المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السياسة التعليمية وخطورة توجهاتها /( الجزء الأول)


جواد المنتفجي
16-05-2009, 05:45 PM
:55555":السياسة التعليمية وخطورة توجهاتها

( الجزء الأول)
الباحث والاديب
جواد المنتفجي
عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين

توطئة :
من المعلوم أن السياسة التعليمية هي الأسس التي تحدد بموجب خطواتها نشاطات المجتمع التعليمي وذلك عن طريق رسم أهداف تنظمها تلك السياسات بموجب توجهاتها العلمية والحضارية وحسب الإمكانات المتوفرة في المجتمع التربوي، لذلك فهي تعتبر من الحلقات المهمة التي تسعى إلى تطوير قابليات الأفراد وتشرف على نضجهم في شتى مجالات الحياة، وقد تؤثر هذه السياسات سلبا أو إيجابا على فئات المجتمع نفسه. ويدفعنا هذا الاستنتاج إلى القول بأن هذه العملية تعتبر سلاحاً ذا حدين فيما لو إذا وضعت هذه الأسس في مسارها الصحيح في خدمة البرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية للتقدم بعجلة التطور في داخل المؤسسات التربوية، والتي ستشع بتلك الأفكار لخدمة الآخرين، والعكس صحيح، إذ أنه إذا لم توضب نتائجها لخدمة هذه المجتمعات فستؤدي إلى التخلف ومن ثم إلى التخبط والضياع، وتصبح في هذه الحالة من المعوقات الأساسية التي تقف حائلا في طريق تحقيق غايات العملية التربوية نفسها.
لذلك فإن السياسة التعليمية عندما توضع لبناتها الأولى في مساراتها الصحيحة من أجل التقدم بهذه العملية يجب أن نأخذ وبعين الاعتبار تعبئة كافة الطاقات من أجل النهوض بها في جوانبها المادية والفكرية وغيرها والهادفة إلى خدمة المجتمع. وهذا ما لوحظ في المجتمعات المتحضرة والتي تخلصت من براثن حكوماتها الداعية التي اضطهدتها، وخصوصا حينما بدأت توضب كل إمكانياتها من اجل النهوض سريعا بهذا القطاع والذي خرج متعبا من حروب ضروسة طال أمدها، فكان لزاما على قيادي هذا العملية العمل على إعادة النظر وبأقصى سرعة ممكنة لإلغاء بعض الأنظمة والقوانين التي صدرت طيلة وجود تلك الحكومات المتسلطة والتي اعتبرت قوانينها جائرة بحق، ولذا فعليها ابتداء التخطيط بالاعتماد على الكوادر التعليمية ذات الخبرات الواسعة وحسب التخصصات العلمية الدقيقة التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص سواء كانوا موجهين أو متلقين بعد أن أهملت القيادات السالفة اتخاذ مثل هذه الإجراءات لسبب أو لآخر، والتي أدت بالتالي إلى تدني جميع الأنشطة والفعاليات بسبب عدم اعتماد التخطيط العلمي والمدروس لها. فالمورد الوحيد للموجهات المعمول بها سابقا جاء نتيجة لإفرازات السياسات الخاطئة المتبعة من قبل ذلك النظام بفرضه شروطا تعجيزية على طبقات المجتمع الواحد نتيجة لتصنيفه لهذا المجتمع إلى طبقات عليا والمتمثلة في أبناء المسئولين، والمتنفذين في الدولة والموالين له، إضافة إلى ظهور الطبقات الراقية التي استحوذت على جميع أنشطة الحياة، وعلى سبيل المثال قبول ابن المسئول الفلاني مهما كانت معدلاته على حساب الطالب الموهوب صاحب الجهة الشرعية والذي يتمتع بمؤهلات علمية تتيح له القبول في نفس الجامعات والكليات مثل الطبية والهندسية وغيرها. وهذا ما لوحظ في السنوات التي أعقبت الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1990 وكذلك بالنسبة للسنوات التي تلتها حتى سقوط