المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قبسات من نور الامام الحسن عليه السلآم


اريج الجنه
15-09-2010, 09:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلٌ على محمد وال محمد وعجل فرجهم يا كريم


بعض ما ورد من وصايا سيدنا أبي محمد الحسن (عليه السلام):



1- من وصية له (عليه السلام) لبنيه وبني أخيه: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم وتوشكون أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلّموا العلم، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه، وليجعله في بيته


2- من وصية له (عليه السلام): يا ابن آدم: عف عن محارم الله تكن عابداً، وارض ما قسم الله تكن غنياً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك به تكن عدلاً، إنه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً.

يا ابن آدم: إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فإن المؤمن يتزوّد، والكافر يتمتّع

3- دخل عليه جنادة بن أبي أمية في مرضه الذي توفي فيه فقال له: عظني يا ابن رسول الله.

قال: نعم: استعد لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل هم يومك الذي أنت فيه؛ واعلم أنك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلا كنت فيه خازناً لغيرك، واعلم أن الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فانزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان حلالاً كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت منه كما أخذت من الميتة، وان كان العتاب فالعتاب يسير، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً، وإذا أردت عزاً بلا عشيرة وهيبة لا سلطانه، فأخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله (عز وجل)؛ وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت معونة أعانك، وإن قلت صدق قولك، وإن صلت شد صولك، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت منك ثلمة سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكت عنه ابتداك، وإن نزلت بك إحدى الملمات واساك، من لا يأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسماً آثرك

بعض ما ورد من كلماته (عليه السلام):


1- قال (عليه السلام): لا تعاجل الذنب بالعقوبة واجعل بينهما للاعتذار طريقاً.

2- وقال (عليه السلام): المزاح يأكل الهيبة، وقد أكثر من الهيبة الصامت.

3- وقال (عليه السلام): الفرصة سريعة الفوت، بطيئة العود.

4- وقال (عليه السلام): تجهل النعم ما أقامت، فإذا ولت عرفت.

5- وقال (عليه السلام): ما تشاور قوم إلا هدوا إلى رشدهم.

6- وقال (عليه السلام): اللؤم أن لا تشكر النعمة.

7- وقال (عليه السلام): الخير الذي لا شر فيه: الشكر مع النعمة، والصبر على النازلة.

8- وقال (عليه السلام): العار أهون من النار.

9- وقال (عليه السلام): هلاك المرء في ثلاث الكبر والحرص والحسد، فالكبر هلاك الدين، وبه لعن إبليس، والحرص عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة، والحسد رائد السوء، ومنه قتل قابيل هابيل.

10- وقال (عليه السلام): لا أدب لمن لا عقل له، ولا مروءة لمن لا همة له، ولا حياء لمن لا دين له، ورأس العقل معاشرة الناس بالجميل، وبالعقل تدرك الداران جميعاً، ومن حرم العقل حرمهما جميعاً.

بعض رسائل الإمام (عليه السلام) إلى معاوية وغيره، وبقدر ما تكون هذه الرسائل صورة تاريخية لفترة محرجة، هي – بنفس الوقت - دعوة إلى الله تعالى، وإعلاء لكلمته، ودفاع عن دينه نذكر منها:


1- من كتب له (عليه السلام) إلى معاوية مع جندب بن عبد الله الأزدي:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله الحسن بن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، سلام عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإن الله تعالى (عز وجل) بعث محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين، ومنّة على المؤمنين، وكافة إلى الناس أجمعين (لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين) فبلغ رسالات الله، وقام على أمر الله، حتى توفاه الله غير مقصّر ولا وان، حتى أظهر الله له الحق، ومحق به الشرك؛ ونصر به المؤمنين، وأعزّ به العرب، وشرّف به قريشاً خاصة، فقال تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك) فلما توفي (صلى الله عليه وآله وسلم) تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقه؛ فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، وأن الحجة لهم في ذلك على ما نازعهم أمر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأنعمت لهم العرب، وسلمت ذلك؛ ثم حاججنا نحن قريش بمثل ما حاجّت بها العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها، إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج، فلما صرنا أهل بيت محمد وأوليائه إلى محاجتهم، وطلب النصف منهم باعدونا، واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا، والعنت منهم لنا، فالموعد الله وهو الولي النصير، وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا، وسلطان نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) وان كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام، فأمسكنا عنهم منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزاً يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من مناده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهل، ولا بفضل في الدين، ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن الله خيبك وسترد فتعلم لمن عقبى الدار؛ تالله لتلقين عن قليل ربك ثم يجزينك بما قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد.

إن علياً رضوان الله عليه لما مضى لسبيله، رحمة الله عليه يوم قبض، ويوم مَنّ الله عليه بالإسلام، ويوم يبعث حياً، ولّاني المسلمون الأمر بعده، فاسأل الله أن لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئاً ينقصنا به في الآخرة ما عنده من كرامته، وإنما حملني على الكتابة إليك الأعذار فيا بيني وبين الله سبحانه وتعالى في أمرك، ولك في ذلك إن فعلت الحظ الجسيم، وللمسلمين فيه صلاح، فدع التمادي في الباطل، وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي، فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ، ومن له قلب منيب، واتق الله ودع الغي، واحقن دعاء المسلمين، فوالله ما لك من خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به، فادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك، ليطفي الله النائرة بذلك، وتجمع الكلمة، وتصلح ذات البين، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيّك نهدت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.

بلاغة الحسن بن علي (عليهما السلام)



• خطبه في زمن أبيه

روى ابن عساكر بإسناده عن معمر بن يحيى بن سالم قال: سمعت جعفراً قال: سمعت أبا جعفر قال: قال علي: قم فاخطب الناس يا حسن، قال: إني أهابك أن أخطب وأنا أراك، فتغيب أمير المؤمنين (عليه السلام) عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه، فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم، ثم نزل فقال علي: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)



قال المسعودي: قد كان علي (رضي الله عنه وكرم الله وجهه) اعتل، فأمر ابنه الحسن (رضي الله عنه)، أن يصلي بالناس يوم الجمعة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله لم يبعث نبياً إلا اختار له نقيباً ورهطاً وبيتاً، فوالذي بعث محمداً بالحق نبياً لا ينتقص من حقنا أهل البيت أحد إلا نقصه الله من عمله، ولا تكون علينا دولة إلا وتكون لنا العاقبة، ولتعلمن نبأه بعد حين



ومن خطب الحسن في أيامه في بعض مقاماته أنه قال: نحن حزب الله المفلحون، وعترة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأقربون، وأهل بيته الطاهرون الطيبون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شيء لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه والمعول عليه في كل شيء، لا يخطئنا تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا، فإن طاعتنا مفوضة إذ كانت بطاعة الله ورسوله وأولي الأمر مقرونة (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله.. ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وأحذركم الإصغاء لهتاف الشيطان إنه لكم عدو مبين، فتكونون كأوليائه الذين قال لهم (لا غالب لكم اليوم من الناس وأني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون) فلتُلْقَوْن للرماح أزراً، وللسيوف جزراً، وللعمد خطأ وللسهام غرضاً، ثم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً



• التزكية والتعليم

لقد قبل الإمام الحسن (عليه السلام) بالصلح للأسباب التي تقدم ذكرها في فصل خلافته (عليه السلام) وكان همه الأول الحفاظ على الدين والشيعة، لذلك فقد عاد من الكوفة إلى المدينة المنورة مهبط وحي جده الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وراح ينشر العلم بين الأصحاب وانصرف إلى تربيتهم وإرشادهم.



قال محمد بن طلحة الشافعي، المتوفي سنة 652: كان الله عز وجل قد رزقه الفطرة الثاقبة في إيضاح مراشد معانيه ومنحه الفطنة الصائبة لإصلاح قواعد الدين ومبانيه، وخصه بالجبلة التي درت لها أحلاف عادتها بصور العلم ومعانيه ومرت لها أطباء الاهتداء من تجدي جده وأبيه فيجيء بفكرة منجيه نجاح ما يقتضيه، وقريحة مصحبة في كل مقام يقف فيه، ثم اكتنفه الأصلان الجد والأب، وفي المثل السائر: ولد الفقيه نصف الفقيه وكان يجلس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويجتمع الناس حوله فيتكلم بما يشفي غليل السائلين ويقطع حجج القائلين


روى ابن عساكر بإسناده عن أبي سعيد: أن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش: أخبرني عن الحسن بن علي، قال: يا أمير المؤمنين، إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين، ثم نهض فيأتي لأمهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه ثم ينصرف إلى منزله، ثم يروح فيصنع مثل ذلك، فقال معاوية، ما نحن معه في شيء.

