المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع) 17 ربيع الأول


دمعة الكرار
03-02-2012, 04:15 PM
ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع) 17 ربيع الأول


http://www.ahbabhusain.com/vb/mhtml:file://C:\Users\Infoj\Desktop\مجلد جديد ‫(8)‬\ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع) 17 ربيع الأول - ¨¨°؛ منتديـات أنــوار الـقـطـيــف ؛°¨¨.mht!http://www.dahshan.net/turath_tmp/moled_alnabi_banner22.gif


اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف



ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع)



يا آل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن أنكم

من لم يصل عليكم لا صلاة له
http://www.ahbabhusain.com/vb/mhtml:file://C:\Users\Infoj\Desktop\مجلد جديد ‫(8)‬\ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع) 17 ربيع الأول - ¨¨°؛ منتديـات أنــوار الـقـطـيــف ؛°¨¨.mht!http://www.binkhamis.org/cards/m/alnabi/mohammed-m6.jpg



باهازيج الفرح والسرور نرفع لكم اجمل التهاني والأماني

بمناسبة ميلاد النورين

الرسول الأعظم (ص) وحفيده الصادق (ع)

وتتقدم لمقام الإمام الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف

وإلى علمائنا الأعلام حفظهم الله وإلى الأمة الإسلامية

وإليكم اعضاء المنتدى بأسمى التهاني والتبريكات

بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا ، وعساكم من عواده



http://www.ahbabhusain.com/vb/mhtml:file://C:\Users\Infoj\Desktop\مجلد جديد ‫(8)‬\ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع) 17 ربيع الأول - ¨¨°؛ منتديـات أنــوار الـقـطـيــف ؛°¨¨.mht!http://www.alanwar-cards.com/moh/1.jpg


سيّدنا محمد

( صلى الله عليه وآله )

تأليف

سيد مهدي آيت اللّهي

ترجمة

كمال السيّد



قريش


في ارض الحجاز عاشت قبيلة قريش ، أبرز القبائل العربية ، قصيّ بن كلاب هو الجدّ الرابع لسيدنا محمّد صلى الله عليه وآله ، وله ولاية البيت العتيق

وقبيلة قريش بيوت متعددة أبرزنا بنو هاشم ، وهاشم رجل شريف سخيّ يتمتّع باحترام أهل مكّة

كان يصنع للحجاج طعاماً على سبيل الضيافة ، و قد سُمِّيَ هاشماً ، لأنّه هشم الثريد لقومه بمكة ، بعد ما أصابهم القحط . و إليه تعود تجارة قريش في الشتاء والصيف ، ومن أجل هذا دعاه الناس سيّداً وما يزال الذين ينتسبون إلى هاشم يُدعون بالسادة بعد هاشم جاء ابنه المطلب ، وأعقبه عبد المطلب لزعامة قريش

كان عبد المطلب رجلاً مهاباً ، يحترمه الناس ، وفي زمانه هجم أبرهة الحبشي على مكة لتحطيم الكعبة ، ولكن الله ردّ كيده إلى نحره ، وارتفع شأن عبد المطّلب بين القبائل

كان لعبد المطلب أولاد كثيرون ، ولكن عبد الله كان أفضل أولاده وأعزّهم لديه ، كان في الرابعة والعشرين من عمره عندما اقترن بـ آمنة بنت وهب ، وكان ثمرة هذا الزواج المبارك أن وُلِدَ سيِّدُنا محمّد صلى الله عليه وآله بعد شهرين من عام الفيل

توفي أبوه وهو في بطن أمه ، ثم ماتت أمه وهو ما يزال صبياً فتكفّله جدُّه عبد المطلّب ، وهكذا نشأ يتيماً

عاش محمد في مكة ، في كنف جده العظيم ، وعانى الكثير من مرارة اليُتْم ولمّا أصبح شابّاً عرف أهل مكة فضلَه وأمانته ، واشتهر بلقب الصادق الأمين ، فكانوا يُودِعون أموالهم لديه

كان يحبّ الفقراء والمساكين يدافع عنهم ، ويتناول الطعام معهم ، يصغي لهمومهم ، ويسعى في حلّ مشاكلهم وعندما أسّس شبابُ مكّة حلفَ الفضول للدّفاع عن المظلومين والانتصاف من الظالمين ، سارع محمد فانضمّ إليه ، لأنه ينسجم مع أهدافه وأخلاقه

اشترك في إحدى قوافل خديجة التجارية بطلب من عمّه أبي طالب وتزعّم قيادة القافلة

وعندما لمسَتْ خديجةُ – عن قربٍ _ أمانته وصدقه وحسن سيرته عرضتْ عليه الزواج فوافق على ذلك ، وكانت خديجة امرأة فاضلة ثريّة

وكانت ثمرة زواجهما بنتاً هي فاطمة عليها السلام سيدة النساء ، ومنها كان نسلُ الأئمة من أهل البيت عليهم السلام


الحجر الأسود


مضت عشرة أعوام على حياة محمد مع خديجة ، و صادف أن اجتاحت السيولُ مكة ، ولحقتْ بالكعبة أضرارٌ كبيرة
عزمتْ قريش على إعادة بناء البيت الحرام ، فاقتسمتْ طوائفُ قريش العمل ، وعندما اكتمل البناء ، وأرادوا وضْع الحجر الأسود في مكانه اختلفوا فيمن يقوم بذلك العمل ، وأرادت كلُّ طائفة منهم أن تنهض بهذا الشرف ، وكاد الأمر أن يصل إلى القتال والحرب ، فتدخّل سيدُنا محمد بتلك الفكرة التي تفتّق عنها ذهنُه الصافي ، حيث نزع رداءه و وضع الحجر الأسود فيه ، فأخذت كلُّ طائفة طرفاً من الرداء ، وحملت الحجر الأسود ، فأعاده النبي إلى مكانه

الوحي

عندما بلغ سيدُنا محمدٌ الأربعين من عمره هبط عليه جبريلُ وبشَّره برسالة السماء كان يتعبّد كعادته في غار حرّاء يتفكّر في خلْق السماوات والأرض وخلْق الناس وفي تلك اللحظة هبط عليه جبريلُ وناداه بكلمات الله

إقرأ . . . إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلَق الإنسانَ من علَق ، إقرأ وربك الأكرم ، الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم

وهبط رسول الله من الجبل يحمل رسالة السماء إلى العالمين كانت دعوة الرسول في بدايتها سرّية ، وكان الذين يؤمنون به يخفون إيمانهم وإسلامهم وخديجة كانت أوّلَ من آمن به وصدّقه ثم علي عليه السلام

مرّت ثلاثةُ أعوام انتشر فيها الإسلام بين فقراء مكّة ، وجاء أمرُ الله بإعلان الدعوة إلى الناس كافّة ليس من السهل إعلان التوحيد في مدينة تغصّ بالأصنام و الأوثان وبين قبائل تقدّس الحجارة وتعبدها على مرّ السنين والأعوام

وصدَع رسولُ الله بالأمر ، وهتف في مكّة لا الله إلا الله وأنا رسول الله وبعد هذا الإعلان العام بدأت المصاعب ، وبدأ مشركو قريش حرْبهم للدين الجد

في البدء فكّروا أن يرْشوا محمداً بالأموال وبالزعامة والجاه ، وعندما أخفقوا في ذلك راحوا يصبّون العذاب على ضعفاء المسلمين . صادروا أموالهم ، ونهبوا منازلهم ، وسخروا منهم ، ولكن كل ذلك لم يمنع من انتشار دعوة الله

واصَل المشركون عُدوانهم على المسلمين وفكّروا في إخراج الرسول و مَن ناصره من مكّة ، فحاصروهم في شِعْبِ أبي طالب حتى مات بعضُهم من الجوع ولم يكتفِ المشركون بذلك ، بل كانوا يراقبون الوادي مراقبةً دقيقة لمنْعهم من البيع والشراء وتهيئة الطعام ، وكان الذين يتعاطفون معهم يخافون أن يحملوا إليهم حتى الماء ، وكانوا ينتظرون حلول الظلام لكي يتسلّلوا خُفية ويُوصِلوا إليهم شيئاً من الطعام والشراب وفشِل الحصارُ ، وأخفق المشركون في القضاء على الدين الإسلامي وقف المشركون عاجزين أمام صلابة المسلمين وإيمانهم ، فتآمروا على قتْل الرسول ، والقضاء عليه


