصر الالهي


بدأت الثورة في المجتمع الايراني تتجه الى النصر المحتم، ووصلت إلى الحدّ الذي اضطر الشاه معه إلى مغادرة إيران، وترك الأمور بيد رئيس وزرائه شاهبور بختيار، الذي حاول تهدئة الأوضاع المتفجرة، لكنَّه لـم يستطع أن يفعل أي شيء بوجه الثورة التي كانت قد اقتربت من الانتصار. في هذه الظروف يقرر الامام ترك منفاه في فرنسا، والعودة إلى إيران، ليتولى قيادة الثورة من الداخل، ومشاركة الشعب في جهاده، فاستقل طائرة لتنقله إلى طهران، فوصلها في اليوم الأول من شهر شباط سنة 1979م، واستقبل استقبالاً حاشداً. توجه بعد وصوله إلى طهران إلى مقبرة الشهداء فيها، حيثُ ألقى خطابه التاريخي الذي أعلن فيه انتهاء حكومة الشاه حيث قال: «سوف اقوم بتشكيل الحكومة مدعوما من هذا الشعب» ، واكتملت مراحل الانتصار في 11 شباط 1979م بالسقوط الكامل لحكومة شاهبور بختيار، ليتم تشييد صرح الجمهورية الإسلامية .انتقل بعد ذلك إلى مدينة قم المقدسة، ثُمَّ عاد إلى طهران ليستقر في حسينية جماران، ويواصل قيادة الجمهورية الإسلامية، التي استطاع بصبره وشجاعته وحنكته أن يسير بها إلى بر الأمان، رغم الصعاب الكثيرة التي وضعها الأعداء في طريقه.




الخميني :الثورة ـ المفهوم


وبمراجعة نهج الإمام الراحل في بلورة مفهوم المقاومة قرآنياً نجده رضوان الله عليه ينطلق من غرساتها الأولى داخل مقاومة النفس ومغالبتها وتطويعها بالجهاد الأكبر، لتطمئن إلى فردوس الطمأنينة وسلام المؤمن مع ذاته.‏ وتتراءى هذه المعركة الوجودية في أفق محراب المسلم وهو واقف على سجادة صلاته بملاحظة ان هذا المحراب سمي محراباً لأنه محاربة للشيطان، وما يتفرع عنه من عبوديات الهوى، لاستجلاء جوهرة التحرر الحقيقي بالانتصار على نزعة الاستكبار من منطقة ـ النفس ـ وصولاً للانتصار على ذيولها وأذنابها على مسرح التصادم الذي لا مفر منه بين الحق والباطل.‏ وتظهر المفارقة في طموح هذا الانتصار من داخل النفس إلى خارجها باختلاف الوسائل والوسائط، ففي معركة الجهاد الأكبر يستخدم المسلم أسلحته الروحية كوسيلة لحماية نفسه من نفسه، بينما يلجأ في معركة الجهاد الأصغر إلى استخدام أسلحة العنف المادي لحماية وجوده من عدوه، والسؤال:‏
إذا كانت معركتنا مع الاستكبار وفي مشاهد اصطراع قوى الخير والشر امتداداً لاصطراع النفس مع ذاتها، فهل يتيسّر للمقاوم الاكتفاء بالأسلحة الروحية لحسم هذا الصراع؟‏
قد نجيب بنعم لولا أن ذهنية الاستكبار القديم والحديث مؤسسة على طغيان القوة، بمعنى أن استخدام العنف في منطق الاستكبار هو شهوة دموية تعبّر عن وحشيتها بإجبار قوى الخير برغم أنفها على الخضوع لإرادته، فالإكراه هو سمة الاستكبار وخصيصته، ما يعني ان دفاع الخير عن هويته يتطلب منه توفير كل شروط القوة ليرهب عدو الله وعدوه. فالسلم بحسب شريعة قرآنه لا يسمح له أن يكون فريسة سهلة تغري قوى الشر بافتراسه وابتلاعه، ووسيلته الى تحصين حياته من هذا الخطر أن يعمد إلى التسلّح بالقوة لفرض هيبة رادعة على عدوه تمنعه حتى من مجرد التفكير بالعدوان عليه.‏

وضمن هذه الملاحظة التمهيدية لقراءة منهج الإمام الخميني رضوان الله عليه في مقاومة الاستكبار بوسعنا ان نصغي لصوت الإمام من اللحظة التي خرج فيها من إيران غريباً ومنفياً والى اللحظة التي عاد فيها إلى وطنه فاتحاً ومنتصراً، لنجد خطاباته كلها تتمحور حول عنوان مركزي ألا وهو: تحقيق الذات الإسلامية على أرض الواقع الحافل بالتحديات والعراقيل التي اعترضته على مستوى الداخل والخارج، فلم يتمكن الاستكبار من إلحاق الهزيمة بالأمة الإسلامية لو لم تكن هذه الأمة مصابة في عقلها وفكرها، أي في أساس تكوين قوتها الرادعة.‏
وبمتابعة منهج الإمام في تأصيل ثقافة المقاومة نراه يثوّر اللغة القرآنية والمصطلحات القرآنية لمحاصرة الهزائم المتتالية التي شهدتها الأمة، فلا تتحول إلى هزيمة نفسية، لأن معنى الهزيمة عنده هو انهزام العقل الإسلامي والفكر الإسلامي أمام فكر الطاغوت وعقل الاستكبار، وبذلك فإن الإمام الخميني كان يبحث في استنهاض مكوّنات الشخصية الإسلامية وتأهيلها لمنابذة الظلم العالمي والتصدّي للأنظمة المعادية لحقوق الأمة في الحرية والعدالة، فلم يغب عن خطاب الإمام دعوة الأمة الإسلامية إلى وعي معنى الشهودية على العصر وعلى الناس.‏
وأقول الأمة الإسلامية لألفت إلى أن الإمام الخميني لم يجعل من قضية مقارعة الاستكبار العالمي قضية تخص الشعب الإيراني، لأنه أراد من دعوته تلك أن يفتح بوابة النهوض الإسلامي الشامل المستهدف من عدو واحد هو الاستكبار، وها نحن الآن بعد ربع قرن على انتصاره نسجل لتاريخه ولتاريخ إيران الإسلامية من خلاله انه استطاع وبالرغم من قسوة التحديات وأنياب المؤامرات أن يثبت مع أمته على حقيقة هذه الشهودية التي اعتبرها العنصر الأثقل من مهمته الجهادية.‏

” ومن الإجحاف حقاً أن يقال ان الجمهورية الإسلامية قد تخلت عن بندقيتها في مواجهة الاستكبار، لترفع مكانها راية حوار الحضارات لأن نهج الإمام الخميني في خطابه السياسي المقاوم قد اعتمد على جوهرة ـ الشهودية ـ وهي جوهرة قائمة لا تنفصل عن جبين المسلم الرسالي في ميادين الحرب أو في ميادين السلم، والتعارض بين الحرب والسلم لا يشاكل التعارض بين الحق والباطل، أو بين الخير والشر حتى يلتبس الأمر على مجحف هنا وناقد هناك.‏ “