للحسن (عليه السلام) خطب كثيرة في حياة أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبعد وفاته، قبل الصلح وبعده، ولو جمعنا هذه الخطب لجاءت في كتاب مستقل، وهذه الخطب تشتمل على الحمد لله والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والإشادة بفضل أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، والدعوة إلى الحق، نقدم لكم منها:



1- من خطبة له (عليه السلام) في الكوفة يحثهم فيها على الجهاد.

الحمد لله العزيز الجبار، الواحد القهار، الكبير المتعال، سواء منكم من أسرّ القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، أحمده على حسن البلاء، وتظاهر النعماء، وعلى ما أحببنا وكرهنا من شدة ورخاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لأه، وأن محمداً عبده ورسوله، أمتن علينا بنبوته، واختصه برسالته، وأنزل عليه وحيه، واصطفاه على جميع خلقه، وأرسله إلى الإنس والجن حيت عبدت الأوثان، وأطيع الشيطان، وجحد الرحمان فصلى الله عليه وآله، وجزاه أفضل ما جزى المرسلين؛ أما بعد: فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون: إن أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب أرشد الله أمره، وأعزه ونصره، بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب، والعمل بالكتاب، والجهاد في سبيل الله، وان كان في عاجل ذلك ما تكرهون، فان في آجله ما تحبون إن شاء الله، ولقد علمتم أن علياً صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده، وإنه يوم صدّق به لفي عاشرة من سنه، ثم شهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع مشاهده، وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله، وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم.

ولم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه وآله راضيا عنه حتى غمّضه بيده، وغسله وحده، والملائكة أعوانه، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء، ثم أدخله حفرته، وأوصاه بقضاء دينه، وعداته، وغير ذلك من أموره، كل ذلك من الله عليه، ثم والله ما دعا إلى نفسه، ولقد تداكّ الناس عليه تداكّ الإبل الهيم عند ورودها، فبايعوه طائعين، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه، ولا خلاف أتاه، حسداً له وبغياً عليه، فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته، والجد والصبر، والاستعانة بالله، والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين، عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته، وألهمنا وإياكم تقواه، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه؛ واستغفر الله العظيم لي ولكم.

مواعظه



جوامع الموعظة

يا ابن آدم: عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله تكن غنيّاً وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً. إنه كان بين يديكم أقوام يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، أصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً. يا ابن آدم: لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمّك، فخذ مما في يديك لما بين يديك، فانّ المؤمن يتزود والكافر يتمتّع.


استجيبوا لله

أيّها الناس: إنه من نصح لله وأخذ قوله دليلاً، هدي للتي هي أقوم، ووفّقه الله للرشاد، وسدّده للحسنى، فانّ جار الله آمن محفوظ وعدوّه خائف مخذول، فاحترسوا من الله بكثرة، الذكر، واخشوا الله بالتقوى، وتقرّبوا إلى الله بالطاعة، فانه قريب مجيب، قال الله تبارك وتعالى: (وإذا سألك عبادي عنيّ، فاني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي، وليؤمنوا بي لعلّهم يرشدون) فاستجيبوا لله وآمنوا به، فانّه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم، فإنّ رفعة الذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا، و(عز) الذين يعرفون الله أن يتذللوا (له) وسلامةَ الذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة، ولا يضلوا بعد الهدى.

