المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المجتمع كما أرادته بضعة المصطفى...


تراب البقيع
20-05-2009, 06:33 AM
المجتمع كما أرادته بضعة المصطفى...
مقتطفات من الدور الخالد للصديقة الزهراء سلام الله عليها في المجتمع



إحدى خصائص الصديقة الصديقة الزهراء سلام الله عليها هي كثرة مناقبها وفضائلها العظيمة التي لا تكاد تعدّ أو تحصى، فمن قبل أن تطلّ هذه السيدة الميمونة على الدنيا حتى ماتت شهيدة مظلومة وأقلام العالم بأسره تدوِّن من فضائلها ما يملأ الدنيا كافّة، ومع ذلك يقر الجميع بعدم الإحاطة بها.
فقد كتب كثير من أهل القلم عن هذه الفضائل وتناقلتها الألسن بكثرة، ومع ذلك فمازالت البشرية مقصّرة تجاه أمّ العترة الأطهار سلام الله عليها التي ضحّت بنفسها من أجل الولاية واستشهدت مهضومة مظلومة.
ومع الأسف الشديد مازال العالم حتى اليوم يجهل كثيراً من الجوانب المهمة من حياة الصديقة الزهراء سلام الله عليها، فمازال كثير من الناس يجهلون دور هذه الصديقة في حفظ الإسلام، والعديد منهم لا يعرف شيئاً عن دورها المهمّ في تربية المجتمع الاسلامي على مرّ التاريخ، وغير ذلك من الجوانب المهمة في سيرة بضعة المصطفى سلام الله عليها.
من هنا وجدت من الجدير أن أشير إلى بعض المقتطفات العابرة حول دور الصديقة فاطمة سلام الله عليها في المجتمع، وكيف أنها أرادت للمجتمع الإسلامي على مرّ العصور أن يعيش في ظلّ السعادة التي جاء بها الإسلام وبشّر بها رسول الرحمة صلّى الله عليه وآله.
وقبل أن نسلّط الأضواء على الدور الاجتماعي لأم العترة الأطهار سلام الله عليها، لا بأس أن نلقي نظرة عابرة على المجتمع قبل مجيء الإسلام، فقد وصفهم سيد الموحدين سلام الله عليه قائلاً: {وأنتم معشر العرب على شرّ دين، وفي شرّ دار، تنيخون بين حجارة خشن، وحيات صمّ، تشربون الكدر، وتأكلون الجشب، وتسفكون دماءكم، وتقطعون أرحامكم، الأصنام فيكم منصوبة، والآثام فيكم معصوبة}. (نهج البلاغة خطبة: 26)
وقال أيضاً:{فالأحوال مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة في بلاء أزل، وأطباق جهل، من بنات موءودة وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة، وغارات مشنونة}( نهج البلاغة خطبة، محمد عبده خطبة 25)
وهذه السيدة الزهراء سلام الله عليها عبر خطبتها الغرّاء هي أيضاً تؤكد تلك المضامين التي أدلى بها أمير المؤمنين سلام الله عليه حيث قالت: {فرأى الأمم فرقاً في أديانها، عكّفاً على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة لله مع عرفانها.. وكنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطئ الأقدام، تشربون الطرق، وتقتاتون الورق، أذلّة خاسئين، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم}. (خطبة الزهراء سلام الله عليها)
ولكن وبعد أن بُعث سيد المرسلين صلّى الله عليه وآله تغيَّرت طائفة من ذلك المجتمع ببركة أهل البيت سلام الله عليهم الذين ربّوا المجتمع على الدين وعرَّفوا الناس أحكام الإسلام التي جعلتهم خير المجتمعات، ومن الذين كان لهم دور بارز في تربية المجتمع الإسلامي الصديقة الزهراء سلام الله عليها.
فقد كانت علاقة الصديقة الطاهرة بالمجتمع علاقة وثيقة وإن كانت جليسة الدار وذلك عبر:
1. العلاقة الروحية: فلا يخفى أن علاقة المجتمع فيما بينه غير مقتصرة على الجانب المادي وحده، بل هناك علاقة أهمّ من العلاقة المادية تربط المجتمعات ألا وهي العلاقة الروحية، فاذا كانت هذه العلاقة متينة مبنيّة على أسس قويمة، كان يكون المجتمع متقدّماً لا يُهزم أمام العقبات والمشاكل مهما كانت، أما إذا كان المجتمع منهزماً روحياً فسيهزم أمام أبسط المشاكل.
من هنا كانت الصديقة الطاهرة تركّز على البعد الروحي في المجتمع، والشواهد على ذلك كثيرة؛ منها ما نقله الإمام الحسن المجتبى سلام الله عليه قال: رأيت أمّي فاطمة سلام الله عليها قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتُها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتُكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أمّاه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بنيّ الجار ثم الدار! (بحار الأنوار ج43 ص 82)
فهنا يتّضح كيف كانت تعمل الصدّيقة على أن يكون المجتمع مرتبطاً روحياً بحيث لا ينسى أحدهم الآخرين في أفضل الأوقات وهي ساعة الارتباط بالله عزّ وجل والتوجه إليه.
وفي خبر آخر: أنها عندما سمعت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أراد أن يجعل مهرها من الدراهم اغتنمت الفرصة ونظرت إلى المجتمع ولم تنسه حتى في مثل هذه الأوقات فقالت لأبيها: إن بنات الناس يتزوَّجن بالدراهم، فما الفرق بيني وبينهن؟ أسالك أن تردّها وتدعو الله تعالى أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أمّتك، فنزل جبرئيل ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من أمة أبيها. (إحقاق الحق ج10 ص 367)
بل قدَّمت الصديقة فاطمة سلام الله عليها خير تراث لبناء المجتمعات وتربيتها روحيّاً، وذلك عبر المنهاج الروحي العظيم الذي جاء في أدعيتها الشريفة التي تقود المجتمعات إلى السمو روحيّاً شريطة أن تلتزم بها المجتمعات وتواظب على العمل بها.
ففي كثير من أمور الحياة أعطت الصدّيقة للمجتمعات تراثاً ضخماً في الدعاء يعلّمهم كيف يتّصلون بالخالق سواء في الشدة والضيق أو في المرض أو في النعم والسراء أو في غير ذلك من أمور الحياة، وما على المرء إلا أن يتأمّل في أدعيتها الشريفة ليلامس كيف يمكن أن تربّي هذه الأدعية المجتمعات على الإتصال بالله تعالى والتوجّه إليه وعدم الغفلة عنه في مختلف ظروف الحياة.
2. العلاقة العلمية: فقد كانت سلام الله عليها عالمة آل محمد «صلوات الله عليه وآله» تنشر من بحر علومها المتلاطم وتعلّم البشرية من معارفها الغزيرة طيلة أيام حياتها، بل كانت تبرز من علومها عندما يحير الآخرون في الجواب ليتعلّم المجتمع الأكبر، وعن الإمام العسكري سلام الله عليه قال: حضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها فقالت:إنّ لي والدة ضعيفة وقد لُبس عليه في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليك أسألك، فأجابتها فاطمة سلام الله عليها عن ذلك، فثنت فأجابتها، ثم ثلّثت إلى عشرت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة فقالت: لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله، فقالت فاطمة سلام الله عليها: هاتي وسلي عمّا بدا لك، أرأيتِ من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراه مئة ألف دينار يثقل عليه؟ فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكلّ مسألة بأكثر مما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً، فأحرى أن لا يثقل عليَّ. (بحار الأنوار ج 2ص3)
ويكفينا أن نطالع خطبتها الغرّاء المليئة بالمعارف والأحكام، وذلك لما رأت المجتمع الإسلامي أخذ يتّجه نحو طريق الانحراف فسعت إلى توعيته من عمق المصيبة وشدة الخطب علَّها تعيده إلى رشده وصوابه، لكن وللأسف الشديد كان الشيطان قد استحوذ عليهم وأنساهم ذكر الله.
قالت سلام الله عليها في خطبتها: فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق، والصيام تثبيتاً للإخلاص، والحجَّ تشييداً للدين.. والعدل تنسيقاً للقلوب.. وطاعتنا نظاماً للملّة، وإمامتنا أماناً من الفرقة.... (البحار ج29 ص223)
3. العلاقة المادّية: فقد كان بيت الزهراء سلام الله عليها مأوى وملاذاً لكلّ ذي حاجة في المجتمع، فما كان أحد يقصد دارها ثم يعود خائباً وإنما كان يعود مقضيّ الحاجة قرير العين مكرّماً غنيّاً عن سؤال الآخرين، والقصص في هذا المجال كثيرة لا يسعها المقام.
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا قصده صاحب حاجة بعثه إلى دار الزهراء سلام الله عليها لعلمه أنها لاتردّ أحداً، وقصّة عقدها المبارك الذي تصدّقت به للمحتاج خير شاهد على ذلك، فضلاً عن قصّتها في إطعام الطعام على حبّه للمسكين واليتيم والأسير، وتصدّقها بثوب زفافها، وغير ذلك مما يطول المقام بذكره.
ولكن نذكر القصة التالية ليتضح كيف كانت دار الزهراء سلام الله عليها محطّ رحال لكلّ محتاج؛ يقول عبد الله بن مسعود: صلّى رسول الله صلّى الله عليه وآله ليلة العشاء فقام رجل من بين الصف فقال: يا معشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير وأسألكم في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله فأطعموني، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أيها الحبيب لا تذكر الغربة فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة. قالوا: يا رسول الله، من هم؟ قال: مسجد ظهرانيّ قوم لا يصلُّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الروم بين الكفّار لا يعرفون الله.
ثم قال صلّى الله عليه وآله: من الذي يكفي مؤونة هذا الرجل فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى؟ فقام أمير المؤمنين سلام الله عليه وأخذ بيد السائل وأتى به إلى حجرة فاطمة سلام الله عليها فقال: يا بنت رسول الله انظري في أمر هذا الضيف. فقالت فاطمة: يا بن العمّ لم يكن في البيت إلا قليل من البرّ صنعت منه طعاماً والأطفال محتاجون إليه وأنت صائم والطعام قليل لا يغني غير واحد. فقال: أحضريه. فذهبت وأتت بالطعام ووضعته فنظر إليه أمير المؤمنين سلام الله عليه فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطعام فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السراج يريد أن يصلحه فأطفأه وقال لسيدة النساء سلام الله عليها: تعلّلي في إيقاده حتى يحسن الضيف أكله ثم إيتيني به، وكان أمير المؤمنين سلام الله عليه يحرك فمه المبارك يُري الضيف أنه يأكل ولا يأكل إلى أن فرغ الضيف من أكله وشبعُ وأتت خير النساء بالسراج ووضعته وكان الطعام بحاله، فقال أمير المؤمنين سلام الله عليه لضيفه لم ما أكلت الطعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطعام وشبعت ولكن الله تعالى بارك فيه، ثم أكل من الطعام أمير المؤمنين وسيدة النساء والحسنان سلام الله عليهم وأعطوا منه جيرانهم، وذلك مما بارك الله تعالى فيه، فلما أصبح أمير المؤمنين سلام الله عليه أتى مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال: يا عليّ كيف كنت مع الضيف؟ فقال: بحمد الله يا رسول الله بخير، فقال: إن الله تعالى تعجّب مما فعلت البارحة من إطفاء السراج والامتناع من الأكل للضيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل.... (مستدرك الوسائل ج 7 ص 216 - 217)
4. هداية المجتمع: وهي من أهمّ ما قامت به الصدّيقة الزهراء سلام الله عليها، فلما رأت الأمّة قد انقلبت على أعقابها بعد رحيل سيّد المرسلين صلّى الله عليه وآله تصدّت لتوعية المجتمع وتنبيهه من هذه الغفلة الخطرة و خطبت خطبتها المعروفة وخرجت من دارها وهي التي لم يكن يُرى ظلّها؛ علّها تؤثّر فيهم وتعيدهم إلى الصواب، لكن وللأسف الشديد لم يعيروها أيّ إهتمام وتوازروا في ظلمها وغصبوا حقّها الشرعي الذي نحلها إيّاه رسول الله صلّى الله عليه وآله وقادوا بعلها حاسراً ليبايع بعد أن أسقطوا جنينها، فماتت شهيدة مظلومة؛ فسلام الله عليك يا أم العترة الأطهار يوم وُلدتِ، ويوم عشتِ، ويوم رحلتِ شهيدة سعيدة.

ريماوي
20-05-2009, 09:59 AM
روحي لتراب قدميها الفداء
مهما عملنا وعمل المجتمع سنبقى
مقصرين إتجاه سيدتنا ومولاتنا

تشكر خيي تراب البقيع عالطرح الرائع
في ميزان حسناتك إن شاء الله

موفقين لكل خير
دمت محب للرهراء ع

تراب البقيع
21-05-2009, 06:45 PM
روحي لتراب قدميها الفداء
مهما عملنا وعمل المجتمع سنبقى
مقصرين إتجاه سيدتنا ومولاتنا

تشكر خيي تراب البقيع عالطرح الرائع
في ميزان حسناتك إن شاء الله

موفقين لكل خير
دمت محب للرهراء ع

http://www.al3lwih.net/up//uploads/images/al3lwih.com-69b03aee1c.gif
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرج وليهم ..
اللهم كن لوليك الحجه ابن الحسن صلوتك عليه وعلى أبائه في هذى الساعه وفي كل ساعه ولياً وحافطاً وقائداً
ونصراً وذليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعه وتمتعه فيه طويله برحمتك يأرحم الرحمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك لمرورك الكريم
تحياتي
موفقين للخير
اخوك تراب البقيع
http://www.banatmsr.com/upp/images/9b7fxuqzb41femmmsph.gif
دمتم بحب الزهراء عليها السلام

*llعاشقة الزهـراءll*
21-05-2009, 11:22 PM
طرح قيم أخي الفاضل

شفيعتك يوم المحشر فاطمة

بانتظار المزيد من اطروحاتك القيمة