ماتت وهي ترقص ودفنت وهي ترقص

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عاشقة الحسين
    • Dec 2008
    • 353

    ماتت وهي ترقص ودفنت وهي ترقص


    انظرو يا اخوان ويا اخوات هذه الميته المفزعة نسأل الله الستر
    ركبت السيارة ، كشفت الغطاء عن وجههاأصلحت من حال عباءتها ، تأكدت من حقيبتها الهاتف النقال ،المال ، عطرها .... لم تنس شيء ....


    انطلقت السيارة بهدوء نحو صالون التجميل، وتجولت هي بنظرها ...

    وقفت السيارة ، ارجع إلينا الساعة الثانية عشر ...

    النساء كثير في الداخل ، لا بأس فأنا عميلةدائمة ومميزةلابد أن تراعي صاحبة الصالون هذا الأمر وإلااستقبال حافل ، تبادلن الابتسامات ، ذهب الخوف ، لن نتأخر كثيراً ...

    هذا حمام زيتي، انتظري ساعة ...


    مجلة أزياء ، عرض لبعض التسريحات ، قلبت الصفحاتتنقلت بين المجلات المختلفة...

    مضت الساعة ، ارتفع آذان المغرب ،أسلمت نفسها لمصففة الشعرجففت شعرها ، غاب الآذان ، ومضت الصلاة ...

    أزالت الشعر ونظفت البشرة ، أنصتت لموسيقى هادئة ، تحولت لأخذحمام مائي ...

    ارتفع الآذان ، إنها صلاة العشاء ، لم يتبق على الفرح سوى بضعساعات ...

    وضعت رأسها بين يديّ المصففة ، اختارت التسريحة ، تناثر الشعر بين يديها ، يودعها وداعاًحزيناًألقت نظرة إلى المرآة لم تعرف نفسها ، ارتسمت ابتسامة على شفتيها،لن يسبقني أحد ...

    رسمت وجهها لطخته بالألوان ، تغيرت ملامحها ،نظرت إلى الساعةالواحدة ، ألقت العباءة على كتفها ، وبحذر شديد و ضعت الغطاء علىرأسها ...

    ركبت السيارة ... إلى المنزل بسرعة لقد تأخرت ...

    لبست فستانها ، تعرت من حيائها ، بدت بطنها ، وسائر ظهرها أنكمش الفستان عن ركبتيها ، دارت حول نفسها ، لن يغلبني أحد ...



    العيون ترقبها ، الكل يتأملها ، نظرات الإعجاب تحيط بها ، تقتربمنها ...

    نظرات السخط تنفر منها ، تغمض عينيها تقززاً من مثل حالها ...

    السفيهات يلاحقنها بالتعليقات الساخرة ...

    رقصت على أنغام الموسيقى ، اهتز جسدها ...

    تنوعت الأغاني وتنوع رقصها ... لم يسبقها أحد ،ولم يغلبها أحد ...

    الكل يتابعها ، الكل يتحدث عنها ...

    من أين أتت بكل هذا ؟

    كيف تعلمت كل هذا ؟ وكيف حفظت كل هذه الأغاني ؟الكل يعرف الإجابة ...

    توقفت عن الرقص ، سقطت على الأرض ، ارتفع الصراخ تدافع النساء إلى المسرح ، نادوها فلم تجب ، حركوها فماتحركت ارتفع الصراخ ، حملوها ، أحضروا الماء ، مسحوا وجهها ، بكت الأم والأخوات
    ارتفع العويل ، علا النحيب ، تدخل الأب والأخ
    اختلطت الأمور تحول الفرح إلى حزن ، والضحكات إلى بكاء ، توقف كل شيء ...

    ألبسوها ... غطوا ما ظهر من جسدها ...



    حضر الطبيب ، أمسك بيدها ، وضع سماعته على صدرها أرخى رأسه قليلا ، انطلقت الكلمات من شفتيه
    لقدماتت ... لقد ماتت ...

    ارتفع النحيب ، جرت الدموع ...


