المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من حياة السيدة زينب بنت علي (زواج السيدة سلام الله عليها) ...لنزداد نورا ً


وفاء للحسين
27-06-2010, 09:25 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

عندما بلغت العقيلة زينب (عليها السلام) أشدّها، جاء لخطبتها عدد كبير من الرجال و كان من بينهم أشراف العرب و رؤساء القبائل. و قد كانوا يظنّون أنّه بسبب مالهم الكثير أو مکانتهم الاجتماعية العالية أنهم سوف ينالون شرف الزواج من زينب (عليها السلام).

فعلی سبيل المثال، كان أشعث بن قيس من أثرياء إحدی قبائل العرب و كان من أقرباء الخليفة الأول، و بذلك فقد أخذه الغرور و الفخر و ظنّ أنه بسبب قرابته من الخليفة الأول فسوف ينال شرف الزواج من بنت أمير المؤمنين (عليه السلام).

فمن الظاهر كان أشعث في بیت أميرالمؤمنين (عليه السلام) و شاهد زينب (عليها السلام) تعبر من فاصلة. و في هذه الأثناء قام بخطبة زينب (عليها السلام) من أبيها، و لكن رفض أميرالمؤمنين (عليه السلام) طلبه و عیّره لغروره الذی يجرّه بهذه الخطبة.(1)

من بين هؤلاء الذين جاؤوا لخطبة زينب (عليها السلام) كان عبد الله بن جعفر. فقد كان عبدالله يأتي الى بیت علي (عليه السلام) و هو محبوب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و أمیرالمؤمنین (علیه السلام).

عبدالله بن جعفر هو ابن جعفر الطيار، الشهيد الذي صرح به الرسول الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) أن له جناحين يطير بهما في الجنة. جعفر الطيار هو شقيق أمير المؤمنين (عليه السلام) و هو کان من المتقدّمین فی الإسلام و المجاهدين في سبيل الله. بسبب جوده فقد كان الناس يسمونه "أب المساكين"، لأنه كان کأب رحيم للفقراء. و قد كان هذا هو الميراث المعنوي الذي ورثه ابنه عبد الله.

تحدث جميع المؤرخين الذین لهم کلام حول عبدالله، عن کرامته و عزة نفسه و بحثوا خاصة ً عن عطائه. فكمثال ،أن التأریخ فی عصره ذکر عشر سخیاً کانوا معروفين بین العرب و أن عبدالله کان فی رأسهم(2) الى ان سمّوه بعض المؤرخين بلقب قطب السخاء.

كان عبد الله بن جعفر ثقة عند أمير المؤمنين (عليه السلام)، و قد شاركه في معاركه و برامجه و كان له حُضوراً واضحاً إلی أنه کان في معركة صفين أحد قادة جيش الإمام (عليه السلام)...

و كان لعبد الله علاقة مميزة حتى حذى بشرف الزواج من زينب (عليها السلام)؛ و لكن حياءه منعه من أن يخطب زينب (عليها السلام) من أبيها أمير المؤمنين (عليه السلام) مباشرة ً . لذا بعث قاصداً لأمير المؤمنين (عليه السلام) و عرض عليه موضوع الزواج. فإن أمیرالمؤمنین (علیه السلام) رآه أولی بهذا الأمر و اختاره له و لكن کم کان المهر؟ قرّر أمير المؤمنين (عليه السلام) أن یساوی قيمة مهر زينب (عليها السلام) بمهر والدتها.(3) و لكن كان هناك شرط للزواج ، و الشرط هو ألا يمانع عبد الله أن تصطحب زينب (عليها السلام) اخاها الحسين (عليه السلام) في أسفاره. و ايضا نلاحظ هذا الشرط للقاء هذا الأخ و الأخت و قليلاً ما حدث ان لا يلاقی احدهما الآخر في يوم واحد.

بعد هذا الزواج ذهبت زينب (عليها السلام) الی بيت بعلها عبد الله بن جعفر. كان عبد الله من أثرياء العرب و كان بیته من بیوت أشراف العرب و كان له من الخدم الوفير. و لكن يبين لنا التأريخ ان زينب (عليها السلام) لم تكن لها علاقة في حياة أشرافیة و لم تكن تميل اليها.

كانت زينب (عليها السلام) زاهدة بكل معنى الكلمة؛ و لكن كان معنى الزهد في قاموس زينب نفس ذلك المفهوم الذي وصفه أبوها أمیرالمؤمنین(علیه السلام): " الزهد ان لا تملكک الدنیا و انت مالکه ".

لقد كان أفضل العلامة لزهد زينب (عليها السلام) أنها ترکت الرفاهیة و الأشرافیة و الخدم و الزینة لهدف مقدس الهی.

و هی کعالم الغیب الذی یطلع عن عاقبته و عاقبة مجتمعه و أهم من ذلک واجبه و رسالته، فجعلت شرط زواجه معیتها للحسین کی تقوم برسالتها.

کانت زینب (علیها السلام) کسائر النساء عطوفة و لين القلب؛ و لكن عند الضرورة كانت امرأة صلبة و في طريق الهدف كانت جبلاً صارماً و مقاوماً. و كانت أيضاً كسائر الأمهات أماً حنوناً؛ و لكن حين القيام بالواجب الديني و حفظ الإسلام و القرآن فقد كانت تفدي بأبنائها الذين هم أعز الی قلبها.

من یکون نظیرا لزينب (عليها السلام) حيث تکون له نعم وافرة و لکنه لم یکن یمیل الیها ابداً؟ و یکون له دار عزیز و زوج حبیب و أبناء حمیم و لکنه للنیل إلی أهدافه القدسیة یتقبل الجوع و الأسارة؟ و هل هذا شیئ سوی الزهد الإسلامي؟



(مأخوذ من کتاب "حياة السيدة زینب (علیها السلام)، رسالة من الدم و البلاغ" ،تأليف الدکتر علي القائمي)

اللهم اِنـّا نسالك رحمة ً منك َ تغننا عن رحمة من سواك َ يا الله....اللهم ارحم المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات برحمتك يا ارحم الراحمين ...