السيد محمد باقر الحكيم
ا لمرجعية ا لصالحة
الفهـــرست
الصفحة
المـــوضـــوع
*
المقدمـــة .................................................. ..................
*
المرجعية تفرض نفسها.................................................. .............
الفصل الأول:المرجعية موقعها.. مهماتها.. إنجازاتها
*
ـ موقع المرجعية...............................................
*
ـ الثقافة الشيعية...................................
*
الفصل الثاني : مواصفات المرجعية الفاعلة
*
ـدور المواصفات في المرجعية ...........................................
*
ـ الصفات المطلوبة في المرجع..........................................
الفصل الثالث : الوجود الواقعي للمرجعية الصالحة
ـ نماذج للمرجعية الصالحة.......................................
*
الفصل الرابع : المرجعية والتحولات المعاصرة
*
ـ الحوادث الجديدة................................................... ..........
*
ـ مسؤوليات المرجعية والعصر الحاضر.......................................
*
ـ ثورة الاتصالات .............
*
ـ التطور في الاداء............
*
ـ التطور في الاوضاع الاقليمية .................................
*
الفصل الخامس : المرجعية الدينية والخيارات
*
ـالنتائج الخطيرة للخيارات الصعبة...........................
*
ـ البديل غير الاسلامي...............................................
*
ـالبديل الاسلامي وآثاره ..........................
*
ـ الاثار الخطيرة للبديل الاسلامي.................................
ـ البديل المزيف.........................................
*
الفصل السادس: المرجعية والتخصص وتقسيم الوظائف
*
ـتقسيم الوظائف والحقوق........................................
*
ـوظائف المرجعية الفكرية....................
*
ـ وظائف المرجعية السياسية................................................
*
ـحقوق المرجعية .................................................. ............
*
الفصل السابع : شروط المرجعية السياسية الدينية
*
ـمصادر المعلومات السياسية .........................................
بسم الله الرحمن الرحيم
المقـدمـة:
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وبعد..
فهذه مجموعة من الملاحظات كنت قد ألقيتها في المجلس الاسبوعي في قم حول المرجعية، تناولت فيها بعض أطراف الحديث عنها، مثل (موقع المرجعية ومهماتها وإنجازاتها، ومواصفات المرجعية الفاعلة، وكذلك الوجود الواقعي للمرجعية الصالحة الذي يتضمن نظرة عامة لتاريخ المرجعية ونماذج منها، كما تناولت الخيارات الصعبة التي تقف أمام المرجعية في مواجهة التحديات المعاصرة، وكذلك موضوع تخصص المرجعية وتقسيم وظائفها، والاشارة إلى شروط المرجعية السياسية الدينية في العدالة والتصدي والخبرة وغيرها).
وحاولت الاشارة فيه إلى بعض الشواهد والتأكيد فيه لبعض المتبنيات لدى مراجعنا العظام، وتقديم تصور جديد لمعالجة المشكلات والتطورات التي واجهتها المرجعية وجماعة أهل البيت(عليهم السلام) إنطلاقاً من التجارب والسيرة الصالحة لعلمائنا الاعلام ومراجعنا العظام.
وقد راجعت هذه الملاحظات لاصلاحها في العرض وتوضيحها في الشرح، وهذا القدر من العرض والبحث، وإن كان لايزال ناقصاً، لانَّه بحاجة إلى مزيد من الاستدلال والتحقيق، ولكن حاولتُ الارجاع في ذلك إلى بعض المصادر، كما يحتاج إلى توضيح بعض الابعاد الاُخرى مثل تاريخ المرجعية والادوار التي مرت بها، وكذلك الحديث عن المرجعية الموضوعية والمرجعية الذاتية وشروطها ـ وأيضاً ـ الحديث عن الاجهزة والتشكيلات المقترحة للمرجعية الدينية السياسية، ولكن وجدت أنَّ نشره ولو بصورة محدودة مفيد أيضاً، ولعلي أُوفق لاكماله، ليصبح كتاباً في سلسلة موسوعة دور أهل البيت(عليهم السلام) في الحياة الاسلامية.
وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجه الكريم، وأن ينفع به إخواننا المؤمنين في هذه الحياة الدنيا، وفي توضيح دور هذه المؤسسة الاسلامية وأهميتها والموقف الصحيح منها، وأن ينفعنا جميعاً به، لقوله تعالى : ( يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْب سَلِيم )، والله سبحانه ولي القبول والتوفيق والسداد وهو نعم المولى ونعم النصير.
محر م ا لحرا م محمد باقر الحكيم
1421 هـ
المرجعية تفرض نفسها
تمهيد:
(المرجعية الدينية) عنوان مهم، طرح ويطرح للبحث والتداول في ساحتنا الاسلامية، بل أصبحت المرجعية الدينية ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية، ولاسيما بعد تحقق هذا الامل الكبير بإقامة الحكم الاسلامي على يد المرجع العظيم العالم الرباني آية الله العظمى الامام الخميني(قدس سره) ـ من القضايا العالمية التي توجهت لها أنظار جميع الاوساط الثقافية والسياسية العالمية، باعتبار أنَّ تفجير الثورة الاسلامية في إيران بمالها من آثار وانعكاسات، ووجود الصحوة الاسلامية العامة في العالم الاسلامي، كان على يد هذه المرجعية الدينية الاسلامية.
وازدادت أهمية هذا الموضوع بارتباطه بموضوع آخر مهم، وهو موضوع (ولاية الفقيه) التي اعتبرت الاساس والقاعدة للحكم الاسلامي المعاصر، وأصبح البحث حول تعدد المرجعية أو وحدتها واتحادها مع الولاية من جهة، والعلاقة النظرية بينهما في حالة التعدد من جهة أُخرى، من الابحاث الهامة المتداولة، مضافاً إلى البحث عن معالجة وتحديد العلاقة بينهما واقعياً وخارجياً.
ومن جانب آخر وفي الوقت نفسه، نجد أنّ الاعداء يخططون لاجل ضرب هذه المرجعية ومحاصرتها وإضعافها أو السيطرة عليها، وتشويه سمعتها والنيل منها، بل تصفيتها تصفية جسدية ومعنوية، وهناك مخطط رهيب رسمه الاعداء في هذا السبيل.
فقد وجدنا في بداية انتصار الثورة الاسلامية في إيران كيف صفيت مرجعية الشهيد الصدر(قدس سره) في العراق; بقتله، ثم الوسائل الكثيرة التي استخدمها الاستكبار العالمي والقوى المضادة الحاقدة، لتشويه صورة الامام الخميني(قدس سره) ومرجعيته، وما صدر من كتب كثيرة ضد الثورة الاسلامية، وقائدها الامام الراحل(قدس سره) ، منها الكتاب الحاقد (وجاء دور المجوس)، الذي يتحدث ـ باسلوب الافتراء والبهتان والكذب الغارق في الحقد والنصب ـ عن عودة الاسلام في إيران على يد الشعب الايراني المسلم، والهدف منه واضح من خلال اسمه وهو رمي الثورة وقادتها بالمجوسية، وكأنَّ عودة الاسلام في إيران قضية ذات بُعد يرتبط بسيطرة الكفار على المسلمين.
ونجد بعد ذلك الحرب العدوانية التي شنها نظام الكفر والالحاد، (نظام صدام المجرم) على الجمهورية الاسلامية الفتية، تحت عنوان (الدفاع عن البوابة الشرقية للعالم العربي) لتصب في الاتجاه نفسه، حيث جاءت لترفع شعار (حرب القادسية، وكأنَّ هذه الحرب العدوانية ضد الاسلام والثورة الاسلامية، هي حرب بين الاسلام الذي يمثله صدام، والمجوس التي تمثله ايران!!، وكان يراد لشعار (القادسية) الذي سميت به هذه الحرب، أن يجعلها حرباً بين الفرس والعرب، إلى غير ذلك من الشعارات والعناوين التي طرحت لمواجهة هذه الحركة والصحوة التي كانت ولا زالت تقودها المرجعية الدينية.
ثم بعد وفاة الطبقة الاولى من المراجع في عصر الثورة، أمثال الامام الخميني، وآية الله العظمى السيد الخوئي، وآية الله العظمى السيد الكلبايكاني(قدس سرهم) ، أصبحت هذه القضية ـ مرة أُخرى ـ من القضايا المطروحة في الابحاث، وفي وسائل الاعلام، وفي المخططات الدولية والاقليمية والمحلية، بهدف التأثير على أوساط أتباع أهل البيت(عليهم السلام) من ناحية، والتشويش عليهم وعلى المرجعية الدينية من ناحية أُخرى.
ووجدنا في الايام القريبة الماضية ـ أيضاً ـ كيف أقدم النظام الحاقد الحاكم في بغداد على الاعمال الوحشية في تصفية مراجع الاسلام في النجف الاشرف، ومحاصرة المراجع الاخرين، من خلال جريمة قتل وشهادة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي، وآية الله العظمى الميرزا علي الغروي، والعدوان على آية الله العظمى السيد السيستاني، ثم محاصرته وبقية العلماء الذين لازالوا يعيشون حالة الحصار في النجف الاشرف .
إلى جانب ذلك كله، نجد في وسائل الاعلام العالمي بين الحين والاخر حديثاً عن المرجعية الشيعية ودورها، وكذلك شيوع أحاديث ـ مضللة ومغرضة ـ عن الصراع داخل هذه المرجعية بين النجف الاشرف وقم، وأحياناً بين هذا المرجع وذاك، ثم أحاديث أُخرى تجري في بعض الاوساط الاجتماعية والثقافية حول بعض مدعي المرجعية، فهنا تدعي مرجعية، وهناك تدعي مرجعية أُخرى وهكذا، مما يزيد الصورة تشويشاً وغموضاً، وتصبح الحاجة ملحة للحديث عن المرجعية بصورة موضوعية وعلمية، تعتمد على الاصول والضوابط والمعلومات الصحيحة.
ردم الفراغ الثقافي
ثم إذا أخذنا بنظر الاعتبار في هذا الحديث التحولات والتطورات الكبيرة التي حصلت في عالمنا اليوم، وفي أوضاع جماعة أهل البيت(عليهم السلام)، نلاحظ من ناحية التقارب الشديد والارتباط القوي القائم بين أطراف هذا العالم بسسب ثورة الاتصالات، ومن ناحية أُخرى الانتشار الواسع لجماعة أهل البيت(عليهم السلام) في إنحاء كثيرة من الارض، ففي السابق كانت (الجماعة الصالحة) تتمركز في مناطق معينة تضم الكثير من العلماء والمثقفين والمتفقهين الذين يمكنهم أن يوضّحوا للناس معالم وأبعاد المرجعية الدينية وشروطها ومواصفاتها، وكل ما يتعلق بها، وأما في مثل هذه الحالة من الانتشار الواسع لجماعة أهل البيت(عليهم السلام) في العالم، شرقه وغربه، ووجود وسائل الاعلام المُضللة العامة التي تعكس آثارها على الجميع بسرعة، والمصالح الدولية والاغراض الفاسدة، فنحتاج إلى أن يكون هناك وضوح عام يتسم بالشفافية، تجاه موضوع المرجعية وثقافة عامة في هذه الاوساط الكبيرة المنتشرة.
كما نلاحظ في الوقت نفسه ـ أيضاً ـ وجود عمليات قمع واسعة جرت لجماعة أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم، بحيث أوجدت فراغاً في هذه المناطق، بما يتعلق بجانبي الوعي والثقافة الخاصين بمعرفة المرجعية الدينية، وشروطها ودورها ومسؤولياتها وواجباتها، ويتمثل ذلك جلياً في عراقنا الجريح، بعد أن قام النظام المجرم الحاكم طيلة المدة السابقة بعمليات مُطاردة وقَمع واسعة للحالة الاسلامية بصورة عامة، ولمؤسسات ومواقع المرجعية الشيعية بصورة خاصة، مما أوجد فراغاً ثقافياً كبيراً في معرفة تفاصيل هذا الموضوع.
وإلى جانب هذا الفراغ الثقافي، توجد الصحوة الاسلامية الواسعة التى يشهدها عالمنا الاسلامي الذي يتطلع إلى المستقبل الافضل وعودة الاسلام إلى الحياة، ولاسيما في العراق، والمشاعر الفياضة والاندفاع والشوق الشديد لدى شبابنا في العراق لمعرفة الاسلام، رغم وجود ذلك الفراغ في المجال الثقافي الشفاف، ولذلك نحتاج إلى عمل وجهد كبير للتثقيف على هذا الموضوع الهام.
ونحاول في هذا البحث العام، أن نلقي الضوء على مجموعة من الابعاد والمعالم ذات العلاقة بهذا الموضوع الهام، لرسم التصور النظري العام والمسار العلمي له، دون الدخول في البحث والاستدلال الفقهي الذي يحتاج إلى متابعة علمية شخصية من المهتمين به خاصة، وفرصة أُخرى أوسع، وإن كنت سوف أُشير إلى بعض المصادر المختصة بهذا البحث ـ أحياناً ـ عند الحاجة لاكمال هذه الصورة. (الفهرست)
يتبع
ا لمرجعية ا لصالحة
الفهـــرست
الصفحة
المـــوضـــوع
*
المقدمـــة .................................................. ..................
*
المرجعية تفرض نفسها.................................................. .............
الفصل الأول:المرجعية موقعها.. مهماتها.. إنجازاتها
*
ـ موقع المرجعية...............................................
*
ـ الثقافة الشيعية...................................
*
الفصل الثاني : مواصفات المرجعية الفاعلة
*
ـدور المواصفات في المرجعية ...........................................
*
ـ الصفات المطلوبة في المرجع..........................................
الفصل الثالث : الوجود الواقعي للمرجعية الصالحة
ـ نماذج للمرجعية الصالحة.......................................
*
الفصل الرابع : المرجعية والتحولات المعاصرة
*
ـ الحوادث الجديدة................................................... ..........
*
ـ مسؤوليات المرجعية والعصر الحاضر.......................................
*
ـ ثورة الاتصالات .............
*
ـ التطور في الاداء............
*
ـ التطور في الاوضاع الاقليمية .................................
*
الفصل الخامس : المرجعية الدينية والخيارات
*
ـالنتائج الخطيرة للخيارات الصعبة...........................
*
ـ البديل غير الاسلامي...............................................
*
ـالبديل الاسلامي وآثاره ..........................
*
ـ الاثار الخطيرة للبديل الاسلامي.................................
ـ البديل المزيف.........................................
*
الفصل السادس: المرجعية والتخصص وتقسيم الوظائف
*
ـتقسيم الوظائف والحقوق........................................
*
ـوظائف المرجعية الفكرية....................
*
ـ وظائف المرجعية السياسية................................................
*
ـحقوق المرجعية .................................................. ............
*
الفصل السابع : شروط المرجعية السياسية الدينية
*
ـمصادر المعلومات السياسية .........................................
بسم الله الرحمن الرحيم
المقـدمـة:
الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
وبعد..
فهذه مجموعة من الملاحظات كنت قد ألقيتها في المجلس الاسبوعي في قم حول المرجعية، تناولت فيها بعض أطراف الحديث عنها، مثل (موقع المرجعية ومهماتها وإنجازاتها، ومواصفات المرجعية الفاعلة، وكذلك الوجود الواقعي للمرجعية الصالحة الذي يتضمن نظرة عامة لتاريخ المرجعية ونماذج منها، كما تناولت الخيارات الصعبة التي تقف أمام المرجعية في مواجهة التحديات المعاصرة، وكذلك موضوع تخصص المرجعية وتقسيم وظائفها، والاشارة إلى شروط المرجعية السياسية الدينية في العدالة والتصدي والخبرة وغيرها).
وحاولت الاشارة فيه إلى بعض الشواهد والتأكيد فيه لبعض المتبنيات لدى مراجعنا العظام، وتقديم تصور جديد لمعالجة المشكلات والتطورات التي واجهتها المرجعية وجماعة أهل البيت(عليهم السلام) إنطلاقاً من التجارب والسيرة الصالحة لعلمائنا الاعلام ومراجعنا العظام.
وقد راجعت هذه الملاحظات لاصلاحها في العرض وتوضيحها في الشرح، وهذا القدر من العرض والبحث، وإن كان لايزال ناقصاً، لانَّه بحاجة إلى مزيد من الاستدلال والتحقيق، ولكن حاولتُ الارجاع في ذلك إلى بعض المصادر، كما يحتاج إلى توضيح بعض الابعاد الاُخرى مثل تاريخ المرجعية والادوار التي مرت بها، وكذلك الحديث عن المرجعية الموضوعية والمرجعية الذاتية وشروطها ـ وأيضاً ـ الحديث عن الاجهزة والتشكيلات المقترحة للمرجعية الدينية السياسية، ولكن وجدت أنَّ نشره ولو بصورة محدودة مفيد أيضاً، ولعلي أُوفق لاكماله، ليصبح كتاباً في سلسلة موسوعة دور أهل البيت(عليهم السلام) في الحياة الاسلامية.
وأسأل الله تعالى أن يجعله خالصاً لوجه الكريم، وأن ينفع به إخواننا المؤمنين في هذه الحياة الدنيا، وفي توضيح دور هذه المؤسسة الاسلامية وأهميتها والموقف الصحيح منها، وأن ينفعنا جميعاً به، لقوله تعالى : ( يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْب سَلِيم )، والله سبحانه ولي القبول والتوفيق والسداد وهو نعم المولى ونعم النصير.
محر م ا لحرا م محمد باقر الحكيم
1421 هـ
المرجعية تفرض نفسها
تمهيد:
(المرجعية الدينية) عنوان مهم، طرح ويطرح للبحث والتداول في ساحتنا الاسلامية، بل أصبحت المرجعية الدينية ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية، ولاسيما بعد تحقق هذا الامل الكبير بإقامة الحكم الاسلامي على يد المرجع العظيم العالم الرباني آية الله العظمى الامام الخميني(قدس سره) ـ من القضايا العالمية التي توجهت لها أنظار جميع الاوساط الثقافية والسياسية العالمية، باعتبار أنَّ تفجير الثورة الاسلامية في إيران بمالها من آثار وانعكاسات، ووجود الصحوة الاسلامية العامة في العالم الاسلامي، كان على يد هذه المرجعية الدينية الاسلامية.
وازدادت أهمية هذا الموضوع بارتباطه بموضوع آخر مهم، وهو موضوع (ولاية الفقيه) التي اعتبرت الاساس والقاعدة للحكم الاسلامي المعاصر، وأصبح البحث حول تعدد المرجعية أو وحدتها واتحادها مع الولاية من جهة، والعلاقة النظرية بينهما في حالة التعدد من جهة أُخرى، من الابحاث الهامة المتداولة، مضافاً إلى البحث عن معالجة وتحديد العلاقة بينهما واقعياً وخارجياً.
ومن جانب آخر وفي الوقت نفسه، نجد أنّ الاعداء يخططون لاجل ضرب هذه المرجعية ومحاصرتها وإضعافها أو السيطرة عليها، وتشويه سمعتها والنيل منها، بل تصفيتها تصفية جسدية ومعنوية، وهناك مخطط رهيب رسمه الاعداء في هذا السبيل.
فقد وجدنا في بداية انتصار الثورة الاسلامية في إيران كيف صفيت مرجعية الشهيد الصدر(قدس سره) في العراق; بقتله، ثم الوسائل الكثيرة التي استخدمها الاستكبار العالمي والقوى المضادة الحاقدة، لتشويه صورة الامام الخميني(قدس سره) ومرجعيته، وما صدر من كتب كثيرة ضد الثورة الاسلامية، وقائدها الامام الراحل(قدس سره) ، منها الكتاب الحاقد (وجاء دور المجوس)، الذي يتحدث ـ باسلوب الافتراء والبهتان والكذب الغارق في الحقد والنصب ـ عن عودة الاسلام في إيران على يد الشعب الايراني المسلم، والهدف منه واضح من خلال اسمه وهو رمي الثورة وقادتها بالمجوسية، وكأنَّ عودة الاسلام في إيران قضية ذات بُعد يرتبط بسيطرة الكفار على المسلمين.
ونجد بعد ذلك الحرب العدوانية التي شنها نظام الكفر والالحاد، (نظام صدام المجرم) على الجمهورية الاسلامية الفتية، تحت عنوان (الدفاع عن البوابة الشرقية للعالم العربي) لتصب في الاتجاه نفسه، حيث جاءت لترفع شعار (حرب القادسية، وكأنَّ هذه الحرب العدوانية ضد الاسلام والثورة الاسلامية، هي حرب بين الاسلام الذي يمثله صدام، والمجوس التي تمثله ايران!!، وكان يراد لشعار (القادسية) الذي سميت به هذه الحرب، أن يجعلها حرباً بين الفرس والعرب، إلى غير ذلك من الشعارات والعناوين التي طرحت لمواجهة هذه الحركة والصحوة التي كانت ولا زالت تقودها المرجعية الدينية.
ثم بعد وفاة الطبقة الاولى من المراجع في عصر الثورة، أمثال الامام الخميني، وآية الله العظمى السيد الخوئي، وآية الله العظمى السيد الكلبايكاني(قدس سرهم) ، أصبحت هذه القضية ـ مرة أُخرى ـ من القضايا المطروحة في الابحاث، وفي وسائل الاعلام، وفي المخططات الدولية والاقليمية والمحلية، بهدف التأثير على أوساط أتباع أهل البيت(عليهم السلام) من ناحية، والتشويش عليهم وعلى المرجعية الدينية من ناحية أُخرى.
ووجدنا في الايام القريبة الماضية ـ أيضاً ـ كيف أقدم النظام الحاقد الحاكم في بغداد على الاعمال الوحشية في تصفية مراجع الاسلام في النجف الاشرف، ومحاصرة المراجع الاخرين، من خلال جريمة قتل وشهادة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي، وآية الله العظمى الميرزا علي الغروي، والعدوان على آية الله العظمى السيد السيستاني، ثم محاصرته وبقية العلماء الذين لازالوا يعيشون حالة الحصار في النجف الاشرف .
إلى جانب ذلك كله، نجد في وسائل الاعلام العالمي بين الحين والاخر حديثاً عن المرجعية الشيعية ودورها، وكذلك شيوع أحاديث ـ مضللة ومغرضة ـ عن الصراع داخل هذه المرجعية بين النجف الاشرف وقم، وأحياناً بين هذا المرجع وذاك، ثم أحاديث أُخرى تجري في بعض الاوساط الاجتماعية والثقافية حول بعض مدعي المرجعية، فهنا تدعي مرجعية، وهناك تدعي مرجعية أُخرى وهكذا، مما يزيد الصورة تشويشاً وغموضاً، وتصبح الحاجة ملحة للحديث عن المرجعية بصورة موضوعية وعلمية، تعتمد على الاصول والضوابط والمعلومات الصحيحة.
ردم الفراغ الثقافي
ثم إذا أخذنا بنظر الاعتبار في هذا الحديث التحولات والتطورات الكبيرة التي حصلت في عالمنا اليوم، وفي أوضاع جماعة أهل البيت(عليهم السلام)، نلاحظ من ناحية التقارب الشديد والارتباط القوي القائم بين أطراف هذا العالم بسسب ثورة الاتصالات، ومن ناحية أُخرى الانتشار الواسع لجماعة أهل البيت(عليهم السلام) في إنحاء كثيرة من الارض، ففي السابق كانت (الجماعة الصالحة) تتمركز في مناطق معينة تضم الكثير من العلماء والمثقفين والمتفقهين الذين يمكنهم أن يوضّحوا للناس معالم وأبعاد المرجعية الدينية وشروطها ومواصفاتها، وكل ما يتعلق بها، وأما في مثل هذه الحالة من الانتشار الواسع لجماعة أهل البيت(عليهم السلام) في العالم، شرقه وغربه، ووجود وسائل الاعلام المُضللة العامة التي تعكس آثارها على الجميع بسرعة، والمصالح الدولية والاغراض الفاسدة، فنحتاج إلى أن يكون هناك وضوح عام يتسم بالشفافية، تجاه موضوع المرجعية وثقافة عامة في هذه الاوساط الكبيرة المنتشرة.
كما نلاحظ في الوقت نفسه ـ أيضاً ـ وجود عمليات قمع واسعة جرت لجماعة أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم، بحيث أوجدت فراغاً في هذه المناطق، بما يتعلق بجانبي الوعي والثقافة الخاصين بمعرفة المرجعية الدينية، وشروطها ودورها ومسؤولياتها وواجباتها، ويتمثل ذلك جلياً في عراقنا الجريح، بعد أن قام النظام المجرم الحاكم طيلة المدة السابقة بعمليات مُطاردة وقَمع واسعة للحالة الاسلامية بصورة عامة، ولمؤسسات ومواقع المرجعية الشيعية بصورة خاصة، مما أوجد فراغاً ثقافياً كبيراً في معرفة تفاصيل هذا الموضوع.
وإلى جانب هذا الفراغ الثقافي، توجد الصحوة الاسلامية الواسعة التى يشهدها عالمنا الاسلامي الذي يتطلع إلى المستقبل الافضل وعودة الاسلام إلى الحياة، ولاسيما في العراق، والمشاعر الفياضة والاندفاع والشوق الشديد لدى شبابنا في العراق لمعرفة الاسلام، رغم وجود ذلك الفراغ في المجال الثقافي الشفاف، ولذلك نحتاج إلى عمل وجهد كبير للتثقيف على هذا الموضوع الهام.
ونحاول في هذا البحث العام، أن نلقي الضوء على مجموعة من الابعاد والمعالم ذات العلاقة بهذا الموضوع الهام، لرسم التصور النظري العام والمسار العلمي له، دون الدخول في البحث والاستدلال الفقهي الذي يحتاج إلى متابعة علمية شخصية من المهتمين به خاصة، وفرصة أُخرى أوسع، وإن كنت سوف أُشير إلى بعض المصادر المختصة بهذا البحث ـ أحياناً ـ عند الحاجة لاكمال هذه الصورة. (الفهرست)
يتبع
تعليق