المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التقيـّه


محـب الحسين
22-03-2009, 11:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

من الأمور التي يشنع بها بعض الناس على الشيعة ويزدرى عليهم بها قولهم (بالتقية) جهلاً منهم أيضاً بمعناها وبموقعها وحقيقة مغزاها، ولو تثبتوا في الأمر، وتريثوا في الحكم، وصبروا وتبصروا لعرفوا أن التقية التي تقول بها الشيعة لا تختص بهم، ولم ينفردوا بها، بل هو أمر ضرورة العقول، وعليه جبلة الطباع، وغرائز البشر. وشريعة الاسلام في اسس أحكامها، وجوهريات مشروعيتها، تماشي العقل والعلم جنباً إلى جنب، وكتفاً إلى كتف، رائدها العلم، وقائدها العقل، ولا تنفك عنهما قيد شعرة، ومن ضرورة العقول وغرائز النفوس: أن كل انسان مجبول على الدفاع عن نفسه، والمحافظة على حياته، وهي أعز الأشياء عليه، وأحبها إليه.
نعم قد يهون بذلها في سبيل الشرف، وحفظ الكرامة، وصيانة الحق، ومهانة الباطل، أما في غير أمثال هذه المقاصد الشريفة، والغايات المقدسة، فالتغرير بها، وإلقاؤها في مظان الهلكة، ومواطن الخطر، سفه وحماقة لا يرتضيه عقل ولا شرع، وقد أجازت شريعة الاسلام المقدسة للمسلم في مواطن الخوف على نفسه أو عرضه إخفاء الحق، والعمل به سراً، ريثما تنتصر دولة الحق وتغلب على الباطل، كما أشار اليه جل شأنه
بقوله: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) ، وقوله: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) .
وقصة عمار وأبويه، وتعذيب المشركين لهم ولجماعة من الصحابة، وحملهم لهم على الشرك وإظهارهم الكفر مشهورة .
والعمل بالتقية له أحكامه الثلاثة:
فتارة: يجب، كما إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة.
واخرى: يكون رخصة، كما لو كان في تركها والتظاهر بالحق نوع تقوية له، فله أن يضحي بنفسه، وله أن يحافظ عليها.
وثالثة: يحرم العمل بها، كما لو كان ذلك موجباً لرواج الباطل، وإضلال الخلق، وإحياء الظلم والجور.
ومن هنا تنصاع لك شمس الحقيقة ضاحية، وتعرف أن اللوم والتعيير بالتقية ـ إن كانت تستحق اللوم والتعيير ـ ليس على الشيعة، بل على من سلبهم موهبة الحرية، وألجأهم إلى العمل بالتقية.
تغلب معاوية على الأمة، وابتزها الامرة عليها بغير رضا منها، وصار يتلاعب بالشريعة الاسلامية حسب أهوائه، وجعل يتتبع شيعة علي، ويقتلهم تحت كل حجر، ويأخذ على الظنة والتهمة ، وسارت على طريقته العوجاء،
وسياسته الخرقاء الدولة المروانية، ثم جاءت الدولة العباسية فزادت على ذلك بنغمات، اضطرت الشيعة الى كتمان أمرها تارة، والتظاهر به اخرى، زنة ما تقتضيه مناصرة الحق، ومكافحة الضلال، وما يحصل به إتمام الحجة، وكي لا تعمى سبل الحق بتاتاً عن الخلق، ولذا تجد الكثير من رجالات الشيعة وعظمائهم سحقوا التقية تحت أقدامهم، وقدموا هياكلهم المقدسة قرابين للحق على مشانق البغي، وأضاحي في مجازر الجور والغي.
أهل استحضرت ذاكرتك شهداء (مرج عذراء) ـ قرية من قرى الشام ـ
وهم أربعة عشر من رجال الشيعة، ورئيسهم ذلك الصحابي الذي أنهكه الورع والعبادة حجر بن عدي الكندي الذي كان من القادة في فتح الشام ؟.
قتلهم معاوية صبراً، ثم صار يقول: ما قتلت أحداً إلا وأنا أعرف فيما قتلته خلا حجر، فإني لا أعرف بأي ذنب قتلته ! !
نعم أنا أعرف معاوية بذنب حجر، ذنبه ترك العمل بالتقية، وغرضه اعلان ضلال بني امية، ومقدار علاقتهم من الدين.
وهل تذكرت الصحابي الجليل عمرو بن الحمق الخزاعي، وعبدالرحمن بن حسان العنزي الذي دفنه زياد في (قس الناطف) حياً ؟
أتراك تذكرت ميثم التمار، ورشيد الهجري، وعبدالله بن يقطر الذين شنقهم ابن زياد في كناسة الكوفة؟
هؤلاء ـ والمئات من أمثالهم ـ هانت عليهم نفوسهم العزيزة في سبيل نصرة الحق، ونطحوا صخرة الباطل وما تهشمت رؤوسهم حتى هشموها، وما عرفوا أين زرع التقية وأين واديها، بل وجدوا العمل بها حراماً عليهم، ولو سكتوا وعملوا بالتقية لضاعت البقية من الحق، وأصبح دين الاسلام دين معاوية ويزيد وزياد وابن زياد، دين المكر، دين الغدر، دين النفاق، دين الخداع، دين كل رذيلة، وأين هذا من دين الاسلام الذي هو دين كل فضيلة، اُلك ضحايا الاسلام، وقرابين الحق.
ولا يغيبن عنك ذكر (الحسين) وأصحابه سلام الله عليهم، الذين هم سادة الشهداء، وقادة أهل الإباء.
نعم... هؤلاء وجدوا العمل بالتقية حراماً عليهم، وقد يجد غيرهم العمل بها واجباً، ويجد الآخرون العمل بها رخصة وجوازاً، حسب اختلاف المقامات، وخصوصيات الموارد.
يخطر على بالي من بعض المرويات: أن مسيلمة الكذاب ظفر برجلين من المسلمين، فقال لهما: إشهدا أني رسول الله وأن محمّداً رسول الله ... فقال أحدهما: أشهد أن محمد رسول الله وانك مسيلمة الكذاب. فقتله، فشهد الآخر بما أراد منه فأطلقه ولما بلغ خبرهما إلى النبي صلى الله عليه وآله قال: أما الأول فقد تعجل الرواح الى الجنة، وأما الآخر فقد أخذ بالرخصة، ولكل أجره .
فيا أيُّها المسلمون، لا تحوجوا إخوانكم الى العمل بالتقية وتعيروهم بها، ونساله تعالى أن يختم لنا ولكم بالحسنى، ويجمع كلمتنا على الحق والهدى إن شاء الله

ابوجعفرالديواني
22-03-2009, 11:49 PM
بارك الله بك اخي
على تبيان المراد
واسئل الله لك السداد

محـب الحسين
22-03-2009, 11:54 PM
بوركتم اخي الكريم

عاشقة الابتسامه
23-03-2009, 09:02 AM
جزاك الله الف خير

سلمت ايدك

* || نور على نور ||*
27-03-2009, 05:33 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

محـب الحسين
27-03-2009, 06:02 PM
شكرا لمروركما العطر