    ألقت الأم بجسدها على صغيرتها الجميلةأخفى الأب وجهه بين يديه ، الأخ يدافع عبراته خلاص يا أمي خلاص ...


    قامت الأم مذهولة ،صرخت ، لقد تحركت ، تحولت الأنظار نحوهالقد جنت ، لقد ماتت هكذا قال الطبيب ...


    أسرع الأب والأخ والأخوات نحو الأم ...


    المشهد رهيب ، والمنظرمؤلم ...


    سقطت الأم على الأرض...


    الأخوات فقدن السيطرة على مشاعرهن ...


    والأخ يصرخ ... لا ... لا ... مستحيل ...


    تجلد الأب ، أمسك بالأخ ، وبلهجة حازمة أخرج الأخوات وهن يحملن أمهن ...


    حضر بعض النسوة من الأسرة ...


    نظروا إلى الميتة ، ترقرقت الدموع ، وضعت الكبيرة منهن يدها على رأسهاانطلقت منها كلمة : فضيحة ... فضيحة ...


    أسرعت نحو الأب ، يجب أن تستر عليها ، أحضروا المغسلةهناادفنوها بين الصلوات ، إنها فضيحة ، ماذا يقول الناس عنا ...


    أرخى الأب رأسه ، نعم ، نعم ...


    إنا لله وإنا إليه راجعون ...


    جاءت المغسلة ، جهزت سرير الغسل ، وضعت الأكفان والطيب ، جهزت الماء ...


    أين جثة المتوفاة ؟...

    سارت العمةأمامها ، فتحت الباب ...


    الفتاة على السرير مغطاة بغطاء سميك ..


    وبجانب السرير وقفت الأم تكفكف دموعها ...


    أمسكت بورقة الوفاة ،الاسم ............ العمر : ثمانية عشر عاماسبب الوفاة : سكتة قلبية ...


    شعرت بالحزن ، نطقت بكلمات المواساة للجميع ...


    كشفت الغطاء ،تحول الحزن إلى غضب ، لماذ تركتموها على هذا الوضع لقد تصلبت أعضاؤها ، كيف نكفنها ؟...


    الحاضرات لم يستطعن الإجابة ، سكتن قليلاً ...


    زاد حنق المغسلة ، انبعث صوت الأم ممزوجاً بالبكاء ...


    لم تكن هكذا حينما ماتت ، لقداتخذت هذا الوضع بعد لحظات من موتها ...


    لقد سقطت على المسرح وهي ترقص حملناها جثة هامدة ، حضر الطبيب ، كتب التقريرأيقنت حينها بأنني قد فارقت ابنتي ، ألقيت بجسدها عليهارحت أقبلها ، وأبكي ، شعرت بيدها اليمنى ترتفع ويدها اليسرى تعود وراء ظهرها ، أما قدمها اليسرى فقدتراجعت للوراء أرعبني الموقف ، صرخت حينها ثم سقطت على الأرض لأجد نفسي في غرفتي ومن حولي بناتي يبكين أختهن ويبكين نهايتها المؤلمة ...


    انتحبت بالبكاء ، أنا السبب أنا من فرط في تربيتهاأنا من غشها ،ياويلي وياويلها من عذاب الله ياويل أباها وياويلنا جميعاً ...


    كانت تحب الرقص والغناء ، فماتت ......


    وستدفن في قبرها ........ يارب ارحمها يارب ارحمني يارب اغفر لها ...


    محاولات لإعادة جسدها إلى وضعه الطبيعي ، الفشل كان النتيجة ...


    بذلت المغسلة مجهوداً جباراً في تكفينها ...


    وفي لحظة هدوء وبعيداً عن العيون ، نقلت الجنازة إلى المقبرة ...


    وهناك صلى عليها الأب والأخ وبعض المقربين ...


    نعم لقد دفنت وهي في وضع راقص ...

  • :: بحر ::
    • Jan 2009
    • 7359

    #2
    لا حول ولا قوة الا بالله
    مشكورة عالقصة اختي

    تعليق

    • عاشقة الحسين
      • Dec 2008
      • 353

      #3
      مشكوره أختي على المرور.

      تعليق

      يعمل...
      X