النظام، وذلك بوجود نسب ضئيلة من بين خريجي تلك الكليات العلمية نتيجة لحرمان الكثير من الطلبة والذين تشكل غالبيتهم العظمى من سكن المناطق الجنوبية الفقيرة، والتي كان أهلها يقارعون النظام طيلة سنوات حكمه، حيث من المعروف لدى الجميع من أن هذه المناطق كانت ولسنين طويلة مركز عطاء لأصحاب الكفاءات العلمية رغم أن البعض منهم لم يقبلوا في الاختصاصات التي كانوا ينون الدخول فيها بسب اعتماد على ما كان يسمى بأسس القبول المركزي الذي كانت تديره عناصر من أركان النظام نفسه والذين كانت لا علاقة لهم بالعملية التربوية، ممن راحوا يضعون ضوابط ترشيحات هذا القبول في غير أسسه بعد أن كانت تضع مضامينه العقول التي تتمتع بالعلمية وذلك بسبب هجرتها إلى خارج الوطن نتيجة لتعرضها للاضطهاد والتعذيب لمواقفها المعروفة ضد سياسة النظام الجائرة آنذاك.
وهذا ما لوحظ من خلال الغبن الذي لحق بالكثير من التخصصات الإنسانية الأخرى في الجامعات مثل كليات التربية بجميع فروعها، والتي لم تسلم هي الأخرى من حيف تلك السياسات، إذ كان التعامل مع الدرجات المتدنية للطلبة الذين كانوا يوالون النظام وحتى من غير المؤهلين، واستحواذهم بطريقة وأخرى وبشتى الوسائل الملتوية على الشهادات العليا مثل الدكتوراه والماجستير، وهذا ما شمل أيضا الزمالات والإيفادات الدراسية وذلك بسبب تفشي الرشوة والمحسوبية والمنسوبية للحصول على مثل هذه الفرص.
ومن الأسباب المهمة الأخرى والتي أثرت وبشكل واضح على سير العملية التربوية هو موجهات ذلك النظام بتوظيف كل إمكانياته بشتى الطرق والوسائل لتسخيرها في خدمة ترسانته الحربية ودخوله في حروب طويلة الأمد، حيث كان يستنزف موارده من اجل تصنيع، أو استيراد المكننة الحربية، إضافة إلى سعيه لتطوير أسلحة الدمار الشامل والتي كلفت الكثير من ميزانية الدولة وعلى حساب الاتجاهات الأخرى للمجتمع ، مما سبب انخفاض الصرف على التربية والتعليم وموجهاته إضافة إلى خضوع أجور ورواتب الهيئات التعليمية إلى التدني المستمر. كما أن شحت النفقات المصروفة على شراء الكتب والقرطاسية، والمستورد معظمها من الخارج وبعملات صعبة بسبب تسخير المطابع أو المصانع التي كانت تنتج مثل هذه المواد للاستخدامات الحربية الأخرى مما أدى بالتالي إلى خسارة مادية ومعنوية فادحة لا تقدر بثمن.
ولهذا نجد أن جميع تلك النتائج قد أثرت سلبا على جميع فئات أفراد المجتمع وخصوصا على الطالب المتخرج حديثا نفسه الذي كان يعانى الكثير من السلبيات من تلك السياسات كخضوعه لأداء الخدمة العسكرية الإجبارية (المكلفة) ولفترات طويلة جدا من الزمن وقد أدى هذا إلى نسيان الطالب ما كان قد تعلمه خلال دراسته الأكاديمية، بالإضافة إلى قتل الآلاف منهم في الحروب التي خاضها النظام والتي أدت إلى اختلال الموازيين التربوية والاجتماعية في مجتمع عانى الكثير من الفساد الإداري وبشكل فاضح في أوساط المجتمع التربوي لقلة الموارد التي كان يحصل عليها من الدولة مما اثر على هذا المجتمع في شتى مجالات حياته طيلة (35) عاما.
ونستخلص من كل ما تقدم أعلاه إلى تفشي الأمية وبشكل فاضح، بعد أن ترك الكثيرين مقاعدهم الدراسية لمساعدة ذويهم في كنف العيش، والذي بات مستحيلا بين أفراد المجتمع وخصوصا المجتمع التعليمي الذي لم يحصل على مكافآت لجهوده المضنية التي يقدمها كل يوم بعد أن أصبح شعار الجميع هو الصراع من اجل البقاء للحصول على رمق العيش.
وللأسباب الموضحة في أعلاه وللمشاكل التي سنوضحها آنفا في الأجزاء ألاحقة من هذه الدراسة بات علينا جميعا إعادة التفكير ومعالجة ما يأتي وبالطرق التربوية الحديثة:
أولا: تشكيل اللجان المتخصصة من ذوي الكفاءات العلمية لإعادة النظر في كافة القوانين والتشريعات والأنظمة التربوية الصادرة إبان النظام البائد، والتي تعتبر اغلبها جائرة ولا تتناسب والتطورات التي يعيشها المجتمع التربوي في ظل توجهاته الديمقراطية.
ثانيا: إعادة تأهيل جميع الكوادر، والقيادات التربوية، وفي شتى اتجاهاتها بإدخالهم في الدورات والحلقات التدريبية العملية، والنظرية ولفترات طويلة جدا.
ثالثا: إعادة النظر في جميع المناهج الدراسية، وبكافة مراحلها وخصوصا تلك التي وضعت برامجها لخدمة عقلية ذلك النظام، والذي أراد من خلالها خدمة مصالحه ونظرياته الخاطئة بمسخ العقول النيرة.
رابعا: تشديد المراقبة على القيادات التربوية، وإثرائهم بتجارب الآخرين من البلدان المتقدمة.
خامسا: إلزام الجميع وكل من موقعه بإعادة العمل بالمؤتمرات والورش العلمية لمناقشة السلبيات التي واجهتهم خلال كل فصل دراسي، بالإضافة إلى تعضيد الإيجابيات التي أدت إلى دفع عجلة التطور إلى الأمام للاستفادة منها وتطويرها للصالح العام.
سادسا: إعادة النظر في تقييم الإدارات والمعلمين (التقويم السنوي)، واستخدام مبدأ الثواب والعقاب في هذا التقويم، وكما كان معمولاً به سابقا، مع إخضاع الضعفاء منهم للدورات التأهيلية التي تمكنهم من الارتقاء بوظيفتهم، والتي تعتبر من أسمى الرسالات لخدمة مجتمعهم المدرسي.
سابعا: تشجيع الطلبة الموهوبين علميا، وإدخالهم في دورات ومعسكرات خلال العطل، وإرسال الموهوبين منهم إلى الخارج للاطلاع على تجارب الآخرين، ومعايشة من يمتلكون نفس الصفات والمؤهلات العلمية.
ثامنا: استخدام الوسائل التعليمية الحديثة ذات الأثر الفعال، والتي بإمكانها إثراء الطلبة بالمعلومات المهمة، وفي جميع المراحل الدراسية وخصوصا استخدام الحاسوب والإنترنت والمختبرات العلمية التي تفتقر أليها جميع المدارس وبدون استثناء.
تاسعا: صرف أجور معيشية للطلبة الفقراء، وإعادة العمل بنظام الأقسام الداخلية، وخصوصا لطلبة الأقضية والنواحي، أو من ذوي الدخول المحدودة والأيتام ليكون ذلك حافزا للجميع على مواصلة دراساتهم بعد توفير جميع الإمكانيات لهم وكما كان معمول به سابقا.
عاشرا: إعادة العمل بنظام التزاور بين الهيئات التعليمية لتبادل الخبرات والتجارب، وهذا ما سيؤدي إلى تطوير الكفاءات الشخصية.
حادي عشر: تطهير المؤنسات التربوية من العناصر غير المرغوب فيها، بإبعادهم عن المؤسسات التربوية من خلال إحالتهم للوظائف المدنية الأخرى، وخصوصا أولئك الذين لا يتورعون من الاستمرار بالفساد والرشوة.
ملاحظة: يتبع في الأجزاء القادمة

محـب الحسين
16-05-2009, 10:09 PM
وفقك الله اخي الكريم
بانتظار القادم

:: بحر ::
17-05-2009, 07:03 PM
كل الشكر لكَ

خادم الائيمه
22-06-2009, 07:25 PM
وفقك الله اخي الكريم
بانتظار القادم

مكآرم}*
23-06-2009, 10:54 AM
وفقك الله اخي الكريم
بانتظار القادم

خادم الائيمه
23-06-2009, 01:36 PM
وفقك الله اخي الكريم
بانتظار القادم

خادم الائيمه
26-06-2009, 01:40 PM
وفقك الله اخي الكريم
بانتظار القادم:menokia86[1]: