المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السيدة زينب عليها السلام - النسب الوضّاح


عاشقة النور
07-04-2011, 07:55 PM
ليس في دنيا الإسلام وغيره نسبٌ أرفع ولا أسمى من نسب السّيدة زينب سلام الله عليها، فقد تفرّعت من دوحة النبوة والإمامة، والتقت بها جميع أواصر الشرف والكرامة، فهي فرع زاكٍ من رسول الله صلّى الله عليه وآله ومن الإمام عليّ عليه السّلام، وهما من أفضل ما خلق الله من بني الإنسان، فتبارك هذا النسب الوضّاح وتعالت تلك الاُسرة الكريمة التي أعزّ الله بها العرب والمسلمين وجعلها مصدر الوعي والإلهام للمسلمين على امتداد التأريخ.

إنّ الاُسرة العلوية هي أسمى اُسرة عرفها التأريخ بجهادها ونضالها وتبنّيها لحقوق الإنسان وقضايا مصيره، ومقاومتها للظلم والطغيان، فليس في اُمم العالم وشعوب الأرض مثل اُسرة العلويين في دفاعهم عن حقوق المظلومين والمضطهدين، وقد استشهد المئات منهم من أجل حرية الإنسان وكرامته.

وعلى أيّ حال فهذه لمحة موجزة عن الاُصول الكريمة التي تفرّعت منها سيّدة النساء زينب عليها السّلام.

الجدّ
أمّا جدّ السيّدة زينب فهو سيّد الكائنات رسول الله صلّى الله عليه وآله، الذي فجّر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وأسّس معالم الحضارة والتطوّر، وبنى مجتمعاً كريماً تسوده العدالة والقانون، وسحق خرافات الجاهلية وعاداتها ودمّر أصنامها وأوثانها، ودعى إلى توحيد الله خالق الكون وواهب الحياة، وجاء بالخير العميم لاُمّته، ولكلّ ما تسمو به من التقاليد والعادات، فما أعظم عائدته عليها وعلى البشرية جمعاء، لقد أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين، ومنار هداية لخلقه أجمعين، فكان صلوات الله عليه كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِين﴾َ فهو رحمة للناس جميعاً على اختلاف ألسنتهم وألوانهم، حريصٌ على هدايتهم وإسعادهم، قال تعالى:﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾

لقد تشرّفت الإنسانية برسول الله صلّى الله عليه وآله، وأشرقت الدنيا بدعوته، وتوطدت أركان العدالة بدينه، فهو صلّى الله عليه وآله القائد الملهم لقضايا الفكر والوعي في الأرض.

هذا رسول الله صلّى الله عليه وآله، ونبيّ الرحمة جدّ سيدة النساء زينب عليها السّلام، وقد ورثت منه خصائصه ومميزاته، والتي منها الدفاع عن الحق، ورفع كلمة الله عالية في الأرض.

الجدّة
أمّا جدّة السيّدة زينب فهي أُمّ المؤمنين وسيّدة نساء النبي صلّى الله عليه وآله خديجة الكبرى التي نصرت الإسلام في أيام محنته وغربته، وجاهدت في سبيل الله كأعظم ما يكون الجهاد، وقد بذلت جميع ما تملكه في نصرة الإسلام، وكانت من أثرى قريش، فلم تعد بعد ثرائها العريض تملك ما تجلس عليه سوى حصيرٍ بالٍ، فكانت رضوان الله عليها من أهم الدعائم لإقامة دين الإسلام، وهي التي أمدّت النبي صلّى الله عليه وآله ومن كان معه طوال المدة التي اعتقلهم فيها طغاة قريش في الشِعب، وكانت تهوّن على النبي صلّى الله عليه وآله المصاعب والمصائب التي كان يعانيها من جهّال قريش وأو غادها، وكان النبي صلّى الله عليه وآله يشكر أياديها البيضاء، وما أسدته عليه من عظيم اللطف والفضل، فكان يذكرها دوماً بعد وفاتها ويترّحم عليها، وكان إذا ذبح شاة بعث بأطيب ما فيها إلى صديقاتها وفاءً لها، وكانت عائشة يثقل عليها ذلك، فكانت تندّد بها وتقول لرسول الله صلّى الله عليه وآله: ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها، فيرد النبيّ صلّى الله عليه وآله ويقول: ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي حين كفر بي الناس، وواستني بمالها حين حرمني الناس، ورُزقت منها الولد وقد حرمته من غيرها، لقد رزقه الله منها سيّدة نساء العالمين الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام التي هي نفحة من روح الله تعالى.

إنّ السيّدة خديجة أسمى امرأة مجاهدة في الإسلام هي جدّة الصدّيقة زينب عليها السّلام، وقد ورثت صفات جدتها التي منها الاندفاع في نصرة الحقّ والذبّ عن المثل العليا، وقد ظهرت هذه الصفات بوضوح عند العقيلة، فقد وقفت إلى جانب أخيها الإمام الحسينعليه السّلام فهي شريكته في نهضته وجهاده، وهي التي أمدّت ثورته الجبارة الخالدة بعناصر البقاء والخلود.

الاُمّ
أمّا السيّدة زينب فهي البتول الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، سيدة نساء العالمين في فضلها وعفّتها وطهارتها من الزيغ والرجس، وهي بضعة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وريحانته وأعزّ أبنائه وبناته عنده، وبلغ من عظيم حبّه لها أنّه إذا سافر جعلهــــا آخر من يودّعها لتكون صورتهـــا ماثلة أمامه، كـــما أنّه إذا قدِم من سفره كان أوّل من يستقبلها3، وذلك لسموّ مكانتها وعظيم شأنها، وقد عني بها عناية بالغة فغذّاها بمكرماته، وأفاض عليها أشعة من روحه التي ملأ سناها الكون، وغرس في نفسها عناصر حكمته وفضائله، فكانت صورة تحكيه ومثلاً صادقاً عنه، ويقول الرواة: أنّها كانت من أشبه الناس به هدياً وحديثاً ومنطقاً

وكانت فيما أجمع عليه الرواة من أشفق الناس وأخلصهم لأبيها وأبرّهم به، فإذا رأته متأثراً أو حزيناً ذابت أسى وموجدة، ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو نعيم بسنده عن أبي ثعلبة، قال: قَدِم رسول الله صلّى الله عليه وآله من غزاة له المسجد فصلّى فيه ركعتين - وكان يعجبه إذا قَدِم أن يدخل المسجد فيصلي فيه ركعتين- ثم خرج فأتى فاطمة عليها السّلام فبدأ بها قبل بيوت أزواجه فجعلت تقبّل وجهه وعينيه وتبكي، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما يبكيك؟ قالت: أراك قد شحب لونك فقال لها: يا فاطمة، إنّ الله عزّ وجلّ بعث أباك بأمر لم يبق على ظهر الأرض مدر ولا شعر إلاّ أدخله به عزّاً أو ذلاً5، حيث سطع الليل

تكريم وتعظيم
وأحاط النبي صلّى الله عليه وآله بضعته الطاهرة بهالة من التقديس والتكريم إظهاراً لعظيم شأنها، وسموّ مكانتها عند الله تعالى وعنده، وقد نقل الرواة عنه كوكبة من الأحاديث في ذلك منها ما يلي:

1 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا فاطمة إنّ الله عزّ وجلّ يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك

2 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لفاطمة: إنّ الربّ يغضب لغضبك، ويرضى لرضاك

3 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا فاطمة، أنّ الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك

ومعنى هذه الأحاديث التي تقاربت في مؤداها أنّ لسيّدة النساء سلام الله عليها منزلة سامية عند الله، فقد أناط رضاه برضاها، وأناط غضبه بغضبها، وهذه أسمى وأرفع منزلة يصل إليها القدّيسون من عباد الله.

لقد انتهت سيّدة النساء إلى هذه المكانة عند الله تعالى، وذلك لما تتمتّع به من طاقات هائلة من الإيمان والتقوى حتى كان ذلك من عناصرها ومقوماتها.

4 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: فاطمة بضعةٌ منّي، فمن أغضبها أغضبني

5 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: فاطمةٌ بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، ويصيبني ما أصابها

6 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: فاطمة بضعة منّي، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها

7 - قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن فاطمة شجنة منّي، يبسطني ما يبسطها، ويقبضني ما يقضبهاوحكت هذه الأحاديث بصورة واضحة أنّ من يخدش فاطفة الزهراء عليها السلام أو يسيئ إليها بأيّ لن من ألوان الإساءة، فقد واجه أباها رسول الله صلّى الله عليه وآله بذلك؛ لأنها كنفسه، وأنها بمقتضى هذه الأحاديث نسخة لا ثاني لها في فضائلها ومواهبها.

8 - روت عائشة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال في مرضه الذي توفّي فيه لفاطمة: يا فاطمة، ألا ترضين أن تكونِ سيّدة نساء العالمين، وسيّدة نساء هذه الأُمة، وسيّدة نساء المؤمنين

9 - روى عمران بن حصين: أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال: ألا تنطلق بنا نعود فاطمة فإنها تشتكي فقلت: بلى، فانطلقنا حتى إذا انتهينا إلى بابها فسلّم واستأذن، فقال: أدخل أنا ومن معي قالت: نعم، ومن معك يا أبتاه؟ فو الله ما عليَّ إلاّ عباءة، فقال: اصنعي بها كذا، فعلّمها كيف تستتر، فقالت: والله ما على رأسي من خمار، فأخذ ملاءة كانت عليه فقال: اختمري بها، ثمّ أذنت لهما فدخلا، فقال: كيف تجدينك يا بنيّة؟ قالت: إنّي لوجعة، وإنّه ليزدني أنّه ما لي طعام آكله، قال: يا بنيّة، أما ترضين إنّك سيّدة نساء العالمين قالت: يا أبتِ، فأين مريم ابنة عمران؟ قال: تلك سيّدة نساء عالمها، وأنت سيّدة نساء العالمين، أما والله زوّجتك سيّداً في الدنيا والآخرة15.

10 - روى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام: أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال لفاطمة سلام الله عليها: ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء أهل الجنة، وابنيك سيّدا شباب أهل الجنة16.

11 - روى أنس بن مالك، أنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال: خير نساء العالمين أربعٌ: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد صلّى الله عليه وآله17.

وكثيراً من أمثال هذه الروايات دُوِّنت في الصحاح والسنن وغيرهما وهي تشيد بفضل سيّدة النساء، وأنّ الله تعالى قد قلّدها أسمى أوسمة الشرف، وفضّلها على جميع نساء العالمين.

وهذه البتول سيّدة نساء العالمين هي أمّ السيّدة زينب سلام الله عليها، وهي التي تولّت تربيتها ونشأتها، فغذتها بمعارف الإسلام وحكمه وآدابه، وغرست في أعماق نفسها الإيمان بالله والانقطاع إليه، حتى صار ذلك من مقوماتها وذاتياتها، فكانت نسخة لا ثاني لها في فضائلها وصفاتها، فلم ير مثلها في نساء المسلمين وغيرهم في كمالها وآدابها وسائر نزعاتها.