واعلموا علماً يقيناً: أنكم لن تعرفوا التقى، حتى تعرفوا صفة الهدى ولن تمسكوا بميثاق الكتاب، حتى تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته، حتى تعرفوا الذي حرّفه، فاذا عرفتم ذلك، عرفتم البدع والتكلّف، ورأيتم الفرية على الله، والتحريف، ورأيتم كيف يهوي من يهوي، ولا يجهلنّكم الذين لا يعلمون، والتمسوا ذلك عند أهله، فانهم خاصة نورٍ يستضاء بهم، وأئمة يقتدى بهم، بهم عيش العلم وموت الجهل، وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم، وحكم منطقهم عن صمتهم، وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الحقّ، ولايختلفون فيه، وقد خلت لهم من الله سنّة، ومضى فيهم من الله حكم، ان في ذلك لذكرى للذاكرين، واعقلوه اذا سمعتموه، عقل رعايةٍ، ولا تعقلوه عقل رواية، فانّ رواة الكتاب كثير، ورعاته قليل، والله المستعان.


التقوى


إعلموا أن الله لم يخلقكم عبثاً، وليس بتارككم سدى، كتب آجالكم وقسّم بينكم معائشكم، ليعرف كل ذي لبٍ منزلته، وانّ ما قدّر له أصابّه وما صرف عنه فلن يصيبه، قد كفاكم مؤونة الدنيا وفرّغكم لعبادته، وحثّكم على الشكر، وافترض عليكم الذكر، وأوصاكم بالتقوى. منتهى رضاه، والتقوى باب كلّ توبة، ورأس كلّ حكمة، وشرف كلّ عملٍ بالتقوى، فاز من فاز من المتّقين، قال الله تبارك وتعالى: (ان للمتقين مفازاً، قال: (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوء ولاهم يحزنون فاتقوّا الله عباد الله، واعلموا: أنّه من يتق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ويسدده في أمره ويهيئ له رشده، ويفلحه بحجته، ويبيض وجهه ويعطه رغبته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين، والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقاً.


المتقون


لقد اصبحت أقوام كأنهم ينظرون إلى الجنة ونعيمها، والنار وحميمها، يحسبهم الجاهل مرضى وما بهم من مرضٍ، أو قد خولطوا وإنما خالطهم امر عظيم خوف الله ومهابته في قلوبهم كانوا يقولون: ليس لنا في الدنيا من حاجةٍ وليس لها خلقنا ولا بالسعي لها أمرنا، أنفقوا اموالهم وبذلوا دماءهم واشتروا بذلك رضي خالقهم، علموا انّ الله اشترى منهم اموالهم وانفسهم بالجنة فباعوه وربحت تجارتهم وعظمت سعادتهم رأفلحوا وأنجحوا فاقتفرا آثارهم رحمكم الله، واقتدوا بهم فانّ الله تعالى وصف لنبيّه صلى الله عليه وآله صفة آبائه ابراهيم واسماعيل وذريتهما وقال: (فبهداهم اقتدوه) واعلموا عباد الله أنكم مأخوذون الإقتداء بهم والاتّباع لهم، فجدّوا واجتهدوا واحذروا أن تكونوا اعواناً للظالم، فانّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من مشى مع ظالمٍ ليعينه على ظلمه فقد خرج من ربقة الإسلام، ومن حالت شفاعته دون حدٍ من حدودٍ الله فقد حادّ الله و رسوله، ومن اعان ظالماً ليبطل حقاً لمسلمٍ فقد برىء من ذمة الله وذمة رسوله، ومن دعا لظالمٍ بالبقاء، فقد احبّ ان يعصى الله، ومن ظلم بحضرته مؤمن او اغتيب وكان قادراً على نصره ولم ينصره فقد باء بغضبٍ من الله ومن رسوله، ومن نصره فقد استوجب الجنّة من الله تعالى وإن الله تعالى اوحى إلى داود (عليه السلام): قال: لفلان الجبار إني لم ابعثك لتجمع الدنيا على الدنيا ولكن لتردّ عني دعوة المظلوم تنصره، فاني آليت على نفسي ان انصره، وانتصر له، ممن ظلم بحضرته، ولم ينصره.


أهل النار


قال الحسن (عليه السلام): إن الله تعالى لم يجعل الأغلال في أعناق اهل النار لانهم أعجزوه، ولكن إذا أطفىء بهم اللهب ارسبهم في قعرها.

ثم غشي عليه، فلما أفاق من غشوته قال

ياابن آدم نفسك نفسك، فانما هي نفس واحدة، إن نجت نجوت وان هلكت لم ينفعك نجاة من نجا.


المبادرة إلى العمل



إتقوا الله عباد الله، وجدّوا في الطلب وتجاه الهرب، وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات، وهادم اللذات، فانّ الدنيا لا يدوم نعيمها، ولا يؤمن فجيعها، ولا تتوقّى مساويها، غرور حائل، وسناد مائل، فاتعظوا عباد الله بالعبر، واعتبروا بأثر. وازدجروا بالنعيم. وانتفعوا بالمواعظ، فكفى بالله معصتماً ونصيراً، وكفى بالكتاب حجيجاً وخصيما، وكفى بالجنّةِ ثواباً، وكفى بالنار عقاباً ووبالاً.


تزودوا

ياابن آدم عفّ عن محارم الله تكن عابداً، وارض بما قسم الله تكن غنياً، وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً، وصاحب الناس بمثل ما تحبّ أن يصاحبوك به تكن عادلاً، إنه كان بين ايديكم قوم يجمعون كثيراً، ويبنون مشيداً، ويأملون بعيداً، اصبح جمعهم بوراً، وعملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً، يا ابن آدم انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن امّك، فجد بما في يديك، فإنّ المؤمن يتزود، والكافر يتمتع (وتزودوا فانّ خير الزاد التقوى).


حبّ الدنيا

من احبّ الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، ومن ازداد حرصاً على الدنيا، لم يزدد منها الا بعداً، وازداد هو من الله بغضاً.

والحريص الجاهد والزاهد القانع كلاهما مستوفٍ أكله، غير منقوصٍ من رزقه شيئاً، فعلام التهافت في النار؟ والخير كله في صبر ساعةٍ واحدةٍ، تورث راحةً طويلةً وسعادةً كثيرةً.

والناس طالبان: طالب يطلب الدنيا حتى إذا أدركها هلك، وطالب يطلب الآخرة حتى إذا أدركها

فهو ناجٍ فائز.

واعلم - أيها الرجل!- أنه لا يضرّك ما فاتك من الدنيا، وأصابك من شدائدها إذا ظفرت بالآخرة، وما ينفعك ما أصبت من الدنيا، إذا حرمت الآخرة.


دار غفلة

الناس في دار سهوٍ وغفلة، يعملون ولا يعلمون، فإذا صاروا إلى دار يقينٍ، يعلمون ولا يعملون.

المأكول والمعقول

عجبت لمن يفكر في مأكوله، كيف لا يفكر في معقوله، فيجنّب بطنه ما يؤذيه، ويودع صدره ما يرديه؟


النهي عن اللعب

إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا، وقصر آخرون فجابوا، فالعجب كل العجب من ضاحكٍ لاعب، في اليوم الذي يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا: أنّ المحسن مشغول باحسانه، والمسيء مشغول باساءته.


تعزية

إن كانت المصيبة أحدثت لك موعظةً، وكسّبتك أجراً فهو، وإلا فمصيبتك في نفسك أعظم من مصيبتك في ميتك.


الاجمال في الطلب

لا تجاهد الطلب جهاد الغالب ولا تتكل على القدر اتكال المستسلم، فان ابتغاء الفضل من السنة، والاجمال في الطلب من العفة، وليست العفة بدافعةٍ رزقاً، ولا الحرص بجالبٍ فضلاً، فانّ الرزق مقسوم، واستعمال الحرص استعمال المآثم.


يستجاب دعاه

يا عبد الله كيف يكون المؤمن مؤمناً وهو يسخط قسمه، ويحقّر منزلته، والحاكم عليه الله؟ وأنا الضامن لمن لم يهجس في قلبه إلا الرضا أن يدعو الله فيستجاب له.


الموت يطلبك

يا جنادة! استعدّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم انّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك الذي لم يأت على يومك الذي أنت فيه، واعلم انك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك، الا كنت فيه خازناً لغيرك، واعلم: انّ الدنيا في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة خذ منها ما يكفيك، فان كان حلالاً كنت قد زهدت فيه، وان كان حراماً لم يكن فيه وزر، فأخذت منه كما أخذت من الميتة، وإن العقاب، فالعقاب يسير، واعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، واذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج من ذل معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزّ وجلّ، واذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة، فاصحب من اذا صحبته زانك، واذا أخذت منه صانك، واذا أردت منه معونةً أعانك، وان قلت صدق قولك، وان صلت شدّ صولتك، وان مددت يدك بفضلٍ مدّها، وان بدت منك ثلمة سدّها، وان رأى منك حسنةً عدّها، وان سألته اعطاك، وان سكتّ عنه ابتدأك، وان نزلت بك إحدى الملمات واساك، من لا تأتيك منه البوائق، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق وان تنازعما منقسما آثرك.

الموت

سئل الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام: ما الموت الذي جهلوه؟ قال: أعظم سرورٍ يرد على المؤمنين، اذا نقلوا عن دار النكد إلى نعيم الابد، وأعظم ثبور يرد على الكافرين، اذا نقلوا عن جنتهم، إلى نارٍ لا تبيد ولا تنفذ

قال رجل للحسن: إني أخاف الموت! قال:

ذاك أنك أخرّت مالك، ولو قدمته لسرّك أن تلحق به

ومرّ (عليه السلام) على ميت يراد دفنه فقال:

ان أمراً هذا آخره، لحقيق بأن يزهد في أوّله، وإنّ أمراً هذا أوله لحقيق أن يخاف من آخره

هول المطّلع
لما حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام الوفاة، بكى فقيل: ياابن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله الذي أنت به، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله فيك ما قال، وقد حججت عشرين حجةً ماشياً، وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتى النعمل والنعمل؟ فقال: (إنما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع، وفراق الأحبّة).

أدعيته

الدعاء من خصائص أئمة أهل البت (عليهم الصلاة والسلام)، فقد ورد لكل منهم أدعية كثيرة تربو على الحصر، وقد جمع العلماء أدعيتم فجاءت في مصنفات كثيرة.

ومضافاً لما تحمل هذه الأدعية من التقديس لله تعالى، والخضوع له، والتذلل بين يديه، فهي مجموعة في المعارف، والآداب والأخلاق والعرفان والكمال، وفي هذا الفصل بعض ما ورد من أدعيته (عليه السلام) القصار:

1- من دعاء له (عليه السلام) لما أرسل إليه معاوية وعنده نفر من قريش يريدون النيل منه.

قال (عليه السلام): (اللهم إني أعوذ بك من شرورهم، وأدرأ بك في نحورهم، وأستعين بك عليهم، فاكفينهم كيف شئت وأنى شئت، بحول منك وقوة يا أرحم الراحمين)

2- من دعاء له (عليه السلام): كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه وقال: (إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم)

3- من دعاء له (عليه السلام) علّمه لمظلوم يدعو به على ظالمه بعد أن يصلي ركعتين فاستجيب له:

(يا شديد المحال، يا عزيز أذللت بعزتك جميع ما خلقت، أكفني شر فلان بما شئت)

موفقين بحق محمد وال محمد

ابن الشاعر
16-09-2010, 07:37 PM
السلام عليكم
اختي الكريمه اريج
وفقك الله وامدك بجزيل حسناته
تقبل الله منك هذا واعطاك اجرا
تقبلي بسيط مروري
اخوك ابو مهدي

اريج الجنه
16-09-2010, 08:53 PM
سلمت اخي ابن الشاعر على المرور العذب
دمت

حسين الركابي
17-09-2010, 12:22 AM
شكرا على القبسات الحلوة

عاشقة السيدة زينب ع
17-09-2010, 04:46 PM
:55555":
اللهم صل على محمد وآل محمد
مشكورةأختي نائبة المدير(أريج الجنه)
على هذاالموضوع الرائع
:65:تقبلي تحياتي:65:

اريج الجنه
17-09-2010, 09:05 PM
مشكورين على المرور العذب

التل الزينبية
29-09-2010, 02:32 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليك يا سيدي ومولاي
يا أبا محمد الحسن
جزاك الله خير الجزاء
ويعطيك العافية