الهجرة


هبط الوحي على رسول الله وأخبره بتآمر المشركين وخطّتهم ، فعرض النبيُّ على ابن عمه علي عليه السلام المبيت في فراشه ، فيما انسلّ رسول الله في الظلام مهاجراً من مكّة إلى يثرب

اجتمع المتآمرون وحاصروا منزل النبي ينتظرون الفرصة المناسبة لاقتحام الدار وقتل الرسول ، وشعروا بالدهشة وهم يرَون علياً في فراشه ، وغادروا المنزل لاقتفاء أثر النبي ، وراحوا يبحثون عن المهاجر في الطرق والمفازات ولكن دون جدوى ، فعادوا إلى مكة خائبين

بعد تسعة أيام قضاها الرسول في الطريق وصل مكاناً قرب المدينة يدعى قُبا فتوقّف فيه وبنى هناك أول مسجد في الإسلام

بدأ المسلمون في بناء المسجد بحماس ، وكان الرسول يعمل معهم ، وما أسرع أن اكتمل البناء ، وصلّى الرسول فيه أول صلاة للجمعة ، ومكث فيهم مدّة يعلّمهم الكتاب والحكمة

كان الرسول ينتظر قدومّ ابن عمه علي الذي خلّفه في مكة لأداء الأمانات إلى أهلها ، حتى جاء علي ومعه نساء من بني هاشم

دخل الرسول يثرب، وأصبح اسمها مدينة الرسول أو المدينة المنوَّرة كان علي قد أمضى ثلاثة أيام في مكة ، وأدّى الأمانات إلى أصحابها ، ثم التحق بالنبي في قُبا

استقبل أهل المدينة الرسولَ ومن معه من المهاجرين استقبالاً كبيراً ، وعمّت الفرحة ، وكان كلُّ واحد من المسلمين يدعو الرسول للحلول في داره واستضافته ، و كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول دعوا الناقة فإنّها مأمورة

ومضت الناقة في طريقها حتى إذا وصلت أمام دار أبي أيوب الأنصاري وقفتْ وبركتْ ، فحلّ النبي في دار الصحابي أبي أيوب وكان أوّل شيء فعله نبينا صلى الله عليه وآله هو تأسيسه المسجد ليكون قاعدة كبرى لنشر رسالة الإسلام

وعندما حلّ النبي في المدينة انتهت العداوة والبغضاء والحروب بين الأوس والخزرج ، والتي امتدت اكثر من مئة وعشرين سنة ، وكان اليهود يزيدون أوارها ، وحلّ مكانَها الإخاءُ والوئام

ولكي يُذيب الرسولُ الحواجز بين المهاجرين القادمين من مكّة وبين الأنصار من سكان المدينة ، فقد آخى بينهم ، وأصبح لكلِّ مهاجر أخٌ من الأنصار ، ولكلّ أنصاري أخٌ من المهاجرين ، كما شجع النبيُ المهاجرين على العمل والسعي لكي لا يبقوا عبئاً على إخوانهم من الأنصار .كان اليهود ينظرون بحقد إلى الإخاء الذي ساد بين المهاجرين والأنصار ، وبين الأنصار أنفسهم ، وكانوا يحاولون – دائماً – ضرب هذا الإتحاد وبثّ روحَ التفرقة بينهم ، وكان سيدُنا محمّدٌ صلى الله عليه وآله يخمد نار الفتنة كلما حاول اليهود إشعالها


تغيير القبلة


عندما كان رسول الله في مكة كان يتّجه في عبادته وصلاته إلى المسجد الأقصى في مدينة القدس مدّة ثلاثة عشرة سنة ، وعندما هاجر إلى المدينة استمر على هذا سبعة عشر شهراً ، وكان اليهود – أيضاً – يتّجهون في صلاتهم إلى المسجد الأقصى ، ويسخرون من المسلمين ويقولون لهم لو لم نكن على الحق لما اتبعتم قبلتنا وذات يوم هبط الوحي يأمر رسول الله أن يتّجه المسلمون في صلاتهم إلى الكعبة المسجد الحرام

وقد ساء هذا الخبر اليهود وقالوا ما حوّلهم عن قبلتهم ؟

غافلين عن أن هذا امتحان واختبار للمسلمين


حروب النبي

معركة بدر

تحالف رسولُ الله مع القبائل القريبة لحماية المدينة من الغارات والغدر ، ولما كانت قريش قد صادرت أموال المسلمين في مكة فقد فكر النبي في استعادتها منهم ، فتعرض إلى قوافلهم التجارية ، وقد كان رسولُ الله يهدف من وراء ذلك زعزعة هيبة قريش بين القبائل إضافة إلى استعادة ما نهبوه من أموال المسلمين في مكّة

وهكذا حدث أول صدام مسلّح بين المسلمين والمشركين قُرْب آبار بدر ، فسُمَّيَتْ بذلك معركة بدر ، حيث انتصر المسلمون انتصاراً ساحقاً وارتفع شأنهم في الجزيرة العربية

معركة اُحد

شعرتْ قريش بالغضب بسبب هزيمتها في بدر أمام المسلمين ، وراح أبو سفيان يعدّ العدّة للثأر ، حتى أنه منع النساء من البكاء على قتلاهم في بدر لكي يبقي على نار الحقد متأجِّجة في النفوس

وكان اليهود الذين أقلقهم انتصار المسلمين ، يُحرِّضون قريشاً على الثأر ، فقد أرسلوا كعب بن الأشرف إلى مكة ليُردِّدَ أشعاراً تحرِّض المشركين على الثأر و الإنتقام

وعقدت قريش اجتماعاً في دار الندوة للتداول في ذلك ، واستقرّ رأيهم على غزو المدينة للثأر ، ورصدوا أموالاً طائلة لجيشهم بلغت أكثر من خمسين ألف دينار ، ولم ينسوا أن يطلبوا النجدة من حلفائهم من القبائل المحيطة بمكة

التحرك بلغت قوّات المشركين ثلاثة آلاف مقاتل . . . كانت تطوي الصحراء في طريقها إلى المدينة المنوَّرة كان العباس بن عبد المطلب مؤمناً برسول الله ، ولكنه كان يُخفي إيمانه ، فكتب رسالة إلى النبي يُخبره فيها بتحرّك جيش المشركين
تولى أبو سفيان قيادة الحملة ، فيما كان خالد بن الوليد قائداً للفرسان

عقد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) اجتماعاً طارئاً في مسجد المدينة للتشاور مع المسلمين حول مواجهة الخطر القادم ، وبعد مداولات طويلة استقرّ الرأي على تجهيز جيشٍ كبير ومغادرة المدينة

وفي صباح يوم السبت السابع من شهر شوّال من العام الثالث الهجري تحرك جيش المسلمين باتجاه جبل أُحد

أمر رسول الله عبدَ الله بن جُبَير وخمسين من الرماة بالمرابطة فوق سُفوح "أُحد" وحماية مؤخَّرة الجيش الإسلامي ، وحذَّرهم من مغادرة أماكنهم ، سواء انتصر المسلمون أو هُزموا

وهكذا التقى الجيشان . . جيش التوحيد وجيش الشرك ، وخاض المسلمون قتالاً ضارياُ ، ولاح النصر في جبهتهم ودبّت الهزيمة في جيش المشركين

كان الرماة يراقبون سير المعارك ، وعندما شاهدوا إخوانهم يطاردون فلول المشركين غادروا أماكنهم لجمع الغنائم ، متناسين أوامر الرسول بعدم مغادرة مواقعهم في كل الظروف

وهنا تغير سير المعركة ، فقد انتهز خالد بن الوليد الفرصة واندفع مع قوّاته في حركة التفاف سريعة مهاجماً مؤخرة الجيش الإسلامي

دبّت الفوضى في جيش النبي ، وراح بعضهم يقتل بعضاً ، فيما فرّ الكثير منهم في الصحراء ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله ثبت في مكانه يقاتل ، وحوله جمعٌ من المسلمين ، في طليعتهم علي بن أبي طالب عليه السلام

قدّم المسلمون في هذه المعركة سبعين شهيداً ومع هذا فقد جمع النبي – وقد انسحب إلى الجبل – قوّاته ، وبدأ حملة مطاردة لجيش المشركين الذين أسرعوا في العودة إلى مكّة ، فعاد رسول الله إلى المدينة ، وقد تعلّم المسلمون درساً في الطاعة لن ينسوه


معركة الأحزاب


تمكن اليهود الذين أُخرجوا من المدينة بسبب غدرهم وعُدوانهم من تشجيع قريش وتحريض القبائل على محمّد ورسالته ، و وعدوهم بمساعدات ضخمة وهكذا تشكّلت جبهة عريضة ضد الإسلام جمعت تحت رايتها كثيراً من القبائل والمنافقين واليهود

وفي شوّال من العام الخامس للهجرة زحفتْ جيوشُ الأحزاب بقيادة أبي سفيان، وقد بلغت عشرة آلاف مقاتل
وصلت الأنباء مدينة الرسول حمَلها فرسان من خزاعة ، فأعلن رسول الله صلى الله عليه وآله حالة الاستنفار ، وتبادل المسلمون الرأي في الدفاع عن دينهم ومدينتهم ، وحظي اقتراح سلمان بإجماع المسلمين ، وبوشر بحفر خندق كبير لحماية المدينة من العدوان ثلاثة آلاف مسلم كانوا يعملون ليلَ نهار منهكمين في حفر خندق بلغ طوله اثني عشر ألف متر ، بعمق خمسة أمتار ، وبعرض ستة أمتار تقريباً ، وقد جهز الخندق بمنافذ للعبور و وُضعت خلف الخندق متاريس ومواضع للرماة

فوجئت الجيوش الزاحفة بخطّ لا يمكن اقتحامه ، فعسكر المشركون للحصار أراد أبو سفيان حسْمَ الموقف ، وإنهاء حالة الانتظار ، فبعث حيَّ بن أخطب زعيمَ يهود بني النضير ليتحدث مع كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة في مهاجمة المسلمين من داخل المدينة ، وفتْح الطريق أمام جيوش الأحزاب

كان رسولُ الله يُدرك طبيعة الغدْر في اليهود ، فرصد خمسمئة مسلّح للقيام بدوريات في المدينة ومراقبة تحركات بني قريظة وهكذا أمّن الرسولُ المدينةَ من الداخل ، أمّا في الجانب الآخر من الخندق فقد بقيتْ قوّاتُ المشركين عاجزةً عن القيام بأي عمل مسلّح ما عدا مناوشات بالنبال .كانت الأوضاع تزداد تأزُّماً حيث تمكّن خمسة من أبطال المشركين بقيادة عمرو بن عبد ودّ من اقتحام الخندق وتحدّي المسلمين

راح ابن عبد ود يسخر من المسلمين ، فنهض له عليُّ بن أبي طالب وخاض معه معركة ضارية سقط عمرو بن عبد ود على أثرها صريعاً ، وفرّ رفاقه ، فسقط أحدهم في الخندق أثناء العبور ، فنزل إليه عليُّ وقتَله ، فيما لاذَ الباقون بالفرار
وكان لضربة عليٍّ وموقفه الباسل الأثرَ الكبير في تصاعد الروح المعنوية لدى المسلمين ، وبثّ روح الذعر في قلوب المشركين . . . حتى أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله قال

ضربة علي يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين سبعين سنة

حاول خالد بن الوليد تدارك الخسارة وتدنّي معنويات الأحزاب ، فقام بعمليات استعراضية حاول فيها اقتحام الخندق ، فتصدى له المسلمون وأجبروهم على الفرار وأثناء الحصار أسلم نعيم بن مسعود وكان رجلاً معروفاً بالذكاء ، فطلب منه الرسول أن يكتم إسلامه ويحاول تخذيل المشركين وبثّ الفرقة بينهم وبين اليهود ، فنجح في مهمّته ، كما تسلل شخص من المسلمين هو حذيفة أثناء الظلام في صفوف المشركين ، وتمكن من حضور اخطر اجتماعاتهم ، فراح يشنّ عليهم حرباً نفسيّة أشعرتهم بالهلع وهبّت عواصف عاتية ، وكان الهواء شديد البرودة ، فسيطرت روح اليأس ، وساد الاختلاف بين الجنود بعد حصار بلا طائل

قرّر أبو سفيان الاستفادة من الظلام ، والانسحاب على عجَل ، قبل أن تحدث تطوّرات غير محمودة العواقب وأشرقت الشمس وخرج المسلمون إلى مواقعهم ، وكم كانت فرحتهم كبيرة وهم ينظرون إلى الجانب الآخر من الخندق ولا أثر للمعتدين وعندما اطمأنّ الرسول إلى انسحاب المشركين ، أصدر أمره إلى المسلمين بترك مواقعهم والعودة إلى ديارهم


بني قريظة


لم يلتزم يهود بني قريظة بعهودهم بعدما أرادوا الغدر ، فقرّر النبي تأديبهم ، فحاصر حصونهم وقِلاعهم مدّة خمسة وعشرين يوماً ، اضطرّوا بعدها للاستسلام عندما شعر اليهود أن طريقهم الوحيد للنجاة هو الاستسلام ، طلبوا من المسلمين مغادرة المدينة ، ولكن النبي رفض ذلك ، وأصّر على الاستسلام دون قيد أو شرط لقد كان اليهود وراء كل الدسائس والمؤامرات ، ولم ينس المسلمون غدر بني قينقاع و بني النضير وأخيراً طلب اليهود النزول على حكم سعد بن معاذ فقد يتعاطف معهم ، ولكن سعداً حكم فيهم بما أنزل الله ، وانتهت لذلك مؤامرات اليهود في المدينة


صلح الحديبية



عزّزت الانتصارات المتلاحقة من موقع المسلمين في الجزيرة العربية وزادت هيبتهم بين القبائل ، وشعرت قريش بالفزع
وفي شهر ذي القعدة من العام السابع الهجري عزم الرسول صلى الله عليه وآله على حج بيت الله الحرام ومعه ألف وأربعمئة من المسلمين ، فقصد مكّة حيث أحرم في مكان يدعى ذو الحليفة

وكان لهذه الخطوة مكاسبها السياسية إضافة إلى فوائدها الروحية والمعنوية ، فقد أظهرت المسلمين كأمّة جديدة تتمتع بكيان خاص بين القبائل في جزيرة العرب

وعندما وصلت الأنباء مكة أقسم أهلها بالأصنام أن يمنعوا دخول محمد وأصحابه إلى مدينتهم ، بينما تحرّك خالد بن الوليد في مقدّمة مئتي فارس لاعتراض النبي وأصحابه . كان النبي يتفادى الاصطدام بقريش ، ولذا سلك طريقاً آخر إلى أن وصل الحديبية وقد بعث النبي مندوباً إلى مكّة يخبرهم بعزم النبي على زيارة بيت الله وأنه لم يأت للقتال والحرب

واستُقبل مبعوث النبي ببرود ، وعُومل معاملة قاسية ، وكانت تصرفاتهم تحمل كل معاني العداء والكراهية للنبي والمسلمين وقف النبي تحت الشجرة وتحلّق حوله المسلمون مجددِّين معه البيعة ، وقد بان العزم في عيونهم ، والتصميم في قلوبهم

وعندما علمتْ قريش بذلك شعرتْ بالخوف وأرسلت سهيل بن عمرو للتفاوض مع الرسول وإبرام الصلح مع المسلمين
وبعد مداولات بين الطرفين تمّ الصلح ، ووقّع الفريقان على بنوده الخمسة ، وفيها أن يعود المسلمون إلى المدينة على أن يحجّوا العام القادم دون سلاح ، وهم أحرار في أداء مراسم الحج حسْب طريقتهم وكان من نتائج هذا الصلح ، انتشار الإسلام في الجزيرة ، ثمّ تُوِّج- في النهاية – بفتح مكّة ، وبالرغم من ذلك فإن بعض المسلمين اعترضوا على الصلح وعدّوه ضعفاً دون أن يلتفتوا إلى فوائده العديدة

لقد تضمّن الصلح بنداً يفيد بأن يعيد المسلمون كلَّ من يُسلم من قريش إلى مكّة




معركة خيبر



في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري توجّه سيّدُنا محمد إلى خيبر ومعه ألف وستمائة مقاتل من المسلمين ، وأحاط الرسول تحركه بسرّية كاملة لمفاجئة اليهود ومنْع الإمدادات العسكرية التي قد تصلهم من قبائل غطفان فوصل منطقة تدعى رجيع تفصل بين خيبر وغطفان


وتحت جنح الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل ، وفي الصباح بدأت المعارك ، وكانت الحصون تسقط ، الواحد تلو الآخر .واستعصى على المسلمين فتْح آخر حصنين ، وكان اليهود قد اجتمعوا فيهما للمقاومة ورشْق المسلمين بالسهام


بعث رسول الله أبا بكرعلى رأس قوّة من المسلمين ، وما أسرع أن عاد مهزوماً ، فأرسل رسول الله عمر فعاد هو الآخر ، وكان اليهود يسخرون من المسلمين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله

لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسولَه ويحبُه الله ورسولٌه كرّار غير فرار فلا يرجع حتى يفتح الله عليه

وبات المسلمون ليلتهم وهم يتساءلون عن هذا الشخص ، وكلُّ يحلم بذلك في الصباح دعا سيدنا محمدٌ صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام وسلّم الراية إليه ، ودعا له بالنصر

هزّ عليٌ الراية بحماس ، وانطلق مع قوّاته باتجاه أعداء الإسلام


كان اليهود قد غرّتهم بعض الانتصارات السابقة ، فبدأوا يجترئون ، وعندما وصل علي وجد بعض قواتهم خارج الحصن ، فشنّ المسلمون هجوماً صاعقاً ، وقتل عليُّ كُلاً من مرحبو الحارث، وكانا من اليهود ، فدبّ الذعر في صفوفهم ، وانسحبوا إلى داخل الحصن ، وأحكموا إغلاق الأبواب

طارد المسلمون فلول اليهود ، حتى إذا وصلوا باب الحصن وقفوا عاجزين ، وهنا مدّ علي ( عليه السلام ) يده إلى باب الحصن وهزّه بقوّة ثم انتزعه وجعله جسراً تعبر عليه قواته ، وقد دهش اليهود من قوّة علي وشجاعته وأعلنوا استسلامهم

المسلمون – أيضاُ – تعجبوا من قوّة علي ، وتساءلوا كيف تمكن علي من ذلك ، وحاول سبعة من المسلمين تحريك الباب فلم يستطيعوا ، فقال علي عليه السلام لم أفعل ذلك بقوّة جسمانية ولكني فعلته بقوّة ربّانية

طلب اليهود من رسول الله الصلحَ والبقاء في ديارهم ، شرط أن يقدّموا نصف محصولهم من كل عام إلى المسلمين ، فوافق رسول الله على ذلك وصفَح عنهم


فدك


وصلت أنباء الانتصار الساحق للمسلمين إلى يهود فدك، فأوفد أهلها مبعوثاً للتفاوض مع النبي حول السلام مقابل التنازل عن نصف أراضيهم ، وقد وافق الرسول على طلبهم ووهب فدكاً إلى فاطمة عليها السلام وكان يعلم أن ابنته سوف تهب وارداتها إلى الفقراء والمحرومين

انطلق رسول الله إلى آخر القواعد اليهودية في الجزيرة في منطقة وادي القرى وما أسرع أن سقطت بأيدي المسلمين ، وقد صفح عنهم رسول الله وترك لهم أرضهم مقابل تقديم نصف ريعها إلى المسلمين ولقد أنعشت هذه الاتفاقيات وضْع المسلمين الاقتصادي كما عزّزت قدرتهم العسكرية لمواجهة الأعداء في خارج الجزيرة العربية




معركة مؤتة



بعث رسول الله سفيراً إلى ملِك بُصرى لدعوته إلى الإسلام ، ولما وصل إلى أرض مؤتة اعترضه حاكم تلك الديار وألقى القبض عليه و أمر بقتله وعلى أثر ذلك جهّز النبي جيشاً يتألّف من ثلاثة آلاف مقاتل ، وعيّن جعفر بن أبي طالب قائداً ، فإن استشهد فزيد بن حارثة ، فإن استشهد فعبد الله بن رواحة وانطلقت القوّات الإسلامية نحو مؤتة ، وعندما وصلت الأنباء إلى الروم ، فحشدوا قوّاتهم البالغة مئتي ألف جندي نصفهم من الروم والنصف الآخر من القبائل العربية الموالية لهم

وفي مؤتة اشتعلت حرب غير متكافئة ، فحشود الروم تبلغ مئتي ألف أما الجيش الإسلامي فلم يتعدّ الثلاثة آلاف فقط

ولكن الإيمان العميق للمسلمين لا يراعي للكثرة وزنا ، فقد اندفع جعفر إلى المعركة وقاتل بحماس حتى استشهد ، وأستشهد بعده زيد ثم عبد الله وفي خضمّ المعارك الطاحنة انتخب المسلمون خالد بن الوليد الذي فكر بالانسحاب و إنقاذ البقية الباقية من الإبادة ، وفي المساء وضع خطة للانسحاب ، وقاد المسلمين باتجاه المدينة المنوّرة



http://www.ahbabhusain.com/vb/mhtml:file://C:\Users\Infoj\Desktop\مجلد جديد ‫(8)‬\ذكرى ولادة النورين النبي محمد (ص) والإمام الصادق (ع) 17 ربيع الأول - ¨¨°؛ منتديـات أنــوار الـقـطـيــف ؛°¨¨.mht!http://daralaujam.com/upload/pic/1431/01/daralaujam_74734848.jpg


فتح مكّة

وصلت أخبار المعركة إلى مكة و استبشر المشركون وظنوا أنها نهاية مجد الإسلام ، فانتهزوا الفرصة وخرقوا صلح الحديبية ، وذلك بإغارتهم على قبيلة خزاعة حليفة المسلمين ، واستنجدت القبيلة المنكوبة بحلفائها وأرسلت لذلك وفداً إلى المدينة المنورة

أدرك أبو سفيان أن المسلمين لن يتركوا قريشاً دون جواب ، فأسرع إلى المدينة لتجديد بنود الصلح ، وحاول تقديم اعتذار قريش عن هذه الإساءة وقد قوبل أبو سفيان ببرود تام حتى من قبل ابنته أم حبيبة وكانت زوجة للنبي صلى الله عليه وآله

أمر رسول الله المسلمين بالاستعداد للحرب فاجتمع عشرة آلاف مقاتل ، وأحاط النبي تحركاته بسرّية كاملة وبثّ دوريات تطوف حول المدينة لمنع تسرّب الأخبار أراد أحد المسلمين اسمه حاطب ولكي يكسب ودّ فريش أن يخبر أهل مكّة بذلك ، فبعث رسالة بيد امرأة ، وهبط الوحي يخبر رسول الله بهذه الخيانة ، فبعث النبي علياً فأوقفها ، وصادر الرسالة



وفي العاشر من شهر رمضان المبارك تحرك الجيش بقيادة الرسول ، وبعد أسبوع عسكرت قوات الإسلام قرب مكّة
فوجئت قريش بهذا الجيش الكبير ، وكان الرسول الله صلى الله عليه وآله يحاول تفادي الحرب بأي ثمن ، وحاول بثّ الخوف في نفوس المشركين ، فأمر المسلمين بإيقاد النار ليلاً ، فارتفعت ألسنة النيران وأضاءت رمال الصحراء

كان أبو سفيان يراقب هذا المنظر المهيب فأدرك أن مكة لن تصمد بوجه المسلمين ، فجاء إلى العباس بن عبد المطلب عم النبي يطلب السلام وبعد مفاوضات بين النبي و أبي سفيان ، استسلم أبو سفيان وأعلن إسلامه

العفو العام

دخل الجيش الإسلامي مكة فاتحاً ، وكان بعض المسلمين يفكّر الانتقام والثأر من الذين عذّبوهم وأخرجوهم من ديارهم بغير حق لكن رسول الله صلى الله عليه وآله أعلن العفْو العام حتى عن أولئك الذين آذوه وشرّدوه ، وتهاوت الأصنام و الأوثان اعتلى بلال الكعبة ، وارتفع هتاف التوحيد

الله أكبر ، لا إله إلا الله ، محمد رسول الله

معركة حنين

احدث سقوط مكة بأيدي المسلمين دويّاً في الجزيرة العربية ، وأصبح المسلمون القوة الضاربة

أرادت قبيلتا هوازن وثقيف مفاجأة المسلمين والانقضاض عليهم ، وحشدوا للحرب اثني عشر ألف محارب بقيادة مالك بن عوف، واحتلّوا مرتفعات حنين حيث الوادي الّذي سيعبر منه المسلمون

تقدمت قوّات الإسلام إلى مواقع هوازن وثقيف ، وعندما دخلت الكتائب الإسلامية بطن الوادي في ظلمة الفجر تعرضت لوابل من السهام والنبال ، فساد الارتباك طلائع الجيش ، و كانت بقيادة خالد بن الوليد ، وجرف المنسحبون في طريقهم الكتائب الأخرى ، وسادت الفوضى صفوفهم ، و غادر المشركون مواقعهم لمطاردة المسلمين ، وأنزلوا بهم خسائر فادحة

وفي ذلك المواقف العصيب ثبت رسول الله ومعه جمع من المؤمنين في طليعتهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وتجلّت قدرة الرسول القيادية ، وراح يهتف أنا رسول الله هلمّوا إليّ


و أمر النبيٌّ عمَّه العباس أن ينادي بالمسلمين ، وكان صوته جهورياً ، فنادى بأعلى صوته يا معشر الأنصار ، يا أصحاب بيعة الشجرة وكان النبي ومعه المؤمنون الصادقون يقاتلون بضراوة

وهكذا بدأ المسلمون يضيقون من هول الصدمة وراحوا يتجمّعون حول قائدهم العظيم الذي حوّل هزيمتهم إلى نصر ساحق اجتمع حول النبي مئة مقاتل وهم يصيحون لبيك لبيك ، واندفع علي إلى حامل راية المشركين فقتله ، وسقطت راية الشرك ، فساد الذعر حشودهم وتحطمت روحهم المعنوية وحميّتهم الجاهلية

وعندما شاهد النبي أن الكفّة قد مالت لصالح المسلمين أصدر أمره بشنّ الهجوم المعاكس و نادى الآن قد حمي الوطيس ، شدّوا عليهم ، واندفع المسلمون نحو أعدائهم ومزّقوا صفوفهم وألحقوا بهم هزيمة ساحقة ، وارتفعت في الأفق راية

لا إله إلا الله

معركة تبوك

و في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة تناهت إلى الرسول صلى الله عليه وآله أخبار عن حشود عسكرية يقوم بها الروم على الحدود الشمالية ، و أنهم يبيّتون خطّة لاجتياح مناطق الشمال

قام الرسول ، وخلافاً لما عهد في تحركاته السابقة ، بالإعلان عن التعبئة العامّة ولم يبخل المسلمون بتقديم كافّة أنواع الدعم ، حتى النساء جادتْ بأقراطهن وحليّهن الذهبية

موقف المنافقين



قام المنافقون والذين في قلوبهم مرض بحرب نفسية لتثبيط العزائم وبثّ روح الفشل في نفوس المؤمنين ، وراحوا يبثّون الدعايات المغرضة وجاء بعض المنافقين إلى رسول الله وهو يستعدّ للحرب فقالوا إنّا قد بنينا مسجداً ، وإنّا نحب أن تأتينا فتصلّي لنا فيه ، وأدرك الرسول أن في مسجد ضرار أهدافاً خبيثة ، وأنهم يريدون التنصّل عن الجهاد في سبيل الله ، وهبط الوحي يفضح تلك الأهداف الدنيئة

وكان المنافقون يجتمعون في بيت اليهودي سويلم ويبثّون سمومهم ، فبعث إليهم الرسول جمعاً من المؤمنين ، فأشعلوا النار ، وفرّ المنافقون



إلى تبوك

غادر الجيش الإسلامي – وكان قوامه ثلاثون ألف مقاتل – المدينة متَّجها نحو تبوك في مسيرة تبلغ أكثر من ستمئة كيلومتر ، في صحراء ملتهبة ، وفي فصل الصيف الحارق كان الرسول قد استخلف على المدينة علي بن أبي طالب عليه السلام لإحباط مؤامرات المنافقين ، وقال بعد أن سمع دعايات المنافقين كذبوا ولكني خلّفتك لما تركت ورائي ، أفلا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي

قطع الجيش الإسلامي الصحراء نحو تبوك ، ووصلت الأنباء إلى الروم الذين فضّلوا الانسحاب وعدم المغامرة في حرب مع المسلمين عسكر الجيش الإسلامي مدّة عشرين يوماً ، أثبتوا خلالها عزمهم الأكيد على مواجهة دولة الروم الكبرى دون أي إحساس بالخوف أو التهيّب ، يحدوهم في ذلك إيمانهم العميق بالله ورسوله

وهكذا أصدر الرسول أمره بالعودة إلى المدينة





المؤامرة


عندما عاد سيدنا محمّد صلى الله عليه وآله من تبوك فكّرت زمرة من المنافقين في الاستفادة من الظلام و دفع مركب الرسول صلى الله عليه وآله في الوادي ، ففضحهم الله وردّ كيدهم إلى نحورهم ، وأراد بعض المسلمين قتلهم ، ولكن النبي منعهم عاد رسول الله إلى المدينة وأصدر أمره بحرّق مسجد ضرار وبثّ اليأس في نفوس المنافقين ، وقد تاب بعضهم فقبل رسول الله توبته

استخدم الرسول صلى الله عليه وآله في تبوك لأول مرة أسلوب الحرب الشاملة ، إذ عبّأ كل قادر على حمل السلاح ، ولم يتخلّف سوى ثلاثة أشخاص كما أدّت هذه الغزوة إلى ارتفاع معنويات المسلمين ، وهم يرون بأعينهم كيف تراجع الروم عن مواجهتهم


البراءة من المشركين

في العاشر من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة ، وكان المشركون ما يزالون يحجّون إلى بيت الله ، نزلت سورة التوبة ، التي تضمنّت آياتها إعلان الجهاد على الشّرْك

براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين

وانطلق علي عليه السلام بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى مكّة ليقرأ كلمات الله في إعلان نهاية الوثنية ، وينادي في الحجاج جميعاً أيها الناس لا يدخل الجنّة كافر ، ولا يحجّ بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ومن كان له عند رسول الله عهد فهو إلى مدّته

المباهلة

بعث سيدنا محمّد برسائل إلى ملوك الأرض يدعوهم فيها إلى الإسلام ، وكان من بين تلك الرسائل رسالة إلى أسقف نجران ، وكان الأسقف يترقّب ظهور نبي جديد حسب ما ورد في بشارة الإنجيل ، فأرسل وفداً إلى المدينة للتحقيق في ذلك ، وحاورهم رسول الله بالتي هي أحسن وبيّن لهم حقائق الإسلام، وكان المسيحيون يتساءلون عن طبيعة السيد المسيح ؛ هل هو ابن الله أم ابن مريم

فأجابهم سيدنا محمّد بالقرآن


ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلَت من قَبله الرسُلُ وأمّه صديقة كانا يأكلان الطعام

و

إن مَثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون

ولكن وفد نجران ، الذي كان يتألف من ستين شخصاً ، رفَض الإيمان بهذه الحقائق والإذعان لها ، وهنا دعاهم الرسول إلى المباهلة لكي يلعن الله الكاذب . قال الله تعالى

فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندْعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين

وتحدد موعد المباهلة ، ولكن أهل نجران تراجعوا في اللحظة الأخيرة وهم ينظرون إلى النبي صلى الله عليه وآله قد خرج يحمل الحسين عليه السلام ويمسك بيده الحسن عليه السلام وخلفه فاطمة الزهراء عليها السلام و زوجها علي بن أبي طالب عليه السلام ، وخافوا أن تحلّ بهم لعنة الله

حجّة الوداع

غمرت الفرحة قلوب المسلمين بعد إعلان النبي صلى الله عليه وآله عزمه على حج بيت الله الحرام ، وانتشر الخبر في جميع الأرجاء وفي الخامس والعشرين من ذي القعدة تحرك موكب الرسول تحيط به الألوف ، وخلّف على المدينة أبا دجانة الأنصاري وعندما وصل سيدنا محمّد صلى الله عليه وآله ذا الحليفة ، ارتدى ثوب الإحرام ، وهتف

لبيك . . لبيك لا شريك لك لبيك . . إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك

وبعد عشرة أيام وصل الرسول مكة وطاف بالبيت العتيق سبعة أشواط ، ثم صلّى خلْف مقام إبراهيم وسعى بين الصفا والمروة
ووقف فوق جبل الصفا حتى إذا اطلّ على الكعبة هتف منادياً

لا الله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده

غدير خم

وفي يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة وعندما وصل الرسول غدير خمّ في طريق عودته من الحج هبط عليه الوحي

يا أيها الرسول بلّغ ما اُنزل إليك من ربّك


وتوقف الرسول صلى الله عليه وآله وأمر المسلمين أن يتوقّفوا . توقّفتْ ألوف المسلمين وهي تنتظر نبأً هامّاً في تلك الصحراء الحارقة خطب الرسول صلى الله عليه وآله بأعلى صوته الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وراح الرسول يعظهم بمواعظ الأنبياء والرسل ثم قال وهو يمسك بيد علي ويرفعها عالياً

من كنت مولاه فهذا علي مولاه . . اللهم وال من والاه وعاد من عاداه

وقال في خطابه أيضا : ألا وأنّي تارك فيكم الثّقلين كتاب اله وعترتي أهل بيتي وبعد أن أتّم الرسول خطابه ، هبط الوحي مرّة أخرى . و تلا عليه كلمات الله

اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا

الوفاة

عاد الرسول إلى المدينة بعد حجة الوداع ، فألـمّت به الحمى ولزم فراشه وفي تلك الفترة ادعى بعض المشعوذين النبوة كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي وغيرهما ، وخدعوا بألاعيبهم السذج والبسطاء ، ولكن الله أبطل كيدهم وعاد الناس إلى ظِلال الإسلام وذات ليلة استبدّ الأرق برسول الله صلى الله عليه وآله فخرج في قلب الظلام وقال لعلي عليه السلام إني قد أُمرت أن استغفر لأهل البقيع فانطلق معي وفي البقيع قال النبي

إني قد أُوتيت خزائن الدنيا والخلد فيها وخُيّرت بين ذلك وبين لقاء ربي ، فاخترت لقاء ربي و الجنة

وكان المرض يشتدّ على سيدنا محمّد يوماً بعد آخر ، وفي يوم الإثنين الثامن والعشرين من شهر صفر من السنة الحادية عشرة من الهجرة عرجتْ روح الرسول إلى الملأ الأعلى تاركاً آلاف العيون الباكية والقلوب الحزينة

فالسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يُبعث حياً

الهوية

الاسم

محمّد

اسم الأب

عبد الله

اسم الأم

آمنة

محل الولادة

مكّة

تاريخ الولادة

شهران بعد عام الفيل

تاريخ الوفاة

28 / صفر / 11 هجرية

محل الوفاة

المدينة المنورة

محمد

هو قِصةُ إنسانٍ شرّف بني الإنسان
ولهُ يدٌ طُولَى ، بسطها على شطرِ السماء

فإذا كُل أبوابِ رحمتها ونعمتِها وهُداها مفتوحةٌ على الرِحاب


هو عزمٌ

هو طُهرٌ

هو نقاءْ

ومهما تتبارَ القرائحُ والإلهامُ والأقلامُ مُتحدثةً عنه

لتعزف أناشيد عظمته ، تظلُ جميعاً كأنْ لم تبرح مكانها

ولم تُحرك بالقول لسانها

هو القائد الذي اتسع قلبهُ لآلام البشر


فناضل

وجاهد

ووقف بحزمٍ وثبات في وجهِ القوى الغاشمة


لأجل العدالة

لأجل المحبّة

لأجل الإخاء

لأجل الحرية

فحقّ لنا أن نُحيي ذِكرى انبلاجُ

النور الأنور (ص)

وحفيدهِ جعفرٍالصادق (ع )

على مرّ الأزمنةِ والعصور ، وفي كُلِ الأمكنة


البشائر بمولده

اتفقت الإمامية إلا من شذ منهم على أن ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانت في السابع عشر من شهر ربيع الأول يوم الجمعة عند طلوع الفجر في عام الفيل بمكة المعظمة في الدار المعروفة بدار محمد بن يوسف، وكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فوهبه لعقيل بن أبي طالب فباعه أولاده محمد بن يوسف أخا الحجاج فأدخله في داره فلما كان زمن هارون أخذته الخيزران أمه فاخرجته وجعلته مسجداً فصار مكاناً معروفاً يزار ويصلى فيه ويتبرك به


زواجه

ومرّت الأيام، وشبّ النبي، ولم تعد هذه الطريقة لائقة به في مثل سنّه، فأخذ يمارس التجارة. ثم سعى عمه في إرساله بتجارة إلى الشام تخص السيدة خديجة بنت خويلد، المرأة الثرية التي كان يتاجر بأموالها كثيرون من سكان مكة، على ان يكون الربح بينها وبينهم، فتمَّ له ذلك

وحينما ذهب النبي (ص) في هذه الرحلة التجارية، كانت من أوفق التجارات التي تمت بمال خديجة إلى ذلك الحين. وقد كان ظهر من النبي (ص) في تلك الرحلة معاجز كثيرة، لما قُصت على خديجة رغبت بالزواج بالنبيّ، فقبل النبيّ بذلك، ووافق عليه عمه أبو طالب

فتم الزواج السعيد في السنة الخامسة والعشرين من عمر النبيّ الشريف. وكان زواجه تحولاً في حياته الإجتماعية. حيث لم يعد الآن صاحب بيت وأولاد فقط بل وصاحب ثروة كبيرة ضخمة أيضاً

لقد كان هذا الزواج أوفق زواج يعرف في صدر الإسلام. أما بالنسبة إلى خديجة فإنها أصبحت به : زوجة النبيّ، والأم الكبرى للمسلمين. بعد أن اتَّصل بها أشرف الخلائق أجمعين. وأمّا بالنسبة للنبيّ (ص) فقد كانت خديجة أول من آمن به، ثم نصرته وبذلت ما لديها من المال والجاه والحكمة في سبيله وفي سبيل نشر دعوته المقدسة. ولم يزل النبيّ يذكر لها ذلك حتى آخر لحظة من حياته. وقد كانت وفاة خديجة تعادل عند النبيِّ (ص) موت عمه أبي طالب، فلقد تأثر بهما تأثراً بالغاً. ثم فقدهما في عام واحد حينما كان أحوج ما يكون إليهما معاً


اعمال يوم السابع عشر من ربيع الاول


هو يوم ولادة الرسول الاكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله في داره عند طلوع الفجر في عام”عام الفيل“. وعلى قول الكليني والمشهور لدى العامة هو 12 من هذا الشهر. وفي هذا اليوم ايضا ولادة الامام جعفر الصادق عليه السلام في عام 83 للهجرة. وتستحب فيه عدة الاعمال


1ـ الغسل لزيارة الرسول(ص)

2ـ الصيام

3ـ زيارة النبي صلى الله عليه وآله وزيارة امير المؤمنين عليه السلام. وإذا كنت في مكان بعيد فاغتسل واصنع ما يشبه القبر تضعه امامك كاتبا اسم النبي صلى الله عليه وآله عليه, فتتوجه بقلبك اليه وتقول


أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله وأنه سيد الاولين والآخرين وانه سيد الانبياء والمرسلين, أللهم صل عليه وعلى أهل بيته الائمة الطيبين


من معجزات النبي الاكرم صلى الله عليه و آله وسلم


القرآن الكريم

وانزل الله تعالى على نبيّه حين بعثه بالنبوّة قرآناً عربيّاً مبيّناً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد أعجز النبي صلى الله عليه وآله به البلغاء وأخرس الفصحاء وتحدّاهم فيه فلم يستطيعوا معارضته وهم أفصح العرب بل واليهم تنتهي الفصاحة والبلاغة، وقد حوى هذا الكتاب العزيز المنزل من لدن حكيم عليم من أحكام الدين وأخبار الماضين وتهذيب الاخلاق والأمر بالعدل والنهي عن الظلم وتبيان كل شيء ما جعله يختلف عن كل الكتب حتّى المنزّلة منها وهو ما يزال يتلى على كر الدهور ومر الأيام وهو غض طري يحيّر ببيانه العقول ولا تملّه الطباع مهما تكررت تلاوته وتقادم عهده


وقد كان القرآن الكريم معجزة فيما أبدع من ثورة علمية وثقافية في ظلمات الجاهلية الجهلاء وقد أرسى قواعد نهضته على منهج علمي قويم، فحثّ على العلم وجعله العامل الأوّل لتسامي الانسان نحو الكمال اللائق به وحثّ على التفكير والتعقّل والتجربة والبحث عن ظواهر الطبيعة والتعمق فيها لاكتشاف قوانينها وسننها وأوجب تعلّم كل علم تتوقف عليه الحياة الاجتماعية للانسان واهتم بالعلوم النظرية من كلام وفلسفة وتاريخ وفقه وأخلاق، ونهى عن التقليد واتباع الظن وأرسى قواعد التمسك بالبرهان وحثّ القرآن على السعي والجد والتسابق في الخيرات ونهى عن البطالة والكسل ودعا الى الوحدة ونبذ الفرقة. وشجب العنصرية والتعصبات القبلية الجاهلية

وأقرّ الاسلام العدل كأساس في الخلق والتكوين والتشريع والمسؤولية وفي الجزاء والمكافاة، وهو أوّل من نادى بحق المساواة بين أبناء الانسان أمام قانون الله وشريعته وأدان الطبقية والتمييز العنصري وجعل ملاك التفاضل عند الله أمراً معنويّاً هو التقوى والاستباق الى الخيرات، من دون أن يجعل هذا التفاضل سبباً للتمايز الطبقي بين أبناء المجتمع البشري

وبالغ الاسلام في حفظ الأمن والمحافظة على الأموال والدماء والأعراض وفرض العقوبات الشديدة على سلب الأمن بعد أن شيّد الارضية اللازمة لاستقرار الأمن والعدل وجعل العقوبة آخر دواء لعلاج هذه الأمراض الاجتماعية بنحو ينسجم مع الحرية التي شرّعها للانسان. ومن هنا كان القضاء في الشريعة الاسلامية مرتكزاً على إقرار العدل والأمن وإحقاق الحقوق المشروعة مع كل الضمانات اللازمة لذلك

واعتنى الاسلام بحفظ الصحة والسلامة البدنية والنفسية غاية الاعتناء وجعل تشريعاته كلها منسجمة مع هذا الأصل المهم في الحياة




حياة الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)


اسمه: جعفر.
لقبه: الصادق، الفاضل، الطاهر، الكافل، الصابر.
كنيته: أبو عبد الله، أبو إسماعيل، أبو موسى.
ولادته: ولد سنة83هـ في17 ربيع الأول في المدينة.
والده: الإمام الخامس من أئمة الهدى الباقر (عليه السلام).
والدته: فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وتكنى (أم فروة).
جده: الإمام الرابع من أئمة المسلمين السجاد (عليه السلام).
ملوك عصره: منهم إبراهيم بن الوليد، ومروان الحمار آخر ملوك بني أمية، وعاصر الدولة العباسية منهم السفاح والمنصور الدوانيقي.
عمره: 65 سنة.
إمامته: استلم مهام الإمامة العظمى وله من العمر34 سنة. سنة117هـ.
إقامته: أقام مع جده12 سنة، وأقام مع أبيه19 سنة، وعاش بعدهما34 سنة أيام وسنين إمامته.
صفته: كان (عليه السلام) أزهر الوجه أشم الانف. أي فيه ارتفاع قليل من الاعلى. أنزع رقيق البشرة على خده خال أسود، أسود الشعر في صدره شعر إلى بطنه لا بالقصير ولا بالطويل.
فضائله: وهي كثيرة منها بالسند المتصل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فسموه الصادق، فإنه سيكون في ولده سمي له، يدعي الإمامة بغير حقها ويسمى كذابا.
مكانته: لقد كان (عليه السلام) من الفضل بمكان يقر له العدو والصديق، التف حوله كافة العلماء والفقهاء والقراء كلهم كانوا يجلسون تحت منبر درسه وينهلون من رحيق أنفاسه علما وأدبا وحكمة، فكان أعلم الأمة في زمانه بلا منافس.

كرم الإمام الصادق (عليه السلام)
لقد كان (عليه السلام) يطعم الناس حتى لا يبقى لعياله شيء، وليس هذا من باب الإسراف بل غاية الجود والكرم والسخاء منهم (عليهم السلام)، فهذه إفاضات الروح وإشراقات النفس العالية التي تعلو بالكمال والشموخ بعيدا عن التكبر والبخل.
وروي أن فقيرا سأل الإمام الصادق (عليه السلام) فقال الإمام لخادمه: ما عندك؟ قال: أربعمائة درهم، فقال الإمام (عليه السلام): أعطه إياها، فاعطاه فأخذها الفقير شاكرا للإمام، فالتفت الإمام لخادمه وقال له: أرجعه، فرجع الفقير وهو مستغرب فقال: يا سيدي سألتك فأعطيتني فماذا بعد العطاء؟ فقال له: قال رسول الله خير الصدقة ما أبقت غن وإنا لم نغنك فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة.
فالمال في نظر الأولياء وسيلة لا أكثر، به يحاولون أن يصونون كرامة الإنسان ويحفظون له ماء الوجه فلذا تراهم يعطون للفقير ما يغنيه لكيلا يفتقر مرة أخرى.
بل كان للإمام الصادق (عليه السلام) أسلوب خاص وبرنامج خاص في شان الأموال، فاقرأ هذه القصة لنتعلم منها أنا وأنت درسا رائعا:
مر المفضل وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) على رجلين يتشاجران في الميراث فوقف عندهما ثم قال لهما: تعالوا إلى المنزل، فأتياه فأصلح بينهما بأربعمائة درهم فدفعها إليهما من عنده، حتى إذا انتهى الشجار وتراضيا بالميراث وبما دفعه إليهما المفضل قال: أما إنها ليست من مالي ولكن أبو عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان من أصحابنا. الشيعة. في شيء أن أصلح بينهما بالمال، فهذا من مال أبي عبد الله (عليه السلام).

من حلم الإمام ورعايته
لقد كلف الأولياء (عليهم السلام) أن ينظروا إلى الناس نظرة الوالد لولده والمعلم لتلميذه، فيعطفون عليهم ويتجاوزون عن مسيئهم ويسامحون المقصر منهم، كما وأمروا أن يكلموا الناس على قدر عقولهم ويتعاملوا معهم على قدر استطاعتهم، وبذلك امتازوا وفضلوا على الخلق.
ومن أولئك العظماء في التعامل والأمراء في التربية والقادة في الإحسان والعفو إمامنا الصادق (عليه السلام)، إذ روي أن الوليد بن صبيح قال: كنا عند أبي عبد الله في ليلة إذ يطرق الباب طارق فقال للجارية: انظري من هذا؟، فخرجت ثم دخلت فقالت: هذا عمك عبد الله بن علي زين العابدين، فقال: ادخليه، وقال لنا: ادخلوا في الحجرة المجاورة فدخلنا، فسمعنا كلام عبد الله ابن علي إذ لم يدع شيئا من القبيح إلا قاله في أبي عبد الله ثم خرج وخرجنا فأقبلنا للإمام وقلنا له: لقد هم بعضنا أن يخرج ويضرب عبد الله هذا، فقال الإمام: مه لا تدخلوا فيما بيننا، ثم طرق الباب مرة أخرى وكان أيضا عبد الله بن علي فقمنا ودخلنا الحجرة فدخل بشهيق ونحيب وبكاء وهو يقول: يا ابن أخي اغفر لي غفر الله لك، اصفح عني صفح الله عنك، فقال: غفر الله لك يا عم ما الذي احوجك إلى هذا؟ قال: إني لما أويت إلى فراشي أتاني رجلان أسودان فشدا وثاقي ثم قال أحدهما للآخر: انطلق به إلى النار، فانطلق بي فمررت برسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله لا أعود، فأمره فخلى سبيلي.
فقال له الإمام: يا عم أوصي فإنك ميت، بم أوصي؟ ما لي مال وإن لي عيالا كثيرا وعلي دين، فقال الإمام (عليه السلام): دينك علي وعيالك إلى عيالي، فأوصى، فما خرجنا من المدينة حتى مات وضم أبو عبد الله (عليه السلام) عياله إليه وقضى دينه وزوج ابنه ابنته.
هذه صورة من صور التحمل والحلم والصبر ورعاية الناس والقيام بقضاء حوائجهم والعناية بهم، فهذا درس في سعة الصدر والتحمل وعدم مكافحة القوة بالقوة وعدم الارتجال في رد الفعل، بل علينا بالاتزان وتحمل الكلام القبيح ومحاولة إصلاح قائله بالموعظة والعمل.

الإمام الصادق يؤكد شعائر جده الحسين (عليه السلام)
ومن ضمن المواجهات ذات الطابع السياسي الديني هي قضية الإمام الحسين، فلقد منع الأمويون زيارة الحسين وأخذوا الضرائب من الزائرين ثم أمروا بقتل أو سجن كل زائر، واستمر الجور على قبره الشريف على زائريه، ولما انتهى أمرهم عمل الإمام الصادق على إشاعة عدة أمور منها:
1- التأكيد على زيارة الحسين (عليه السلام) وأن زيارته تدخل الجنة.
2- التأكيد على البكاء عليه وذرف الدموع.
3- التأكيد على إقامة مآتم الحزن وإنشاد المراثي عليه.
4- التاكيد على لبس السواد حزنا على الحسين (عليه السلام) ومظلوميته وجرائم بني أمية وفظيع أعمالهم.
وغيرها من محاولات وبرامج عمل عليها الإمام الصادق (عليه السلام) حتى أعاد الأمة وربطها برموزها الحقيقية وأحيا ذكرى الطف الأليمة قولا وفعلا.
وفيما يلي بعض الأحاديث التي ذكرها الإمام الصادق في هذا المجال:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت، ولا رئي في دار هاشمي دخان خمس سنين حتى قتل عبيد الله بن زياد.
وقال: البكاءون خمسة آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي بن الحسين... وأما علي بن الحسين فبكى على أبيه الحسين أربعين سنة).
وقال: من أنشد في الحسين شعرا فبكى وأبكى واحدا كتبت له الجنة.
وقال: لكل شيء ثواب إلا الدمعة فينا.
وقال: من أحب الأعمال إلى الله تعالى زيارة قبر الحسين.
وقال: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي فإنه فيه مأجور.
وقال (عليه السلام) لرجل كان يبكي على الإمام الحسين (عليه السلام): رحم الله دمعتك.
وبهذه البشارات والتصريحات حشد الإمام الصادق عواطف الامة نحو الحسين (عليه السلام) وركز في وعي الأفراد حب الحسين (عليه السلام) وضرورة بكائه وقول الشعر فيه لكي يمتد ذكره المبارك إلى يومنا هذا.
رجال صنعهم الإمام الصادق (عليه السلام)
لقد تخرج من تحت يد الإمام الصادق علماء عليهم الاعتماد والمعول في امر الدين، فكانوا جهابذة العلم وأفذاذا قل نظيرهم، فحملوا العلم ممزوجا بالعمل والتقوى وخدموا دينهم خدمة جليلة تشهد بها الكتب إلى اليوم.
يقول هشام بن سالم: كان عند أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من أصحابه فورد رجل من أهل الشام فاستأذن بالجلوس فأذن له، فلما دخل سلم فأمره أبو عبد الله بالجلوس، ثم قال له: ما حاجتك أيها الرجل؟، قال: بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لأناظرك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فبماذا؟، قال: في القرآن، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حمران بن أعين دونك الرجل، فقال الرجل: إنما أريدك أنت لا حمران، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن غلبت حمران فقد غلبتني، فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وحمران يجيبه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): كيف رأيته يا شامي؟، قال: رأيته حاذقا ما سألته عن شيء إلا أجابني، ثم قال الشامي: أريد أن أناظرك في العربية، فالتفت أبو عبد الله (عليه السلام) فقال: يا أبان بن تغلب ناظره، فناظره حتى غلبه، فقال الشامي: أريد أن أناظرك في الفقه، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): يا زرارة ناظره، فناظر حتى غلبه، فقال الشامي: أريد أن أناظرك في الكلام، فقال الإمام (عليه السلام): يا مؤمن الطاق ناظره، فناظره فغلبه، ثم قال: أريد أن أناظرك في الاستطاعة، فقال الإمام (عليه السلام) للطيار: كلمه فيها، فكلمه فغلبه، ثم قال: أريد أن أكلمك في التوحيد، فنادى الإمام (عليه السلام): يا هشام ابن سالم كلمه، فكلمه فغلبه، ثم قال: أريد أن أتكلم في الإمامة، فقال الإمام (عليه السلام) لهشام ابن الحكم: كلمه، فغلبه أيضا، فحار الرجل وسكت، وأخذ الإمام يضحك، فقال الشامي له: كأنك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال؟
فقال الإمام (عليه السلام): هو ذلك.
نعم كان هؤلاء أبطال العلم في ميدان العمل، كل واحد منهم يمثل الشموخ الشيعي في بلدته وزمانه... فلنكن مثلهم في العلم والعمل.
من المناظرات
يقول ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، فقلت: هذا رجل فقيه من العراق، فقال: لعله الذي يقيس الدين برأيه، أهو النعمان بن ثابت؟
فقال له أبو حنيفة: نعم أنا ذلك أصلحك الله، فقال له جعفر الصادق: اتق الله ولا تقس الدين برأيك فإن أول من قاس برأيه إبليس إذ قال: أنا خير منه، فأخطأ بقياسه فضل،
ثم قال له: أخبرني يا أبو حنيفة لم جعل الله الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والماء في المنخرين والعذوبة في الشفتين؟
قال: لا أدري.
قال الإمام: إن الله خلق العينين فجعلهما شحمتين، وخلق الملوحة فيهما منا منه على ابن آدم ولولا ذلك لذابتا فذهبتا، وجعل المرارة في الأذنين منا منه عليه ولولا ذلك لهجمت الدواب فاكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الريح الرديئة، وجعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة المطعم والمشرب.
ثم قال لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة اولها شرك وآخرها إيمان؟
قال: لا أدري.
قال جعفر الصادق (عليه السلام): هي كلمة لا إله إلا الله، فلو قال لا إله ثم سكت كان مشركا.
ثم قال: أخبرني أيما أعظم عند الله إثما قتل النفس التي حرم الله بغير الحق او الزنا؟
قال أبو حنيفة: بل قتل النفس.
فقال الإمام: إن الله تعالى قد قبل في القتل شهادة شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا شهادة أربعة فأنى يقوم لك القياس؟
ثم قال: أيما أعظم عند الله الصوم أو الصلاة؟
قال أبو حنيفة: الصلاة.
فقال الإمام: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ اتق الله يا عبد الله ولا تقس الدين برأيك.
وبهذا الشكل كان يدحض الإمام الصادق (عليه السلام) أقوال أهل القياس والرأي بالنقاش العلمي الواضح ويلقمهم حجرا فلا يستطيعون جوابا، مع العلم بأن مثل هذه المحاورات كانت تحدث وسط جماهير وعلى مرأى ومسمع من بعض رجال الدولة العباسية وبقية وعاظ السلاطين وعلماء السوء، فكانوا لهذا السبب لا يورطون أنفسهم في مناظرة الإمام إلا ما تفرضه طبيعة الأحداث.

استشهاده
استشهد (عليه السلام) متأثرا بسم دسه إليه المنصور العباسي ودفن في البقيع قرب قبور آبائه.
زوجاته: فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسين الشهيد، وحميدة البربرية وهي أم الإمام الكاظم (عليه السلام)، وكان له (عليه السلام) أمهات أولاد شتى.
أولاده: كان للإمام الصادق عشرة أولاد:
1- اسماعيل الأعرج وهو أكبر ولد أبيه وتوفى في زمانه، وادعت فرقة ضالة أن الإمامة فيه فأطلق عليهم (الإسماعيلية).
2- عبد الله.
3- أم فروة.
4- الإمام الكاظم (عليه السلام).
5- إسحاق.
6- محمد.
7- فاطمة الكبرى.
8- العباس.
9- علي.
10- أسماء.
نقش خاتمه: (الله عوني وعصمتي من الناس) وقيل (أنت ثقتي فاعصمني من خلقك) وقيل (ما شاء الله لا قوة إلا بالله استغفر الله) وقيل (ربي عصمني من خلقه) وقيل (الله خالق كل شيء).
حرزه: يا خالق الخلق ويا باسط الرزق ويا فالق الحب ويا بارئ النسم ومحيي الموتى ومميت الأحياء ودائم الثبات ومخرج النبات افعل بي ما أنا أهله وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة.

نور البتول الطاهرة
03-02-2012, 05:04 PM
بارك الله فيك أختي ع الطرح القيم
جزاك الله خير

دمعة الكرار
03-02-2012, 06:00 PM
http://im14.gulfup.com/2012-02-03/1328273017111.gif (http://www.gulfup.com/show/X160uxhgp06p)

محـب الحسين
09-02-2012, 10:34 PM
متباركين يا أحباب الحسين بذكرى ولادة الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وآله
وحفيده الامام جعفر الصادق
عليه السلام
أعاده الله عليكم بالخير والمسرات
وكل عام وانتم بخير

غربتي طالت
10-02-2012, 03:29 PM
بارك الله بكم " وجعلكم من المحشورين مع النبي صلى الله عليه وآله" ونزف اليكم اجمل التهاني :65:

Noor alhoda
10-02-2012, 03:47 PM
نباركم لكم بهذه الولاداة المباركة لاهل البيت عليهم السلام
شكرا لك اختي الكريمة وجعلها الله في ميزان حسناتك

ناصرة ام البنين
10-02-2012, 03:54 PM
نباركم لكم بهذه الولاداة المباركة لاهل البيت عليهم السلام

http://www.karom.net/up/uploads/13255022185.gif (http://www.karom.net/vb/showthread.php?t=76)

** خـادم العبـاس **
10-02-2012, 06:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد

متباركين يا أحباب الحسين بذكرى ولادة الحبيب المصطفى
صلى الله عليه وآله
وحفيده الامام جعفر الصادق
عليه السلام

شكرا جزيلا لك اختي الكريمه

عبد الحق
10-02-2012, 06:50 PM
متباركين بالمولد الشريف

وكذا مولد الإمام الصادق


كل عام وانتم بخير عساكم من عوادة