الأبّ
أما أبو الصدّيقة الطاهرة زينب عليها السلام فهو الإمام أمير المؤمنين رائد الحكمة والعدالة في الإسلام، أخو النبي صلّى الله عليه وآله وباب مدينة علمه، ومَن كان منه بمنزلة هارون من موسى، وهو - فيما أجمع عليه الرواة - أوّل من آمن برسول الله صلّى الله عليه وآله واعتنق مبادئه وأهدافه، وقام إلى جانبه كأعظم قوّة ضاربة، يحمي دعوته ويصون رسالته ويخمد بسيفه نار الحروب التي أشعلتها قريش لتطفئ نور الله وتقضي على الإسلام في مهده، فوهب سلام الله عليه روحه لله تعالى، فحصد ببتّاره رؤوس الطغاة من القرشّيين وأنصارهم المشركين.

لقد كان الإمام أبرز بطل في جيوش المسلمين نازل ببسالة وصمود قوى الكفر والإلحاد، وأنزل بها الخسائر حتى فلّت وشلّت جميع فعاليتها العسكرية وباءت بالهزيمة والخسران، ولولا جهاد الإمام وكفاحه لما قام الإسلام على سوقه عبل الذراع مفتول الساعد، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين.

وكان من عظيم إيمان الإمام ونصرته للإسلام مبيته على فراش النبي صلّى الله عليه وآله ووقايته له بنفسه، حينما أجمعت قريش على قتله، وكانت هذه المواساة الرائعة أعظم نصر للإسلام، فقد نجا النبي صلّى الله عليه وآله من أقسى مؤامرة دُبّرت لاغتياله، فقد فشلت، وأنقذ الله تعالى نبيّه من تلك الوحوش الكاسرة التي أرادت أن تطفئ نور الإسلام وتعيد الظلام للأرض.

لقد صحب الإمام أمير المؤمنينعليه السّلام منذ نعومة أظفاره النبي صلّى الله عليه وآله، وتخلّق بطباعه وأفكاره، وتغذى بحِكَمِه وعلومه، فكان باب مدينة علمه، وقد أثرت عنه من العلوم ما يبهر العقول، يقول العقاد: إنّه فتح ما يربو على ثلاثين علماً لم تكن معروفة قبله كعلم الكلام والفلسفة والقضاء والحساب وغيرها، وهو القائل: سلوني قبل أن تفقدوني، ولم يفه أحد بمثل هذه الكلمة غيره، وقد أخبر عن علمه وإحاطته بأسرار الكون والفضاء، فقال: سلوني عن طرق السماء فإني أعرف بها من طرق الأرض، كما تحدّث عن درايته بما احتوت عليه الكتب السماوية من أحكام قائلاً: لو ثُنيت لي الوسادة لأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم، وأهل الفرقان بفرقانهم، وأهل القرآن بقرآنهم لقد كان الإمامعليه السّلام أعظم عملاق في الميادين العلمية عرفته الإنسانية بعد النبي صلّى الله عليه وآله، ويدلّ على طاقاته العلمية الهائلة كتابه نهج البلاغة الذي هو من أعظم ما تملكه الإنسانية من تراثٍ بعد القرآن الكريم.

ومن مظاهر شخصيّة الإمامعليه السّلام زهده في الدنيا وعدم احتفائه بأيّ زينةٍ من زين الحياة فقد تقلّد الحكم وتشرفت الدولة الإسلامية بقيادته، فزهد في جميع مظاهر السلطة، وجعل الحكم وسيلة لإقامة الحقّ والعدل ونشر المساواة بين الناس، ولم يستخدم السلطة لتنفيذ رغباته، والظفر بالثراء العريض، ومن المقطوع به إنّه ليس في تأريخ الشرق العربي وغيره حاكم كالإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، قد عنى بالصالح العام، وتجرّد عن كل منفعة شخصية له، وهو القائل لابن العباس، وكان يصلح نعله الذي هو من ليف:يا بن عباس ما قيمة هذا النعل؟.
- لا قيمة له يا أمير المؤمنين!والله لَهِيَ أَحَبُ إِليَّ من إِمرتكم، إِلَّا أَن أُقِيمَ حَقَّاً، أَو أَدْفَعَ بَاطِلاً.