ومهما قيل عن السياسة الإيرانية من أنها ابتلعت شعارات الإمام الخميني منذ عاصفة الصحراء إلى سقوط بغداد، إلا أن قراءة منطق هذه السياسة في ضوء التزام الجمهورية الإسلامية بشهوديتها التي لم تتغير مع المتغيرات الإقليمية والدولية، تؤكد لنا ان إيران الإسلام لم تنسحب من ميدان المواجهة مع الاستكبار العالمي.‏ ولتوضيح أبعاد هذه القراءة يجب ان نعود إلى منهج الإمام الخميني في بنائه لثقافة المقاومة التي لم تكن تعني عنده المواجهة العسكرية بيننا وبين الاستكبار، حتى إذا اختلت موازين القوى العسكرية لمصلحته اتهمت إيران بابتلاع شعارات الإمام الخميني.. كلا لأن المواجهة التي خاضها الإمام ما قبل الثورة وما بعدها هي مواجهة التحدي الحضاري الذي لا يقتصر على جغرافية الحدود الإيرانية، وإنما يطال الأمة الإسلامية بأسرها، وإذا كان ثمة خلل في ميدان المواجهة الحضارية، فإن إيران اليوم وهي تستنفر كامل طاقاتها في معركة التنمية وبناء القوة الرادعة والتغلب على عوامل الجهل والفقر والتخلف، تكون في حقيقة الأمر قد قطعت شوطاً بعيداً على درب هذه المواجهة.‏ ومن الإجحاف حقاً أن يقال ان الجمهورية الإسلامية قد تخلت عن بندقيتها في مواجهة الاستكبار، لترفع مكانها راية حوار الحضارات لأن نهج الإمام الخميني في خطابه السياسي المقاوم قد اعتمد على جوهرة ـ الشهودية ـ وهي جوهرة قائمة لا تنفصل عن جبين المسلم الرسالي في ميادين الحرب أو في ميادين السلم، والتعارض بين الحرب والسلم لا يشاكل التعارض بين الحق والباطل، أو بين الخير والشر حتى يلتبس الأمر على مجحف هنا وناقد هناك.‏ ولكن ان تقرأ في أحاديث الإمام الخميني عن الاستكبار العالمي لتقف معه على منهاج القطع مع هذا الاستكبار.. الذي لا صلة له بدين ولا صلة له بحضارة (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) ولكن ان ترافق الإمام الخميني في مطالع ثورته النوعية لتقف معه على أسرار الأسلحة الروحية حتى قيل ان تكبيرة الملايين، ملايين "الله اكبر" التي كانت تخترف آذان الشاه من جنوب العاصمة إلى شمالها هي التي عجّلت بفراره وسقوطه يومها قلت:‏
لقد صلى الإمام الخميني وصام وحارب وانتصر، ويومها تحدث الإعلام الغربي والشرقي عن مخاطر تصدير الثورة، ولم تكن فكرة تصدير الثورة في خطاب الإمام سوى إيقاظ الأمة إلى حس الكرامة والدفاع عن الأرض الإسلامية المحاصرة ببوارج الاستكبار وأساطيله، يومها لم يلتفت العرب الى هذا المغزى العميق، وخيّل اليهم ان إيران تريد ان تصدّر خصوصيتها الثورية والدينية الى جيرانها، ما أشعل الجبهة العراقية على ايران بتخطيط من الاستكبار الذي أرعبته هذه الثورة المؤمنة.‏ وحاول الاعلام الغربي والاسلامي تشويه نظرية بناء الشخصية الشاهدة ، وذلك مهّد الى مباركة بعض العرب وبعض المسلمين الحرب المفروضة على ايران، والحصار المفروض على ايران، ما يعني ان طريق مقاومة الاستكبار العالمي بات مستحيلاً في ظل تراجع العرب والمسلمين عن قضية وحدتهم الكبرى، غير ان ايران الواعية للمخاطر المحدقة بأمتنا من المحيط الى الخليج، ومن طنجة الى جاكرتا، نهضت بخطاب الإمام الخميني الداعي الى تحرير السيادة الإسلامية من كل ما يصادرها أو يلغيها.‏ إن انتصار الثورة الإسلامية كان انتصاراً على غطرسة الاستكبار ومكائده.


عناوين بارزة في تأثيرات فكر الإمام


ولقد خلقت الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني وعيا سياسياً جديداً في المنطقة الإسلامية والعالم وقد غيرت الثورة موازين القوى محلياً وعالمياً وأعادت الثقة إلى الجماهير بقابليتها على احداث التغيير السياسي الاجتماعي.


إعادة الحيوية لدور الإسلام في السياسة والمجتمع


التاريخ دائماً هو الحكم في تقييم حياة الرجال العظام بعد وفاتهم، وسوف يقيّم بشكل كامل مجموع انجازاتهم في حياتهم والأثر الذي يتركونه على الأحداث. وبعضهم سيكون تأثيره وقفاً على حياته، بينما يكون للبعض الآخر تأثير يمتد إلى زمن طويل بعد موتهم. والإمام الخميني من هذا الصنف الأخير. والأمر الآخر هو أنه مهما يكن الشخص الذي يكتب تاريخ فترة آية الله الخميني، حتى ولو كان من أعدائه، فإنه ولابد سيعترف بحقائق ثلاث:

أولاً: إن تأثيره لم يتحدد بإيران فقط وإنما تعداه إلى خارج حدود إيران ودخل إلى عمق الأقطار الإسلامية الأخرى كلها. وتمثل هذا التأثير بإشعال جذوة النهضة الإسلامية فيها.

