المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يــــــــــــــــاسمين


شيعيه والفخر ليه
08-05-2009, 02:32 PM
أضع بين أيديكم قصة حاكتها أحرفي وكلماتي
وأتمنى أن تلاقي القبول
وأن تصل الرسالة من هذه القصة
وانوه للمعلومية ان هذه القصة
قد نشرت لي على صفحات مدونتي مؤخرا

(ياسمين)
خيال يحاكي الواقع
قد تعرفونها يوما وربما قد التقيتموها
من يدري؟؟؟
ربما وربما وربما



::ياسميــــــــــن::



نظرتْ إلى نفسها في المرآة، بنظرة لم تألفها قبلا ...
تحاول أن تقنع ذاتها أنها فعلا كما يقولون ...
وتحاور بسكون ذاتها ...
ياسمين ... إلى ماذا أنتِ تنظرين؟
وأي جمالٍ هذا الذي أنتِ عنه تبحثين؟ ...
هنا في تقاسيم وجهك البالي! ...
عجبا لكِ كيف تسألين ...
أنتِ كما يقولون ...
نعم أنتِ فتاة قبيحة ...
فهطلت من سماء عينيها ياسمين دمع خالطه الأسى والألم، أشاحت بنظرها عن المرآة وعادت مرة أخرى لها بالتفاتة سريعة لتقول: لا لن أنكر هذا ..
أنا فعلا قبيحة ...

في كل يوم تسأل ياسمين ذاتها عن تلك القسوة التي تعانيها، قسوة أمها وأخوتها الثلاثة فعلى الرغم من صغر سنها فهي لا تتعدى الخامسة عشرة من العمر إلا أنها تحمل هموما لا يحملها إلا قلبها الصغير والطيب الذي اعتاد الكل تجريحه فمشاهد أيامها كلها متشابهة.

في ذاك اليوم وفي غرفتها المنزوية بإحدى أركان ذاك المنزل، كانت تسرح شعرها أمام مرآتها وتدندن بحزن كعادتها وفي عقلها تدور الكثير من الأسئلة حتى اخترق أثير غرفتها وبدون أي استئذان أخوها الذي يكبرها بثلاثة أعوام عبدالله وبمجرد دخوله أخذ يرمقها ضاحكا ليتكلم باستهزاء قائلا: هه لا تنظري إلى المرآة كثيرا كي لا توذي عينيكِ عبثا.

ياسمين ببراءة: لماذا يا أخي أهنالك من ضرر؟

عبدالله: ألم تعرفي الإجابة هي واضحة، فقط انظري لوجهكِ وأنتِ تعرفين. وخرج من الغرفة وهو يقهقه بأعلى صوته تاركا أخته في حيرتها الحزينة فلماذا هو يفعل هذا؟ ولماذا يعاملها الجميع كذلك؟ كانت تقول: هل أستحق أنا حقا كل هذا؟ وهل قبحي يتعبهم فعلا، آهٍ ربي كن عوني يا من أنت خالقي.

في اليوم التالي وفي مدرستها مع صديقتها المقربة مريم ...

مريم وهي تنظر لياسمين: ماذا بكِ ياسمين؟ لماذا أنتِ حزينة اليوم؟ .. أوو لا تتكلمي لابد وأن أحدا قد ضايقك في منزلكم أليس كذلك؟

ياسمين: نعم.

مريم: ومن منهم يا ترى هل هي أمكِ؟

ياسمين: لا هو أخي عبدالله والذي من المفترض أنه أخي الكبير، تصوري كنت في غرفتي أسرح شعري، دخل الغرفة بدون استئذان حتى ليقول لي ...

مريم: ماذا قال؟

ياسمين: قال لي لا تنظري للمرآة كثيرا كي لا تؤذي عينيك عبثا!

مريم بذهول: ما هذا؟ يال وقاحته، والله حرام ما يفعلونه بكِ فأنت لا تستحقين هذا، أنتِ وبدون أي مجاملة أجمل من رأيت خَلقا وخُلقا.

ياسمين: لا تبالغي، أنتِ تقولين ذلك لأنكِ صديقتي فقط.

مريم: واللهِ أنا لا أبالغ، هي الغيرة منكِ التي تقتلهم لذلك ينعتونكِ بالقبيحة وهم أصلا لا يعرفون الجمال فلو كانوا يعرفونه لجملوا أخلاقهم أولا.

ياسمين: لا يا مريم، أنا قبيحة حقا لذا أتعب من حولي.

مريم وهي غاضبة: كفي عن هذا الكلام الذي تقولين، فالكل من حولكِ يحسدك على جمالكِ ليس إلا.

ياسمين: حتى أمي؟

مريم: نعم حتى أمك يا ياسمين، أوف منكِ لماذا أنتِ تستهينين بجمالكِ؟ ألم تنتبهي يوما إلى نظرات الكثيرين من حولكِ؟

ياسمين: نعم، نظرات استغراب واشمئزاز ليس إلا.

مريم: أووو كفى، إنا لا أصدق ما أسمع منكِ الآن! فماذا قد استجد عليكِ، أراكِ شيئا آخر وكأنهم استطاعوا غسل دماغكِ بتعليقاتهم وتجريحهم أولئك الحاقدين! والآن أستطيع التصفيق لهم فقد وصلوا لمبتغاهم.

وبكت ياسمين، فأخذت صديقتها مريم يدها وقد شدتها بقوة لتقول لها: أنتِ أقوى بكثير وأنا أعلم هذا، كلهم يحسدونكِ على ما أعطاكِ الله من جمال باهر فيا ياسمين كوني حامدة لله دوما فلربما هذا هو امتحانكِ بهذه الدنيا واصبري فالصبر مفتاح الفرج وكوني واثقة بالله.

ياسمين وهي تمسح دمعها: ونعم بالله.

وفي ذات اليوم وفي منزل ياسمين اجتمعت العائلة على سفرة الغذاء، أمها وأبوها وأخوها الكبير عبدالله وأخوها الذي يصغرها بسنة محمد وأخوها الثالث الذي يصغرها بأربع سنوات أحمد أما ياسمين فها هي الآن مقبلة وكعادتها آخر الحضور دوما، جلست ياسمين وهي تقول: السلام عليكم.

فرد الجميع: وعليكم السلام.

أم ياسمين وبكل غضب: أوفٍ كم أنا متعبة ونفسي مسدودة عن الطعام والآن فقط قد أتخمت أكثر منكِ يا ياسمين .. لماذا أنتِ متأخرة هاا؟ ليضحك إخوتها عليها.

ياسمين وهي تنكس رأسها: كنت أصلي يا أمي.

أبو ياسمين: غفر الله لكِ يا ابنتي.

ياسمين بفرحة خجولة: ولكَ يغفر الله أبي.

حينها تعلثمت الأم وأحست وبخطئها وحاولت أن تغيير الموضوع: هيا، هيا تناولوا وجبتكم.

ياسمين كانت على تلك المنوال حياتها، مسكينة فوالدتها هي سر ألمها فهي من صنعت الهاجس لديها بأنها فتاة قبيحة! نعم أمها هي من تحسدها على جمالها الذي لطالما حلمت به فلم تجده إلا في ابنتها، فأخذت تصب جام غضبها عليها، ففي كل مرة تنظر فيها لياسمين تتذكر هي حلم الجمال المفقود الذي انتظرته ولم يأتي فتعاقب ابنتها بأقسى الكلمات غيرة منها حتى أصبح إخوتها يرددون ذات الكلمات لأختهم! وهذه الغيرة هي السر الذي لم تفصح به الأم يوما. الكل من حولها يحسدها مذ أن كانت صغيرة، فياسمين بلا مبالغة فتاة على قدر كبير من الجمال، حباها ربها بملامح تكسوها النعومة والبراءة وبصوت هو أشبه بالنسيم في رقته وبأخلاق لا كمثلها، هي لم تشعر يوما بقيمتها إلى أن دخلت الجامعة فوقتها فقط عرفت قدرها ولكن ليست تلك المعرفة الكبيرة أيضا، فها هم الخطاب في كل يوم يطلبون يدها للزواج حتى جاء ذلك اليوم حيث كانت ياسمين مع مريم تتكلمان سويا في الجامعة ودار بينهما هذا الحوار ...

مريم: ها يا ياسمين سمعت أن أحدهم قد تقدم لخطبتكِ من أبوكِ؟

ياسمين بلا مبالاة: نعم.

مريم: إذا سنفرح بكِ إن شاء الله .. سمعتِ لا ترفضيه إن كان على خلقٍ ودين.

ياسمين: لا .. ليست أنا من ستتزوج يوما يا مريم.

مريم: هيه ماذا تقولين؟ ألازلتِ على هذا الرأي؟! كم أنتِ غريبة! ألازلت تعتقدين أنكِ لست قادرة على إسعاد من ستتزوجين به؟ وأنكِ لستِ على قدر من الجمال الذي يسر الناظر إليكِ؟ أوَ تسمحين لي يا ياسمين، كم أنتِ غبية .. انظري إلى الكم الهائل من الخطاب، هل تعتقدين أنكِ لو كنتِ قبيحة سيتقدمون لأجلك؟؟ اسألي نفسكِ وستعرفين الإجابة وبعدها تركت مريم ياسمين لتفكر في كلامها.

وسكتت ياسمين وعلامات الحزن بادية عليها، كانت شاردة العقل في كل محاضراتها في ذاك اليوم حتى كان وقت عودتها لمنزلها، نزلت ياسمين من الحافلة وقصدت باب منزلهم ودخلت والدمع يجري على وجنتيها، والدتها كانت في صالة المنزل، ألقت ياسمين السلام عليها وجرت بسرعة إلى غرفتها، ولأول مرة رأت أم ياسمين دموع ابنتها تلك التي دائما ما تخفي مشاعرها عن الجميع.

أم ياسمين وهي تحاكي نفسها: ماذا بها ياسمين تبكي؟ لحقتها إلى باب غرفتها ووقفت إلى جانب الباب لعلها تسمع شيئا.

وفي الغرفة كانت ياسمين تنظر للمرآة وتبكي بكاء شديدا، وتحادث نفسها بصوت مسموع: نعم أنا قبيحة كما تقولين يا أمي، نعم فالأم لا تكذب على ابنتها.. آهٍ من هو المسكين الذي يريدني، لابد وأنه لم يرني؟ أنا لن أتزوج يوما ككل الفتيات، لن أتزوج وأخذت تبكي وتبكي.

الأم لازالت إلى جانب الباب أصابها الذهول وكأنها استيقظت من كابوس كبير، انهمر دمعها بلا شعور لما آل له حال ابنتها ومن السبب أمها، الأم كانت تحدث ذاتها: إذا ياسمين رفضت كل هذا العدد الهائل من الشباب بسببي وأنا التي كانت تتساءل عن السبب، انهارت الأم أكثر: سامحني يا ربي .. سامحني، أي أمٍ أنا التي تعذب ابنتها كل تلك السنين؟ أي أم؟ لم تنتظر الأم أكثر فدخلت على ابنتها ياسمين التي تفاجأت وأخذت تمسح دمع عينيها بسرعة كي لا تلحظه أمها وابتسمت قائلة: أهلا أمي.

أم ياسمين: حبيبتي لمَ أرى الدمع في عينيكِ؟

ذهلت ياسمين فلأول مرة في حياتها تقول أمها لها حبيبتي فسألت ذاتها: هل هي تعنيني؟ هل أمي تقصدني أنا فعلا؟

لتعيد الأم سؤالها: حبيبتي لمَ تبكين؟

ياسمين بتردد: أنا يا أمي .. لا .. لا أبكي إنما هو الإرهاق فقط!

فتبكي الأم وبدون أي مقدمات قالت: سامحيني .. سامحيني يا نور عيني.

ياسمين بذهول تام: وعلى ماذا يا أمي فأنتِ لم تفعلي شيئا يستحق منكِ الإعتذار لي؟!

الأم: سامحيني لعذابكِ الذي أنا سببه، سامحيني لم أكن أعلم حتى سمعتكِ للتو تبكين وكأني الآن فقط استيقظت من حلم كبير كنت قد استغرقت به لسنين!

ياسمين: أمي ...

وتقاطعها أمها قائلة: اسمعيني حبيبتي، الآن فقط علمتُ أنني قد ظلمتكِ كل تلك السنين وآذيتكِ بلا إحساس ولا وعي، ولم تجازيني أنتِ إلا بالحب والإحترام! وتبكي الأم أكثر: سامحيني أعماني حقدي، نعم حقدي فقد كنت أتمنى يوما جمالا باهرا كجمالكِ أنتِ حبيبتي ولكن لم يرد الله لي هذا حتى رزقني الله بكِ وكنتِ ولازلتِ أروع من رأت عيني، وأخذتِ تكبرين وكلما كبرت زاد جمالكِ وزادت غيرتي منكِ فأعمتني غيرتي وأحرقتكِ بنارها.

ياسمين: أمي جُعلتُ فداكِ يا تاج رأسي، لا تقولي هذا فأنتِ مهما فعلتِ لن أقدر أنا إلا على أن أحبكِ ومهما فعلت لن أوفيكِ حقك، وصدقيني لم أشعر يوما بكرهي لكِ، كنت أراكِ أجمل الخلق كلهم لأنكِ أمي.

الأم: يا نور قلبي كيف ابتعدت عنكِ كل تلك السنين؟ وكيف طاوعني قلبي على ما كنت أفعل بك؟ أنتِ فعلا أجمل ياسمينة في الكون كله وأجمل عروسٍ قد رأتها عيني ومحظوظ محظوظ هو من سيأخذكِ مني.


فعانقت الأم ابنتها عناقا أذاب جليد بعد كل تلك السنين، ملؤه الحنان ومعطر بحب الياسمين