لقد تبنّى العدل الخالص والحقّ المحض في جميع مراحل حكمه، فالقريب والبعيد عنده سواء، والقوي عنده ضعيف حتى يأخذ منه الحق، والضعيف عنده قوي حتى يأخذ له بحقّه، وقد أوجد في أيام خلافته وعياً سياسياً أصيلاً وهو التمرّد على الظلم ومقارعة الجبابرة والطغاة، وكان أبرز من تغذّى بهذا الوعي ولده أبو الأحرار الإمام الحسينعليه السّلام وبطلة الإسلام ابنته سيّدة النساء زينب عليها السلام، وكوكبة من مشاهير أصحابه كحجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وميثم التمّار وغيرهم من بُناة المجد الإسلامي الذين ثاروا على الظالمين.

وعلى أي حال، فهذا العملاق العظيم هو أبو الصدّيقة الطاهرة زينب عليها السلام، فقد غذّاها بمثله ومكوناته النفسية، وأفرغ عليها أشعة من روحه الثائرة على الظلم والطغيان، فكانت تحكيه في انطباعاته واتجاهاته، فقارعت الظالمين، وناجزت الطغاة المستبدين، وأذلت الجبابرة المتكبّرين، وألحقت بهم الخزي والدمار.

لقد وقفت حفيدة الرسول صلّى الله عليه وآله، ومفخرة الإسلام إلى جانب أخيها أبي الأحرار حينما فجّر ثورته الكبرى التي هي أعظم ثورة إصلاحية عرفها التأريخ الإنساني، وقد شابهت بذلك أباها رائد العدالة الاجتماعية حينما وقف إلى جانب جدّها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله حينما اعلن دعوته الخالدة الهادفة إلى تحرير الفكر البشري من عوامل الانحطاط والتأخّر، وإنارته بالعلوم والعرفان ودفعه إلى إقامة مجتمع متوازن في سلوكه وإرادته.

لقد كانت هذه السيّدة العظيمة في سيرتها وسلوكها من أشبه الناس بأبيها الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، فقد تبنّت بصورة إيجابية جميع أهدافه ومخططاته ومواقفه التي منها نصرته للإسلام في أيام محنته وغربته، وكذلك هذه السيّدة العملاقة نصرت الإسلام حينما عاد غريباً في ظل الحكم الاُموي الذي استهدف قلع جذور الإسلام ولفّ لوائه، وإعادة الحياة الجاهلية بأوثانها وأصنامها، ولكنها مع أخيها سلام الله عليها قد أفسدت مخططات الاُمويّين، وأعادت للإسلام نضارته ومجده.

جدّها لأبيها
أمّا جدُّ السيّدة الزكية زينب لأبيها فهو حامي الإسلام وبطل الجهاد المقدّس، أبو طالب مؤمن قريش الذي نافح عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وجاهد في سبيله كأعظم ما يكون الجهاد، ولولا حمايته للنبي وقيامه بدور مشرق في الذبّ عنه لأتت عليه قريش وقضت على الدعوة في مهدها.

لقد كان أبو طالب من أوثق المسلمين إيماناً، ومن أكثرهم إخلاصاً لدين التوحيد، وهو القائل

ولقــــد علـــمت بأنّ دين محمّد مــــن خيــــر أديان البرية ديناً

وحكى هذا البيت إيمانه العميق بأنّ دين النبيّ صلّى الله عليه وآله من خير أديان البرية، ولهذا اندفع كأعظم قوة ضاربة إلى حماية النبي صلّى الله عليه وآله وحراسته من ذئاب الاُسر القرشية التي أجمعت أن تلفّ لواء الإسلام وتطوي رسالته.

لقد وقف هذا العملاق العظيم محامياً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله، وهو القائل

والله لــن يصــلوا إليك بجمعهم حتـــى أُوســــد التــــراب دفيناً

وظلّ رسول الله صلّى الله عليه وآله تحت حراسة أبي طالب وحمايته، ينشر دعوته ويذيع مبادئه آمناً عزيزاً مهاباً، وقد جنّد أولاده لخدمة النبيّ صلّى الله عليه وآله وألزمهم بالذبّ عنه، فكان ولده الإمام أمير المؤمنينعليه السّلام من أقوى حرسه، ومن أكثرهم دفاعاً عنه فخاض أعنف الحروب وأقساها لحمايته، ونشر مبادئه وأهدافه.

ولمّا انتقل هذا الصرح العظيم إلى حضيرة القدس حزن عليه النبي صلّى الله عليه وآله كأعظم ما يكون الحزن، فلقد فَقَدَ بموته المحامي والناصر، وأعزّ ما كان يحنو عليه ويعطف، وأطلق على العام الذي توفي فيه مع اُمّ المؤمنين خديجة عام الحزن18، وقد أجمعت قريش بعد موت أبي طالب على قتل النبي صلّى الله عليه وآله،فاضطر صلّى الله عليه وآله إلى الهرب من مكة في غلس الليل البهيم بعد أن ترك أخاه وابن عمّه الإمام أمير المؤمنينعليه السّلام في فراشه، فرحم الله أبا طالب فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين، وما أكثر ألطافه وأياديه على النبي صلّى الله عليه وآله.

إنّ هذا العملاق العظيم هو جدّ سيّدة النساء زينب عليها السلام لأبيها، وقد ورثت منه خصائصه وذاتياته التي من أبرزها التفاني في الحق ونكران الذات.

جدّتها لأبيها
وجدّة السيّدة زينب عليها السلام لأبيها هي السيّدة الزكية فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف زوجة أبي طالب، وهي من سيّدات النساء في إيمانها وطهارتها، وقد برّت بالنبي صلّى الله عليه وآله، وتولت تربيته وكانت ترعاه وتعطف عليه أكثر ممّا تعطف على أبنائها، وقدّمت له أعظم الخدمات، وقد قطع صلّى الله عليه وآله شوطاً من حياته تحت رعاية هذه السيّدة الزكية التي ما تركت لوناً من ألوان الرعاية والبرّ إلاّ قدّمتها إلى الرسول صلّى الله عليه وآله، وكانت من أعزّ الناس عنده، ولمّا فجع بوفاتها ألبسها قميصه واضطجع معها في قبرها، فبهر أصحابه وقالوا له:

يا رسول الله، ما رأيناك صنعت بأحدٍ ما صنعت بهذه؟

فأخبرهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عن عظيم برّها ومعروفها قائلاً:إنّه لم يكن أحدٌ بعد أبي طالب أبرّ بي منها، إنّما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت معها في قبرها ليهوّن عليها19.

إن هذه الاُصول العملاقة التي اتّسمت بالإيمان والشرف والكرامة وبكل ما يسمو به الإنسان من القيم والمبادئ الكريمة، قد تفرّعت منها بطلة الإسلام وصانعة التأريخ السيّدة زينب عليها السلام، فقد ورثت جميع نزعات آبائها وخصائصهم وصفاتهم، حتى صارت صورة مشرقة عنهم.



"عاشقة النور"

محـب الحسين
07-04-2011, 08:36 PM
سلام الله على قلعة الصبر
مولاتنا زينب
سلام الله عليها
جزيتِ أحسن الجزاء

ناصرة ام البنين
07-04-2011, 10:40 PM
سلام الله على االحوراء الأنسيه مولاتي زينب (ع)
جزاكِ المولى خير
عزيزتي المواليه عاشقة النور

أنوار الولاية
08-04-2011, 02:53 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

اللهم ارزقنا زيارتها في الدنيا وشفاعتها في الاخره يارب ياارحم الراحمين

متباركين بمولد السيده زينب عليه السلام

الله يعطيك العافية أختي

عاشقة النور
08-04-2011, 04:04 PM
لقد انرتم متصفحي بمروركم الطيب

لاخلا ولاعدم منكم


"عاشقة النور"