ثانياً: كان لهذا تأثيره العميق على السياسة العالمية، وجعل العالم يعترف بأن الإسلام قوة لابد من إدراك أهميتها.

ثالثاً: إن التأثيرات السابقة ستبقى إلى زمن أطول كثيراً من حياة الإمام الخميني.

هناك مساحات عديدة برز فيها تأثير حياة الإمام الخميني بشكل خاص أو عام، وسنشير إلى نواح مخصوصة منها. ولن يكون بمقدورنا بالطبع أن نعطي شرحاً واضحاً لها، ولكننا سنشير إلى النقاط الأساسية فيها.


تحطيم التدخلات الخفية للقوى العظمى


عندما بدأت شواهد انتهاء القوى الاستعمارية وضمور دورها في القرن العشرين، بدأ شكل آخر من الكفر يحتل مقامها، وقد بدأ هذا العصر بولادة القوى العظمى، أميركا والاتحاد السوفياتي. وقد اقتسمت الدولتان العالم بينهما. وأما الدول التي لم تقبل أن تصبح تابعة لهما، فإن حكامها هددوا بالمقاطعة الاقتصادية واستعمال القوة لاجباره على التخلي عن الحكم باستعمال الطرق المختلفة التي نجحت أجهزة المخابرات العالمية في استعمالها. وفي العام 1953 نجحت السي. آي. أيه باستعمال طرقها الخبيثة وإعادة الملكية إلى إيران.

وحركت السي.آي.أيه جهاز السافاك ــ المخابرات السرية الإيرانية ــ للقبض على واغتيال جميع العناصر الإسلامية. وجرى احتواء اقتصاد "البترو ــ دولار" الإيراني داخل النظام الرأسمالي الأميركي من خلال بيع "أنماط التحديث الجاهزة". ولم تفلح ملايين البترو ــ دولارات في إقامة نظام اقتصادي متوازن، لأن الفقراء بقوا على أشد ما يكونون عليه فقراً. وكان عليهم، في الحقيقة، أن يهاجروا إلى المدن طلباً للمعيشة وسكنوا بيوتاً من علب الصفيح. إن الثورة في إيران قد هزت العالم. وأساس الهزة هي قدرة دولة من دول العالم الثالث على أن تشق طريقها بثبات. وأثبت هذا العمل كيف أن بمستطاع دولة صغيرة أن تجبر قوىعظمى على الركوع، وكان هذا العمل من قبل الإمام الخميني تحطيماً للتدخلات الخفية للدول العظمى


خلق أرضية للتحرك الثوري في البلدان الإسلامية


الثورات ظواهر نادرة لا تحصل في كل يوم من حياة العالم. وفي العالم الإسلامي بشكل خاص، لم تحدث هناك ثورة لقرون عديدة. وما زالت القوى الاستعمارية التي تغلبت على دول المغول والعثمانيين هي المسيطرة على العالم الإسلامي. وقد وضعوا ألعوباتهم على دفة السلطة في البلاد، التي تخلوا عنها حتى بعد زمن طويل من رحيلهم. وتمتعت الحكومات الجديدة بقوة مطلقة (ديكتاتورية) وأجهزة أمنية قوية استطاعت أن تدمر كل المجاميع المعارضة لها. ولكن الثورة الإسلامية في إيران فتحت طريقاً جديداً للتغيير السياسي في العالم الإسلامي. وبرز هذا الطريق من خلال الجماهير التي التفت حول قيادة الإمام الخميني. وإن المهارة التي أدار بها الإمام الخميني ثورته تجاوزت كل نظريات الثورة المعروفة.


دور العلماء


بعد انتهاء دولة الراشدين وتحول الخلافة إلى ملك عضوض، لم يعد بالمستطاع طرح قيادة تحتل المقام الصحيح. وكان هناك ثلاث مرشحين: رجال مثل أبي ذر الغفاري الذي استطاع مواجهة الحكام بصراحة وجابههم في وجوههم ولكن هذه النوعية كان نادرة، وكان يندر أيضاً أن نجد تحدياً مسلحاً من أفراد أسرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد ثورة الحسين (عليه السلام) الذي استطاع بشهادته أن يسحب الشرعية من حكام عصره.

والجماعة الثالثة التي كانت مرشحة للقيادة هي فئة العلماء ولكنهم اخضعوا للجهات الحاكمة لتمرير سياساتها. وقد كان لتخلي غالبيتهم عن دور القيادة أثره في تشويه صورتهم لدى العامة. وجرى حصر وظيفتهم بالشعائر الإسلامية، كالعبادات وحدها، من دون إنجاز عمل كبير للإسلام. وكان الإمام الخميني قد صادف في مسيرته الجهادية علماء كثر مثل هؤلاء ممن كان علمهم قد وضع في خدمة الشاه ودولته. ولكن الإمام أثبت أن هناك استثناء لما هو مطروح وأن الإسلام لا يكون مطلقاً في خدمة الشاه ودولته ولكن فقط في سبيل الله سبحانه وتعالى. وكان لدور الإمام الخميني في قيادة الثورة الإسلامية أثره في الارتفاع بصورة العلماء في العالم الإسلامي كطبقة لها إمكانيات ثورية هائلة.


إفشال نظريات المستشرقين


لقد أعلن المستشرقون الغربيون أن الإسلام قد انتهى. والمستشرقون جزء من التقاليد المدرسية الغربية في دراسة مختلف جوانب الإسلام. وقد وصلوا إلى تحقيق نفوذهم وتكوين معداتهم العلمية خلال الفترة الاستعمارية وعبروا عن المصالح الغربية في الحاجة إلى فهم الإسلام للتعامل معه. وكان العالم الغربي قد عرف قوة الإسلام خلال الحرب الصليبية. وكان لدى المستشرقين استنتاج وصلوا إليه بأهوائهم الخاصة يقول إن الإسلام رجعي وإن التحديث سيحتل مكانه بسهولة. وكان من صالح الاستعمار أن يسود المنظور الاستشراقي المشوه الذي يقول بالفصل بين الإسلام والسياسة.

ولكن أعظم هزة أحدثتها الثورة الإسلامية كانت في المحيط الغربي حيث أثبتت أن جميع نظريات المستشرقين حول الإسلام كانت مشوهة. وجعل صعود الإسلام كقوة عالمية ثالثة الاستعمار والمستشرقين الغربيين يعودون إلى التفكير بالأسباب التي جعلتهم يقعون في الخطأ. ويشهد على ذلك أن أكبر كمية من الكتابات عن الإسلام والثورة الإسلامية قد نشرت في الأوساط الإعلامية الغربية وبأعداد تفوق إلى حد كبير ما نشر في دول العالم الثالث.


تأسيس الدولة الإسلامية


ليس من السهل أن نطلق تعبير "الدولة الإسلامية" على حكومة من حكومات القرن العشرين، وربما أيضاً الحكومات السابقة عليها. والحكومات والدول القائمة في العالم الإسلامي هي حكومات خاضعة للاستعمار وتابعة له بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وإن بعضها قد أخذت بنظام غربي للحكم في دستورها وأحزابها ونظامها السياسي، والبعض الآخر قد تبع أفكار علمانية اشتراكية وديمقراطية وشيوعية وماركسية. وبكلمة أخرى، إن الدولة ــ النموذج في العالم الإسلامي في القرن العشرين ــ تحاول أن تعطي لنفسها صبغة وبنية غربية.

وكان لدى الإمام الخميني تصور آخر، فقد وضع نصب عينيه نموذج دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وهناك فارق بين أن يكون لديك تصور وبين أن تكون لديك القدرة على تحقيقه. ولكن جهد الإمام كان مشكوراً في الجانبين. لقد نجح في تشييد الجمهورية، وبقيامها ظهرت للعالمين مساوئ الأنظمة الأخرى، إذ ان الجمهورية الإسلامية كانت بمثابة المرآة وهي أن لم تك كاملة النقاء فقد كانت أقرب إلى التصور الإسلامي الأصيل منها إلى أي نظام في العالم الغربي. ولو لم تكن كذلك لما سعى الغرب إلى تحطيمها. والمهم أن الإمام قد طرح نموذجاً جديداً يقتدى به؛ فهو لم يسع إلى سلطة كما فعل الآخرون الذي يجعلونها في أعقابهم وإنما ترك لغيره أن يحتل منصب رئاسة الدولة ومنع أفراد عائلته من احتلال أي موقع سياسي. ثم ان الثروة لم تك موضع اهتمامه على الإطلاق وكان يرى فيها سبيلاً إلى الخير ومرضاة الله سبحانه وتعالى. وضرب بذلك مثالاً لرؤساء الدول وحكامها. ولو كان هناك أي ميل لديه نحو تجميع الأموال ونهبها، لا سمع الله، لما توقف أعداؤه عن استعمال ذلك للتشهير به ولكنهم عجزوا عن اكتشاف ما يسيء إلى شخصية تربّت على هدى الإسلام.


توحيد الفكر الإسلامي


لقد نخرت الطائفية جسم العالم الإسلامي. واستمرت تفعل ذلك لقرون. والانقسام الكبير كان بين السنة والشيعة. وتولد عن هذا الانقسام ضعف العالم الإسلامي بينما استفاد منه أعداؤهم. وكان من السهل على الإمام الخميني أن يستغل الانقسامات الموجود ولكنه بروحه العالية وشخصيته الإسلامية بقي فوق الانقسامات. وبسبب من ذلك أصبح اسمه محبوباً في جميع أرجاء العالم الإسلامي. وأما الذي عادوه فقد كانوا شلة من رجال السلطة المتسلطة على أنظمة الحكم في الدول الإسلامية ممن أحسوا بالخطر على مصالحهم. ولكن من التناقض أن يخشى المسلم من الإسلام. إن أولئك الذي عادوا الإمام هم اما من الذين لبسوا من الإسلام اسمه أو من المتحللين منه. قام الإمام الخميني بدور توحيدي في صفوف جميع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ولم يك تأثيره ذا طابع سني أو شيعي بل كان إسلامياً. وقد قرأ ملايين الشباب المسلم في العالم كتب وخطب الإمام الخميني ووجدوا أنها تدور حول قضايا تهم جميع المسلمين، كما أن الإمام بسلوكه مضى شوطاً بعيداً في التقريب بين الشيعة والسنة.


الوعي السياسي في المجتمعات الإسلامية


إن الثورات لا تغير المجتمعات بشكل جزئي وإنما يجري التغيير بصورة كلية. ولكن أغلبت المجتمعات الإسلامية، بسبب عدم حدوث ثورات جذرية فيها، فإنها لا تهتم بالسياسة مما يترك الفرصة أمام الهيئات الحاكمة للتصرف بما تشاء، في الوقت الذي تكون فيه غاية مسعى الجماهير هي طلب الرزق. ولم تك إيران استثناء لهذه القاعدة خلال العهد الملكي، ولكن ثورة الإمام الخميني خلقت وعياً سياسياً جديداً في قطاعات عريضة من المجتمع الإسلامي، ودفع ذلك قطاعات كالجيش والسياسيين والطلبة والمثقفين والجماهير بشكل عام إلى اليقظة السياسة .وكان العهد السابق قد خلق لديهم الإحساس بأن النظام سيبقى إلى الأبد، ومنعهم الوعي المهزوم الذي خلقه نظام الشاه من التفكير بالخروج على الحكم، ولكن الثورة أحدثت التغيير وخلقت الوعي بإمكانية امتلاك الإنسان لمصيره. وكان التأثير على أوجه لدى المثقفين والجماهير لأنهم كانوا القاعدة التي ساندت الثورة الإسلامية. وإن تأثر الوعي السياسي الذي استحدثته الثورة لم يعد محصوراً بإيران وحدها فسرعان ما انتقل إلى الأقطار الإسلامية الأخرى، وتسبب ذلك في إثارة المخاوف لدى حكام هذه البلدان إذ تكونت في دولهم جماعات إسلامية تستمد إلهامها من نموذج إيران ويعود فضل الوعي الجديد إلى الإمام الخميني، لأنه، ومن خلال رفع مستوى الوعي السياسي، وضع الأسس التي تتطلبها كل الثورات الإسلامية.


الروح الإسلامية


واحد من تأثيرات نهضة الإمام الخميني انها أعادت إلى جو الروح الإسلامية بعد أن انطفأت شمعتها تحت الحكومات الجاهلة وتأثيرات المستشرقين. لقد حصر الإسلام في معاني عبادية ضيقة وحول إلى طقوس محددة. ولكن الإمام الخميني أعاد للروح الإسلامية حيويتها بإظهار المعاني الإسلامية كالجهاد، الشهادة، الظلم، المستضعفين والمستكبرين وغيرها. وإن احياء مفهوم الحج على الوجه الذي عناه الإسلام قد أقلق الجهات التي تريد حصره بحدود ضيقة.

إن التاريخ سيستمر في تقييم الثورة الإسلامية، ولكن تأثير الثورة الإسلامية سيغيّر اتجاه ومصير المسلمين في القرن الحادي والعشرين. وكلما نجحت عملية إعادة الحيوية إلى الإسلام في داخل الأمة فإنها ستصبح أكثر قوة. إن الإمام قد انتقل إلى جوار به ولكن ثورته تشبه البركان الذي سيبقى يغلي إلى أمد طويل




مؤلفات الامام الراحل


للامام الخميني العديد من الكتب التي انتشرت بين المؤمنين و هي تحمل الصبغة العرفانية، و من اهم مؤلفاته:
مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية، شرح دعاء السحر لشهر رمضان، الأربعون حديثاً، أسرار الصلاة أو معراج السالكين، كشف الأسرار، آداب الصلاة، الرسائل، كتاب البيع، كتاب المكاسب المحرّمة، كتاب الطهارة، تهذيب الأصول، جهاد النفس، الجهاد الأكبر، الحكومة الإسلامية وحاشية على الأسفار.



الرحيل


وفي عام 1989بات القلب الكبير للامام الخميني متعبا، فاسلم الروح الى خالقها ليلة الرابع من حزيران، لتخرج الملايين في تشييعه، مشهدٌ يشبه ذلك الذي استقبلته به الجماهير يوم الانتصار قبل عشر سنوات.بعد حياة مليئة بالجهاد والكفاح، و بعد ان ازاح نظام الشاه الذي يعتبر من اكثر الانظمة ظلماً و تغطرساً ، توفي الامام في أحد مستشفيات طهران، ، ، ودفن في مقبرة بهشت زهراء في طهران، إلى جانب قبور شهداء الثورة الإسلامية ويقصد قبره النَّاس من كلّ مكان.

و أخيراً،،،ان الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه كتب بكفاحه وجهاده ومثابرته واحدة من اروع اهازيج العز و الفخار، ظل المؤمنون يرددونها في انحاء العالم ، ويستمدون منها القوة و الصبر في مواجهة قوى الاستكبار و الطغيان .

عاش الخميني من اجل المستضعفين في العالم ، فلم ينسوه و ظل خالداً في ذاكرتهم.وان رجلاً يقول للشاه:" إنني لم أعرف معنى للخوف في حياتي" هو بكل تأكيد ليس كباقي الرجال. فلم نعرف في زماننا هذا كالخميني .

و صدق سليمان كتاني الكاتب اللبناني المعروف حين قال عن الامام الخميني: "قطب عظيم، لـم ينبض مشرقنا الأوسطي بمثيل له منذ عهد طويل".اذا اردنا ان نعرف سر جهاد الامام وتضحيته في سبيل القضية التي ثار من اجلها علينا ان نفهم الاية الكريمة و التي تقول:"
(( قل ان صلاتي ونسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين))